فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قول الله تعالى: {تعرج الملائكة والروح إليه} [المعارج: 4]، وقوله جل ذكره: {إليه يصعد الكلم الطيب} [فاطر: 10] وقال أبو جمرة، عن ابن عباس، بلغ أبا ذر مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لأخيه: اعلم لي علم هذا الرجل، الذي يزعم أنه يأتيه الخبر من السماء وقال مجاهد: «العمل الصالح يرفع الكلم الطيب» يقال: {ذي المعارج} [المعارج: 3]: «الملائكة تعرج إلى الله»

( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالروح إِلَيْهِ وَقَوله تَعَالَى إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب)
وَقَالَ أَبُو جَمْرَة بِالْجِيم وَالرَّاء عَن بن عَبَّاسٍ بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُ الْكَلِمَ الطَّيِّبَ يُقَالُ ذِي الْمَعَارِجِ الْمَلَائِكَةُ تَعْرُجُ إِلَى اللَّهِ أَمَّا الْآيَةُ الْأُولَى فَأَشَارَ إِلَى مَا جَاءَ فِي تَفْسِيرِهَا فِي الْكَلَامِ الْأَخِيرِ وَهُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ وَالْمَعَارِجُ مِنْ نَعْتِ اللَّهِ تَعَالَى وَصَفَ بِذَلِكَ نَفْسَهُ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَعْرُجُ إِلَيْهِ وَحَكَى غَيْرُهُ أَنَّ مَعْنَى قَوْله ذِي المعارج أَيِ الْفَوَاضِلِ الْعَالِيَةِ.
وَأَمَّا الْآيَةُ الثَّانِيَةُ فَأَشَارَ إِلَى تَفْسِيرِ مُجَاهِدٍ لَهَا فِي الْأَثَرِ الَّذِي قَبْلَهُ وَقَدْ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ رِوَايَةِ بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِهَا الْكَلِمَ الطَّيِّبَ ذِكْرُ اللَّهِ وَالْعَمَل الصَّالِحُ أَدَاءُ فَرَائِضِ اللَّهِ فَمَنْ ذَكَرَ اللَّهَ وَلَمْ يُؤَدِّ فَرَائِضَهُ رَدَّ كَلَامَهُ.

     وَقَالَ  الْفَرَّاءُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ يَرْفَعُ الْكَلَامَ الطَّيِّبَ أَيْ يُتَقَبَّلُ الْكَلَامُ الطَّيِّبُ إِذَا كَانَ مَعَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ.
وَأَمَّا التَّعْلِيقُ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ فَمَضَى مَوْصُولًا فِي بَابِ إِسْلَامِ أَبِي ذَرٍّ وَسَاقَهُ هُنَاكَ بِطُولِهِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ قَوْلُ أَبِي ذَرٍّ لِأَخِيهِ.
اعْلَمْ لِي عِلْمَ هَذَا الَّذِي يَأْتِيهِ الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ ثَمَّةَ قَالَ الرَّاغِبُ الْعُرُوجُ ذَهَابٌ فِي صُعُودٍ.

     وَقَالَ  أَبُو عَلِيٍّ الْقَالِيُّ فِي كِتَابِهِ الْبَارِعِ الْمَعَارِجُ جَمْعُ مَعْرَجٍ بِفَتْحَتَيْنِ كَالْمَصَاعِدِ جَمْعُ مَصْعَدٍ وَالْعُرُوجُ الِارْتِقَاءُ يُقَالُ عَرَجَ بِفَتْحِ الرَّاءِ يَعْرُجُ بِضَمِّهَا عُرُوجًا وَمَعْرَجًا وَالْمِعْرَجُ الْمَصْعَدُ وَالطَّرِيقُ الَّتِي تَعْرُجُ فِيهَا الْمَلَائِكَةُ إِلَى السَّمَاءِ وَالْمِعْرَاجُ شَبِيهُ السُّلَّمِ أَوْ دَرَجٌ تَعْرُجُ فِيهِ الْأَرْوَاحُ إِذَا قُبِضَتْ وَحَيْثُ تصعد أَعمال بني آدم.

     وَقَالَ  بن دُرَيْد هُوَ الَّذِي يعاينه الْمَرِيضُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَيَشْخَصُ فِيمَا زَعَمَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ وَيُقَالُ إِنَّهُ بَالِغٌ فِي الْحُسْنِ بِحَيْثُ إِنَّ النَّفْسَ إِذَا رَأَتْهُ لَا تَتَمَالَكُ أَنْ تَخْرُجَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ صُعُودُ الْكَلَامِ الطَّيِّبِ وَالصَّدَقَةِ الطَّيِّبَةِ عِبَارَةٌ عَنِ الْقَبُولِ وَعُرُوجُ الْمَلَائِكَةِ هُوَ إِلَى مَنَازِلِهِمْ فِي السَّمَاءِ.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ مِنَ التَّعْبِيرِ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ إِلَى اللَّهِ فَهُوَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنِ السَّلَفِ فِي التَّفْوِيضِ وَعَنِ الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُمْ فِي التَّأْوِيلِ.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ غَرَضُ الْبُخَارِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ الرَّدُّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ الْمُجَسِّمَةِ فِي تَعَلُّقِهَا بِهَذِهِ الظَّوَاهِرِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِجِسْمٍ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى مَكَانٍ يَسْتَقِرُّ فِيهِ فَقَدْ كَانَ وَلَا مَكَانَ وَإِنَّمَا أَضَافَ الْمَعَارِجَ إِلَيْهِ إِضَافَةَ تَشْرِيفٍ وَمَعْنَى الِارْتِفَاعِ إِلَيْهِ اعْتِلَاؤُهُ مَعَ تَنْزِيهِهِ عَنِ الْمَكَانِ انْتَهَى وَخَلْطُهُ الْمُجَسِّمَةَ بِالْجَهْمِيَّةِ مِنْ أَعْجَبِ مَا يُسْمَعُ ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ لِبَعْضِهَا زِيَادَةٌ عَلَى الطَّرِيقِ الْوَاحِدَةِ الْحَدِيثُ الَأَوَّلُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَإِسْمَاعِيل شَيْخه هُوَ بن أَبِي أُوَيْسٍ وَالْمُرَادُ مِنْهُ



[ قــ :7032 ... غــ :7429] .

     قَوْلُهُ  فِيهِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِظَوَاهِرِ أَحَادِيثِ الْبَابِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْحَقَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي جِهَةِ الْعُلُوِّ وَقَدْ ذَكَرْتُ مَعْنَى الْعُلُوِّ فِي حَقِّهِ جَلَّ وَعَلَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ الْحَدِيثُ الثَّانِي





[ قــ :7033 ... غــ :7430] .

     قَوْلُهُ  وقَال خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ كَذَا لِلْجَمِيعِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْخَطَّابِيِّ فِي شَرْحِهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ هُوَ بن بِلَالٍ الْمَدَنِيُّ الْمَشْهُورُ وَقَدْ وَصَلَهُ أَبُو بَكْرٍ الْجَوْزَقِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الدَّغُولِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاذٍ السُّلَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ فَذَكَرَهُ مِثْلَ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ سَوَاءً وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَاذٍ وَبَيَّضَ لَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ ثُمَّ قَالَ رَوَاهُ فَقَالَ.

     وَقَالَ  خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ لَكِنْ خَالَفَ فِي شَيْخِ سُلَيْمَانَ فَقَالَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ كَمَا أَوْضَحْتُ ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ الزَّكَاةِ وَقَدْ ضَاقَ مَخْرَجُهُ عَنِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَأَبِي نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجَيْهِمَا فَأَخْرَجَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ لِلْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ وَدَلَّتِ الرِّوَايَةُ الْمُعَلَّقَةُ وَمُوَافَقَةُ الْجَوْزَقِيِّ لَهَا عَلَى أَنَّ لِخَالِدٍ فِيهِ شَيْخَيْنِ كَمَا أَنَّ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ فِيهِ شَيْخَيْنِ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ التَّعْلِيقُ الَّذِي بعده قَوْله.

     وَقَالَ  وَرْقَاء يَعْنِي بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ إِلَّا الطَّيِّبُ يُرِيدُ أَنَّ رِوَايَةَ وَرْقَاءَ مُوَافِقَةٌ لِرِوَايَةِ سُلَيْمَانَ إِلَّا فِي شَيْخِ شَيْخِهِمَا فَعِنْدَ سُلَيْمَانَ أَنَّهُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَعِنْدَ وَرْقَاءَ أَنَّهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ هَذَا فِي السَّنَدِ.
وَأَمَّا فِي الْمَتْنِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ إِلَّا فِي قَوْلِهِ الطَّيِّبَ فَإِنَّهُ فِي رِوَايَةِ وَرْقَاءَ طَيِّبٍ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَلَامٍ وَقَدْ وَصَلَهَا الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي النَّضْرِ هَاشِمِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ وَرْقَاءَ فَوَقَعَ عِنْدَهُ الطَّيِّبَ.

     وَقَالَ  فِي آخِرِهِ مِثْلَ أُحُدٍ عِوَضُ قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْمُعَلَّقَةِ مِثْلَ الْجَبَلِ وَقَولُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْمُعَلَّقَةِ يَتَقَبَّلُهَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يَقْبَلُهَا مُخَفَّفًا بِغَيْرِ مُثَنَّاةٍ وَهِيَ رِوَايَةُ الْبَيْهَقِيِّ وَقَولُهُ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهَا وَهِيَ رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ وَالْبَاقِي سَوَاءٌ وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي الزَّكَاةِ أَنِّي لَمْ أَقِفْ عَلَى رِوَايَةِ وَرْقَاءَ هَذِهِ الْمُعَلَّقَةِ ثُمَّ وَجَدْتُهَا بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ كِتَابَتِي هُنَا وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ الْمَتْنِ فِي كِتَابُ الزَّكَاةِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ ذِكْرُ الْيَمِينِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنَاهُ حُسْنُ الْقَبُولِ فَإِنَّ الْعَادَةَ قَدْ جَرَتْ مِنْ ذَوِي الْأَدَبِ بِأَنْ تُصَانَ الْيَمِينُ عَنْ مَسِّ الْأَشْيَاءِ الدَّنِيئَةِ وَإِنَّمَا تُبَاشَرُ بِهَا الْأَشْيَاءَ الَّتِي لَهَا قَدْرٌ وَمَزِيَّةٌ وَلَيْسَ فِيمَا يُضَافُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ صِفَةِ الْيَدَيْنِ شمال لِأَن الشمَال لمحل النَّقْص فِي الضعْف وَقَدْ رُوِيَ كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ وَلَيْسَ الْيَدُ عِنْدَنَا الْجَارِحَةُ إِنَّمَا هِيَ صِفَةٌ جَاءَ بِهَا التَّوْقِيفُ فَنَحْنُ نُطْلِقُهَا عَلَى مَا جَاءَتْ وَلَا نُكَيِّفُهَا وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ انْتَهَى وَقَدْ مَضَى بَعْضُ مَا يُتَعَقَّبُ بِهِ كَلَامُهُ فِي بَاب قَوْله لما خلقت بيَدي الحَدِيث الثَّالِث حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي دُعَاءِ الْكَرْبِ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ الْحَدِيثُ الرَّابِعُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ ذَكَرَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْ سُفْيَانَ وَهُوَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُوهُ هُوَ سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوق وبن أَبِي نُعْمٍ هُوَ بِضَمِّ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَالَّذِي وَقَعَ عِنْدَ قَبِيصَةَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ مِنَ الشَّكِّ هَلْ هُوَ أَبُو نعم أَو بن أَبِي نُعْمٍ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ قَبِيصَةُ وَإِنَّمَا أَوْرَدَ طَرِيقَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَقِبَ رِوَايَةِ قَبِيصَةَ مَعَ نُزُولِهَا وَعُلُوِّ رِوَايَةِ قَبِيصَةَ لِخُلُوِّ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنَ الشَّكِّ وَقَدْ مَضَى فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ بِالْجَزْمِ وَمَضَى شَرْحُ الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْفِتَنِ وَقَولُهُ





[ قــ :7035 ... غــ :743] بُعِثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذُهَيْبَةٍ كَذَا فِيهِ بُعِثَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَبَيَّنَهُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِقَوْلِهِ بَعَثَ عَلِيٌّ وَهُوَ بن أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ فِي الْيَمَنِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْيَمَنِ وَقَولُهُ فَقَسَّمَهَا بَيْنَ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي مُجَاشِعٍ بِجِيمٍ خَفِيفَةٍ وَشِينٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ وَبَيْنَ عُيَيْنَةَ بِمُهْمَلَةٍ وَنون مصغر بن بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ وَبَيْنَ عَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ الْعَامِرِيُّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلَابٍ وَبَيْنَ زَيْدِ الْخَيْلِ الطَّائِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ وَهَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ كَانُوا مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمْ رَئِيسُ قَوْمِهِ فَأَمَّا الْأَقْرَع فَهُوَ بن حَابِس بمهملتين وبموحدة بن عِقَالٍ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَقَافٍ خَفِيفَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَسَبُهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْحُجُرَاتِ وَلَهُ ذِكْرٌ فِي قَسْمِ الْغَنِيمَةِ يَوْمَ حُنَيْنٍ قَالَ الْمُبَرِّدُ كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ رَئِيسَ خِنْدَفَ وَكَانَ مَحَلُّهُ فِيهَا مَحَلَّ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ فِي قَيْسٍ.

     وَقَالَ  الْمَرْزُبَانِيُّ هُوَ أَوَّلُ مَنْ حَرَّمَ الْقِمَارَ وَقِيلَ كَانَ سَنُوطًا أَعْرَجَ مَعَ قَرَعِهِ وَعَوَرِهِ وَكَانَ يَحْكُمُ فِي الْمَوَاسِمِ وَهُوَ آخِرُ الْحُكَّامِ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَيُقَالُ إِنَّهُ كَانَ مِمَّنْ دَخَلَ مِنَ الْعَرَبِ فِي الْمَجُوسِيَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَشَهِدَ الْفُتُوحَ وَاسْتُشْهِدَ بِالْيَرْمُوكِ وَقِيلَ بَلْ عَاشَ إِلَى خِلَافَةِ عُثْمَانَ فَأُصِيبَ بِالْجَوْزَجَانِ.
وَأَمَّا عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ فَنُسِبَ إِلَى جَدِّ أَبِيهِ وَهُوَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ بْنِ عَمْرِو بْنِ لَوْذَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ فَزَارَةَ وَكَانَ رَئِيسَ قَيْسٍ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَكُنْيَتُهُ أَبُو مَالِكٍ وَقَدْ مَضَى لَهُ ذِكْرٌ فِي أَوَائِلِ الِاعْتِصَامِ وَسَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَحْمَقَ الْمُطَاعَ وَارْتَدَّ مَعَ طُلَيْحَةَ ثُمَّ عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأما عَلْقَمَة فَهُوَ بن عُلَاثَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْأَحْوَصِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَكَانَ رَئِيسَ بَنِي كِلَابٍ مَعَ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ وَكَانَا يَتَنَازَعَانِ الشَّرَفَ فِيهِمْ وَيَتَفَاخَرَانِ وَلَهُمَا فِي ذَلِكَ أَخْبَارٌ شَهِيرَةٌ وَقَدْ مَضَى فِي بَابِ بَعْثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْيَمَنِ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي بِلَفْظِ وَالرَّابِعُ إِمَّا قَالَ عَلْقَمَةَ بْنَ عُلَاثَةَ وَإِمَّا قَالَ عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ وَكَانَ عَلْقَمَةُ حَلِيمًا عَاقِلًا لَكِنْ كَانَ عَامِرٌ أَكْثَرَ مِنْهُ عَطَاءً وَارْتَدَّ عَلْقَمَةُ مَعَ مَنِ ارْتَدَّ ثُمَّ عَادَ وَمَاتَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بِحَوْرَانَ وَمَاتَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ عَلَى شِرْكِهِ فِي الْحَيَاةِ النَّبَوِيَّةِ.
وَأَمَّا زيد الْخَيل فَهُوَ بن مُهَلْهَلِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مِنْهَبِ بْنِ عَبْدِ بْنِ رُضَا بِضَمِّ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْمُعْجَمَةِ وَقِيلَ لَهُ زَيْدُ الْخَيْلِ لِعِنَايَتِهِ بِهَا وَيُقَالُ لَمْ يَكُنْ فِي الْعَرَبِ أَكْثَرُ خَيْلًا مِنْهُ وَكَانَ شَاعِرًا خَطِيبًا شُجَاعًا جَوَادًا وَسَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ الْخَيْرِ بِالرَّاءِ بَدَلَ اللَّامِ لِمَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْخَيْرِ وَقَدْ ظَهَرَ أَثَرُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُقَالُ بَلْ تُوُفِّيَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ قَالَ بن دُرَيْدٍ كَانَ مِنَ الْخَطَّاطِينَ يَعْنِي مِنْ طُولِهِ وَكَانَ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي أَسَدٍ فَلَمْ يَرْتَدَّ مَعَ مَنِ ارْتَدَّ .

     قَوْلُهُ  فَتَغَيَّظَتْ قُرَيْشٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ مِنَ الْغَيْظِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنِ الْحَمَوِيِّ فَتَغَضَّبَتْ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ بِغَيْرِ أَلِفٍ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ مِنَ الْغَضَبِ وَكَذَا لِلنَّسَفِيِّ وَقَدْ مَضَى فِي قِصَّةِ عَادٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سُفْيَانَ بِلَفْظِ فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ وَالْأَنْصَارُ .

     قَوْلُهُ  إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْمَغَازِي أَلَا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَبِهَذَا تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ هَذَا الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ لَكِنَّهُ جَرَى عَلَى عَادَتِهِ فِي إِدْخَالِ الْحَدِيثِ فِي الْبَابِ لِلَفْظَةِ تَكُونُ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ هِيَ الْمُنَاسِبَةُ لِذَلِكَ الْبَابِ يُشِيرُ إِلَيْهَا وَيُرِيدُ بِذَلِكَ شَحْذَ الْأَذْهَانِ وَالْبَعْثَ عَلَى كَثْرَةِ الِاسْتِحْضَارِ وَقَدْ حَكَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الضُّبَعِيِّ قَالَ الْعَرَبُ تَضَعُ فِي مَوْضِعَ عَلَى كَقَوْلِهِ فَسِيحُوا فِي الأَرْض وَقَوله ولأصلبنكم فِي جُذُوع النّخل فَكَذَلِك قَوْله من فِي السَّمَاء أَيْ عَلَى الْعَرْشِ فَوْقَ السَّمَاءِ كَمَا صَحَّتِ الْأَخْبَارُ بِذَلِكَ الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى





[ قــ :7036 ... غــ :7433] وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ قَالَ بن الْمُنِيرِ جَمِيعُ الْأَحَادِيثِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ مُطَابِقَةٌ لَهَا الا حَدِيث بن عَبَّاسٍ فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا .

     قَوْلُهُ  رَبُّ الْعَرْشِ وَمُطَابَقَتُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ نَبَّهَ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ أَثْبَتَ الْجِهَةَ أَخْذًا من قَوْله ذِي المعارج فَفُهِمَ أَنَّ الْعُلُوَّ الْفَوْقِيَّ مُضَافٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَبَيَّنَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْجِهَةَ الَّتِي يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا سَمَاءٌ وَالْجِهَةُ الَّتِي يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا عَرْشٌ كُلٌّ مِنْهُمَا مَخْلُوقٌ مَرْبُوبٌ مُحْدَثٌ وَقَدْ كَانَ اللَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَغَيْرِهِ فَحَدَثَتْ هَذِهِ الْأَمْكِنَةُ وَقِدَمُهُ يُحِيلُ وَصْفَهُ بِالتَّحَيُّزِ فِيهَا وَالله أعلم