فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة

( قَولُهُ بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ)
أَيْ فِي كَيْفِيَّتِهِ .

     قَوْلُهُ  وقَال بن عمر الخ وَصله الفاكهي من طَرِيق بن جريج أَخْبرنِي نَافِع قَالَ نزل بن عُمَرَ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا حَاذَى بَابَ بَنِي عَبَّادٍ سَعَى حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلَى الزُّقَاقِ الَّذِي يَسْلُكُ بَيْنَ دَارَ بَنِي أَبِي حُسَيْنٍ وَدَارِ بِنْتِ قَرَظَةَ وَمِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ الله بن أبي يزِيد قَالَ رَأَيْت بن عُمَرَ يَسْعَى مِنْ مَجْلِسِ أَبِي عَبَّادٍ إِلَى زقاق بن أَبِي حُسَيْنٍ قَالَ سُفْيَانُ هُوَ بَيْنَ هَذَيْنِ العلمين وروى بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ قَالَ رَأَيْتُهُمَا يَسْعَيَانِ مِنْ خَوْخَةِ بَنِي عَبَّادٍ إِلَى زُقَاقِ بَنِي أَبِي حُسَيْنٍ قَالَ فَقُلْتُ لِمُجَاهِدٍ فَقَالَ هَذَا بَطْنُ الْمَسِيلِ الْأَوَّلِ اه وَالْعَلَمَانِ اللَّذَانِ أَشَارَ إِلَيْهِمَا معروفان إِلَى الْآن وروى بن خُزَيْمَة وَالْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ سَأَلْتُ بن عَبَّاسٍ عَنِ السَّعْيِ فَقَالَ لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ جِبْرِيلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ لِيُرِيَهُ الْمَنَاسِكَ عَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَأَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُجِيز الْوَادي قَالَ بن عَبَّاسٍ فَكَانَتْ سُنَّةً وَسَيَأْتِي فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ أَنَّ ابْتِدَاءَ ذَلِكَ كَانَ مِنْ هَاجَرَ وَرَوَى الفاكهي بِإِسْنَاد حسن عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ هَذَا مَا أَوْرَثَتْكُمُوهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ وَسَيَأْتِي حَدِيثُهُ فِي آخِرِ الْبَابِ فِي سَبَبِ فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ أَولهَا حَدِيث بن عُمَرَ



[ قــ :1574 ... غــ :1644] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ زَادَ أَبُو ذَر فِي رِوَايَته هُوَ بن أَبِي حَاتِمٍ وَلِغَيْرِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ وَهُوَ الصَّوَابُ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ وَلَعَلَّ حَاتِمًا اسْمُ جَدٍّ لَهُ إِنْ كَانَتْ رِوَايَةُ أَبِي ذَرٍّ فِيهِ مَضْبُوطَةً وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ أَنَّهُ رَآهُ بِخَطِّ أَبِي مُحَمَّدٍ الْأَصِيلِيِّ فِي نُسْخَتِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَاتِمٍ .

     قَوْلُهُ  كَانَ إِذَا طَافَ الطَّوَافَ الْأَوَّلَ أَيْ طَوَافَ الْقُدُومِ .

     قَوْلُهُ  خَبَّ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ مَنْ طَافَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ يَسْعَى بَطْنَ الْمَسِيلِ أَيِ الْمَكَانَ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ السَّيْلُ وَقَولُهُ بَطْنُ مَنْصُوبٌ عَلَى الظّرْف وَهَذَا مَرْفُوع عَن بن عُمَرَ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ بَدَأَ بِالْمَوْقُوفِ عَنْهُ فِي التَّرْجَمَةِ لِكَوْنِهِ مُفَسِّرًا لِحَدِّ السَّعْيِ وَالْمُرَادُ بِهِ شِدَّةُ الْمَشْيِ وَإِنْ كَانَ جَمِيعُ ذَلِكَ يُسَمَّى سَعْيًا .

     قَوْلُهُ  فَقُلْتُ لِنَافِعٍ الْقَائِلُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْمَذْكُورُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَا يتَعَلَّق بالاستلام قبل بِأَبْوَاب الثَّانِي حَدِيث بن عُمَرَ أَيْضًا فِي طَوَافِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَوْرَدَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسُبُوعِهِ رَكْعَتَيْنِ قَالَ شَيخنَا بن الْمُلَقِّنِ هُنَا قَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ لَوْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ وَخَتَمَ بِالصَّفَا أَعَادَ شَوْطًا فَإِنَّ الْبُدَاءَةَ وَاجِبَةٌ وَلَا أَصْلَ لِمَا قَالَ الْكِرْمَانِيُّ أَنَّ التَّرْتِيبَ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَلَكِنَّ تَرْكَهُ مَكْرُوهٌ لِتَرْكِ السُّنَّةِ فَيُسْتَحَبُّ إِعَادَةُ الشَّوْطِ.

قُلْتُ الْكِرْمَانِيُّ الْمَذْكُورُ عَالِمٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَلَيْسَ هُوَ شَمْسَ الدِّينِ شَارِحَ الْبُخَارِيِّ وَإِنَّمَا نَبَّهْتُ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ شَيْخَنَا وَقَفَ عَلَى شَرْحِهِ وَنَقَلَ مِنْهُ فَإِنَّ هَذَا الْكَلَامَ مَا هُوَ فِي شَرْحِ شَمْسِ الدِّينِ وَشَمْسُ الدِّينِ شَافِعِيُّ الْمَذْهَبِ يَرَى التَّرْتِيبَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ السَّعْيِ الثَّالِثُ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى





[ قــ :1577 ... غــ :1648] إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ الرَّابِع حَدِيث بن عَبَّاسٍ إِنَّمَا سَعَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِيُرِيَ الْمُشْرِكِينَ قُوَّتَهُ وَالْمُرَادُ بِالسَّعْيِ هُنَا شِدَّةُ الْمَشْيِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ فِي بَابِ بَدْءِ الرَّمَلِ





[ قــ :1578 ... غــ :1649] .

     قَوْلُهُ  زَادَ الْحُمَيْدِيُّ إِلَخْ أَيْ زَادَ التَّصْرِيحَ بِالتَّحْدِيثِ مِنْ عَمْرٍو لِسُفْيَانَ وَمِنْ عَطَاءٍ لِعَمْرٍو وَهَكَذَا رُوِّينَاهُ فِي مُسْنَدِ الْحُمَيْدِيِّ رِوَايَةُ بِشْرِ بْنِ مُوسَى عَنْهُ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فَرَغَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ طَوَافِهِ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا فَقَالَ أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْبُدَاءَةِ بِالصَّفَا وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ الْأَمْرِ فَقَالَ ابدؤا بِمَا بَدَأَ الله بِهِ تَكْمِيل قَالَ بن عَبْدِ السَّلَامِ الْمَرْوَةُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّفَا لِأَنَّهَا تُقْصَدُ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ بِخِلَافِ الصَّفَا فَإِنَّمَا يُقْصَدُ ثَلَاثًا قَالَ.
وَأَمَّا الْبُدَاءَةُ بِالصَّفَا فَلَيْسَ بِوَارِدٍ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ.

قُلْتُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الصَّفَا تُقْصَدُ أَرْبَعًا أَيْضًا أَوَّلُهَا عِنْدَ الْبُدَاءَةِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مَقْصُودٌ بِذَلِكَ وَيَمْتَازُ بِالِابْتِدَاءِ وَعِنْدَ التَّنَزُّلِ يَتَعَادَلَانِ ثُمَّ مَا ثَمَرَةُ هَذَا التَّفْضِيلِ مَعَ أَنَّ الْعِبَادَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِهِمَا لَا تتمّ إِلَّا بهما مَعًا