فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قول الله تعالى: {وهو الذي خلق السموات والأرض بالحق}

( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض بِالْحَقِّ)
كَأَنَّهُ أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى مَا وَرَدَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ بِالْحَقِّ أَيْ بِكَلِمَةِ الْحَقِّ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  كُنْ وَوَقَعَ فِي أَوَّلِ حَدِيثِ الْبَابِ قَوْلُكَ الْحَقُّ فَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَوْلِ الْكَلِمَةُ وَهِي كن وَالله أعلم وَنقل بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّ الْبَاءَ هُنَا بِمَعْنَى اللَّام أَي لأجل الْحق.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ الْمُرَادُ بِالْحَقِّ هُنَا ضِدُّ الْهَزْلِ وَالْمُرَادُ بِالْحَقِّ فِي الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى الْمَوْجُودُ الثَّابِتُ الَّذِي لَا يَزُولُ وَلَا يَتَغَيَّرُ.

     وَقَالَ  الرَّاغِبُ الْحَقُّ فِي الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى الْمُوجِدُ بِحَسَبِ مَا تَقْتَضِيهِ الْحِكْمَةُ قَالَ وَيُقَالُ لِكُلِّ مَوْجُودٍ مِنْ فِعْلِهِ بِمُقْتَضَى الْحِكْمَةِ حَقٌّ وَيُطْلَقُ عَلَى الِاعْتِقَادِ فِي الشَّيْءِ الْمُطَابِقِ لِمَا دَلَّ ذَلِكَ الشَّيْءُ عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَعَلَى الْفِعْلِ الْوَاقِعِ بِحَسَبِ مَا يَجِبُ قَدْرًا وَزَمَانًا وَكَذَا الْقَوْلُ وَيُطْلَقُ عَلَى الْوَاجِبِ وَاللَّازِمِ وَالثَّابِتِ وَالْجَائِزِ وَنَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ عَنِ الْحَلِيمِيِّ قَالَ الْحَقُّ مَا لَا يَسِيغُ إِنْكَارُهُ وَيَلْزَمُ إِثْبَاتُهُ وَالِاعْتِرَافُ بِهِ وَوُجُودُ الْبَارِي أَوْلَى مَا يَجِبُ الِاعْتِرَافُ بِهِ وَلَا يَسِيغُ جُحُودُهُ إِذْ لَا مُثْبِتَ تَظَاهَرَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ الْبَاهِرَةُ مَا تَظَاهَرَتْ عَلَى وُجُودِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَذكر البُخَارِيّ فِيهِ حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ قِيَامِ اللَّيْلِ وَفِيهِ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ وَبَيَانُ اخْتِلَافِ أَلْفَاظِهِ فِي كِتَابِ التَّهَجُّدِ قُبَيْلَ كِتَابِ الْجَنَائِزِ وَذُكِرَ فِي كتاب الدَّعْوَات أَيْضا قَالَ بن بَطَّالٍ .

     قَوْلُهُ  رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَعْنِي خَالِقُ السَّمَاوَات وَالْأَرْضِ وَقَولُهُ بِالْحَقِّ أَيْ أَنْشَأَهُمَا بِحَقٍّ وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا أَيْ عَبَثًا وَقَولُهُ



[ قــ :6991 ... غــ :7385] فِي السَّنَدِ سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْريّ وبن جُرَيْجٍ هُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَكِّيّ وَقَوله عَن سُلَيْمَان هُوَ بن أَبِي مُسْلِمٍ الْأَحْوَلُ الْمَكِّيُّ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاق عَن بن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ وَسَيَأْتِي وَقَولُهُ
فِي آخِرِهِ حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بِهَذَا يَعْنِي بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ وَالْمَتْنِ وَقَولُهُ وقَال أَنْتَ الْحَقُّ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ رِوَايَةَ قَبِيصَةَ سَقَطَ مِنْهَا .

     قَوْلُهُ  أَنْتَ الْحَقُّ فَإِنَّ أَوَّلَهَا قَوْلُكَ الْحَقُّ وَثَبَتَ .

     قَوْلُهُ  فِي أَوَّلِهِ أَنْتَ الْحَقُّ فِي رِوَايَةِ ثَابِتِ بْنِ مُحَمَّدٍ كَمَا سَيَأْتِي سِيَاقُهُ بِتَمَامِهِ فِي بَابِ قَوْلِ الله تَعَالَى وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة وَكَذَا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ آدَمَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.