فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب من قال: ليؤذن في السفر مؤذن واحد

( قَولُهُ بَابُ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ)
تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى فَوَائِدِهِ قَبْلَ بَابٍ وَتَرْجَمَ هُنَا بِلَفْظِ الْحَدِيثِ وَهُنَاكَ بِبَعْضِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَولُهُ بَابُ مَنْ قَالَ لِيُؤَذِّنْ فِي السَّفَرِ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى مَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق بِإِسْنَاد صَحِيح أَن بن عُمَرَ كَانَ يُؤَذِّنُ لِلصُّبْحِ فِي السَّفَرِ أَذَانَيْنِ وَهَذَا مَصِيرٌ مِنْهُ إِلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ وَظَاهِرُ حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّ الْأَذَانَ فِي السَّفَرِ لَا يَتَكَرَّرُ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الصُّبْح وَغَيرهَا وَالتَّعْلِيل الْمَاضِي فِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ يُؤَيِّدُهُ وَعَلَى هَذَا فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ فِي السَّفَرِ لِأَنَّ الْحَضَرَ أَيْضًا لَا يُؤَذِّنُ فِيهِ إِلَّا وَاحِدٌ وَلَوِ احْتِيجَ إِلَى تَعَدُّدِهِمْ لِتَبَاعُدِ أَقْطَارِ الْبَلَدِ أَذَّنَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي جِهَةٍ وَلَا يُؤَذِّنُونَ جَمِيعًا وَقَدْ قِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَ التَّأْذِينَ جَمِيعًا بَنُو أُمَيَّةَ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَأُحِبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ مُؤَذِّنٌ بَعْدَ مُؤَذِّنٍ وَلَا يُؤَذِّنُ جَمَاعَةٌ مَعًا وَإِنْ كَانَ مَسْجِدٌ كَبِيرٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي كُلِّ جِهَةٍ مِنْهُ مُؤَذِّنٌ يُسْمِعُ مَنْ يَلِيهِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ قَوْله فِي نفر هم من ثَلَاثَة إِلَى عشرَة قَوْله من قومِي هم بَنو لَيْث بن بكر بن عبد منَاف بن كنَانَة وَكَانَ قدوم وَفد بني لَيْث فِيمَا ذكره بن سعد بأسانيد متعدده أَن وَاثِلَة اللَّيْثِيّ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يتجهز لتبوك



[ قــ :610 ... غــ :628] قَوْله رَفِيقًا بفاء ثمَّ قَاف من الرِّفْق وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ قيل والكشميهني بقافين أَي رَقِيق الْقلب قَوْله وصلوا زَاد فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن عَلَيْهِ عَن أَيُّوب كَمَا رَأَيْتُمُونِي أصلى وَهُوَ فِي بَاب رَحْمَة النَّاس والبهائم من كتاب الْأَدَب وَمثله فِي بَاب خبر الْوَاحِد مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَيُّوبَ قَوْله فَإِذا حصرت الصَّلَاة وَجه مطابقته للتَّرْجَمَة مَعَ أَن ظَاهره يُخَالِفهَا لقَوْله فكونوا فيهم وعلموهم فَإِذا حضرت فَظَاهره أَن ذَلِك بعد وصولهم إِلَى أهلهم وتعليمهم لَكِن المُصَنّف أَشَارَ إِلَى الرِّوَايَة الْآتِيَة فِي الْبَاب الَّذِي بعد هَذَا فَإِن فِيهَا إِذْ أَنْتُمَا خرجتما فأذنا وَلَا تعَارض بَينهمَا أَيْضا وَبَين قَوْله فِي هَذِه التَّرْجَمَة مُؤذن وَاحِد لِأَن المُرَاد بقوله أذنا أَي من أحب مِنْكُمَا أَن يُؤذن فليؤذن وَذَلِكَ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْفضل وَلَا يعْتَبر فِي الْأَذَان السن بِخِلَاف الْإِمَامَة وَهُوَ وَاضح من سِيَاق حَدِيث الْبَاب حَيْثُ قَالَ فَيُؤذن لكم أحدكُم وليؤمكم أكبركم وَاسْتدلَّ بِهَذَا على أَفضَلِيَّة الْإِمَامَة على الْأَذَان وعَلى وجوب الْأَذَان وَقد تقدم القَوْل فِيهِ فِي أَوَائِل وَبَيَان خطأ من نقل الْإِجْمَاع على عدم الْوُجُوب وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَاب إِذا اسْتَووا فِي الْقِرَاءَة من أَبْوَاب الْإِمَامَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى