فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب النهي للبائع أن لا يحفل الإبل، والبقر والغنم وكل محفلة

( قَولُهُ بَابُ النَّهْيِ لِلْبَائِعِ أَنْ لَا يُحَفِّلَ الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمَ)
كَذَا فِي مُعْظَمِ الرِّوَايَاتِ وَلَا زَائِدَةٌ وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو نُعَيْمٍ بِدُونٍ لَا وَيحْتَمل أَن تكون أَن مفسرة وَلَا يحفل بَيَان لِلنَّهْيِ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ نَهَى الْبَائِعَ أَنْ يُحَفِّلَ الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ وَقَيَّدَ النَّهْيَ بِالْبَائِعِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْمَالِكَ لَوْ حَفَّلَ فَجَمَعَ اللَّبَنَ لِلْوَلَدِ أَوْ لِعِيَالِهِ أَوْ لِضَيْفِهِ لَمْ يَحْرُمْ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا سَيَأْتِي وَذُكِرَ الْبَقَرُ فِي التَّرْجَمَةِ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْحَدِيثِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهَا فِي مَعْنَى الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ فِي الْحُكْمِ خِلَافًا لِدَاوُدَ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا لِغَلَبَتِهِمَا عِنْدَهُمْ وَالتَّحْفِيلُ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ التَّجْمِيعُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ اللَّبَنَ يَكْثُرُ فِي ضَرْعِهَا وَكُلُّ شَيْءٍ كَثَّرْتَهُ فَقَدْ حَفَّلْتَهُ تَقُولُ ضَرْعٌ حَافِلٌ أَيْ عَظِيمٌ وَاحْتَفَلَ الْقَوْمُ إِذَا كَثُرَ جَمْعُهُمْ وَمِنْهُ سُمِّيَ الْمَحْفِلُ .

     قَوْلُهُ  وَكُلَّ مُحَفَّلَةٍ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى الْمَفْعُولِ وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ إِلْحَاقَ غَيْرِ النَّعَمِ مِنْ مَأْكُولِ اللَّحْمِ بِالنَّعَمِ لِلْجَامِعِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ تَغْرِيرُ الْمُشْتَرِي.

     وَقَالَ  الْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالنَّعَمِ وَاخْتَلَفُوا فِي غَيْرِ الْمَأْكُولِ كَالْأَتَانِ وَالْجَارِيَةِ فَالْأَصَحُّ لَا يَرُدُّ لِلَبَنٍ عِوَضًا وَبِهِ قَالَ الْحَنَابِلَةُ فِي الأتان دون الْجَارِيَةِ .

     قَوْلُهُ  وَالْمُصَرَّاةُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الَّتِي صُرِّيَ لَبَنُهَا وَحُقِنَ فِيهِ أَيْ فِي الثَّدْيِ وَجُمِعَ فَلَمْ يُحْلَبْ وَعَطْفُ الْحَقْنِ عَلَى التَّصْرِيَةِ عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ .

     قَوْلُهُ  وَأَصْلُ التَّصْرِيَةِ حَبْسُ الْمَاءِ يُقَالُ مِنْهُ صَرَيْتُ الْمَاءَ إِذَا حَبَسْتُهُ وَهَذَا التَّفْسِيرُ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ وَأَكْثَرُ أَهْلِ اللُّغَةِ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ هُوَ رَبْطُ أحلاف النَّاقَةِ أَوِ الشَّاةِ وَتَرْكُ حَلْبِهَا حَتَّى يَجْتَمِعَ لَبَنُهَا فَيَكْثُرَ فَيَظُنَّ الْمُشْتَرِي أَنَّ ذَلِكَ عَادَتُهَا فَيَزِيدَ فِي ثَمَنِهَا لِمَا يَرَى مِنْ كَثْرَةِ لَبَنِهَا



[ قــ :2064 ... غــ :2148] .

     قَوْلُهُ  لَا تُصَرُّوا بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ بِوَزْنِ تُزَكُّوا يُقَالُ صَرَّى يُصَرِّي تَصْرِيَةً كزكى يزكّى تَزْكِيَة وَالْإِبِل بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَانِيهِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّهُ مَنْ صَرَّيْتُ اللَّبَنَ فِي الضَّرْعِ إِذَا جَمَعْتُهُ وَلَيْسَ مِنْ صَرَرْتُ الشَّيْءَ إِذَا رَبَطْتُهُ إِذْ لَوْ كَانَ مِنْهُ لَقِيلَ مَصْرُورَةٌ أَوْ مُصَرَّرَةٌ وَلَمْ يُقَلْ مُصَرَّاةٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ سُمِعَ الْأَمْرَانِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ قَالَ الْأَغْلَبُ رَأَتْ غُلَامًا قَدْ صرى فِي فقرته مَاء الشَّبَاب عنفوان سيرته.

     وَقَالَ  مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَةَ فَقُلْتُ لِقَوْمِي هَذِهِ صَدَقَاتكُمْ مُصَرَّرَةٌ أَخْلَافُهَا لَمْ تُحَرَّرِ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ لَكِنْ بِغَيْرِ وَاوٍ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلِ .

     قَوْلُهُ  الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ لَمْ يَذْكُرِ الْبَقَرَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي التَّرْجَمَةِ وَظَاهِرُ النَّهْيِ تَحْرِيمُ التَّصْرِيَةِ سَوَاءٌ قُصِدَ التَّدْلِيسُ أَمْ لَا وَسَيَأْتِي فِي الشُّرُوطِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَهَى عَنِ التَّصْرِيَةِ وَبِهَذَا جَزَمَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَعَلَّلَهُ بِمَا فِيهِ مِنْ إِيذَاءِ الْحَيَوَانِ لَكِنْ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ حَدِيثَ الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ بِلَفْظِ لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ لِلْبَيْعِ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي كَثِيرٍ السُّحَيْمِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِذَا بَاعَ أَحَدُكُمُ الشَّاةَ أَوِ اللِّقْحَةَ فَلَا يُحَفِّلْهَا وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ تَعْلِيلُ الْأَكْثَرِ بِالتَّدْلِيسِ وَيُجَابُ عَنِ التَّعْلِيلِ بِالْإِيذَاءِ بِأَنَّهُ ضَرَرٌ يَسِيرٌ لَا يَسْتَمِرُّ فَيُغْتَفَرُ لِتَحْصِيلِ الْمَنْفَعَةِ .

     قَوْلُهُ  فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدُ أَيْ مَنِ اشْتَرَاهَا بَعْدَ التَّحْفِيلِ زَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ مَنْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ وَابْتِدَاءُ هَذِهِ الْمُدَّةِ مِنْ وَقْتِ بَيَانِ التَّصْرِيَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَابِلَةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهَا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَقِيلَ مِنَ التَّفَرُّقِ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ الْغَرَرُ أَوْسَعَ مِنَ الثَّلَاثِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَهُوَ مَا إِذَا تَأَخَّرَ ظُهُورُ التَّصْرِيَةِ إِلَى آخِرِ الثَّلَاثِ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنْ تُحْسَبَ الْمُدَّةُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنَ الْفَسْخِ وَذَلِكَ يُفَوِّتُ مَقْصُودَ التَّوَسُّعِ بِالْمُدَّةِ .

     قَوْلُهُ  بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ أَيِ الرَّأْيَيْنِ .

     قَوْلُهُ  إِنْ يَحْتَلِبْهَا كَذَا فِي الْأَصْلِ وَهُوَ بِكَسْرِ إِنْ عَلَى أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ وَجَزْمِ يَحْتَلِبْهَا وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ أُسَيْدِ بْنِ مُوسَى عَنِ اللَّيْثِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا بِفَتْحِ أَنْ وَنَصْبِ يَحْتَلِبَهَا وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْخِيَارَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بَعْدَ الْحَلْبِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا عَلِمَ بِالتَّصْرِيَةِ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ وَلَوْ لَمْ يَحْلِبْ لَكِنْ لَمَّا كَانَتِ التَّصْرِيَةُ لَا تُعْرَفُ غَالِبًا إِلَّا بَعْدَ الْحَلْبِ ذَكَرَ قَيْدًا فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ فَلَوْ ظَهَرَتِ التَّصْرِيَةُ بِغَيْرِ الْحَلْبِ فَالْخِيَارُ ثَابِتٌ .

     قَوْلُهُ  إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ فِي آخِرِ الْبَابِ إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا أَيْ أَبْقَاهَا عَلَى مِلْكِهِ وَهُوَ يَقْتَضِي صِحَّةَ بَيْعِ الْمُصَرَّاةِ وَإِثْبَاتَ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي فَلَوِ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بَعْدَ الرِّضَا بِالتَّصْرِيَةِ فَرَدَّهَا هَلْ يَلْزَمُ الصَّاعُ فِيهِ خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وُجُوبُ الرَّدِّ وَنَقَلُوا نَصَّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَرُدُّ وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ قَوْلَانِ .

     قَوْلُهُ  وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَظَاهِرُهُ اشْتِرَاطُ الْفَوْرِ وَقِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْعُيُوبِ لَكِنَّ الرِّوَايَةَ الَّتِي فِيهَا أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُقَدَّمَةٌ عَلَى هَذَا الْإِطْلَاقِ وَنَقَلَ أَبُو حَامِدٍ وَالرُّويَانِيُّ فِيهِ نَصَّ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَأَجَابَ مَنْ صَحَّحَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ إِلَّا فِي الثَّلَاثِ لِكَوْنِ الْغَالِبِ أَنَّهَا لَا تُعْلَمُ فِيمَا دون ذَلِك قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَالثَّانِي أَرْجَحُ لِأَنَّ حُكْمَ التَّصْرِيَةِ قَدْ خَالَفَ الْقِيَاسَ فِي أَصْلِ الْحُكْمِ لِأَجْلِ النَّصِّ فَيُطْرَدُ ذَلِكَ وَيُتَّبَعُ فِي جَمِيعِ مَوَارِدِهِ.

قُلْتُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ أَحْمَدَ والطَّحَاوِي من طَرِيق بن سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَهُوَ بِأَحَدِ النَّظَرَيْنِ بِالْخِيَارِ إِلَى أَنْ يَحُوزَهَا أَوْ يَرُدَّهَا وَسَيَأْتِي .

     قَوْلُهُ  وَصَاعَ تَمْرٍ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَصَاعًا من تمر وَالْوَاو عاطفة للضاع عَلَى الضَّمِيرِ فِي رَدَّهَا وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ بِمَعْنَى مَعَ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ فَوْرِيَّةُ الصَّاعِ مَعَ الرَّدِّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا مَعَهُ وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ قَوْلُ جُمْهُورِ النُّحَاةِ إِنَّ شَرْطَ الْمَفْعُولِ مَعَهُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا فَإِنْ قِيلَ التَّعْبِيرُ بِالرَّدِّ فِي الْمُصَرَّاةِ وَاضِحٌ فَمَا مَعْنَى التَّعْبِيرِ بِالرَّدِّ فِي الصَّاعِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ مِثْلُ قَول الشَّاعِر علفتها تبنا وَمَاء بَارِد أَيْ عَلَفْتُهَا تِبْنًا وَسَقَيْتُهَا مَاءً بَارِدًا وَيُجْعَلُ عَلَفْتُهَا مَجَازًا عَنْ فِعْلٍ شَامِلٍ لِلْأَمْرَيْنِ أَيْ نَاوَلْتُهَا فَيُحْمَلُ الرَّدُّ فِي الْحَدِيثِ عَلَى نَحْوِ هَذَا التَّأْوِيلِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ رَدِّ الصَّاعِ مَعَ الشَّاةِ إِذَا اخْتَارَ فَسْخَ الْبَيْعِ فَلَوْ كَانَ اللَّبَنُ بَاقِيًا وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَأَرَادَ رَدَّهُ هَلْ يَلْزَمُ الْبَائِعَ قَبُولُهُ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا لِذَهَابِ طَرَاوَتِهِ وَلِاخْتِلَاطِهِ بِمَا تَجَدَّدَ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ وَالتَّنْصِيصُ عَلَى التَّمْرِ يَقْتَضِي تَعْيِينَهُ كَمَا سَيَأْتِي .

     قَوْلُهُ  وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَمُجَاهِدٍ وَالْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ وَمُوسَى بْنِ يَسَارٍ إِلَخْ يَعْنِي أَنَّ أَبَا صَالِحٍ وَمَنْ بَعْدَهُ وَقَعَ فِي رِوَايَاتِهِمْ تَعْيِينُ التَّمْرِ فَأَمَّا رِوَايَةُ أَبِي صَالِحٍ فَوَصَلَهَا أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ بِلَفْظِ مَنِ ابْتَاعَ شَاةً مُصَرَّاةً فَهُوَ فِيهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ مُجَاهِدٍ فَوَصَلَهَا الْبَزَّارُ قَالَ مُغَلْطَايْ لَمْ أَرَهَا إِلَّا عِنْدَهُ.

قُلْتُ قَدْ وَصَلَهَا أَيْضًا الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيِّ عَنْ بن أَبِي نَجِيحٍ وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ لَيْثِ بْنِ أَبِي سَلِيمٍ كِلَاهُمَا عَنْ مُجَاهِدٍ وَأَوَّلُ رِوَايَةِ لَيْثٍ لَا تَبِيعُوا الْمُصَرَّاةَ مِنَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ الْحَدِيثَ وَلَيْثٌ ضَعِيفٌ وَفِي مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَيْضًا لِينٌ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ وَهُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ فَوَصَلَهَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ فِي مُسْنَدِهِ بِلَفْظِ مَنِ اشْتَرَى مُصَرَّاةً فَلْيَرُدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ وَهُوَ بِالتَّحْتَانِيَّةِ وَالْمُهْمَلَةِ فَوَصَلَهَا مُسْلِمٌ بِلَفْظِ مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً فَلْيَنْقَلِبْ بِهَا فَلْيَحْلِبْهَا فَإِنْ رَضِيَ بِهَا أَمْسَكَهَا وَإِلَّا رَدَّهَا وَمَعَهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ وَسِيَاقُهُ يَقْتَضِي الْفَوْرِيَّة قَوْله.

     وَقَالَ  بَعضهم عَن بن سِيرِينَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا.

     وَقَالَ  بَعضهم عَن بن سِيرِينَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَلَمْ يَذْكُرْ ثَلَاثًا أَمَّا رِوَايَةُ مَنْ رَوَاهُ بِلَفْظِ الطَّعَامِ وَالثَّلَاثِ فَوَصَلَهَا مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْهُ بِلَفْظِ مَنِ اشْتَرَى مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ طَعَامٍ لَا سَمْرَاءَ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ وحبِيب وَأَيوب عَن بن سِيرِينَ نَحْوَهُ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ مَنْ رَوَاهُ بِلَفْظِ التَّمْرِ دُونَ ذِكْرِ الثَّلَاثِ فَوَصَلَهَا أَحْمَدُ مِنْ طَرِيق معمر عَن أَيُّوب عَن بن سِيرِينَ بِلَفْظِ مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً فَإِنَّهُ يَحْلِبُهَا فَإِنْ رَضِيَهَا أَخَذَهَا وَإِلَّا رَدَّهَا وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَقَدْ رَوَاهُ سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ فَذَكَرَ الثَّلَاثَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِهِ بِلَفْظِ مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ لَا سمراء وَرَوَاهُ بَعضهم عَن بن سِيرِينَ بِذِكْرِ الطَّعَامِ وَلَمْ يَقُلْ ثَلَاثًا أَخْرَجَهُ أَحْمد والطَّحَاوِي من طَرِيق عون عَن بن سِيرِينَ وَخِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ مَنِ اشْتَرَى لِقْحَةً مُصَرَّاةً أَوْ شَاةً مُصَرَّاةً فَحَلَبَهَا فَهُوَ بِأَحَدِ النَّظَرَيْنِ بِالْخِيَارِ إِلَى أَنْ يَحُوزَهَا أَوْ يَرُدَّهَا وَإِنَاءً مِنْ طَعَام فحصلنا عَن بن سِيرِينَ عَلَى أَرْبَعِ رِوَايَاتٍ ذِكْرِ التَّمْرِ وَالثَّلَاثِ وَذِكْرِ التَّمْرِ بِدُونِ الثَّلَاثِ وَالطَّعَامِ بَدَلَ التَّمْرِ كَذَلِكَ وَالَّذِي يَظْهَرُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهَا أَنَّ مَنْ زَادَ الثَّلَاثَ مَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ وَهُوَ حَافِظٌ وَيُحْمَلُ الْأَمْرُ فِيمَنْ لَمْ يَذْكُرْهَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْهَا أَوِ اخْتَصَرَهَا وَتُحْمَلُ الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا الطَّعَامُ عَلَى التَّمْرِ وَقَدْ رَوَى الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ عَن بن سِيرِينَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّمْرَاءِ الْحِنْطَةُ الشَّامِيَّةُ وَرَوَى بن أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بن حسان عَن بن سِيرِين لَا سمراء يَعْنِي الْحِنْطَة وروى بن الْمُنْذر من طَرِيق بن عون عَن بن سِيرِينَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ لَا سَمْرَاءَ تَمْرٌ لَيْسَ بِبُرٍّ فَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ تُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّعَامِ التَّمْرُ وَلَمَّا كَانَ الْمُتَبَادِرُ إِلَى الذِّهْنِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّعَامِ الْقَمْحُ نَفَاهُ بِقَوْلِهِ لَا سَمْرَاءَ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا الْجَمْعِ مَا رَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ أَشْعَثَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ بن سِيرِينَ بِلَفْظِ إِنْ رَدَّهَا رَدَّهَا وَمَعَهَا صَاعٌ مِنْ بُرٍّ لَا سَمْرَاءَ وَهَذَا يُقْتَضَى أَنَّ الْمَنْفِيَّ فِي قَوْلِهِ لَا سَمْرَاءَ حِنْطَةٌ مَخْصُوصَةٌ وَهِيَ الْحِنْطَةُ الشَّامِيَّةُ فَيَكُونُ الْمُثْبِتُ لِقَوْلِهِ مِنْ طَعَامِ أَيْ مِنْ قَمْحٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَاوِيهِ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى الَّذِي ظَنَّهُ مُسَاوِيًا وَذَلِكَ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنَ الطَّعَامِ الْبُرُّ فَظَنَّ الرَّاوِي أَنَّهُ الْبُرُّ فَعَبَّرَ بِهِ وَإِنَّمَا أَطْلَقَ لَفْظَ الطَّعَامِ عَلَى التَّمْرِ لِأَنَّهُ كَانَ غَالِبَ قُوتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَهَذَا طَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَ مُخْتَلَفِ الرِّوَايَات عَن بن سِيرِينَ فِي ذَلِكَ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ نَحْوَ حَدِيثِ الْبَابِ وَفِيهِ فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ بَيْنَ التَّمْرِ وَالطَّعَامِ وَأَنَّ الطَّعَامَ غَيْرُ التَّمْرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أَوْ شَكًّا مِنَ الرَّاوِي لَا تَخْيِيرًا وَإِذَا وَقَعَ الِاحْتِمَالُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِدْلَالُ بِشَيْءٍ مِنْهَا فَيُرْجَعُ إِلَى الرِّوَايَاتِ الَّتِي لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهَا وَهِيَ التَّمْرُ فَهِيَ الرَّاجِحَةُ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْبُخَارِيُّ.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ بن عُمَرَ بِلَفْظِ إِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا مِثْلَ أَوْ مِثْلَيْ لَبَنِهَا قَمْحًا فَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ وَقد قَالَ بن قُدَامَةَ إِنَّهُ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ بِالِاتِّفَاقِ .

     قَوْلُهُ  وَالتَّمْرُ أَكْثَرُ أَيْ أَنَّ الرِّوَايَاتِ النَّاصَّةَ عَلَى التَّمْرِ أَكْثَرُ عَدَدًا مِنَ الرِّوَايَاتِ الَّتِي لَمْ تَنُصَّ عَلَيْهِ أَوْ أَبْدَلَتْهُ بِذِكْرِ الطَّعَامِ فَقَدْ رَوَاهُ بِذِكْرِ التَّمْرِ غَيْرُ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ ثَابِتُ بْنُ عِيَاضٍ كَمَا يَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَهَمَّامُ بْنُ مُنَبِّهٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَعِكْرِمَةُ وَأَبُو إِسْحَاقَ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ عِنْد التِّرْمِذِيّ وَالشعْبِيّ عِنْد أَحْمد وبن خُزَيْمَةَ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ مَنْ رَوَاهُ بِذِكْرِ الْإِنَاءِ فَيُفَسِّرُهَا رِوَايَةُ مَنْ رَوَاهُ بِذِكْرِ الصَّاعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ فِي الزَّكَاةِ وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ جُمْهُورُ أهل الْعلم وَأفْتى بِهِ بن مَسْعُودٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ.

     وَقَالَ  بِهِ مِنَ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مَنْ لَا يُحْصَى عَدَدُهُ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ اللَّبَنُ الَّذِي احْتُلِبَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَلَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ التَّمْرُ قُوتَ تِلْكَ الْبَلَدِ أَمْ لَا وَخَالَفَ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ وَفِي فُرُوعِهَا آخَرُونَ أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا لَا يُرَدُّ بِعَيْبِ التَّصْرِيَةِ وَلَا يَجِبُ رَدُّ صَاعٍ مِنَ التَّمْرِ وَخَالَفَهُمْ زُفَرُ فَقَالَ بِقَوْلِ الْجُمْهُورِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ صَاعِ تَمْرٍ أَوْ نِصْفِ صَاعِ بُرٍّ وَكَذَا قَالَ بن أَبِي لَيْلَى وَأَبُو يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ إِلَّا إنَّهُمَا قالالا يَتَعَيَّنُ صَاعُ التَّمْرِ بَلْ قِيمَتُهُ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ مَالِكٍ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ كَذَلِكَ لَكِنْ قَالُوا يَتَعَيَّنُ قُوتُ الْبَلَدِ قِيَاسًا عَلَى زَكَاةِ الْفِطْرِ وَحَكَى الْبَغَوِيُّ أَنْ لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُمَا لَوْ تَرَاضَيَا بِغَيْرِ التَّمْرِ مِنْ قُوتٍ أَو غَيره كفى وَأثبت بن كَجٍّ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ وَجْهَيْنِ فِيمَا إِذَا عَجَزَ عَنِ التَّمْرِ هَلْ تُلْزِمُهُ قِيمَتُهُ بِبَلَدِهِ أَوْ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ الَّتِي فِيهَا التَّمْرُ إِلَيْهِ وَبِالثَّانِي قَالَ الْحَنَابِلَةِ وَاعْتَذَرَ الْحَنَفِيَّةُ عَنِ الْأَخْذِ بِحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ بِأَعْذَارٍ شَتَّى فَمِنْهُمْ مَنْ طَعَنَ فِي الْحَدِيثِ لِكَوْنِهِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَكُنْ كَابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ فَلَا يُؤْخَذُ بِمَا رَوَاهُ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ الْجَلِيِّ وَهُوَ كَلَامٌ آذَى قَائِلُهُ بِهِ نَفْسَهُ وَفِي حِكَايَتِهِ غِنًى عَنْ تَكَلُّفِ الرَّدِّ عَلَيْهِ وَقَدْ تَرَكَ أَبُو حَنِيفَةَ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ لِرِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَمْثَالِهِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ بِنَبِيذِ التَّمْرِ وَمِنَ الْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَظُنُّ أَنَّ لِهَذِهِ النُّكْتَةِ أَوْرَدَ البُخَارِيّ حَدِيث بن مَسْعُودٍ عَقِبَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِشَارَةً مِنْهُ إِلَى أَن بن مَسْعُودٍ قَدْ أَفْتَى بِوَفْقِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَوْلَا أَنَّ خَبَرَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ ثَابت لما خَالف بن مَسْعُود الْقيَاس الْجَلِيّ فِي ذَلِك.

     وَقَالَ  بن السَّمْعَانِيِّ فِي الِاصْطِلَامِ التَّعَرُّضُ إِلَى جَانِبِ الصَّحَابَةِ عَلَامَةٌ عَلَى خِذْلَانِ فَاعِلِهِ بَلْ هُوَ بِدْعَةٌ وَضَلَالَةٌ وَقَدِ اخْتُصَّ أَبُو هُرَيْرَةَ بِمَزِيدِ الْحِفْظِ لِدُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ يَعْنِي الْمُتَقَدِّمَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَفِي أَوَّلِ الْبُيُوعِ أَيْضًا وَفِيهِ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ إِخْوَانِي مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ وَكُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَشْهَدُ إِذَا غَابُوا وَأَحْفَظُ إِذَا نَسُوا الْحَدِيثَ ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ لَمْ يَنْفَرِدْ أَبُو هُرَيْرَةَ بِرِوَايَةِ هَذَا الْأَصْلِ فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ من حَدِيث بن عُمَرَ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ وَأَبُو يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ لَمْ يُسَمَّ.

     وَقَالَ  بن عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا الْحَدِيثُ مُجْمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَثُبُوتِهِ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَاعْتَلَّ مَنْ لَمْ يَأْخُذْ بِهِ بِأَشْيَاءَ لَا حَقِيقَةَ لَهَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ حَدِيثٌ مُضْطَرِبٌ لِذِكْرِ التَّمْرِ فِيهِ تَارَةً وَالْقَمْحِ أُخْرَى وَاللَّبَنِ أُخْرَى وَاعْتِبَارِهِ بِالصَّاعِ تَارَةً وَبِالْمِثْلِ أَوِ الْمِثْلَيْنِ تَارَةً وَبِالْإِنَاءِ أُخْرَى وَالْجَوَابُ أَنَّ الطُّرُقَ الصَّحِيحَةَ لَا اخْتِلَافَ فِيهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَالضَّعِيفُ لَا يُعَلُّ بِهِ الصَّحِيحُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ مُعَارِضٌ لِعُمُومِ الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ لَا الْعُقُوبَاتِ وَالْمُتْلَفَاتُ تُضْمَنُ بِالْمِثْلِ وَبِغَيْرِ الْمِثْلِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ مَنْسُوخٌ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ النَّسْخَ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ وَلَا دَلَالَةَ عَلَى النَّسْخِ مَعَ مُدَّعِيهِ لِأَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي النَّاسِخِ فَقِيلَ حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَهُوَ حَدِيثٌ أخرجه بن ماجة وَغَيره من حَدِيث بن عُمَرَ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّ لَبَنَ الْمُصَرَّاةِ يَصِيرُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فَإِذَا أُلْزِمَ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ نَسِيئَةً صَارَ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَهَذَا جَوَابُ الطَّحَاوِيِّ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَالتَّمْرُ إِنَّمَا شُرِعَ فِي مُقَابِلِ الْحَلْبِ سَوَاءٌ كَانَ اللَّبَنُ مَوْجُودًا أَوْ غَيْرَ مَوْجُودٍ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ فِي كَوْنِهِ مِنَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَقِيلَ نَاسِخُهُ حَدِيثُ الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ وَهُوَ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ عَنْ عَائِشَةَ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّ اللَّبَنَ فَضْلَةٌ مِنْ فَضَلَاتِ الشَّاةِ وَلَوْ هَلَكَتْ لَكَانَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فَكَذَلِكَ فَضَلَاتُهَا تَكُونُ لَهُ فَكَيْفَ يَغْرَمُ بَدَلَهَا لِلْبَائِعِ حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ أَيْضًا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ حَدِيثَ الْمُصَرَّاةِ أَصَحُّ مِنْهُ بِاتِّفَاقٍ فَكَيْفَ يُقَدَّمُ الْمَرْجُوحُ عَلَى الرَّاجِحِ وَدَعْوَى كَوْنِهِ بَعْدَهُ لَا دَلِيل عَلَيْهَا وعَلى التنزل فَالْمُشْتَرِي لَمْ يُؤْمَرْ بِغَرَامَةِ مَا حَدَثَ فِي مِلْكِهِ بَلْ بِغَرَامَةِ اللَّبَنِ الَّذِي وَرَدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْعَقْدِ فَلَيْسَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى هَذَا تَعَارُضٌ وَقِيلَ نَاسِخُهُ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي رَفْعِ الْعُقُوبَةِ بِالْمَالِ وَقَدْ كَانَتْ مَشْرُوعَةً قَبْلَ ذَلِكَ كَمَا فِي حَدِيثِ بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فِي مَانِعِ الزَّكَاةِ فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فِي الَّذِي يَسْرِقُ مِنَ الْجَرِينِ يَغْرَمُ مِثْلَيْهِ وَكِلَاهُمَا فِي السُّنَنِ وَهَذَا جَوَابُ عِيسَى بْنِ أَبَانَ فَحَدِيثُ الْمُصَرَّاةِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَهِيَ كُلُّهَا مَنْسُوخَةٌ.
وَتَعَقَّبَهُ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّ التَّصْرِيَةَ إِنَّمَا وُجِدَتْ مِنَ الْبَائِعِ فَلَوْ كَانَ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ لَلَزِمَهُ التَّغْرِيمُ وَالْفَرْضُ أَنَّ حَدِيثَ الْمُصَرَّاةِ يَقْتَضِي تَغْرِيمَ الْمُشْتَرِي فَافْتَرَقَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ نَاسِخُهُ حَدِيثُ وَالْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَهَذَا جَوَابُ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّ الْفُرْقَةَ تَقْطَعُ الْخِيَارَ فَثَبَتَ أَنْ لَا خِيَارَ بَعْدَهَا إِلَّا لِمَنِ اسْتَثْنَاهُ الشَّارِعُ بِقَوْلِهِ إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ.
وَتَعَقَّبَهُ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّ الْخِيَارَ الَّذِي فِي الْمُصَرَّاةِ مِنْ خِيَارِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَخِيَارَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لَا تَقْطَعُهُ الْفُرْقَةُ وَمِنَ الْغَرِيبِ أَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ ثُمَّ يَحْتَجُّونَ بِهِ فِيمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ خَبَرٌ وَاحِدٌ لَا يُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقِيَاسِ الْأُصُولِ الْمَقْطُوعِ بِهِ فَلَا يَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ التَّوَقُّفَ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ إِنَّمَا هُوَ فِي مُخَالَفَةِ الْأُصُولِ لَا فِي مُخَالفَة قِيَاس الْأُصُول وَهَذَا الْخَبَر إِنَّمَا خَالَفَ قِيَاسَ الْأُصُولِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْأُصُولَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ فِي الْحَقِيقَةِ هُمَا الْأَصْلُ وَالْآخَرَانِ مَرْدُودَانِ إِلَيْهِمَا فَالسُّنَّةُ أَصْلٌ وَالْقِيَاسُ فَرْعٌ فَكَيْفَ يُرَدُّ الْأَصْلُ بِالْفَرْعِ بَلِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ فَكَيْفَ يُقَالُ إِنَّ الْأَصْلَ يُخَالِفُ نَفْسَهُ وَعَلَى تَقْدِيرِ التَّسْلِيمِ يَكُونُ قِيَاسُ الْأُصُولِ يُفِيدُ الْقَطْعَ وَخَبَرُ الْوَاحِدِ لَا يُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ فَتَنَاوُلُ الْأَصْلِ لَا يُخَالِفُ هَذَا الْخَبَرَ الْوَاحِدَ غَيْرَ مَقْطُوعٍ بِهِ لِجَوَازِ اسْتِثْنَاءِ مَحَلِّهِ عَنْ ذَلِكَ الْأَصْلِ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَهَذَا أَقْوَى مُتَمَسَّكٍ بِهِ فِي الرَّد على هَذَا الْمقَام.

     وَقَالَ  بن السَّمْعَانِيِّ مَتَى ثَبَتَ الْخَبَرُ صَارَ أَصْلًا مِنَ الْأُصُولِ وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى عَرْضِهِ عَلَى أَصْلٍ آخَرَ لِأَنَّهُ إِنْ وَافَقَهُ فَذَاكَ وَإِنْ خَالَفَهُ فَلَا يَجُوزُ رَدُّ أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ رَدٌّ لِلْخَبَرِ بِالْقِيَاسِ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِاتِّفَاقٍ فَإِنَّ السُّنَّةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْقِيَاسِ بِلَا خِلَافٍ إِلَى أَنْ قَالَ وَالْأَوْلَى عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَسْلِيمُ الْأَقْيِسَةِ لَكِنَّهَا لَيْسَتْ لَازِمَةً لِأَنَّ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهَا وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَعَلَى تَقْدِيرِ التَّنَزُّلِ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِقِيَاسِ الْأُصُولِ لِأَنَّ الَّذِي ادَّعَوْهُ عَلَيْهِ مِنَ الْمُخَالَفَةِ بَيَّنُوهَا بِأَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْمَعْلُومَ مِنَ الْأُصُولِ أَنَّ ضَمَانَ الْمِثْلِيَّات بِالْمثلِ والمتقومات بِالْقيمَةِ وَهَهُنَا إِنْ كَانَ اللَّبَنُ مِثْلِيًّا فَلْيُضْمَنْ بِاللَّبَنِ وَإِنْ كَانَ مُتَقَوَّمًا فَلْيُضْمَنْ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ وَقَدْ وَقَعَ هُنَا مَضْمُونًا بِالتَّمْرِ فَخَالَفَ الْأَصْلَ وَالْجَوَابُ مَنْعُ الْحَصْرِ فَإِنَّ الْحُرَّ يُضْمَنُ فِي دِيَتِهِ بِالْإِبِلِ وَلَيْسَتْ مِثْلًا وَلَا قِيمَةً وَأَيْضًا فَضَمَانُ الْمِثْلِ بِالْمِثْلِ لَيْسَ مُطَّرِدًا فَقَدْ يُضْمَنُ الْمِثْلُ بِالْقِيمَةِ إِذَا تَعَذَّرَتِ الْمُمَاثَلَةُ كَمَنْ أَتْلَفَ شَاةً لَبُونًا كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَلَا يُجْعَلُ بِإِزَاءِ لَبَنِهَا لَبَنًا آخَرَ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ ثَانِيهَا أَنَّ الْقَوَاعِدَ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمَضْمُونُ مُقَدَّرَ الضَّمَانِ بِقَدْرِ التَّالِفِ وَذَلِكَ مُخْتَلِفٌ وَقَدْ قُدِّرَ هُنَا بِمِقْدَارٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الصَّاعُ فَخَرَجَ عَنِ الْقِيَاسِ وَالْجَوَابُ مَنْعُ التَّعْمِيمِ فِي الْمَضْمُونَاتِ كَالْمُوضِحَةِ فَأَرْشُهَا مُقَدَّرٌ مَعَ اخْتِلَافِهَا بِالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ وَالْغُرَّةُ مُقَدَّرَةٌ فِي الْجَنِينِ مَعَ اخْتِلَافِهِ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا يَقَعُ فِيهِ التَّنَازُعُ فَلْيُقَدَّرْ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ لِقَطْعِ التَّشَاجُرِ وَتُقَدَّمُ هَذِهِ الْمَصْلَحَةُ عَلَى تِلْكَ الْقَاعِدَةِ فَإِنَّ اللَّبَنَ الْحَادِثَ بَعْدَ الْعَقْدِ اخْتَلَطَ بِاللَّبَنِ الْمَوْجُودِ وَقْتَ الْعَقْدِ فَلَمْ يُعْرَفْ مِقْدَارُهُ حَتَّى يُوجَبَ نَظِيرُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ عُرِفَ مِقْدَارُهُ فَوُكِلَ إِلَى تَقْدِيرِهِمَا أَوْ تَقْدِيرِ أَحَدِهِمَا لَأَفْضَى إِلَى النِّزَاعِ وَالْخِصَامِ فَقَطَعَ الشَّارِعُ النِّزَاعَ وَالْخِصَامَ وَقَدَّرَهُ بِحَدٍّ لَا يَتَعَدَّيَانِهِ فَصْلًا لِلْخُصُومَةِ وَكَانَ تَقْدِيرُهُ بِالتَّمْرِ أَقْرَبَ الْأَشْيَاءِ إِلَى اللَّبَنِ فَإِنَّهُ كَانَ قُوتَهُمْ إِذْ ذَاكَ كَاللَّبَنِ وَهُوَ مَكِيلٌ كَاللَّبَنِ وَمُقْتَاتٌ فَاشْتَرَكَا فِي كَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَطْعُومًا مُقْتَاتًا مَكِيلًا وَاشْتَرَكَا أَيْضًا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُقْتَاتُ بِهِ بِغَيْرِ صَنْعَةٍ وَلَا عِلَاجٍ ثَالِثُهَا أَنَّ اللَّبَنَ التَّالِفَ إِنْ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ فَقَدْ ذَهَبَ جُزْءٌ مِنَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مَنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ وَذَلِكَ مَانِعٌ مِنَ الرَّدِّ فَقَدْ حَدَثَ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَضْمَنُهُ وَإِنْ كَانَ مُخْتَلِطًا فَمَا كَانَ مِنْهُ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ وَمَا كَانَ حَادِثًا لَمْ يَجِبْ ضَمَانُهُ وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ إِنَّمَا يَمْتَنِعُ الرَّدُّ بِالنَّقْصِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِاسْتِعْلَامِ الْعَيْبِ وَإِلَّا فَلَا يَمْتَنِعُ وَهُنَا كَذَلِكَ رَابِعُهَا أَنَّهُ خَالَفَ الْأُصُولَ فِي جَعْلِ الْخِيَارِ فِيهِ ثَلَاثًا مَعَ أَنَّ خِيَارَ الْعَيْبِ لَا يُقَدَّرُ بِالثَّلَاثِ وَكَذَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهِ وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ عِنْدَ مَنْ يُثْبِتُهُ وَالْجَوَابُ بِأَنَّ حُكْمَ الْمُصَرَّاةِ انْفَرَدَ بِأَصْلِهِ عَنْ مُمَاثَلَةٍ فَلَا يُسْتَغْرَبُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِوَصْفٍ زَائِدٍ عَلَى غَيْرِهِ وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ هِيَ الَّتِي يُتَبَيَّنُ بِهَا لَبَنُ الْخِلْقَةِ مِنَ اللَّبَنِ الْمُجْتَمِعِ بِالتَّدْلِيسِ غَالِبًا فَشُرِعَتْ لِاسْتِعْلَامِ الْعَيْبِ بِخِلَافِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مُدَّةٍ.
وَأَمَّا خِيَارُ الْمَجْلِسِ فَلَيْسَ لِاسْتِعْلَامِ الْعَيْبِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْخِيَارِ فِي الْمُصَرَّاةِ وَغَيْرِهَا خَامِسُهَا أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنَ الْأَخْذِ بِهِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوِّضِ فِيمَا إِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الشَّاةِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إِلَيْهِ مِنَ الصَّاعِ الَّذِي هُوَ مِقْدَارُ ثَمَنِهَا وَالْجَوَابُ أَنَّ التَّمْرَ عِوَضٌ عَنِ اللَّبَنِ لَا عَنِ الشَّاةِ فَلَا يَلْزَمُ مَا ذَكَرُوهُ سَادِسُهَا أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَاعِدَةِ الرِّبَا فِيمَا إِذَا اشْتَرَى شَاةً بِصَاعٍ فَإِذَا اسْتَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا فَقَدِ اسْتَرْجَعَ الصَّاعَ الَّذِي هُوَ الثَّمَنُ فَيَكُونُ قَدْ بَاعَ شَاةً وَصَاعًا بِصَاعٍ وَالْجَوَابُ أَنَّ الرِّبَا إِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الْعُقُودِ لَا الْفُسُوخِ بِدَلِيلِ أَنَّهُمَا لَوْ تَبَايَعَا ذَهَبًا بِفِضَّةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَوْ تَقَايَلَا فِي هَذَا الْعَقْدِ بِعَيْنِهِ جَازَ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ سَابِعُهَا أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ ضَمَانُ الْأَعْيَانِ مَعَ بَقَائِهَا فِيمَا إِذَا كَانَ اللَّبَنُ مَوْجُودًا وَالْأَعْيَانُ لَا تُضْمَنُ بِالْبَدَلِ إِلَّا مَعَ فَوَاتِهَا كَالْمَغْصُوبِ وَالْجَوَابُ أَنَّ اللَّبَنَ وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا لَكِنَّهُ تَعَذَّرَ رَدُّهُ لِاخْتِلَاطِهِ بِاللَّبَنِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَتَعَذَّرَ تَمْيِيزُهُ فَأَشْبَهَ الْآبِقَ بَعْدَ الْغَصْبِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ ثَامِنُهَا أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ إِثْبَاتُ الرَّدِّ بِغَيْرِ عَيْبٍ وَلَا شَرْطٍ أَمَّا الشَّرْطُ فَلَمْ يُوجَدْ.
وَأَمَّا الْعَيْبُ فَنُقْصَانُ اللَّبَنِ لَوْ كَانَ عَيْبًا لَثَبَتَ بِهِ الرَّدُّ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيَةٍ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ بِالتَّدْلِيسِ كَمَنْ بَاعَ رَحًى دَائِرَةً بِمَا جَمَعَهُ لَهَا بِغَيْرِ عِلْمِ الْمُشْتَرِي فَإِذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي كَانَ لَهُ الرَّدُّ وَأَيْضًا فَالْمُشْتَرِي لَمَّا رَأَى ضَرْعًا مَمْلُوءًا لَبَنًا ظَنَّ أَنَّهُ عَادَةٌ لَهَا فَكَأَنَّ الْبَائِعَ شَرَطَ لَهُ ذَلِكَ فَتَبَيَّنَ الْأَمْرُ بِخِلَافِهِ فَثَبَتَ لَهُ الرَّدُّ لِفَقْدِ الشَّرْطِ الْمَعْنَوِيِّ لِأَنَّ الْبَائِعَ يُظْهِرُ صِفَةَ الْمَبِيعِ تَارَةً بِقَوْلِهِ وَتَارَةً بِفِعْلِهِ فَإِذَا أَظْهَرَ الْمُشْتَرِي عَلَى صِفَةٍ فَبَانَ الْأَمْرُ بِخِلَافِهَا كَانَ قَدْ دَلَّسَ عَلَيْهِ فَشُرِعَ لَهُ الْخِيَارُ وَهَذَا هُوَ مَحْضُ الْقِيَاسِ وَمُقْتَضَى الْعَدْلِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ إِنَّمَا بَذَلَ مَالَهُ بِنَاءً عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي أَظْهَرَهَا لَهُ الْبَائِعُ وَقَدْ أَثْبَتَ الشَّارِعُ الْخِيَارَ لِلرُّكْبَانِ إِذَا تُلُقُّوا وَاشْتُرِيَ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَهْبِطُوا إِلَى السُّوقِ وَيَعْلَمُوا السِّعْرَ وَلَيْسَ هُنَاكَ عَيْبٌ وَلَا خُلْفٌ فِي شَرْطٍ وَلَكِنْ لِمَا فِيهِ مِنَ الْغِشِّ وَالتَّدْلِيسِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْحَدِيثُ صَحِيحٌ لَا اضْطِرَابَ فِيهِ وَلَا عِلَّةَ وَلَا نَسْخَ وَإِنَّمَا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى صُورَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَهُوَ مَا إِذَا اشْتَرَى شَاةً بِشَرْطِ أَنَّهَا تُحْلَبُ مَثَلًا خَمْسَةَ أَرْطَالٍ وَشَرَطَ فِيهَا الْخِيَارَ فَالشَّرْطُ فَاسِدٌ فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى إِسْقَاطِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ صَحَّ الْعَقْدُ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا بَطَلَ الْعَقْدُ وَوَجَبَ رَدُّ الصَّاعِ مِنَ التَّمْرِ لِأَنَّهُ كَانَ قِيمَةَ اللَّبَنِ يَوْمَئِذٍ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْحَدِيثَ ظَاهِرٌ فِي تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِالتَّصْرِيَةِ وَمَا ذَكَرَهُ هَذَا الْقَائِلُ يَقْتَضِي تَعْلِيقَهُ بِفَسَادِ الشَّرْطِ سَوَاءٌ وُجِدَتِ التَّصْرِيَةُ أَمْ لَا فَهُوَ تَأْوِيلٌ مُتَعَسِّفٌ وَأَيْضًا فَلَفْظُ الْحَدِيثِ لَفْظُ عُمُومٍ وَمَا ادَّعَوْهُ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ ذَلِكَ الْعُمُومِ فَيَحْتَاجُ مَنِ ادَّعَى قَصْرَ الْعُمُومِ عَلَيْهِ الدَّلِيلَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا وجود لَهُ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي النَّهْيِ عَن الْغِشّ وَاصل فِي ثُبُوت الْخِيَارِ لِمَنْ دُلِّسَ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ وَأَصْلٌ فِي أَنَّهُ لَا يُفْسِدُ أَصْلَ الْبَيْعِ وَأَصْلٌ فِي أَنَّ مُدَّةَ الْخِيَارِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَصْلٌ فِي تَحْرِيمِ التَّصْرِيَةِ وَثُبُوتِ الْخِيَارِ بِهَا وَقَدْ رَوَى أَحْمد وبن ماجة عَن بن مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا بَيْعُ الْمُحَفَّلَاتِ خِلَابَةٌ وَلَا تَحِلُّ الْخِلَابَةُ لِمُسْلِمٍ وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ قَدْ رَوَاهُ بن أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ مَوْقُوفًا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وروى بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ كَانَ يُقَالُ التَّصْرِيَةُ خِلَابَةٌ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِهِ فِي أَشْيَاءَ مِنْهَا لَوْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّصْرِيَةِ هَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ فِيهِ وَجْهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ وَيُرَجِّحُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ رِوَايَةُ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ فَإِنَّ لَفْظَهُ مَنِ اشْتَرَى مُصَرَّاةً وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ الْحَدِيثَ وَلَوْ صَارَ لَبَنُ الْمُصَرَّاةِ عَادَةً وَاسْتَمَرَّ عَلَى كَثْرَتِهِ هَلْ لَهُ الرَّدُّ فِيهِ وَجْهٌ لَهُمْ أَيْضا خلافًا لل حنابلة فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَمِنْهَا لَوْ تَحَفَّلَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ صَرَّهَا الْمَالِكُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَبَاعَهَا فَهَلْ يَثْبُتُ ذَلِكَ الْحُكْمُ فِيهِ خِلَافٌ فَمَنْ نَظَرَ إِلَى الْمَعْنَى أَثْبَتَهُ لِأَنَّ الْعَيْبَ مُثْبِتٌ لِلْخِيَارِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَدْلِيسٌ لِلْبَائِعِ وَمَنْ نَظَرَ إِلَى أَنَّ حُكْمَ التَّصْرِيَةِ خَارِجٌ عَنِ الْقِيَاسِ خَصَّهُ بِمَوْرِدِهِ وَهُوَ حَالَةُ الْعَمْدِ فَإِنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا تَنَاوَلَهَا فَقَطْ وَمِنْهَا لَوْ كَانَ الضَّرْعُ مَمْلُوءًا لَحْمًا وَظَنَّهُ الْمُشْتَرِي لَبَنًا فَاشْتَرَاهَا عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ لَحْمٌ هَل يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا بَعْضُ الْمَالِكِيَّة وَمِنْهَا لَو اشْترى غير مصراة ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهَا بَعْدَ حَلْبِهَا فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى جَوَازِ الرَّدِّ مَجَّانًا لِأَنَّهُ قَلِيلٌ غَيْرُ مُعْتَنًى بِجَمْعِهِ وَقِيلَ يُرَدُّ بَدَلَ اللَّبَنِ كَالْمُصَرَّاةِ.

     وَقَالَ  الْبَغَوِيُّ يَرُدُّ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ





[ قــ :065 ... غــ :149] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ سَيَأْتِي فِي بَابِ النَّهْيِ عَنْ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ بَعْدَ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ وَكَأَنَّ الْحَدِيثَ عِنْدَ مُسَدَّدٍ عَنْ شَيْخَيْنِ فَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ فِي مَوْضِعَيْنِ وَسِيَاقُهُ عَنْ مُعْتَمِرٍ أَتَمُّ .

     قَوْلُهُ  سَمِعْتُ أَبِي هُوَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ وَأَبُو عُثْمَانَ هُوَ النَّهْدِيُّ وَرِجَالُ الْإِسْنَادِ بَصْرِيُّونَ سِوَى الصَّحَابِيِّ .

     قَوْلُهُ  قَالَ مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُحَفَّلَةً فَرَدَّهَا فَلْيَرُدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُلَقَّى الْبُيُوعُ هَكَذَا رَوَاهُ الْأَكْثَرُ عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ مَوْقُوفًا وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ مُعْتَمِرٍ مَرْفُوعًا وَذَكَرَ أَنَّ رَفْعَهُ غَلَطٌ وَرَوَاهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِ سُلَيْمَانَ عَنْهُ كَمَا هُنَا حَدِيثُ المحفلة مَوْقُوف من كَلَام بن مَسْعُودٍ وَحَدِيثُ النَّهْيِ عَنِ التَّلَقِّي مَرْفُوعٌ وَخَالَفَهُمْ أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ فَرَوَاهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مَرْفُوعًا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأَشَارَ إِلَى وَهْمِهِ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  فَرَدَّهَا أَيْ أَرَادَ رَدَّهَا بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فَلْيَرُدَّ مَعَهَا عَمَلًا بِحَقِيقَةِ الْمَعِيَّةِ أَوْ تُحْمَلُ الْمَعِيَّةُ عَلَى الْبَعْدِيَّةِ فَلَا يَحْتَاجُ الرَّدُّ إِلَى تَأْوِيلٍ وَقَدْ وَرَدَتْ مَعَ بِمَعْنَى البعدية كَقَوْلِه تَعَالَى وَأسْلمت مَعَ سُلَيْمَان الْآيَةَ .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ





[ قــ :067 ... غــ :150] لَا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَبْوَابٍ وَعَلَى بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي قَرِيبًا وَمَضَى الْكَلَامُ عَلَى الْبَيْعِ وَعَلَى النَّجْشِ وَمَضَى الْكَلَامُ عَلَى التَّصْرِيَةِ بِمَا يغنى عَن اعادته