فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب صلاة الليل

( قَولُهُ بَابُ صَلَاةِ اللَّيْلِ)
كَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الشُّرَّاح وَلَا ذكره الْإِسْمَاعِيلِيّ وَهُوَ وَجه السِّيَاقُ لِأَنَّ التَّرَاجِمَ مُتَعَلِّقَةٌ بِأَبْوَابِ الصُّفُوفِ وَإِقَامَتِهَا وَلَمَّا كَانَتِ الصَّلَاةُ بِالْحَائِلِ قَدْ يُتَخَيَّلُ أَنَّهَا مَانِعَةٌ مِنْ إِقَامَةِ الصَّفِّ تَرْجَمَ لَهَا وَأَوْرَدَ مَا عِنْدَهُ فِيهَا فَأَمَّا صَلَاةُ اللَّيْلِ بِخُصُوصِهَا فَلَهَا كِتَابٌ مُفْرَدٌ سَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الصَّلَاةِ وَكَأَنَّ النُّسْخَةَ وَقَعَ فِيهَا تَكْرِيرُ لَفْظِ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَهِيَ الْجُمْلَةُ الَّتِي فِي آخِرِ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ فَظَنَّ الرَّاوِي أَنَّهَا تَرْجَمَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فصدرها بِلَفْظ بَاب وَقد تكلّف بن رَشِيدٍ تَوْجِيهَهَا بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ صَلَّى بِاللَّيْلِ مَأْمُومًا فِي الظُّلْمَةِ كَانَتْ فِيهِ مُشَابَهَةٌ بِمَنْ صَلَّى وَرَاءَ حَائِلٍ وَأَبْعَدُ مِنْهُ مَنْ قَالَ يُرِيدُ أَنَّ مَنْ صَلَّى بِاللَّيْلِ مَأْمُومًا فِي الظُّلْمَةِ كَانَ كَمَنْ صَلَّى وَرَاءَ حَائِطٍ ثُمَّ ظَهَرَ لِيَ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ صَلَاةَ اللَّيْلِ جَمَاعَةً فَحَذَفَ لَفْظَ جَمَاعَةٍ وَالَّذِي يَأْتِي فِي أَبْوَابِ التَّهَجُّدِ إِنَّمَا هُوَ حُكْمُ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَكَيْفِيَّتِهَا فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ أَوْ فِي الْمَسْجِد أَو الْبَيْت وَنَحْو ذَلِكَ



[ قــ :709 ... غــ :730] .

     قَوْلُهُ  عَنِ الْمَقْبُرِيِّ هُوَ سَعِيدٌ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ مَدَنِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  وَيَحْتَجِرُهُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالرَّاءِ أَيْ يَتَّخِذُهُ مِثْلَ الْحُجْرَةِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالزَّايِ بَدَلَ الرَّاءِ أَيْ يَجْعَلُهُ حَاجِزًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ .

     قَوْلُهُ  فَثَابَ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِمُثَلَّثَةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ أَيِ اجْتَمَعُوا وَوَقَعَ عِنْدَ الْخَطَّابِيِّ آبُوا أَيْ رَجَعُوا وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَالسَّرَخْسِيِّ فَثَارَ بِالْمُثَلَّثَةِ وَالرَّاءِ أَيْ قَامُوا .

     قَوْلُهُ  فَصَلَّوْا وَرَاءَهُ كَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَغَرَضُهُ بَيَانُ أَنَّ الْحُجْرَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ كَانَتْ حَصِيرًا وَقَدْ سَاقَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخر عَن بن أَبِي ذِئْبٍ تَامًّا وَسَنَذْكُرُ الْكَلَامَ عَلَى فَوَائِدِهِ فِي كِتَابِ التَّهَجُّدِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى





[ قــ :710 ... غــ :731] .

     قَوْلُهُ  عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ كَذَا لِأَكْثَرِ الروَاة عَن مُوسَى بن عقبَة وَخَالفهُم بن جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى فَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا النَّضْرِ فِي الْإِسْنَادِ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَرِوَايَةُ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى وَقَدْ وَافَقَهُمْ مَالِكٌ فِي الْإِسْنَادِ لَكِنْ لَمْ يَرْفَعْهُ فِي الْمُوَطَّأِ وَرُوِيَ عَنْهُ خَارِجَ الْمُوَطَّأِ مَرْفُوعًا وَفِيهِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ مَدَنِيُّونَ عَلَى نَسَقٍ أَوَّلُهُمْ مُوسَى الْمَذْكُورُ .

     قَوْلُهُ  حُجْرَةٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالرَّاءِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ أَيْضًا بِالزَّايِ .

     قَوْلُهُ  مِنْ صَنِيعِكُمْ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِضَمِّ الصَّادِ وَسُكُونِ النُّونِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ صَلَاتُهُمْ فَقَطْ بَلْ كَوْنُهُمْ رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ وَسَبَّحُوا بِهِ لِيَخْرُجَ إِلَيْهِمْ وَحَصَبَ بَعْضُهُمُ الْبَابَ لِظَنِّهِمْ أَنَّهُ نَائِمٌ كَمَا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ ذَلِكَ فِي الْأَدَبِ وَفِي الِاعْتِصَامِ وَزَادَ فِيهِ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ مَا قُمْتُمْ بِهِ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ الْخَطَّابِيُّ هَذِهِ الْخَشْيَةَ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ فِي كِتَابِ التَّهَجُّدِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  أَفْضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَشْمَلُ جَمِيعَ النَّوَافِلِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَكْتُوبَةِ الْمَفْرُوضَةُ لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا يُشْرَعُ فِيهِ التَّجْمِيعُ وَكَذَا مَا لَا يَخُصُّ الْمَسْجِدَ كَرَكْعَتَيِ التَّحِيَّةِ كَذَا قَالَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ مَا يُشْرَعُ فِي الْبَيْتِ وَفِي الْمَسْجِدِ مَعًا فَلَا تَدْخُلُ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ لِأَنَّهَا لَا تُشْرَعُ فِي الْبَيْتِ وَأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْمَكْتُوبَةِ مَا تُشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ وَهَلْ يَدْخُلُ مَا وَجَبَ بِعَارِضٍ كَالْمَنْذُورَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْمُرَادُ بِالْمَكْتُوبَةِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ لَا مَا وَجَبَ بِعَارِضٍ كَالْمَنْذُورَةِ وَالْمُرَادُ بِالْمَرْءِ جِنْسُ الرِّجَالِ فَلَا يَرِدُ اسْتِثْنَاءُ النِّسَاءِ لِثُبُوتِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَمْنَعُوهُنَّ الْمَسَاجِدَ وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ قَالَ النَّوَوِيُّ إِنَّمَا حَثَّ عَلَى النَّافِلَةِ فِي الْبَيْتِ لِكَوْنِهِ أَخْفَى وَأَبْعَدَ مِنَ الرِّيَاءِ وَلِيَتَبَرَّكَ الْبَيْتُ بِذَلِكَ فَتَنْزِلُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَيَنْفِرَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ وَعَلَى هَذَا يُمْكِنُ أَنْ يَخْرُجَ بِقَوْلِهِ فِي بَيْتِهِ بَيْتُ غَيْرِهِ وَلَوْ أَمِنَ فِيهِ مِنَ الرِّيَاءِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ عَفَّانُ كَذَا فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَحْدَهَا وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَلَا أَبُو نُعَيْمٍ وَذَكَرَ خَلَفٌ فِي الْأَطْرَافِ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ شَاكِرٍ حَدَّثَنَا عَفَّانُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ بِوَاسِطَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَفَّانَ ثُمَّ فَائِدَةُ هَذِهِ الطَّرِيقِ بَيَانُ سَمَاعِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ لَهُ مِنْ أَبِي النَّضْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ خَاتِمَةٌ اشْتَمَلَتْ أَبْوَابُ الْجَمَاعَةِ وَالْإِمَامَةِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى مِائَةٍ وَاثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ حَدِيثًا الْمَوْصُولُ مِنْهَا سِتَّةٌ وَتِسْعُونَ وَالْمُعَلَّقُ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ الْمُكَرَّرُ مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى تِسْعُونَ حَدِيثًا الْخَالِصُ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا سِوَى تِسْعَةِ أَحَادِيثَ وَهِيَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فِي فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَحَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَا أَعْرِفُ شَيْئًا وَحَدِيثُ أَنَسٍ كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ ضَخْمًا وَحَدِيثُ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ وَحَدِيث بن عُمَرَ لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ يُصَلُّونَ فَإِنْ أَصَابُوا وَحَدِيثُ النُّعْمَانِ الْمُعَلَّقِ فِي الصُّفُوفِ وَحَدِيثُ أَنَسٍ كَانَ أَحَدُنَا يَلْزَقُ مَنْكِبَهُ وَحَدِيثُهِ فِي إِنْكَارِهِ إِقَامَةِ الصُّفُوفِ وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ سَبْعَةَ عَشَرَ أَثَرًا كلهَا معلقَة إِلَّا أثر بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ وَأَثَرَ عُثْمَانَ الصَّلَاةُ أَحْسَنُ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ فَإِنَّهُمَا موصولان وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم