فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب أيام الجاهلية

( قَولُهُ بَابُ أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ)
أَيْ مِمَّا كَانَ بَيْنَ الْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ وَالْمَبْعَثِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا وَيُطْلَقُ غَالِبًا عَلَى مَا قَبْلَ الْبَعْثَةِ وَمِنْهُ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّة وَقَوله وَلَا تبرجن تبرج الْجَاهِلِيَّة الأولى وَمِنْهُ أَكْثَرُ أَحَادِيثِ الْبَابِ.
وَأَمَّا جَزْمُ النَّوَوِيِّ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ مِنْ شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ حَيْثُ أَتَى فَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ وَهُوَ الْجَاهِلِيَّةُ يُطْلَقُ عَلَى مامضى وَالْمُرَادُ مَا قَبْلَ إِسْلَامِهِ وَضَابِطُ آخِرِهِ غَالِبًا فَتْحُ مَكَّةَ وَمِنْهُ قَوْلُ مُسْلِمٍ فِي مُقَدَّمَةِ صَحِيحِهِ أَنَّ أَبَا عُثْمَانَ وَأَبَا رَافِعٍ أَدْرَكَا الْجَاهِلِيَّةَ وَقَوْلُ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ رَأَيْتُ فِي الْجَاهِلِيَّة قردة زنت وَقَول بن عَبَّاسٍ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ اسْقِنَا كاسا دهاقا وبن عَبَّاسٍ إِنَّمَا وُلِدَ بَعْدَ الْبَعْثَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَمُحْتَمَلٌ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ شَيْخُنَا الْعِرَاقِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُخَضْرَمِينَ مِنْ عُلُومِ الْحَدِيثِ وَذَكَرَ فِيهِ أَحَادِيثَ الْأَوَّلُ حَدِيثُ عَائِشَةَ



[ قــ :3654 ... غــ :3831] .

     قَوْلُهُ  كَانَ عَاشُورَاءُ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ وَذَكَرْتُ هُنَاكَ احْتِمَالًا أَنَّهُمْ أَخَذُوا ذَلِكَ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ثُمَّ وَجَدْتُ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّهُمْ كَانُوا أَصَابَهُمْ قَحْطٌ ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُمْ فصاموه شكرا الثَّانِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ





[ قــ :3655 ... غــ :383] .

     قَوْلُهُ  كَانُوا يَرَوْنَ أَيْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ أَشْهُرَ الْحَجِّ لَا يُنْسَكُ فِيهَا إِلَّا بِالْحَجِّ وَأَنَّ غَيْرَهَا مِنَ الْأَشْهُرِ لِلْعُمْرَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ الثَّالِثُ





[ قــ :3656 ... غــ :3833] .

     قَوْلُهُ  كَانَ عَمْرو هُوَ بن دِينَارٍ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرٍ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ .

     قَوْلُهُ  عَنْ جَدِّهِ هُوَ حَزْنٌ بِفَتْح الْمُهْملَة وَسُكُون الزَّاي وَهُوَ بن أَبِي وَهْبٍ الَّذِي قَدَّمْنَا أَنَّهُ أَشَارَ عَلَى قُرَيْشٍ بِأَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ فِي بِنَاءِ الْكَعْبَةِ مِنْ مَالٍ طَيِّبٍ .

     قَوْلُهُ  جَاءَ سَيْلٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَطَبَّقَ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ أَيْ مَلَأَ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي جَانِبَيِ الْكَعْبَةِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ سُفْيَانُ وَيَقُولُ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَهُ شَأْنٌ أَيْ قِصَّةٌ وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَنَّ السَّيْلَ كَانَ يَأْتِي مِنْ فَوْقِ الرَّدْمِ الَّذِي بِأَعْلَى مَكَّةَ فَيُجْرِيهِ فَتَخَوَّفُوا أَنْ يَدْخُلَ الْمَاءُ الْكَعْبَةَ فَأَرَادُوا تَشْيِيدَ بُنْيَانَهَا وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ طَلَعَهَا وَهَدَمَ مِنْهَا شَيْئًا الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَذَكَرَ الْقِصَّةَ فِي بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ قَبْلَ الْمَبْعَثِ النَّبَوِيِّ وَأَخْرَجَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ بِسَنَدٍ لَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ كَعْبًا قَالَ لَهُ وَهُوَ يَعْمَلُ بِنَاءَ مَكَّةَ اشْدُدْهُ وَأَوْثِقْهُ فَإِنَّا نَجِدُ فِي الْكُتُبِ أَنَّ السُّيُولَ سَتَعْظُمُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ اه فَكَانَ الشَّأْنُ الْمُشَارُ إِلَيْهِ أَنَّهُمُ اسْتَشْعَرُوا مِنْ ذَلِكَ السَّيْلِ الَّذِي لَمْ يَعْهَدُوا مِثْلَهُ أَنَّهُ مَبْدَأُ السُّيُولِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا الْحَدِيثُ الرَّابِعُ





[ قــ :3657 ... غــ :3834] .

     قَوْلُهُ  دَخَلَ أَيْ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ .

     قَوْلُهُ  عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ أَحْمَسَ بِمُهْمَلَتَيْنِ وَزْنَ أَحْمَدَ وَهِيَ قَبيلَة من بجيلة وَأغْرب بن التِّينِ فَقَالَ الْمُرَادُ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَمَسِ وَهِيَ مِنْ قُرَيْشٍ .

     قَوْلُهُ  يُقَالُ لَهَا زَيْنَبُ بِنْتُ الْمُهَاجِرِ رَوَى حَدِيثَهَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرٍ الْأَحْمَسِيِّ عَنْ عَمَّتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ الْمُهَاجِرِ قَالَتْ خَرَجْتُ حَاجَّةً فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَذَكَرَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ فِي ذيل الصَّحَابَة ان بن مَنْدَهْ ذَكَرَ فِي تَارِيخِ النِّسَاءِ لَهُ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ جَابِرٍ أَدْرَكَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَتْ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَرَوَى عَنْهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَابِرٍ وَهِيَ عَمَّتُهُ قَالَ وَقِيلَ هِيَ بِنْتُ الْمُهَاجِرِ بْنِ جَابِرٍ وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ أَنَّ فِي رِوَايَةِ شَرِيكٍ وَغَيْرِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ فِي حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّهَا زَيْنَبُ بِنْتُ عَوْفٍ قَالَ وَذكر بن عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ أَنَّهَا جَدَّةُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ مُمْكِنٌ بِأَنَّ مَنْ قَالَ بِنْتُ الْمُهَاجِرِ نَسَبَهَا إِلَى أَبِيهَا أَوْ بِنْتُ جَابِرٍ نَسَبَهَا إِلَى جَدِّهَا الْأَدْنَى أَوْ بِنْتُ عَوْفٍ نَسَبَهَا إِلَى جَدٍّ لَهَا أَعْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  مُصْمَتَةٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ سَاكِتَةٌ يُقَالُ أَصَمْتَ وَصَمَتَ بِمَعْنًى .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ يَعْنِي تَرْكَ الْكَلَامِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّ الْمَرْأَةَ قَالَتْ لَهُ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ شَرٌّ فَحَلَفْتُ إِنِ اللَّهُ عَافَانَا مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا أُكَلِّمَ أَحَدًا حَتَّى أَحُجَّ فَقَالَ إِنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ ذَلِكَ فَتَكَلَّمِي وَلِلْفَاكِهِيِّ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ نَحْوَهُ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ هَذَا مَنْ قَالَ بِأَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لايتكلم اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَأْمُرْهَا بِالْكَفَّارَةِ وَقِيَاسُهُ ان من نذر ان لايتكلم لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَطْلَقَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ وَأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنَّ الْإِسْلَامَ هَدَمَ ذَلِكَ وَلَا يَقُولُ أَبُو بَكْرٍ مِثْلَ هَذَا إِلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ فَيَكُونُ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ حَدِيثُ بن عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ أَبِي إِسْرَائِيلَ الَّذِي نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ وَلَا يَرْكَبَ وَلَا يَسْتَظِلَّ وَلَا يَتَكَلَّمَ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْكَبَ وَيَسْتَظِلَّ وَيَتَكَلَّمَ وَحَدِيثُ عَلِيٍّ رَفَعَهُ لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ وَلَا صَمْتَ يَوْمٍ إِلَى اللَّيْلِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي شَرْحِهِ كَانَ مِنْ نُسُكِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الصَّمْتُ فَكَانَ أَحَدُهُمْ يَعْتَكِفُ الْيَوْمَ وَاللَّيْلَةَ وَيَصْمُتُ فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ وَأُمِرُوا بِالنُّطْقِ بِالْخَيْرِ وَقَدْ تقدّمت الْإِشَارَة إِلَى حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

     وَقَالَ  بن قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي لَيْسَ مِنْ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ الصَّمْتُ عَنِ الْكَلَامِ وَظَاهِرُ الْأَخْبَارِ تَحْرِيمُهُ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ وَبِحَدِيثِ عَلِيٍّ الْمَذْكُورِ قَالَ فَإِنْ نَذَرَ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْوَفَاءُ بِهِ وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا اه وَكَلَامُ الشَّافِعِيَّةِ يَقْتَضِي أَنَّ مَسْأَلَةَ النَّذْرِ لَيْسَتْ مَنْقُولَةً فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ ذَكَرَ فِي كِتَابِ النَّذْرِ أَنَّ فِي تَفْسِيرِ أَبِي نَصْرٍ الْقُشَيْرِيِّ عَنِ الْقَفَّالِ قَالَ مَنْ نَذَرَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ الْآدَمِيِّينَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يُتَقَرَّبُ بِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ لَا لِمَا فِيهِ مِنَ التَّضْيِيقِ وَالتَّشْدِيدِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ شَرْعِنَا كَمَا لَوْ نَذَرَ الْوُقُوفَ فِي الشَّمْسِ قَالَ أَبُو نَصْرٍ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ نَذْرُ الصَّمْتِ فِي تِلْكَ الشَّرِيعَةِ لَا فِي شَرِيعَتِنَا ذَكَرَهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ مَرْيَمَ عِنْدَ قَوْلِهَا إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا وَفِي التَّتِمَّةِ لِأَبِي سَعِيدٍ الْمُتَوَلِّي مَنْ قَالَ شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا جَعَلَ ذَلِكَ قربَة.

     وَقَالَ  بن الرِّفْعَةِ فِي قَوْلِ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ فِي التَّنْبِيهِ وَيُكْرَهُ لَهُ صَمْتُ يَوْمٍ إِلَى اللَّيْلِ قَالَ فِي شَرْحِهِ إِذْ لَمْ يُؤْثَرْ ذَلِكَ بل جَاءَ فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ النَّهْيُ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ نَعَمْ قَدْ وَرَدَ فِي شَرْعِ مَنْ قَبْلنَا فَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ شَرْعٌ لَنَا لَمْ يُكْرَهْ إِلَّا أَنَّهُ لايستحب قَالَه بن يُونُسَ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ قَالَ رُوِيَ عَن بن عُمَرَ مَرْفُوعًا صَمْتُ الصَّائِمِ تَسْبِيحٌ قَالَ فَإِنْ صَحَّ دَلَّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الصَّمْتِ وَإِلَّا فَحَدِيثُ بن عَبَّاسٍ أَقَلُّ دَرَجَاتِهِ الْكَرَاهَةُ قَالَ وَحَيْثُ قُلْنَا إِنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا فَذَاكَ إِذَا لَمْ يَرِدْ فِي شَرْعِنَا مَا يُخَالِفُهُ انْتَهَى وَهُوَ كَمَا قَالَ وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ لَا يَثْبُتُ وَقَدْ أَوْرَدَهُ صَاحِبُ مُسْند الفردوس من حَدِيث بن عُمَرَ وَفِي إِسْنَادِهِ الرَّبِيعُ بْنُ بَدْرٍ وَهُوَ سَاقِطٌ وَلَوْ ثَبَتَ لَمَا أَفَادَ الْمَقْصُودَ لِأَنَّ لَفْظَهُ صَمْتُ الصَّائِمِ تَسْبِيحٌ وَنَوْمُهُ عِبَادَةٌ وَدُعَاؤُهُ مُسْتَجَابٌ فَالْحَدِيثُ مُسَاقٌ فِي أَنَّ أَفْعَالَ الصَّائِمِ كُلَّهَا مَحْبُوبَةٌ لَا أَنَّ الصَّمْتَ بِخُصُوصِهِ مَطْلُوبٌ وَقَدْ قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ فِي آخِرِ الصِّيَامِ فَرْعٌ جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِتَرْكِ الْكَلَامِ فِي رَمَضَانَ وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي شَرْعِنَا بَلْ فِي شَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا فَيَخْرُجُ جَوَازُ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ انْتَهَى وَلْيُتَعَجَّبْ مِمَّنْ نَسَبَ تَخْرِيجَ مَسْأَلَةِ النَّذْرِ إِلَى نَفْسِهِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ.
وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي الصَّمْتِ وَفَضْلِهِ كَحَدِيثِ مَنْ صَمَتَ نَجَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَحَدِيث أيسر الْعِبَادَة الصمت أخرجه بن أَبِي الدُّنْيَا بِسَنَدٍ مُرْسَلٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يُعَارِضُ مَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ مِنَ الْكَرَاهَةِ لِاخْتِلَافِ الْمَقَاصِدِ فِي ذَلِكَ فَالصَّمْتُ الْمُرَغَّبُ فِيهِ تَرْكُ الْكَلَامِ الْبَاطِلِ وَكَذَا الْمُبَاحُ إِنْ جَرَّ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَالصَّمْتُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ تَرْكُ الْكَلَامِ فِي الْحَقِّ لِمَنْ يَسْتَطِيعُهُ وَكَذَا الْمُبَاحُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  إِنَّكِ بِكَسْرِ الْكَافِ .

     قَوْلُهُ  لَسَئُولٌ أَيْ كَثِيرَةُ السُّؤَالِ وَهَذِهِ الصِّيغَةُ يَسْتَوِي فِيهَا الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ .

     قَوْلُهُ  مَا بَقَاؤُنَا عَلَى هَذَا الْأَمْرِ الصَّالِحِ أَيْ دِينِ الْإِسْلَامِ وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْعَدْلِ وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَوَضْعِ كُلِّ شَيْءٍ فِي مَحَلِّهِ .

     قَوْلُهُ  مَا اسْتَقَامَتْ بِكُمْ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَكُمْ .

     قَوْلُهُ  أَئِمَّتُكُمْ أَيْ لِأَنَّ النَّاسَ عَلَى دِينِ مُلُوكِهِمْ فَمَنْ حَادَ مِنَ الْأَئِمَّةِ عَنِ الْحَالِ مَالَ وَأَمَالَ الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ الْمَرْأَةِ السَّوْدَاءِ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا وَذَكَرَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي طَرِيقٍ لَهُ أَنَّهَا كَانَتْ بِمَكَّةَ وَأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ لَهَا ذَلِكَ هَاجَرَتْ إِلَى الْمَدِينَةِ





[ قــ :3658 ... غــ :3835] .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ لَهَا حِفْشٌ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ هُوَ الْبَيْتُ الضَّيِّقُ الصَّغِيرُ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ الْحِفْشُ هُوَ الدَّرَجُ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْبَيْتُ الصَّغِيرُ لِشَبَهِهِ بِهِ فِي الضِّيقِ .

     قَوْلُهُ  وَازَتْ أَيْ قَابَلَتْ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَوَجْهُ دُخُولِهَا هُنَا مِنْ جِهَةِ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْجَفَاءِ فِي الْفِعْل وَالْقَوْل السَّادِس حَدِيث بن عُمَرَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْحَلِفِ بِالْآبَاءِ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ السَّابِعُ





[ قــ :3660 ... غــ :3837] .

     قَوْلُهُ  ان الْقَاسِم هُوَ بن مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ .

     قَوْلُهُ  وَلَا يَقُومُ لَهَا أَيِ الْجِنَازَةُ .

     قَوْلُهُ  كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُومُونَ لَهَا ظَاهِرُهُ أَنَّ عَائِشَةَ لَمْ يَبْلُغْهَا أَمْرُ الشَّارِعِ بِالْقِيَامِ لَهَا فَرَأَتْ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ بِمُخَالَفَتِهِمْ وَقَدْ قَدَّمْتُ فِي الْجَنَائِزِ بَيَانَ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَهَلْ نُسِخَ هَذَا الْحُكْمُ أَمْ لَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ نُسِخَ هَلْ نُسِخَ الْوُجُوبُ وَبَقِيَ الِاسْتِحْبَابُ أَمْ لَا أَوْ مُطْلَقُ الْجَوَازِ وَاخْتَارَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّة الْأَخير وَأكْثر الشَّافِعِيَّة على الْكَرَاهَةَ وَادَّعَى الْمَحَامِلِيُّ فِيهِ الِاتِّفَاقَ وَخَالَفَ الْمُتَوَلِّي فَقَالَ يُسْتَحَبُّ وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ.

     وَقَالَ  هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْكَامِ الَّتِي اسْتَدْرَكَتْهَا عَائِشَةُ عَلَى الصَّحَابَةِ لَكِنْ كَانَ جَانِبُهُمْ فِيهَا أَرْجَحَ .

     قَوْلُهُ  كُنْتِ فِي أَهْلِكِ مَا أَنْتِ مَرَّتَيْنِ أَيْ يَقُولُونَ ذَلِك مرَّتَيْنِ وَمَا مَوْصُولَةٌ وَبَعْضُ الصِّلَةِ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ كُنْتِ فِي أَهْلِكِ الَّذِي كُنْتِ فِيهِ أَيِ الَّذِي أَنْتِ فِيهِ الْآنَ كُنْتِ فِي الْحَيَاةِ مِثْلَهُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا لايؤمنون بِالْبَعْثِ بَلْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الرُّوحَ إِذَا خَرَجَتْ تَطِيرُ طَيْرًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ كَانَ رُوحُهُ مِنْ صَالِحِي الطَّيْرِ وَإِلَّا فَبِالْعَكْسِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ مْ هَذَا دُعَاءً لِلْمَيِّتِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَا نَافِيَةً وَلَفْظُ مَرَّتَيْنِ مِنْ تَمَامِ الْكَلَامِ أَيْ لَا تَكُونِي فِي أَهْلِكِ مَرَّتَيْنِ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ الَّتِي كنت فيهم انْقَضتْ وَلست بِعَائِدَةٍ إِلَيْهِمْ مَرَّةً أُخْرَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَا اسْتِفْهَامِيَّةً أَيْ كُنْتِ فِي أَهْلِكِ شَرِيفَةً فَأَيُّ شَيْءٍ أَنْتِ الْآنَ يَقُولُونَ ذَلِكَ حُزْنًا وَتَأَسُّفًا عَلَيْهِ الثَّامِنُ حَدِيثُ عُمَرَ فِي قَوْلِهِمْ أَشْرِقْ ثَبِيرُ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ مُسْتَوْفًى وَقَولُهُ حَتَّى تُشْرِقَ الشَّمْسُ قَالَ بن التِّينِ ضُبِطَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَالْمَعْرُوفُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهَا التَّاسِعُ





[ قــ :366 ... غــ :3839] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَكُمْ يَحْيَى بْنُ الْمُهَلَّبِ هُوَ الْبَجَلِيُّ يُكَنَّى أَبَا كُدَيْنَةَ بِالتَّصْغِيرِ وَالنُّون وَهُوَ كُوفِي موثق مَاله فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ .

     قَوْلُهُ  مَلْأَى مُتَتَابِعَةً كَذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَهُمَا قَوْلَانِ لِأَهْلِ اللُّغَةِ تَقُولُ أَدْهَقْتَ الْكَأْسَ إِذَا مَلَأْتَهَا وَأَدْهَقْتَ لَهُ إِذَا تَابَعْتَ لَهُ السَّقْيَ وَقِيلَ أَصْلُ الدَّهَقِ الضَّغْطُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ مَلَأَ الْيَدَ بِالْكَأْسِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ فِيهَا مُتَّسَعٌ لِغَيْرِهَا .

     قَوْلُهُ  قَالَ.

     وَقَالَ  بن عَبَّاسٍ الْقَائِلُ هُوَ عِكْرِمَةُ وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ .

     قَوْلُهُ  سَمِعْتُ أَبِي هُوَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ .

     قَوْلُهُ  فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَيْ وَقَعَ سَمَاعِي لِذَلِكَ مِنْهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْمُرَادُ بِهَا جَاهِلِيَّة نسبية لَا الْمُطلقَة لَان بن عَبَّاسٍ لَمْ يُدْرِكْ مَا قَبْلَ الْبَعْثَةِ بَلْ لَمْ يُولَدْ إِلَّا بَعْدَ الْبَعْثِ بِنَحْوِ عَشْرِ سِنِينَ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ سَمِعَ الْعَبَّاسَ يَقُولُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ .

     قَوْلُهُ  اسْقِنَا كَأْسًا دِهَاقًا فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ حُصَيْن عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ لِغُلَامِهِ ادْهَقْ لَنَا أَيِ امْلَأْ لَنَا أَوْ تَابِعْ لَنَا انْتَهَى وَهُوَ بِمَعْنَى مَا سَاقَهُ الْبُخَارِيُّ الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ





[ قــ :3663 ... غــ :3841] .

     قَوْلُهُ  سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَبْدِ الْملك هُوَ بن عُمَيْرٍ وَلِأَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنِ الثَّوْرِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ .

     قَوْلُهُ  أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْكَلِمَةِ الْبَيْتَ الَّذِي ذَكَرَ شَطْرَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ الْقَصِيدَةَ كُلَّهَا وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ وَزَائِدَةَ فَرَّقَهُمَا عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بِلَفْظِ إِنَّ أَصْدَقَ بَيْتٍ قَالَهُ الشَّاعِرُ وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ إِنَّ وَوَقَعَ عِنْدَهُ فِي رِوَايَةِ شَرِيكٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بِلَفْظِ أَشْعَرُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَتْ بِهَا الْعَرَبُ فَلَوْلَا أَنَّ فِي حِفْظِ شَرِيكٍ مَقَالًا لَرَفَعَ هَذَا اللَّفْظُ الْإِشْكَالَ الَّذِي أَبَدَاهُ السُّهَيْلِيُّ عَلَى لَفْظِ رِوَايَةِ الصَّحِيحِ بِلَفْظِ أَصْدَقُ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ لَفْظِ أَشْعَرُ أَنْ يَكُونَ أَصْدَقَ نَعَمْ السُّؤَالُ بَاقٍ فِي التَّعْبِيرِ بِوَصْفِ كُلِّ شَيْءٍ بِالْبُطْلَانِ مَعَ انْدِرَاجِ الطَّاعَاتِ وَالْعِبَادَاتِ فِي ذَلِكَ وَهِيَ حَقٌّ لَا مَحَالَةَ وَكَذَا قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُعَائِهِ بِاللَّيْلِ أَنْتَ الْحَقُّ وَقَوْلُكُ الْحَقُّ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ إِلَخْ وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ مَا عدا الله أَي ماعداه وَعَدَا صِفَاتِهِ الذَّاتِيَّةَ وَالْفِعْلِيَّةَ مِنْ رَحْمَتِهِ وَعَذَابِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلِذَلِكَ ذَكَرَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ أَوِ الْمُرَادُ فِي الْبَيْتِ بِالْبُطْلَانِ الْفِنَاءُ لَا الْفَسَادُ فَكُلُّ شَيْءٍ سِوَى اللَّهِ جَائِزٌ عَلَيْهِ الْفِنَاءُ لِذَاتِهِ حَتَّى الْجَنَّةُ وَالنَّارُ وَإِنَّمَا يَبْقَيَانِ بِإِبْقَاءِ اللَّهِ لَهُمَا وَخَلْقِ الدَّوَامِ لِأَهْلِهِمَا وَالْحَقُّ عَلَى الْحَقِيقَةِ مَنْ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الزَّوَالُ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إِثْبَاتِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ فِي قَوْلِهِ أَنْتَ الْحَقُّ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ وَحَذْفِهِمَا عِنْدَ ذِكْرِ غَيْرِهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي إِيرَادِ الْبُخَارِيِّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي هَذَا الْبَابِ تَلْمِيحٌ بِمَا وَقَعَ لِعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ بِسَبَبِ هَذَا الْبَيْتِ مَعَ نَاظِمِهِ لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ قَبْلَ إِسْلَامِهِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ وقريش فِي غَايَة الأذية للْمُسلمين فَذكر بن إِسْحَاقَ عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ أَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ مِنَ الْهِجْرَةِ الْأُولَى إِلَى الْحَبَشَةِ دَخَلَ مَكَّةَ فِي جِوَارِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَلَمَّا رَأَى الْمُشْرِكِينَ يُؤْذُونَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ آمِنٌ رَدَّ عَلَى الْوَلِيدِ جِوَارَهُ فَبَيْنَمَا هُوَ فِي مَجْلِسٍ لِقُرَيْشٍ وَقَدْ وَفَدَ عَلَيْهِمْ لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ فَقَعَدَ يُنْشِدُهُمْ مِنْ شِعْرِهِ فَقَالَ لَبِيدٌ أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلُ فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ صدقت فَقَالَ لبيد وكل نعيم لامحالة زائل فَقَالَ عُثْمَان كذبت نعيم الْجنَّة لايزول فَقَالَ لَبِيدٌ مَتَى كَانَ يُؤْذَى جَلِيسُكُمْ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَلَطَمَ عُثْمَانَ فَاخْضَرَّتْ عَيْنُهُ فَلَامَهُ الْوَلِيدُ عَلَى رَدِّ جِوَارِهِ فَقَالَ قَدْ كُنْتَ فِي ذِمَّةٍ مَنِيعَةٍ فَقَالَ عُثْمَانُ إِنَّ عَيْنِيَ الْأُخْرَى لِمَا أَصَابَ أُخْتَهَا لَفَقِيرَةٌ فَقَالَ لَهُ الْوَلِيدُ فَعُدْ إِلَى جِوَارِكَ فَقَالَ بَلْ أَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ تَعَالَى.

قُلْتُ وَقد اسْلَمْ لبيد بعد ذَلِك وَهُوَ بن رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرٍ الْعَامِرِيُّ ثُمَّ الْكِلَابِيُّ ثُمَّ الْجَعْفَرِيُّ يُكَنَّى أَبَا عَقِيلٍ وَذكره فِي الصَّحَابَة البُخَارِيّ وبن أَبِي خَيْثَمَةَ وَغَيْرُهُمَا.

     وَقَالَ  لِعُمَرَ لَمَّا سَأَلَهُ عَمَّا قَالَهُ مِنَ الشِّعْرِ فِي الْإِسْلَامِ قَدْ أَبْدَلَنِي اللَّهُ بِالشِّعْرِ سُورَةَ الْبَقَرَةِ ثُمَّ سَكَنَ الْكُوفَةَ وَمَاتَ بِهَا فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ وَعَاشَ مِائَةً وَخَمْسِينَ سَنَةً وَقِيلَ أَكْثَرُ وَهُوَ الْقَائِلُ وَلَقَدْ سَئِمْتُ مِنَ الْحَيَاةِ وَطُولِهَا وَسُؤَالِ هَذَا النَّاسِ كَيْفَ لَبِيدُ وَهَذَا يُعَكِّرُ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ شِعْرًا مُنْذُ أَسْلَمَ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ الْقِطَعَ الْمُطَوَّلَةَ لَا الْبَيْتَ وَالْبَيْتَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وَكَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ اسْمُ أَبِي الصَّلْتِ رَبِيعَةُ بْنُ عَوْفِ بْنِ عَقِدَةَ بْنِ غِيَرَةَ بِكَسْر الْمُعْجَمَة وَفتح التَّحْتَانِيَّة بن عَوْفِ بْنِ ثَقِيفٍ الثَّقَفِيُّ وَقِيلَ فِي نَسَبِهِ غَيْرُ ذَلِكَ أَبُو عُثْمَانَ كَانَ مِمَّنْ طَلَبَ الدِّينَ وَنَظَرَ فِي الْكُتُبِ وَيُقَالُ إِنَّهُ مِمَّنْ دَخَلَ فِي النَّصْرَانِيَّةِ وَأَكْثَرَ فِي شِعْرِهِ مِنْ ذِكْرِ التَّوْحِيدِ وَالْبَعْثِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزَعَمَ الْكَلَابَاذِيُّ أَنَّهُ كَانَ يَهُودِيًّا وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَافَرَ مَعَ أُمَيَّةَ فَذَكَرَ قِصَّتَهُ وَأَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَعَنْ سِنِّهِ وَرِيَاسَتِهِ فَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِذَلِكَ فَقَالَ أَزَرَى بِهِ ذَلِكَ فَغَضِبَ أَبُو سُفْيَانَ فَأَخْبَرَهُ أُمَيَّةُ أَنَّهُ نَظَرَ فِي الْكُتُبِ أَنَّ نَبِيًّا يُبْعَثُ مِنَ الْعَرَبِ أَظَلَّ زَمَانُهُ قَالَ فَرَجَوْتُ أَنْ أَكُونَهُ قَالَ ثُمَّ نَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ فَنَظَرْتُ فِيهِمْ فَلَمْ أَرَ مِثْلَ عُتْبَةَ فَلَمَّا قُلْتَ لِي إِنَّهُ رَئِيسٌ وَإِنَّهُ جَاوَزَ الْأَرْبَعِينَ عَرَفْتُ أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَمَا مَضَتِ الْأَيَّامُ حَتَّى ظَهَرَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لِأُمَيَّةَ قَالَ نَعَمْ إِنَّهُ لَهُوَ.

قُلْتُ أَفَلَا نَتَّبِعُهُ قَالَ أَسْتَحْيِي مِنْ نُسَيَّاتِ ثَقِيفٍ إِنِّي كُنْتُ أَقُولُ لَهُنَّ إِنَّنِي أَنَا هُوَ ثُمَّ أَصِيرُ تَابِعًا لِغُلَامٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ الْأَصْبَهَانِيُّ أَنَّهُ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ الْحَنِيفِيَّةَ حَقٌّ وَلَكِنَّ الشَّكَّ يداخلني فِي مُحَمَّد وروى الفاكهي وبن مَنْدَه من حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنَّ الْفَارِعَةَ بِنْتَ أَبِي الصَّلْتِ أُخْتَ أُمَيَّةَ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْشَدَتْهُ مِنْ شِعْرِهِ فَقَالَ آمَنَ شِعْرُهُ وَكَفَرَ قَلْبُهُ وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَدِفْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ.

قُلْتُ نَعَمْ فَأَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيْتٍ فَقَالَ لَقَدْ كَادَ أَنْ يسلم فِي شعره وروى بن مَرْدَوَيْهِ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا قَالَ نَزَلَتْ فِي أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ وَرُوِيَ مِنْ أَوْجُهٍ أُخْرَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي بَلْعَامَ الْإِسْرَائِيلِيِّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَاشَ أُمَيَّةُ حَتَّى أَدْرَكَ وَقْعَةَ بَدْرٍ وَرَثَى مَنْ قُتِلَ بِهَا من الْكفَّار كَمَا سَيَأْتِي شَيْء مِنْ ذَلِكَ فِي أَبْوَابِ الْهِجْرَةِ وَمَاتَ أُمَيَّةُ بَعْدَ ذَلِكَ سَنَةَ تِسْعٍ وَقِيلَ مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ ذكره سبط بن الْجَوْزِيِّ وَاعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ عَنِ بن هِشَامٍ أَنَّ أُمَيَّةَ قَدِمَ مِنَ الشَّامِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مَالَهُ مِنَ الطَّائِفِ وَيُهَاجِرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَنَزَلَ فِي طَرِيقِهِ بِبَدْرٍ قِيلَ لَهُ أَتَدْرِي مَنْ فِي الْقَلِيبِ قَالَ لَا قِيلَ فِيهِ عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ وَهُمَا ابْنَا خَالِكَ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ فَشَقَّ ثِيَابَهُ وَجَدَعَ نَاقَتَهُ وَبَكَى وَرَجَعَ إِلَى الطَّائِفِ فَمَاتَ بِهَا.

قُلْتُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ فَمَاتَ بِهَا أَنْ يَكُونَ مَاتَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَأَغْرَبَ الْكَلَابَاذِيُّ فَقَالَ إِنَّهُ مَاتَ فِي حِصَارِ الطَّائِفِ فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَذَلِكَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَلِمَوْتِهِ قِصَّةٌ طَوِيلَةٌ أَخْرَجَهَا الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا الْحَدِيثُ الْحَادِي عَشَرَ





[ قــ :3664 ... غــ :384] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ هُوَ بن أَبِي أُوَيْسٍ وَأَخُوهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْحَمِيدِ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْأَنْصَارِيُّ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ مَدَنِيُّونَ وَفِيهِ رِوَايَةُ الْقَرِينِ عَنِ الْقَرِينِ وَرِوَايَةُ الْأَكْبَرِ سِنًّا عَنِ الْأَصْغَرِ مِنْهُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ وَقَدْ أخرجه البهيقي فِي الشُّعَبِ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُقَدَّمِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ بِهَذَا السَّنَدِ لَكِنْ قَالَ فِيهِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَرَ بَدَلَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ فَلَعَلَّ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِيهِ شَيْخَيْنِ .

     قَوْلُهُ  كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ غُلَامٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَوَقَعَ لِأَبِي بَكْرٍ مَعَ النُّعَيْمَانِ بْنِ عَمْرٍو أَحَدِ الْأَحْرَارِ مِنَ الصَّحَابَةِ قِصَّةٌ ذَكَرَهَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُمْ نَزَلُوا بِمَاءٍ فَجَعَلَ النُّعَيْمَانُ يَقُولُ لَهُمْ يَكُونُ كَذَا فَيَأْتُونَهُ بِالطَّعَامِ فَيُرْسِلُهُ إِلَى أَصْحَابِهِ فَبَلَغَ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ أَرَانِي آكُلَ كِهَانَةَ النُّعَيْمَانِ مُنْذُ الْيَوْمِ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي حَلْقِهِ فَاْسَتَقَاءَهُ وَفِي الْوَرَعِ لِأَحْمَدَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَيُّوب عَن بن سِيرِينَ لَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا اسْتَقَاءَ مِنْ طَعَامٍ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ فَإِنَّهُ أُتِيَ بِطَعَامٍ فَأَكَلَ ثمَّ قيل لَهُ جَاءَ بِهِ بن النعيمان قَالَ فأطعمتموني كهَانَة بن النُّعَيْمَانِ ثُمَّ اسْتَقَاءَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ لَكِنَّهُ مُرْسَلٌ وَلِأَبِي بَكْرٍ قِصَّةٌ أُخْرَى فِي نَحْوِ هَذَا أَخْرَجَهَا يَعْقُوبُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ نُبَيْحٍ الْعَنْزِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ كُنَّا نَنْزِلُ رِفَاقًا فَنَزَلْتُ فِي رُفْقَةٍ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ عَلَى أَهْلِ أَبْيَاتٍ فِيهِنَّ امْرَأَةٌ حُبْلَى وَمَعَنَا رَجُلٌ فَقَالَ لَهَا أُبَشِّرُكِ أَنْ تَلِدِي ذَكَرًا قَالَتْ نَعَمْ فَسَجَعَ لَهَا أَسْجَاعًا فَأَعْطَتْهُ شَاةً فَذَبَحَهَا وَجَلَسْنَا نَأْكُلُ فَلَمَّا عَلِمَ أَبُو بَكْرٍ بِالْقِصَّةِ قَامَ فَتَقَايَأَ كُلَّ شَيْءٍ أَكَلَهُ .

     قَوْلُهُ  يُخْرِجُ لَهُ الْخَرَاجَ أَيْ يَأْتِيهِ بِمَا يَكْسِبُهُ وَالْخَرَاجُ مَا يُقَرِّرُهُ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ مِنْ مَالٍ يُحْضِرُهُ لَهُ مِنْ كَسْبِهِ .

     قَوْلُهُ  يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ غُلَامٌ فَكَانَ يَجِيءُ بِكَسْبِهِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ حَتَّى يَسْأَلَهُ فَأَتَاهُ لَيْلَةً بِكَسْبِهِ فَأَكَلَ مِنْهُ وَلَمْ يَسْأَلْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ .

     قَوْلُهُ  كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لِإِنْسَانٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ أَعْرِفِ اسْمَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْأَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ .

     قَوْلُهُ  فَأَعْطَانِي بذلك أَي عوض تكهني لَهُ قَالَ بن التِّينِ إِنَّمَا اسْتَقَاءَ أَبُو بَكْرٍ تَنَزُّهًا لِأَنَّ أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ وُضِعَ وَلَوْ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ لَغَرِمَ مِثْلَ مَا أَكَلَ أَوْ قِيمَتَهُ وَلَمْ يَكْفِهِ الْقَيْءُ كَذَا قَالَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ إِنَّمَا قَاءَ لِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنَ النَّهْيِ عَنْ حُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَحُلْوَانُ الْكَاهِنِ مَا يَأْخُذُهُ عَلَى كِهَانَتِهِ وَالْكَاهِنُ مَنْ يُخْبِرُ بِمَا سَيَكُونُ عَنْ غَيْرِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ وَكَانَ ذَلِكَ قَدْ كَثُرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خُصُوصًا قَبْلَ ظُهُور النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثُ الثَّانِي عشر حَدِيث بن عُمَرَ فِي حَبَلِ الْحَبَلَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي الْبُيُوعِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ





[ قــ :3665 ... غــ :3843] .

     قَوْلُهُ  إِنَّهُمْ كَانُوا يَتَبَايَعُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ حَدِيثُ أَنَسٍ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ وَأَدْخَلَهُ هُنَا لِقَوْلِهِ فَعَلَ قَوْمُكَ كَذَا يَوْمَ كَذَا لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُشِيرَ بِهِ إِلَى وَقَائِعِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَمَا يَحْتَمِلُ أَنْ يُشِيرَ بِهِ إِلَى وَقَائِعِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ لِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَخَاطَبَ أَنَسٌ غَيْلَانَ بِأَنَّ الْأَنْصَارَ قَوْمُهُ وَلَيْسَ هُوَ مِنَ الْأَنْصَارِ لَكِنْ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ النِّسْبِيَّةِ الْأَعَمِّيَّةِ إِلَى الأزد فَإِنَّهَا تجمعهم وَالله اعْلَم