فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب وجوب الزكاة

( قَـوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ الزَّكَاةِ)
الْبَسْمَلَةُ ثَابِتَةٌ فِي الْأَصْلِ وَلِأَكْثَرِ الرُّوَاةِ بَابُ بَدَلَ كِتَابُ وَسَقَطَ ذَلِكَ لِأَبِي ذَرٍّ فَلَمْ يَقُلْ بَابٌ وَلَا كِتَابٌ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كِتَابُ الزَّكَاةِ بَابُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَالزَّكَاةُ فِي اللُّغَةِ النَّمَاءُ يُقَالُ زَكَا الزَّرْعُ إِذَا نَمَا وَتَرِدُ أَيْضًا فِي الْمَالِ وَتَرِدُ أَيْضًا بِمَعْنَى التَّطْهِيرِ وَشَرْعًا بِالِاعْتِبَارَيْنِ مَعًا أَمَّا بِالْأَوَّلِ فَلِأَنَّ إِخْرَاجَهَا سَبَبٌ لِلنَّمَاءِ فِي الْمَالِ أَوْ بِمَعْنَى أَنَّ الْأَجْرَ بِسَبَبِهَا يَكْثُرُ أَوْ بِمَعْنَى أَنَّ مُتَعَلِّقَهَا الْأَمْوَالُ ذَاتُ النَّمَاءِ كَالتِّجَارَةِ وَالزِّرَاعَةِ وَدَلِيلُ الْأَوَّلِ مَا نَقَصَ مَالٌ مِنْ صَدَقَةٍ وَلِأَنَّهَا يُضَاعَفُ ثَوَابُهَا كَمَا جَاءَ إِنَّ اللَّهَ يُرَبِّي الصَّدَقَةَ.
وَأَمَّا بِالثَّانِي فَلِأَنَّهَا طُهْرَةٌ لِلنَّفْسِ مِنْ رَذِيلَةِ الْبُخْلِ وَتَطْهِيرٌ مِنَ الذُّنُوبِ وَهِيَ الرُّكْنُ الثَّالِثِ مِنَ الْأَرْكَانِ الَّتِي بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَيْهَا كَمَا تقدم فِي كتاب الْإِيمَان.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيِّ تُطْلَقُ الزَّكَاةُ عَلَى الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ وَالْمَنْدُوبَةِ وَالنَّفَقَةِ وَالْحَقِّ وَالْعَفْوِ وَتَعْرِيفُهَا فِي الشَّرْعِ إِعْطَاءُ جُزْءٍ مِنَ النِّصَابِ الْحَوْلِيِّ إِلَى فَقِيرٍ وَنَحْوِهِ غَيْرِ هَاشِمِيٍّ وَلَا مُطَّلِبِيٍّ ثُمَّ لَهَا رُكْنٌ وَهُوَ الْإِخْلَاصُ وَشَرْطٌ هُوَ السَّبَبُ وَهُوَ مِلْكُ النِّصَابِ الْحَوْلِيِّ وَشَرْطُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ وَلَهَا حُكْمٌ وَهُوَ سُقُوطُ الْوَاجِبِ فِي الدُّنْيَا وَحُصُولِ الثَّوَابِ فِي الْأُخْرَى وَحِكْمَةُ وَهِيَ التَّطْهِيرُ مِنَ الْأَدْنَاسِ وَرَفْعِ الدَّرَجَةِ وَاسْتِرْقَاقُ الْأَحْرَارِ انْتَهَى وَهُوَ جَيِّدٌ لَكِنْ فِي شَرْطِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ اخْتِلَافٌ وَالزَّكَاةُ أَمْرٌ مَقْطُوعٌ بِهِ فِي الشَّرْعِ يُسْتَغْنَى عَنْ تَكَلُّفِ الِاحْتِجَاج لَهُ وَإِنَّمَا وَقع الِاخْتِلَاف فِي بعض فُرُوعِهِ.
وَأَمَّا أَصْلُ فَرْضِيَّةِ الزَّكَاةِ فَمَنْ جَحَدَهَا كَفَرَ وَإِنَّمَا تَرْجَمَ الْمُصَنِّفُ بِذَلِكَ عَلَى عَادَتِهِ فِي إِيرَادِ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا وَالْمُخْتَلَفُ فِيهَا .

     قَوْلُهُ  وَقَوْلُ اللَّهِ هُوَ بِالرَّفْعِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ هُوَ دَلِيلٌ عَلَى مَا قُلْنَاهُ مِنَ الْوُجُوبِ ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ سِتَّةَ أَحَادِيثَ أَوَّلُهَا حَدِيثُ أبي سُفْيَان هُوَ بن حَرْبٍ الطَّوِيلُ فِي قِصَّةِ هِرَقْلَ أَوْرَدَهُ هُنَا مُعَلَّقًا وَاقْتَصَرَ مِنْهُ عَلَى قَوْلِهِ يَأْمُرُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالْعَفَافِ وَدَلَالَتُهُ عَلَى الْوُجُوبِ ظَاهِرَةٌ ثَانِيهَا حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي بَعْثِ مُعَاذٍ إِلَى الْيَمَنِ وَدَلَالَتُهُ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ أَوْضَحُ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ ثَالِثُهَا حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ فِي سُؤَالِ الرَّجُلِ عَنِ الْعَمَلِ الَّذِي يَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ وَأُجِيبُ بِأَنْ تُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصِلَ الرَّحِمَ وَفِي دَلَالَتِهِ عَلَى الْوُجُوبِ غُمُوضٌ وَقَدْ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا أَنَّ سُؤَالَهُ عَنِ الْعَمَلِ الَّذِي يُدْخِلُ الْجَنَّةَ يَقْتَضِي أَنْ لَا يُجَابَ بِالنَّوَافِلِ قَبْلَ الْفَرَائِضِ فَتُحْمَلَ عَلَى الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ ثَانِي الْأَجْوِبَةِ أَنَّ الزَّكَاةَ قَرِينَةُ الصَّلَاةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ وَقَدْ قَرَنَ بَيْنَهُمَا فِي الذَّكَرِ هُنَا ثَالِثُهَا أَنَّهُ وَقَفَ دُخُولَ الْجَنَّةِ عَلَى أَعْمَالٍ مَنْ جَمْلَتِهَا أَدَاءُ الزَّكَاةِ فَيَلْزَمُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ يَدْخُلْ وَمَنْ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ دَخَلَ النَّارَ وَذَلِكَ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ رَابِعُهَا أَنه أَشَارَ إِلَى أَن الْقِصَّةِ الَّتِي فِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ وَالْقِصَّةُ الَّتِي فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي يُعْقِبُهُ وَاحِدَةً فَأَرَادَ أَنْ يُفَسِّرَ الْأَوَّلَ بِالثَّانِي لِقَوْلِهِ فِيهِ وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ وَهَذَا أَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ وَقَدْ أَكْثَرَ الْمُصَنِّفُ مِنِ اسْتِعْمَالِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ رَابِعُ الْأَحَادِيثِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ خَامِسهَا حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْضًا سَادِسُهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ فِي قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَاحْتِجَاجِهِ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ عِصْمَةَ النَّفْسِ وَالْمَالِ تَتَوَقَّفُ عَلَى أَدَاءِ الْحَقِّ وَحَقُّ الْمَالِ الزَّكَاةُ فَأُمًّا حَدِيثُ أَبِي سُفْيَانَ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي بَدْءِ الْوَحْيِ وَأما حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي بَعْثِ مُعَاذٍ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الزَّكَاةِ قَبْلَ أَبْوَابِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ بِسِتَّةِ أَبْوَابٍ وَقَولُهُ فِي أَوَّلِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ ادْعُهُمْ هَكَذَا أَوْرَدَهُ فِي التَّوْحِيد مُخْتَصرا فِي أَوله وَاخْتصرَ أَيْضا فِي آخِرِهِ وَأَوْرَدَهُ فِي التَّوْحِيدِ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ مثله لكنه قارنه بِرِوَايَةِ غَيْرِهِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ وَلَفْظُهُ فِي أَوَّلِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ قَالَ إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ فَادْعُهُمْ وَفِي آخِرِهِ بَعْدَ



[ قــ :1342 ... غــ :1395] قَوْلِهِ فُقَرَائِهِمْ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ فِي ذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَإِيَّاكَ وَدَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ حِجَابٌ وَكَذَا قَالَ فِي الْمَوَاضِعِ كُلِّهَا فَإِنْ أَطَاعُوا لَكَ فِي ذَلِكَ وَالَّذِي عِنْدَ الْبُخَارِيِّ هُنَا فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ وَسَتَأْتِي هَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَعَ شَرْحِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ فَ.

     قَوْلُهُ  فِيهِ عَن بن عُثْمَانَ الْإِبْهَامُ فِيهِ مِنَ الرَّاوِي عَنْ شُعْبَةَ وَذَلِكَ أَنَّ اسْمَ هَذَا الرَّجُلِ عَمْرٌو وَكَانَ شُعْبَةُ يُسَمِّيهِ مُحَمَّدًا وَكَانَ الْحُذَّاقُ مِنْ أَصْحَابِهِ يهمونه كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ حَفْصِ بْنِ عَمْرٍو كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَدَبِ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ عَنْ شُعْبَةَ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ مُحَمَّدٌ كَمَا قَالَ شُعْبَةُ وَبَيَانُ ذَلِكَ فِي طَرِيقِ بَهْزٍ الَّتِي عَلَّقَهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا وَوَصَلَهُ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ الْآتِي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ بَهْزِ بْنِ أَسَدٍ وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ بَهْزٍ





[ قــ :1343 ... غــ :1396] .

     قَوْلُهُ  عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ هُوَ الْأَنْصَارِيُّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ الْآتِي ذِكْرُهَا حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ طَلْحَةَ حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ .

     قَوْلُهُ  أَن رجلا هَذَا الرجل حكى بن قُتَيْبَةَ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ لَهُ أَنَّهُ أَبُو أَيُّوبَ الرَّاوِي وَغَلَّطَهُ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ وَفِي التَّغْلِيطِ نَظَرٌ إِذْ لَا مَانِعَ أَنْ يُبْهِمَ الرَّاوِي نَفْسَهُ لِغَرَضٍ لَهُ وَلَا يُقَالُ يُبْعِدُ لِوَصْفِهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ بِكَوْنِهِ أَعْرَابِيًّا لِأَنَّا نَقُولُ لَا مَانِعَ مِنْ تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ فَيَكُونُ السَّائِلُ فِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ هُوَ نَفْسُهُ لِقَوْلِهِ إِنَّ رَجُلًا وَالسَّائِلُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَعْرَابِيٌّ آخَرُ قَدْ سُمِّيَ فِيمَا رَوَاهُ الْبَغَوِيُّ وبن السَّكَنِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وأَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ فِي السُّنَنِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ وَغَيْرِهِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَشْكُرِيِّ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ انْطَلَقْتُ إِلَى الْكُوفَةِ فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَجُلٌ مِنْ قَيْسٍ يُقَالُ لَهُ بن الْمُنْتَفِقِ وَهُوَ يَقُولُ وُصِفَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَلَبْتُهُ فَلَقِيتُهُ بِعَرَفَاتٍ فَزَاحَمْتُ عَلَيْهِ فَقِيلَ لِي إِلَيْكَ عَنْهُ فَقَالَ دَعُوا الرَّجُلَ أَرَبٌ مَا لَهُ قَالَ فَزَاحَمْتُ عَلَيْهِ حَتَّى خَلَصْتُ إِلَيْهِ فَأَخَذْتُ بِخِطَامِ رَاحِلَتِهِ فَمَا غَيَّرَ عَلَيَّ قَالَ شَيْئَيْنِ أَسْأَلُكَ عَنْهُمَا مَا يُنْجِينِي مِنَ النَّارِ وَمَا يُدْخِلنِي الْجَنَّةَ قَالَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ بِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ فَقَالَ لَئِنْ كُنْتَ أَوْجَزْتَ الْمَسْأَلَةَ لَقَدْ أَعْظَمْتَ وَطَوَّلْتَ فَاعْقِلْ عَلَيَّ اعْبُدِ اللَّهَ لَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا وَأَقِمِ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ وَأَدِّ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ وَصُمْ رَمَضَانَ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَشْكُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ غَدَوْتُ فَإِذَا رَجُلٌ يُحَدِّثُهُمْ قَالَ.

     وَقَالَ  جَرِيرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلَ أَعْرَابِيٌّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ذَكَرَ الِاخْتِلَافَ فِيهِ عَنِ الْأَعْمَشِ وَأَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ فِيهِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سَعْدِ بْنِ الْأَخْرَمِ عَنْ أَبِيهِ وَالصَّوَابُ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَشْكُرِيُّ وَزَعَمَ الصَّيْرَفِيُّ أَنَّ اسْم بن الْمُنْتَفِقِ هَذَا لَقِيطُ بْنُ صَبِرَةَ وَافِدُ بَنِي الْمُنْتَفِقِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ السَّائِلَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هُوَ السَّائِلُ فِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ لِأَنَّ سِيَاقَهُ شَبِيهٌ بِالْقِصَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا أَبُو هُرَيْرَةَ لَكِنْ قَوْلَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَرَبٌ مَا لَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي أَيُّوبَ دُونَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَا حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بِلَفْظِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا عَرَضَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي سَفَرٍ فَأَخَذَ بِخِطَامِ نَاقَتِهِ ثُمَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي فَذَكَرَهُ وَهَذَا شَبيه بِقصَّة سُؤال بن الْمُنْتَفِقِ وَأَيْضًا فَأَبُو أَيُّوبَ لَا يَقُولُ عَنْ نَفْسِهِ إِنَّ أَعْرَابِيًّا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ وَقَعَ نَحْوُ هَذَا السُّؤَالِ لِصَخْرِ بْنِ الْقَعْقَاعِ الْبَاهِلِيِّ فَفِي حَدِيثِ الطَّبَرَانِيِّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ قَزَعَةَ بْنِ سُوَيْدٍ الْبَاهِلِيِّ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنِي خَالِي وَاسْمُهُ صَخْرُ بْنُ الْقَعْقَاعِ قَالَ لَقِيتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ فَأَخَذْتُ بِخِطَامِ نَاقَتِهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُقَرِّبُنِي مِنَ الْجَنَّةِ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ .

     قَوْلُهُ  قَالَ مَا لَهُ مَا لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَبٌ مَا لَهُ كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَمْ يَذْكُرْ فَاعِلَ قَالَ مَا لَهُ مَا لَهُ وَفِي رِوَايَةِ بَهْزٍ الْمُعَلَّقَةِ هُنَا الْمَوْصُولَةِ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ قَالَ الْقَوْمُ مَا لَهُ مَا لَهُ قَالَ بن بَطَّالٍ هُوَ اسْتِفْهَامٌ وَالتَّكْرَارُ لِلتَّأْكِيدِ وَقَولُهُ أَرَبٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ مُنَوَّنًا أَيْ حَاجَةٌ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ اسْتَفْهَمَ أَوَّلًا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ فَقَالَ لَهُ أَرَبٌ انْتَهَى وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ فَاعِلَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا بَيَّنَّاهُ بَلِ الْمُسْتَفْهِمُ الصَّحَابَةُ وَالْمُجِيبُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا زَائِدَةٌ كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ حَاجَة مَا.

     وَقَالَ  بن الْجَوْزِيِّ الْمَعْنَى لَهُ حَاجَةٌ مُهِمَّةٌ مُفِيدَةٌ جَاءَتْ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ بِالسُّؤَالِ أَنَّ لَهُ حَاجَةً وَرُوِيَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ بِلَفْظِ الْفِعْلِ الْمَاضِي وَظَاهِرُهُ الدُّعَاءُ وَالْمَعْنَى التَّعَجُّبُ مِنَ السَّائِلِ.

     وَقَالَ  النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ يُقَالُ أَرِبَ الرَّجُلُ فِي الْأَمْرِ إِذَا بَلَغَ فِيهِ جَهْدَهُ.

     وَقَالَ  الْأَصْمَعِيُّ أَرِبَ فِي الشَّيْءِ صَارَ مَاهِرًا فِيهِ فَهُوَ أَرِيبٌ وَكَأَنَّهُ تَعَجَّبَ مِنْ حُسْنِ فِطْنَتِهِ وَالتَّهَدِّي إِلَى مَوْضِعِ حَاجَتِهِ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ الْمُشَارِ إِلَيْهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ وُفِّقَ أَو لقد هدي.

     وَقَالَ  بن قُتَيْبَةَ .

     قَوْلُهُ  أَرِبَ مِنَ الْآرَابِ وَهِيَ الْأَعْضَاءُ أَيْ سَقَطَتْ أَعْضَاؤُهُ وَأُصِيبَ بِهَا كَمَا يُقَالُ تَرِبَتْ يَمِينُكَ وَهُوَ مِمَّا جَاءَ بِصِيغَةِ الدُّعَاءِ وَلَا يُرَادُ حَقِيقَتُهُ وَقِيلَ لَمَّا رَأَى الرَّجُلَ يُزَاحِمُهُ دَعَا عَلَيْهِ لَكِنْ دُعَاؤُهُ عَلَى الْمُؤْمِنِ طُهْرٌ لَهُ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ وَرُوِيَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَالتَّنْوِينِ أَيْ هُوَ أَرِبٌ أَيْ حَاذِقٌ فَطِنٌ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى صِحَّةِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَجَزَمَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَحْفُوظَةً وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ رِوَايَةٍ لِأَبِي ذَرٍّ أَرَبَ بِفَتْحِ الْجَمِيعِ.

     وَقَالَ  لَا وَجْهَ لَهُ.

قُلْتُ وَقَعَتْ فِي الْأَدَبِ مِنْ طَرِيقِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَحْدَهُ وَقَولُهُ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ بِضَمِّ اللَّامِ وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ جَرِّ صِفَةٍ لِقَوْلِهِ بِعَمَلٍ وَيَجُوزُ الْجَزْمُ جَوَابًا لِلْأَمْرِ وَرَدَّهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمَصَابِيحِ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِعَمَلٍ يَصِيرُ غَيْرَ مَوْصُوفٍ مَعَ أَنَّهُ نَكِرَةٌ فَلَا يُفِيدُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَوْصُوفٌ تَقْدِيرًا لِأَنَّ التَّنْكِيرَ لِلتَّعْظِيمِ فَأَفَادَ وَلِأَنَّ جَزَاءَ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ إِنْ عَمِلْتُهُ يُدْخِلُنُي .

     قَوْلُهُ  وَتَصِلِ الرَّحِمَ أَيْ تُوَاسِي ذَوِي الْقَرَابَةِ فِي الْخَيْرَاتِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنْ تُحْسِنَ إِلَى أَقَارِبِكَ ذَوِي رَحِمِكَ بِمَا تَيَسَّرَ عَلَى حَسَبِ حَالِكَ وَحَالِهِمْ مِنْ إِنْفَاقٍ أَوْ سَلَامٍ أَوْ زِيَارَةٍ أَوْ طَاعَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَخَصَّ هَذِهِ الْخَصْلَةَ مِنْ بَيْنِ خِلَالِ الْخَيْرِ نَظَرًا إِلَى حَالِ السَّائِلِ كَأَنَّهُ كَانَ لَا يَصِلُ رَحِمَهُ فَأَمَرَهُ بِهِ لِأَنَّهُ الْمُهِمُّ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَخْصِيصُ بَعْضِ الْأَعْمَالِ بِالْحَضِّ عَلَيْهَا بِحَسَبِ حَالِ الْمُخَاطَبِ وَافْتِقَارِهِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِمَّا سِوَاهَا إِمَّا لِمَشَقَّتِهَا عَلَيْهِ وَإِمَّا لِتَسْهِيلِهِ فِي أَمْرِهَا .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْمُصَنِّفُ .

     قَوْلُهُ  أَخْشَى أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ غَيْرَ مَحْفُوظٍ إِنَّمَا هُوَ عَمْرٌو وَجَزَمَ فِي التَّارِيخِ بِذَلِكَ وَكَذَا قَالَ مُسْلِمٌ فِي شُيُوخِ شُعْبَةَ وَالدَّارَقُطْنِيِّ فِي الْعِلَلِ وَآخَرُونَ الْمَحْفُوظُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ وَهَمٌ مِنْ شُعْبَةَ وَأَنَّ الصَّوَابَ عَمْرٌو وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كَوْنِ الْأَعْرَابِيِّ السَّائِلِ فِيهِ هَلْ هُوَ السَّائِلُ فِي حَدِيث أبي أَيُّوب أَولا وَالْأَعْرَابِيُّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مَنْ سَكَنَ الْبَادِيَةَ كَمَا تَقَدَّمَ





[ قــ :1344 ... غــ :1397] .

     قَوْلُهُ  عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ وَقَعَ عِنْدَ الْأَصِيلِيِّ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيِّ هُنَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حَيَّانَ أَوْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي حَيَّانَ وَهُوَ خَطَأٌ إِنَّمَا هُوَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ كَمَا لِغَيْرِهِ مِنَ الرُّوَاةِ .

     قَوْلُهُ  وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ قِيلَ فَرَّقَ بَيْنَ الْقَيْدَيْنِ كَرَاهِيَةً لِتَكْرِيرِ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ وَقِيلَ عَبَّرَ فِي الزَّكَاةِ بِالْمَفْرُوضَةِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ فَإِنَّهَا زَكَاةٌ لُغَوِيَّةٌ وَقِيلَ احْتَرَزَ مِنَ الزَّكَاةِ الْمُعَجَّلَةِ قَبْلَ الْحَوْلِ فَإِنَّهَا زَكَاةٌ وَلَيْسَتْ مَفْرُوضَةً .

     قَوْلُهُ  فِيهِ وَتَصُومُ رَمَضَانَ لَمْ يَذْكُرِ الْحَجَّ لِأَنَّهُ كَانَ حِينَئِذٍ حَاجًّا وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ لَهُ فَاخْتَصَرَهُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا زَادَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَفَّانَ بِهَذَا السَّنَدِ شَيْئًا أَبَدًا وَلَا أُنْقِصُ مِنْهُ وَبَاقِي الْحَدِيثِ مِثْلُهُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا إِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ فَأَخْبَرَ بِهِ أَوْ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ إِنْ دَامَ عَلَى فِعْلِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا إِنْ تَمَسَّكَ بِمَا أُمِرَ بِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَكَذَا حَدِيثُ طَلْحَةَ فِي قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ وَغَيْرِهِمَا دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ تَرْكِ التَّطَوُّعَاتِ لَكِنْ مَنْ دَاوَمَ عَلَى تَرْكِ السُّنَنِ كَانَ نَقْصًا فِي دِينِهِ فَإِنْ كَانَ تَرْكُهَا تَهَاوُنًا بِهَا وَرَغْبَةً عَنْهَا كَانَ ذَلِكَ فِسْقًا يَعْنِي لِوُرُودِ الْوَعِيدِ عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي وَقَدْ كَانَ صَدْرُ الصَّحَابَةِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ يُوَاظِبُونَ عَلَى السُّنَنِ مُوَاظَبَتَهُمْ عَلَى الْفَرَائِضِ وَلَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا فِي اغْتِنَامِ ثَوَابِهِمَا وَإِنَّمَا احْتَاجَ الْفُقَهَاءُ إِلَى التَّفْرِقَةِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ وَتَرْكِهَا وَوُجُوبِ الْعِقَابِ عَلَى التَّرْكِ وَنَفْيِهِ وَلَعَلَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الْقِصَصِ كَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ فَاكْتَفَى مِنْهُمْ بِفِعْلِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ فِي تِلْكَ الْحَالِ لِئَلَّا يَثْقُلَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَيَمَلُّوا حَتَّى إِذَا انْشَرَحَتْ صُدُورُهُمْ لِلْفَهْمِ عَنْهُ وَالْحِرْصِ عَلَى تَحْصِيلِ ثَوَابِ الْمَنْدُوبَاتِ سَهُلَتْ عَلَيْهِمُ انْتَهَى وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا فِي شَرْحِ حَدِيثِ طَلْحَةَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى هُوَ الْقَطَّانُ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي حَيَّانَ هُوَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي قَبْلَهُ وَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ تَصْرِيحَ أَبِي حَيَّانَ بِسَمَاعِهِ لَهُ مِنْ أَبِي زُرْعَةَ وَبَطَلَ التَّرَدُّدُ الَّذِي وَقَعَ عِنْدَ الْجُرْجَانِيِّ لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ يَحْيَى الْقَطَّانُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ أَبَا هُرَيْرَةَ كَمَا هُوَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَغَيْرِهَا مِنَ الرِّوَايَاتِ الْمُعْتَمَدَةِ وَثَبَتَ ذِكْرُهُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَهُوَ خَطَأٌ فَقَدْ ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي التَّتَبُّعِ أَنَّ رِوَايَةَ الْقَطَّانِ مُرْسَلَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الْمُقدمَة وَأما حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْإِيمَان وحجاج شيخ البُخَارِيّ هُنَا هُوَ بن مِنْهَالٍ





[ قــ :1345 ... غــ :1398] .

     قَوْلُهُ  وقَال سُلَيْمَانُ وَأَبُو النُّعْمَانِ عَنْ حَمَّاد يَعْنِي بن زَيْدٍ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ فِي طَرِيقِ حَجَّاجٍ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَيْ وَافَقَا حَجَّاجًا عَلَى سِيَاقِهِ إِلَّا فِي إِثْبَاتِ الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ وَشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَحَذَفَاهَا وَهُوَ أَصْوَبُ فَأَمَّا سُلَيْمَان فَهُوَ بن حَرْبٍ وَقَدْ وَصَلَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَهُ هَذَا عَنْهُ فِي الْمَغَازِي.
وَأَمَّا أَبُو النُّعْمَانِ فَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَقَدْ وَصَلَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَهُ هَذَا عَنْهُ فِي الْخَمْسِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ فِي قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ حَدِيث بن عُمَرَ فِي بَابِ قَوْلِهِ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاة وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ مَا يَخْتَصُّ بِهِ فِي كِتَابِ أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّينَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ و.

     قَوْلُهُ  فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ





[ قــ :1346 ... غــ :1399] لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ كَانَ تَامَّةٌ بِمَعْنَى حَصَلَ وَالْمُرَادُ بِهِ قَامَ مَقَامَهُ تَكْمِيلٌ اخْتُلِفَ فِي أَوَّلِ وَقْتِ فَرْضِ الزَّكَاةِ فَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إِلَى أَنَّهُ وَقَعَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ فَقِيلَ كَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ فَرْضِ رَمَضَانَ أَشَارَ إِلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي بَاب السّير من الرَّوْضَة وَجزم بن الْأَثِيرِ فِي التَّارِيخِ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي التَّاسِعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ وَفِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ ذِكْرُ الزَّكَاةِ وَكَذَا مُخَاطَبَةُ أَبِي سُفْيَانَ مَعَ هِرَقْلَ وَكَانَتْ فِي أَوَّلِ السَّابِعَةِ.

     وَقَالَ  فِيهَا يَأْمُرُنَا بِالزَّكَاةِ لَكِنْ يُمْكِنُ تَأْوِيلَ كُلِّ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْكَلَامِ وَقَوَّى بَعْضُهُمْ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بن الْأَثِيرِ بِمَا وَقَعَ فِي قِصَّةِ ثَعْلَبَةَ بْنِ حَاطِبٍ الْمُطَوَّلَةِ فَفِيهَا لَمَّا أُنْزِلَتْ آيَةُ الصَّدَقَةِ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِلًا فَقَالَ مَا هَذِهِ إِلَّا جِزْيَةٌ أَوْ أُخْتُ الْجِزْيَةِ وَالْجِزْيَةُ إِنَّمَا وَجَبَتْ فِي التَّاسِعَةِ فَتَكُونُ الزَّكَاةُ فِي التَّاسِعَةِ لَكِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لَا يحْتَج بِهِ وَادّعى بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ أَنَّ فَرْضَهَا كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَاحْتَجَّ بِمَا أَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ فِي قِصَّةِ هِجْرَتِهِمْ إِلَى الْحَبَشَةِ وَفِيهَا أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ لِلنَّجَاشِيِّ فِي جُمْلَةِ مَا أَخْبَرَهُ بِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ انْتَهَى وَفِي اسْتِدْلَالُهُ بِذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ لَمْ تَكُنْ فُرِضَتْ بَعْدُ وَلَا صِيَامَ رَمَضَانَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مُرَاجَعَةُ جَعْفَرٍ لَمْ تَكُنْ فِي أَوَّلِ مَا قَدِمَ عَلَى النَّجَاشِيِّ وَإِنَّمَا أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ بَعْدَ مُدَّةٍ قَدْ وَقَعَ فِيهَا مَا ذُكِرَ مِنْ قِصَّةِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَبَلَغَ ذَلِكَ جَعْفَرًا فَقَالَ يَأْمُرُنَا بِمَعْنَى يَأْمُرُ بِهِ أُمَّتَهُ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا وَأَوْلَى مَا حُمِلَ عَلَيْهِ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ هَذَا إِنْ سَلِمَ مِنْ قَدْحٍ فِي إِسْنَادِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ يَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَلَا بِالصِّيَامِ صِيَامَ رَمَضَانَ وَلَا بِالزَّكَاةِ هَذِهِ الزَّكَاةَ الْمَخْصُوصَةَ ذَاتَ النِّصَابِ وَالْحَوْلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الزَّكَاةِ كَانَ قَبْلَ التَّاسِعَةِ حَدِيثُ أَنَسٍ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْعِلْمِ فِي قِصَّةِ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ وَقَولُهُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا فَتَقْسِمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا وَكَانَ قُدُومُ ضِمَامٍ سَنَةَ خَمْسٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنَّمَا الَّذِي وَقَعَ فِي التَّاسِعَةِ بَعْثُ الْعُمَّالِ لِأَخْذِ الصَّدَقَاتِ وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي تَقَدُّمَ فَرِيضَةِ الزَّكَاةِ قَبْلَ ذَلِكَ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الزَّكَاةِ وَقَعَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى أَنَّ صِيَامَ رَمَضَانَ إِنَّمَا فُرِضَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ لِأَنَّ الْآيَةَ الدَّالَّةَ عَلَى فَرْضِيَّتِهِ مَدَنِيَّة بِلَا خلاف وَثَبت عِنْد أَحْمد وبن خُزَيْمَة أَيْضا وَالنَّسَائِيّ وبن مَاجَهْ وَالْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الزَّكَاةُ ثُمَّ نَزَلَتْ فَرِيضَةُ الزَّكَاةِ فَلَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا وَنَحْنُ نَفْعَلُهُ إِسْنَاده صَحِيح رِجَاله رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَبَا عَمَّارٍ الرَّاوِي لَهُ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ وَهُوَ كُوفِيٌّ اسْمُهُ عريب بِالْمُهْمَلَةِ المفتوحه بن حميد وَقد وَثَّقَهُ أَحْمد وبن مَعِينٍ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ فَرْضَ صَدَقَةِ الْفِطْرِ كَانَ قَبْلَ فَرْضِ الزَّكَاةِ فَيَقْتَضِي وُقُوعَهَا بَعْدَ فَرْضِ رَمَضَانَ وَذَلِكَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَوَقَعَ فِي تَارِيخِ الْإِسْلَامِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى فُرِضَتِ الزَّكَاةُ وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ الْمَذْكُورَ مِنْ طَرِيقِ الْمَغَازِي لِابْنِ إِسْحَاقَ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ بكير عَنهُ وَلَيْسَ فِيهِ ذكر الزَّكَاة وبن خُزَيْمَة أخرجه من حَدِيث بن إِسْحَاقَ لَكِنْ مِنْ طَرِيقِ سَلَمَةَ بْنِ الْفَضْلِ عَنهُ وَفِي سَلمَة مقَال وَالله أعلم