فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قصة يأجوج، ومأجوج

( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي القرنين إِلَى قَوْلِهِ سَبَبًا)
كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَسَاقَ غَيْرُهُ الْآيَةَ ثُمَّ اتَّفَقُوا إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى آتوني زبر الْحَدِيد وَفِي إِيرَادِ الْمُصَنِّفِ تَرْجَمَةَ ذِي الْقَرْنَيْنِ قَبْلَ إِبْرَاهِيمَ إِشَارَةٌ إِلَى تَوْهِينِ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ الْإِسْكَنْدَرُ الْيُونَانِيُّ لِأَنَّ الْإِسْكَنْدَرَ كَانَ قَرِيبًا مِنْ زَمَنِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَبَيْنَ زَمَنِ إِبْرَاهِيمَ وَعِيسَى أَكْثَرُ مِنْ أَلْفَيْ سَنَةٍ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْإِسْكَنْدَرَ الْمُتَأَخِّرَ لُقِّبَ بِذِي الْقَرْنَيْنِ تَشْبِيهًا بِالْمُتَقَدِّمِ لِسَعَةِ مُلْكِهِ وَغَلَبَتِهِ عَلَى الْبِلَادِ الْكَثِيرَةِ أَوْ لِأَنَّهُ لَمَّا غَلَبَ عَلَى الْفُرْسِ وَقَتَلَ مَلِكَهُمِ انْتَظَمَ لَهُ مُلْكُ الْمَمْلَكَتَيْنِ الْوَاسِعَتَيْنِ الرُّومِ وَالْفُرْسِ فَلُقِّبَ ذَا الْقَرْنَيْنِ لِذَلِكَ وَالْحَقُّ أَنَّ الَّذِي قَصَّ اللَّهُ نَبَأَهُ فِي الْقُرْآنِ هُوَ الْمُتَقَدِّمُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا مَا ذَكَرْتُهُ وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ ذِي الْقَرْنَيْنِ مَا رَوَى الْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَحَدِ كِبَارِ التَّابِعِينَ أَنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ حَجَّ مَاشِيًا فَسَمِعَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ فَتَلَقَّاهُ وَمن طَرِيق عَطاء عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَسَلَّمَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَصَافَحَهُ وَيُقَالُ إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ صَافَحَ وَمِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ أَنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ سَأَلَ إِبْرَاهِيمَ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ فَقَالَ وَكَيْفَ وَقَدْ أَفْسَدْتُمْ بِئْرِي فَقَالَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَنْ أَمْرِي يَعْنِي أَنَّ بَعْضَ الْجُنْدِ فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَذَكَرَ بن هِشَامٍ فِي التِّيجَانِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ تَحَاكَمَ إِلَى ذِي الْقَرْنَيْنِ فِي شَيْءٍ فَحَكَمَ لَهُ وَرَوَى بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ أَنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ قَدِمَ مَكَّةَ فَوَجَدَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ يَبْنِيَانِ الْكَعْبَةَ فَاسْتَفْهَمَهُمَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَا نَحْنُ عَبْدَانِ مَأْمُورَانِ فَقَالَ مَنْ يَشْهَدُ لَكُمَا فَقَامَتْ خَمْسَةُ أَكْبُشٍ فَشَهِدَتْ فَقَالَ قَدْ صَدَقْتُمْ قَالَ وَأَظُنُّ الْأَكْبُشَ الْمَذْكُورَةَ حِجَارَةً وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ غَنَمًا فَهَذِهِ الْآثَارُ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا وَيَدُلُّ عَلَى قِدَمِ عَهْدِ ذِي الْقَرْنَيْنِ ثَانِيَ الْأَوْجُهِ قَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ كَانَ ذُو الْقَرْنَيْنِ نَبِيًّا وَكَانَ الْإِسْكَنْدَرُ كَافِرًا وَكَانَ معلمه ارسطا طاليس وَكَانَ يأتمر بِأَمْرِهِ وَهُوَ مِنَ الْكُفَّارِ بِلَا شَكٍّ وَسَأَذْكُرُ مَا جَاءَ فِي أَنَّهُ كَانَ نَبِيًّا أَمْ لَا ثَالِثُهَا كَانَ ذُو الْقَرْنَيْنِ مِنَ الْعَرَبِ كَمَا سَنَذْكُرُ بَعْدُ.
وَأَمَّا الْإِسْكَنْدَرُ فَهُوَ مِنَ الْيُونَانِ وَالْعَرَبُ كُلُّهَا مِنْ وَلَدِ سَامِ بْنِ نُوحٍ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ هَلْ هُمْ كُلُّهُمْ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ أَوْ لَا وَالْيُونَانُ مِنْ وَلَدِ يَافِثِ بْنِ نُوحٍ عَلَى الرَّاجِحِ فَافْتَرَقَا وَشُبْهَةُ مَنْ قَالَ إِنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ هُوَ الْإِسْكَنْدَرُ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعٍ الْجِيزِيُّ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ نَزَلُوا مصر بِإِسْنَاد فِيهِ بن لَهِيعَةَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ ذِي الْقَرْنَيْنِ فَقَالَ كَانَ مِنَ الرُّومِ فَأُعْطِيَ مُلْكًا فَصَارَ إِلَى مِصْرَ وَبَنَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةَ فَلَمَّا فَرَغَ أَتَاهُ مَلَكٌ فَعَرَجَ بِهِ فَقَالَ انْظُرْ مَا تَحْتَكَ قَالَ أَرَى مَدِينَةً وَاحِدَةً قَالَ تِلْكَ الْأَرْضُ كُلُّهَا وَإِنَّمَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُرِيَكَ وَقَدْ جَعَلَ لَكَ فِي الْأَرْضِ سُلْطَانًا فَسِرْ فِيهَا وَعَلِّمِ الْجَاهِلَ وَثَبِّتِ الْعَالِمَ وَهَذَا لَوْ صَحَّ لَرَفَعَ النِّزَاعَ وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ذِي الْقَرْنَيْنِ فَقِيلَ كَانَ نَبِيًّا كَمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا مَرْوِيٌّ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَعَلَيْهِ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أَدْرِي ذُو الْقَرْنَيْنِ كَانَ نَبِيًّا أَوْ لَا وَذَكَرَ وَهْبٌ فِي الْمُبْتَدَإِ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا صَالِحًا وَأَنَّ اللَّهَ بَعَثَهُ إِلَى أَرْبَعَةِ أُمَمٍ أُمَّتَيْنِ بَيْنَهُمَا طُولُ الْأَرْضِ وَأُمَّتَيْنِ بَيْنَهُمَا عَرْضُ الْأَرْضِ وَهِيَ نَاسِكُ وَمَنْسَكُ وَتَأْوِيلُ وَهَاوِيلُ فَذَكَرَ قِصَّةً طَوِيلَةً حَكَاهَا الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ.

     وَقَالَ  الزُّبَيْرُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ النَّسَبِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ سَمِعت بن الْكَوَّا يَقُولُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبِرْنِي مَا كَانَ ذُو الْقَرْنَيْنِ قَالَ كَانَ رَجُلًا أَحَبَّ اللَّهَ فَأَحَبَّهُ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى قَوْمِهِ فَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنِهِ ضَرْبَةً مَاتَ مِنْهَا ثُمَّ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ فَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنِهِ ضَرْبَةً مَاتَ مِنْهَا ثمَّ بَعثه الله فَسمى ذُو الْقَرْنَيْنِ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ ضَعِيفٌ وَلَكِنْ تُوبِعَ عَلَى أَبِي الطُّفَيْلِ أَخْرَجَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي جَامعه عَن بن أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ نَحْوَهُ وَزَادَ وَنَاصَحَ اللَّهَ فَنَاصَحَهُ وَفِيهِ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا وَلَا مَلَكًا وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ سَمِعْنَاهُ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُخْتَارَةِ لِلْحَافِظِ الضِّيَاءِ وَفِيهِ إِشْكَالٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ ولَمْ يَكُنْ نَبِيًّا مُغَايِرٌ لِقَوْلِهِ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ الْبَعْثُ عَلَى غَيْرِ رِسَالَةِ النُّبُوَّةِ وَقِيلَ كَانَ مَلَكًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ حَكَاهُ الثَّعْلَبِيُّ وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ أَنه سمع رجلا يَقُول يَاذَا الْقَرْنَيْنِ فَقَالَ تُسَمِّيهِ بِأَسْمَاءِ الْمَلَائِكَةِ وَحَكَى الْجَاحِظُ فِي الْحَيَوَانِ أَنَّ أُمَّهُ كَانَتْ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ وَأَنَّ أَبَاهُ كَانَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَالَ وَاسْمُ أَبِيهِ فَيْرَى وَاسْمُ أُمِّهِ غَيْرَى وَقِيلَ كَانَ مِنَ الْمُلُوكِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ مَا يُومِئُ إِلَى ذَلِكَ وَسَيَأْتِي فِي تَرْجَمَةِ مُوسَى فِي الْكَلَامِ عَلَى أَخْبَارِ الْخَضِرِ وَاخْتُلِفَ فِي سَبَبِ تَسْمِيَتِهِ ذَا الْقَرْنَيْنِ فَتَقَدَّمَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَقِيلَ لِأَنَّهُ بَلَغَ الْمَشْرِقَ وَالْمَغْرِبَ أَخْرَجَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ مِنْ طَرِيق سُلَيْمَان بن أسيد عَن بن شِهَابٍ قَالَ إِنَّمَا سُمِّيَ ذَا الْقَرْنَيْنِ لِأَنَّهُ بَلَغَ قَرْنَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَقَرْنَ الشَّمْسِ مِنْ مَطْلَعِهَا وَقِيلَ لِأَنَّهُ مَلَكَهُمَا وَقِيلَ رَأَى فِي مَنَامِهِ أَنَّهُ أَخَذَ بِقَرْنَيِ الشَّمْسِ وَقِيلَ كَانَ لَهُ قَرْنَانِ حَقِيقَةً وَهَذَا أَنْكَرَهُ عَلِيٌّ فِي رِوَايَةِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ وَقِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ ضَفِيرَتَانِ تُوَارِيهُمَا ثِيَابُهُ وَقِيلَ لِأَنَّهُ كَانَتْ لَهُ غَدِيرَتَانِ طَوِيلَتَانِ مِنْ شَعْرِهِ حَتَّى كَانَ يَطَأُ عَلَيْهِمَا وَتَسْمِيَةُ الضَّفِيرَةِ مِنَ الشَّعْرِ قَرْنًا مَعْرُوفٌ وَمِنْهُ قَوْلُ أُمِّ عَطِيَّةَ وَضَفَّرْنَا شَعْرَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ وَمِنْهُ قَوْلُ جَمِيلٍ فَلَثَمْتُ فَاهَا آخِذًا بِقُرُونِهَا وَقِيلَ كَانَتْ صَفْحَتَا رَأْسِهِ مِنْ نُحَاسٍ وَقِيلَ لِتَاجِهِ قَرْنَانِ وَقِيلَ كَانَ فِي رَأْسِهِ شِبْهُ الْقَرْنَيْنِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ دَخَلَ النُّورَ وَالظُّلْمَةَ وَقِيلَ لِأَنَّهُ عَمَّرَ حَتَّى فَنِيَ فِي زَمَنِهِ قَرْنَانِ مِنَ النَّاسِ وَقِيلَ لِأَنَّ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ عِنْدَ مَطْلَعِ الشَّمْسِ وَقَدْ بَلَغَهُ وَقِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ كَرِيمَ الطَّرَفَيْنِ أُمُّهُ وَأَبُوهُ مِنْ بَيْتِ شَرَفٍ وَقِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا قَاتَلَ قَاتَلَ بِيَدَيْهِ وَرِكَابَيْهِ جَمِيعًا وَقِيلَ لِأَنَّهُ أُعْطِيَ عِلْمَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ مَلَكَ فَارِسَ وَالرُّومِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي اسْمه فروى بن مرْدَوَيْه من حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَأَخْرَجَهُ الزُّبَيْرُ فِي كِتَابِ النَّسَبِ عَنْ إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر عَن عبد الْعَزِيز بن عِمْرَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الضَّحَّاكِ بْنِ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا لِضَعْفِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَشَيْخِهِ وَهُوَ مُبَايِنٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِ إِبْرَاهِيمَ فَكَيْفَ يَكُونُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ لَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ كَانَ بَيْنَ عَدْنَانَ وَإِبْرَاهِيمَ أَرْبَعُونَ أَبًا أَوْ أَكْثَرَ وَقِيلَ اسْمُهُ الصَّعْبُ وَبِه جزم كَعْب الْأَحْبَار وَذكره بن هِشَام فِي التيجان عَن بن عَبَّاسٍ أَيْضًا.

     وَقَالَ  أَبُو جَعْفَرِ بْنُ حَبِيبٍ فِي كِتَابِ الْمُحَبَّرِ هُوَ الْمُنْذِرُ بْنُ أَبِي الْقَيْسِ أَحَدُ مُلُوكِ الْحِيرَةِ وَأُمُّهُ مَاءُ السَّمَاءِ مَاوِيَّةُ بِنْتُ عَوْفِ بْنِ جُشَمَ قَالَ وَقِيلَ اسْمُهُ الصَّعْبُ بْنُ قَرْنِ بْنِ هُمَّالٍ مِنْ مُلُوكِ حِمْيَرَ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ هُوَ إِسْكَنْدَرُوسُ بْنُ فِيلْبُوسَ وَقِيلَ فِيلِبْسُ وَبِالثَّانِي جَزَمَ الْمَسْعُودِيُّ وَقِيلَ اسْمُهُ الْهَمَيْسَعُ ذَكَرَهُ الْهَمْدَانِيُّ فِي كُتُبِ النَّسَبِ قَالَ وكنيته أَبُو الصعب وَهُوَ بن عَمْرِو بْنِ عَرِيبِ بْنِ زَيْدِ بْنِ كَهْلَانَ بْنِ سبأ وَقيل بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَرِينِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَزْدِ وَقِيلَ بِإِسْقَاطِ عَبْدِ الله الأول وَأما قَول بن إِسْحَاق الَّذِي حَكَاهُ بن هِشَامٍ عَنْهُ أَنَّ اسْمَ ذِي الْقَرْنَيْنِ مَرْزُبَانُ بْنُ مُرْدَيْهِ بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ وَقِيلَ بِزَايٍ فَقَدْ صُرِّحَ بِأَنَّهُ الْإِسْكَنْدَرُ وَلِذَلِكَ اشْتُهِرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ لِشُهْرَةِ السِّيرَةِ لِابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ السُّهَيْلِيُّ وَالظَّاهِرُ مِنْ عِلْمِ الْأَخْبَارِ أَنَّهُمَا اثْنَانِ أَحَدُهُمَا كَانَ عَلَى عَهْدِ إِبْرَاهِيمَ وَيُقَالُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ تَحَاكَمَ إِلَيْهِ فِي بِئْرِ السَّبُعِ بِالشَّامِ فَقَضَى لِإِبْرَاهِيمَ وَالْآخَرُ كَانَ قَرِيبًا مِنْ عَهْدِ عِيسَى.

قُلْتُ لَكِنَّ الْأَشْبَهَ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْقُرْآنِ هُوَ الْأَوَّلُ بِدَلِيلِ مَا ذُكِرَ فِي تَرْجَمَةِ الْخَضِرِ حَيْثُ جَرَى ذِكْرُهُ فِي قِصَّةِ مُوسَى قَرِيبًا أَنَّهُ كَانَ عَلَى مُقَدِّمَةِ ذِي الْقَرْنَيْنِ وَقَدْ ثَبَتَتْ قِصَّةُ الْخَضِرِ مَعَ مُوسَى وَمُوسَى كَانَ قَبْلَ زَمَنِ عِيسَى قَطْعًا وَتَأْتِي بَقِيَّةُ أَخْبَارِ الْخَضِرِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَهَذَا على طَريقَة مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ الْإِسْكَنْدَرُ وَحَكَى السُّهَيْلِيُّ أَنَّهُ قِيلَ إِنَّهُ رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ يُونَانَ بْنِ يَافِثَ اسْمُهُ هَرْمَسُ وَيُقَالُ هِرْدِيسُ وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ الْمُفَسِّرُ تَبَعًا لِلسُّهَيْلِيِّ أَنَّهُ قِيلَ إِنَّهُ أَفْرِيدُونُ وَهُوَ الْمَلِكُ الْقَدِيمُ لِلْفُرْسِ الَّذِي قَتَلَ الضَّحَّاكَ الْجَبَّارَ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ الشَّاعِرُ فَكَأَنَّهُ الضَّحَّاكُ فِي فَتَكَاتِهِ بِالْعَالَمِينَ وَأَنْتَ أَفْرِيدُونُ وَلِلضَّحَّاكِ قِصَصٌ طَوِيلَةٌ ذَكَرَهَا الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَالَّذِي يُقَوِّي أَنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ مِنَ الْعَرَبِ كَثْرَةُ مَا ذَكَرُوهُ فِي أَشْعَارِهِمْ قَالَ أَعْشَى بْنُ ثَعْلَبَةَ وَالصَّعْبُ ذُو الْقَرْنَيْنِ أَمْسَى ثَاوِيًا بِالْحِنْوِ فِي جَدَثٍ هُنَاكَ مُقِيمُ وَالْحِنْوُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ فِي نَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ.

     وَقَالَ  الرَّبِيعُ بْنُ ضُبَيْعٍ وَالصَّعْبُ ذُو الْقَرْنَيْنِ عَمَّرَ مُلْكَهُ أَلْفَيْنِ أَمْسَى بَعْدَ ذَاكَ رَمِيمًا.

     وَقَالَ  قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ وَالصَّعْبُ ذُو الْقَرْنَيْنِ أَصْبَحَ ثَاوِيًا بِاللَّحْدِ بَيْنَ مَلَاعِبِ الْأَرْيَاحِ.

     وَقَالَ  تُبَّعُ الْحِمْيَرِيُّ قَدْ كَانَ ذُو الْقَرْنَيْنِ قَبْلِيَ مُسْلِمًا مَلِكًا تَدِينُ لَهُ الْمُلُوك وتحشد مِنْ بَعْدِهِ بَلْقِيسُ كَانَتْ عَمَّتِي مَلَكَتْهُمُ حَتَّى أَتَاهَا الْهُدْهُدُ.

     وَقَالَ  بَعْضُ الْحَارِثِيِّينَ يَفْتَخِرُ بِكَوْنِ ذِي الْقَرْنَيْنِ مِنَ الْيَمَنِ يُخَاطِبُ قَوْمًا مِنْ مُضَرَ سَمُّوا لَنَا وَاحِدًا مِنْكُمْ فَنَعْرِفُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِاسْمِ الْمَلِكِ مُحْتَمِلًا كَالتُّبَّعَيْنِ وَذِي الْقَرْنَيْنِ يقبله أهل الحجى وَأَحَقُّ الْقَوْلِ مَا قُبِلَا.

     وَقَالَ  النُّعْمَانُ بْنُ بشير الْأنْصَارِيّ الصَّحَابِيّ بن الصَّحَابِيِّ وَمَنْ ذَا يُعَادِينَا مِنَ النَّاسِ مَعْشَرٌ كِرَامٌ وَذُو الْقَرْنَيْنِ مِنَّا وَحَاتِمُ انْتَهَى وَيُؤْخَذُ مِنْ أَكْثَرِ هَذِهِ الشَّوَاهِدِ أَنَّ الرَّاجِحَ فِي اسْمِهِ الصَّعْبُ وَوَقَعَ ذِكْرُ ذِي الْقَرْنَيْنِ أَيْضًا فِي شِعْرِ امْرِئِ الْقَيْسِ وَأَوْسِ بْنِ حَجَرٍ وَطَرَفَةَ بْنِ الْعَبْدِ وَغَيْرِهِمْ وَأَخْرَجَ الزُّبَيْرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّهُ مَلَكَ الدُّنْيَا كُلَّهَا أَرْبَعَةٌ مُؤْمِنَانِ وَكَافِرَانِ سُلَيْمَانُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَذُو الْقَرْنَيْنِ وَنُمْرُودُ وَبُخْتَنَصَّرُ وَرَوَاهُ وَكِيعٌ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ مَلَكَ الْأَرْضَ أَرْبَعَةٌ فَسَمَّاهُمْ .

     قَوْلُهُ  سَبَبًا طَرِيقًا هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الْمَجَازِ وروى بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا أَنَّهُ قِيلَ لَهُ كَيْفَ بَلَغَ ذُو الْقَرْنَيْنِ الْمَشْرِقَ وَالْمَغْرِبَ قَالَ سُخِّرَ لَهُ السَّحَابُ وَبُسِطَ لَهُ النُّورُ وَبَدَتْ لَهُ الْأَسْبَابُ .

     قَوْلُهُ  زُبَرَ الْحَدِيدِ وَاحِدُهَا زُبْرَةٌ وَهِيَ الْقِطَعُ هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَة أَيْضا قَالَ زبر الْحَدِيد أَيْ قِطَعَ الْحَدِيدِ وَاحِدُهَا زُبْرَةٌ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى إِذا سَاوَى بَين الصدفين يُقَال عَن بن عَبَّاس الجبلين وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاس فِي قَوْله بَين الصدفين قَالَ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ .

     قَوْلُهُ  بَين الصدفين أَيْ مَا بَيْنَ النَّاحِيَتَيْنِ مِنَ الْجَبَلَيْنِ .

     قَوْلُهُ  والسدين الجبلين روى بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَرْفُوعًا فِي قِصَّةِ ذِي الْقَرْنَيْنِ وَأَنَّهُ سَارَ حَتَّى بَلَغَ مَطْلَعَ الشَّمْسِ ثُمَّ أَتَى السَّدَّيْنِ وَهُمَا جَبَلَانِ لَيِّنَانِ يَزْلَقُ عَنْهُمَا كُلُّ شَيْءٍ فَبَنَى السَّدَّيْنِ وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ وَالسَّدَّيْنِ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ بِمَعْنًى قَالَهُ الْكِسَائِيُّ.

     وَقَالَ  أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ مَا كَانَ مِنْ صُنْعِ اللَّهِ فَبِالضَّمِّ وَمَا كَانَ مِنْ صُنْعِ الْآدَمِيِّ فَبِالْفَتْحِ وَقِيلَ بِالْفَتْحِ مَا رَأَيْتَهُ وَبِالضَّمِّ مَا تَوَارَى عَنْك قَوْله خرجا أجرا روى بن أبي حَاتِم من طَرِيق بن جريج عَن عَطاء عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ خَرْجًا قَالَ أَجْرًا عَظِيمًا .

     قَوْلُهُ  أَتَوْنِي أفرغ عَلَيْهِ قطرا أَصُبُّ عَلَيْهِ رَصَاصًا وَيُقَالُ الْحَدِيدُ وَيُقَالُ الصُّفْرُ.

     وَقَالَ  بن عَبَّاسٍ النُّحَاسُ أَمَّا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَحَكَاهُمَا أَبُو عُبَيْدَةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ أُفْرِغْ عَلَيْهِ قطرا أَيْ أَصُبُّ عَلَيْهِ حَدِيدًا ذَائِبًا وَجَعَلَهُ قَوْمٌ الرَّصَاصَ انْتَهَى وَالرَّصَاصُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَبِكَسْرِهَا أَيْضًا وَأما الثَّالِث فَرَوَاهُ بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ قَالَ أُفْرِغْ عَلَيْهِ قطرا قَالَ صفرا وَأما قَول بن عَبَّاس فوصله بن أَبِي حَاتِمٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى عِكْرِمَةَ عَنِ بن عَبَّاس قَالَ أفرغ عَلَيْهِ قطرا قَالَ النُّحَاسُ وَمِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ الْقِطْرُ النُّحَاسُ الْمُذَابُ وَبَنَاهُ لَهُمْ بِالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَمِنْ طَرِيقِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ شَرَّفَهُ بِزُبُرِ الْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ الْمُذَابِ وَجَعَلَ لَهُ عِرْقًا مِنْ نُحَاسٍ أَصْفَرَ فَصَارَ كَأَنَّهُ بُرْدٌ مُحَبَّرٌ مِنْ صُفْرَةِ النُّحَاسِ وَحُمْرَتِهِ وَسَوَادِ الْحَدِيدِ .

     قَوْلُهُ  فَمَا اسطاعوا أَن يظهروه يَعْلُوهُ هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ فَمَا اسطاعوا أَن يظهروه أَيْ أَنْ يَعْلُوهُ تَقُولُ ظَهَرْتُ فَوْقَ الْجَبَلِ أَيْ عَلَوْتُهُ .

     قَوْلُهُ  اسْطَاعَ اسْتَفْعَلَ مِنْ طُعْتُ لَهُ فَلِذَلِكَ فَتَحَ أَسْطَاعَ يَسْطِيعُ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمِ اسْتَطَاعَ يَسْتَطِيعُ يَعْنِي بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مِنْ أَسْطَاعَ وَضَمِّ الْيَاءِ مِنْ يَسْطِيعُ .

     قَوْلُهُ  جعله دكاء أَلْزَقَهُ بِالْأَرْضِ وَيُقَالُ نَاقَةٌ دَكَّاءُ لَا سَنَامَ لَهَا وَالدِّكْدَاكُ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلُهُ حَتَّى صَلُبَ وَتَلَبَّدَ قَالَ أَبُو عُبَيْدَة جعله دكاء أَيْ تَرَكَهُ مَدْكُوكًا أَيْ أَلْزَقَهُ بِالْأَرْضِ وَيُقَالُ نَاقَةٌ دَكَّاءَ أَيْ لَا سَنَامَ لَهَا مُسْتَوِيَةُ الظَّهْرِ وَالْعَرَبُ تَصِفُ الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِمَصْدَرِهِمَا فَمِنْ ذَلِكَ جَعَلَهُ دَكًّا أَيْ مَدْكُوكًا .

     قَوْلُهُ  وقَال قَتَادَةُ حَدَبٌ أَكَمَةٌ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي التَّفْسِيرِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كل حدب يَنْسلونَ قَالَ مِنْ كُلِّ أَكَمَةٍ وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ قَبِيلَتَانِ من ولد يافث بن نوح روى بن مَرْدُوَيْهِ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا يَأْجُوجُ أُمَّةٌ وَمَأْجُوجُ أُمَّةٌ كُلُّ أُمَّةٍ أَرْبَعُمِائَةِ أَلْفِ رَجُلٍ لَا يَمُوتُ أَحَدُهُمْ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى أَلْفِ رَجُلٍ مِنْ صُلْبِهِ كُلُّهُمْ قَدْ حَمَلَ السِّلَاحَ لَا يَمُرُّونَ عَلَى شَيْءٍ إِذَا خَرَجُوا إِلَّا أَكَلُوهُ وَيَأْكُلُونَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ أَشَارَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ إِلَى حِكَايَةِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ آدَمَ نَامَ فَاحْتَلَمَ فَاخْتَلَطَ مَنِيُّهُ بِتُرَابٍ فَتَوَلَّدَ مِنْهُ وَلَدٌ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ مِنْ نَسْلِهِ وَهُوَ قَوْلٌ مُنْكَرٌ جِدًّا لَا أَصْلَ لَهُ إِلَّا عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكتاب وَذكر بن هِشَامٍ فِي التِّيجَانِ أَنَّ أُمَّةً مِنْهُمْ آمَنُوا بِاللَّهِ فَتَرَكَهُمْ ذُو الْقَرْنَيْنِ لَمَّا بَنَى السَّدَّ بِأَرْمِينِيَّةَ فَسُمُّوا التُّرْكَ لِذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  وقَال رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتَ السَّدَّ مثل الْبرد المحبر قَالَ رَأَيْته وَصله بن أَبِي عُمَرَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ رَأَيْتَ سَدَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ قَالَ كَيْفَ رَأَيْتَهُ قَالَ مِثْلَ الْبُرْدِ الْمُحَبَّرِ طَرِيقَةٌ حَمْرَاءُ وَطَرِيقَةٌ سَوْدَاءُ قَالَ قد رَأَيْته وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ رَجُلَيْنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَزَادَ فِيهِ زِيَادَةً مُنْكَرَةً وَهِيَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي لَبِنَةً مِنْ ذَهَبٍ وَلَبِنَةً مِنْ فِضَّةٍ وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ يُوسُفَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ الْحَنَفِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ وَرَجُلٌ رَأَى السَّدَّ فَسَاقَهُ مُطَوَّلًا ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ مَوْصُولَةً أَحَدُهَا حَدِيثُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فِي ذِكْرِ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي آخِرِ كِتَابِ الْفِتَنِ ثَانِيهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ بِاخْتِصَارٍ وَيَأْتِي هُنَاكَ أَيْضًا ثَالِثُهَا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فِي بَعْثِ النَّارِ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي أَوَاخِرِ الرِّقَاقِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا ذِكْرُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَالْإِشَارَةُ إِلَى كَثْرَتِهِمْ وَأَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ نَحْوُ عُشْرِ عُشْرِ الْعُشْرِ وَأَنَّهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ خِلَافَ ذَلِك