فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب زكاة الغنم



[ قــ :1397 ... غــ :1454] .

     قَوْلُهُ  أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى الْبَحْرِينِ أَيْ عَامِلًا عَلَيْهَا وَهِيَ اسْمٌ لِإِقْلِيمٍ مَشْهُورٍ يَشْتَمِلُ عَلَى مُدُنٍ مَعْرُوفَةٍ قَاعِدَتُهَا هَجَرُ وَهَكَذَا يَنْطِقُ بِهِ بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهِ بَحْرَانِيٌّ قَـوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إِثباتِ الْبَسْمَلَةِ فِي ابْتِدَاءِ الْكُتُبِ وَعَلَى أَنَّ الِابْتِدَاءَ بِالْحَمْدِ لَيْسَ بِشَرْطٍ .

     قَوْلُهُ  هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ أَيْ نُسْخَةُ فَرِيضَةِ فَحَذَفَ الْمُضَافَ لِلْعِلْمِ بِهِ وَفِيهِ أَنَّ اسْمَ الصَّدَقَةِ يَقَعُ عَلَى الزَّكَاةِ خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  الَّتِي فَرَضَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ظَاهِرٌ فِي رَفْعِ الْخَبَرِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ لَيْسَ مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَقَدْ صَرَّحَ بِرَفْعِهِ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ الْمُقَدَّمِ ذِكْرُهَا وَمَعْنَى فَرَضَ هُنَا أَوْجَبَ أَوْ شَرَعَ يَعْنِي بأْمُرُ اللَّهُ تَعَالَى وَقِيلَ مَعْنَاهُ قُدِّرَ لِأَنَّ إِيجَابَهَا ثَابِتٌ فِي الْكِتَابِ فَفَرْضُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا بَيَانُهُ لِلْمُجْمَلِ مِنَ الْكِتَابِ بِتَقْدِيرِ الْأَنْوَاعِ وَالْأَجْنَاسِ وَأَصْلُ الْفَرْضِ قَطْعُ الشَّيْءِ الصُّلْبِ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي التَّقْدِيرِ لِكَوْنِهِ مُقْتَطَعًا مِنَ الشَّيْءِ الَّذِي يُقَدَّرُ مِنْهُ وَيَرِدُ بِمَعْنَى الْبَيَانِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَبِمَعْنَى الْإِنْزَالِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْك الْقُرْآن وَبِمَعْنَى الْحِلِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَخْرُجُ مِنْ مَعْنَى التَّقْدِيرِ وَوَقَعَ اسْتِعْمَالُ الْفَرْضِ بِمَعْنَى اللُّزُومِ حَتَّى كَادَ يَغْلِبُ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يَخْرُجُ أَيْضًا عَنْ مَعْنَى التَّقْدِيرِ وَقَدْ قَالَ الرَّاغِبُ كُلُّ شَيْءٍ وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ فَرَضَ عَلَى فُلَانٍ فَهُوَ بِمَعْنَى الْإِلْزَامِ وَكُلُّ شَيْءٍ فَرَضَ لَهُ فَهُوَ بِمَعْنَى لَمْ يُحَرِّمْهُ عَلَيْهِ وَذَكَرَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ أَيْ أَوْجَبَ عَلَيْكَ الْعَمَلَ بِهِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ قَوْلَ الْجُمْهُورِ إِنَّ الْفَرْضَ مُرَادِفٌ لِلْوُجُوبِ وَتَفْرِيقُ الْحَنَفِيَّةِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ بِاعْتِبَارِ مَا يَثْبُتَانِ بِهِ لَا مشاحة فِيهِ وَإِنَّمَا النزاع فِي حَمْلِ مَا وَرَدَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ اللَّفْظَ السَّابِقَ لَا يُحْمَلُ عَلَى الِاصْطِلَاحِ الْحَادِثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  عَلَى الْمُسْلِمِينَ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ مُخَاطَبًا بِذَلِكَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ كَوْنُهَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ لَا أَنَّهُ لَا يُعَاقَبُ عَلَيْهَا وَهُوَ مَحِلُّ النِّزَاعِ .

     قَوْلُهُ  وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ كَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ وَوَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنْهَا بِحَذْفِ بِهَا وَأَنْكَرَهَا النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ الْمُقَدَّمِ ذِكْرُهَا الَّتِي أَمَرَ بِغَيْرِ وَاوٍ عَلَى أَنَّهَا بَدَلٌ مِنَ الْأُولَى .

     قَوْلُهُ  فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا أَيْ عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ الْمُبَيَّنَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى دَفْعِ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ إِلَى الْإِمَامِ .

     قَوْلُهُ  وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلَا يُعْطِ أَيْ مَنْ سُئِلَ زَائِدًا عَلَى ذَلِكَ فِي سِنٍّ أَوْ عَدَدٍ فَلَهُ الْمَنْعُ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى تَرْجِيحِهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ فَلْيُمْنَعِ السَّاعِي وَلْيَتَوَلَّ هُوَ إِخْرَاجَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِسَاعٍ آخَرَ فَإِنَّ السَّاعِيَ الَّذِي طَلَبَ الزِّيَادَةَ يَكُونُ بِذَلِكَ مُتَعَدِّيًا وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا لَكِنَّ مَحِلَّ هَذَا إِذَا طَلَبَ الزِّيَادَةَ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ .

     قَوْلُهُ  فِي كُلِّ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ فَمَا دُونَهَا أَيْ إِلَى خَمْسٍ .

     قَوْلُهُ  مِنَ الْغَنَمِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَفِي رِوَايَة بن السَّكَنِ بِإِسْقَاطِ مِنْ وَصَوَّبَهَا بَعْضُهُمْ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ مَنْ أَثْبَتَهَا فَمَعْنَاهُ زَكَاتُهَا أَيِ الْإِبِلُ مِنَ الْغنم وَمن لِلْبَيَانِ لَا لِلتَّبْعِيضِ وَمَنْ حَذَفَهَا فَالْغَنَمُ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مُضْمَرٌ فِي قَوْلِهِ فِي كُلِّ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمَا بَعْدَهُ وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْخَبَرَ لِأَنَّ الْغَرَضَ بَيَانُ الْمَقَادِيرِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَالزَّكَاةُ إِنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ وُجُودِ النِّصَابِ فَحَسُنَ التَّقْدِيمُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى تَعَيُّنِ إِخْرَاجِ الْغَنَمِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ فَلَوْ أَخْرَجَ بَعِيرًا عَنِ الْأَرْبَعِ وَالْعِشْرِينَ لَمْ يُجْزِهِ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَمَا دُونَهَا أَوْلَى وَلِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يَجِبَ مِنْ جِنْسِ الْمَالِ وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْهُ رِفْقًا بِالْمَالِكِ فَإِذَا رَجَعَ بِاخْتِيَارِهِ إِلَى الْأَصْلِ أَجْزَأَهُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْبَعِيرِ مَثَلًا دُونَ قِيمَةِ أَرْبَعِ شِيَاهٍ فَفِيهِ خِلَافٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَالْأَقْيَسُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ فِي كُلِّ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ عَلَى أَنَّ الْأَرْبَعَ مَأْخُوذَةٌ عَنِ الْجَمْعِ وَإِنْ كَانَتِ الْأَرْبَعُ الزَّائِدَةُ عَلَى الْعِشْرِينَ وَقَصًا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْبُوَيْطِيِّ.

     وَقَالَ  فِي غَيْرِهِ إِنَّهُ عَفْوٌ وَيَظْهَرُ أَثَرُ الْخِلَافِ فِيمَنْ لَهُ مَثَلًا تِسْعٌ مِنَ الْإِبِلِ فَتَلِفَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ حَيْثُ قُلْنَا إِنَّهُ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ شَاةٌ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا إِنْ قُلْنَا التَّمَكُّنُ شَرْطٌ فِي الضَّمَانِ وَقُلْنَا الْوَقَصُ عَفْوٌ وَإِنْ قُلْنَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْفَرْضُ وَجَبَ خَمْسَةُ أَتْسَاعِ شَاةٍ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْجُمْهُور كَمَا نَقله بن الْمُنْذِرِ وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَةً كَالْأَوَّلِ تَنْبِيهٌ الْوَقَصُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْقَافِ وَيَجُوزُ إِسْكَانُهَا وَبِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ بَدَلَ الصَّادِ هُوَ مَا بَيْنَ الْفَرْضَيْنِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَاسْتَعْمَلَهُ الشَّافِعِيُّ فِيمَا دُونَ النِّصَابِ الْأَوَّلِ أَيْضًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فِيهِ أَنَّ فِي هَذَا الْقَدْرِ بِنْتُ مَخَاضٍ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ إِلَّا مَا جَاءَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ خَمْسَ شِيَاهٍ فَإِذَا صَارَتْ سِتًّا وَعِشْرِينَ كَانَ فِيهَا بنت مَخَاض أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُ عَنْهُ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا وَإِسْنَادُ الْمَرْفُوعِ ضَعِيفٌ .

     قَوْلُهُ  إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيمَا بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ شَيْءٌ غَيْرَ بِنْتِ مَخَاضٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ كَالْحَنَفِيَّةِ تَسْتَأْنِفُ الْفَرِيضَةَ فَيَجِبُ فِي كُلِّ خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ شَاةٌ مُضَافَةٌ إِلَى بِنْتِ الْمَخَاضِ .

     قَوْلُهُ  فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ أُنْثَى زَادَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فِي رِوَايَتِهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِنْتُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ وَقَولُهُ أُنْثَى وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  ذَكَرٌ لِلتَّأْكِيدِ أَوْ لِتَنْبِيهِ رَبِّ الْمَالِ لِيَطِيبَ نَفْسًا بِالزِّيَادَةِ وَقِيلَ احْتُرِزَ بِذَلِكَ مِنَ الْخُنْثَى وَفِيهِ بُعْدٌ وَبِنْتُ الْمَخَاضِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْمُعْجَمَةِ الْخَفِيفَةِ وَآخِرُهُ مُعْجَمَةٌ هِيَ الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا حَوْلٌ وَدَخَلَتْ فِي الثَّانِي وَحَمَلَتْ أُمُّهَا وَالْمَاخِضُ الْحَامِلُ أَيْ دَخْلَ وَقْتُ حملهَا وَإِن لم تحمل وبن اللَّبُونِ الَّذِي دَخَلَ فِي ثَالِثِ سَنَةٍ فَصَارَتْ أُمُّهُ لَبُونًا بِوَضْعِ الْحَمْلِ .

     قَوْلُهُ  إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ إِلَى للْغَايَةِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ مَا قَبْلَ الْغَايَةِ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ الْمَقْصُودُ بَيَانُهُ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهَا فَلَا يَدْخُلُ إِلَّا بِدَلِيلٍ وَقد دَخَلَتْ هُنَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ فَعُلِمَ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ مَا قَبْلَهَا .

     قَوْلُهُ  حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْجَمَلِ حِقَّةٌ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ وَالْجَمْعُ حِقَاقٌ بِالْكَسْرِ وَالتَّخْفِيفِ وَطَرُوقَةٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ أَيْ مَطْرُوقَةٌ وَهِيَ فَعُولَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ كَحَلُوبَةٍ بِمَعْنَى مَحْلُوبَةٍ وَالْمُرَادُ أَنَّهَا بَلَغَتْ أَنْ يَطْرُقَهَا الْفَحْلُ وَهِيَ الَّتِي أَتَتْ عَلَيْهَا ثَلَاثُ سِنِينَ وَدَخَلَتْ فِي الرَّابِعَةِ .

     قَوْلُهُ  جَذَعَةٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمُعْجَمَةِ وَهِيَ الَّتِي أَتَتْ عَلَيْهَا أَرْبَعٌ وَدَخَلَتْ فِي الْخَامِسَةِ .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا بَلَغَتْ يَعْنِي سِتًّا وَسَبْعِينَ كَذَا فِي الْأَصْلِ بِزِيَادَةِ يَعْنِي وَكَأَنَّ الْعَدَدَ حُذِفَ مِنَ الْأَصْلِ اكْتِفَاءً بِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فَذَكَرَهُ بَعْضُ رُوَاتِهِ وَأَتَى بِلَفْظِ يَعْنِي لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّهُ مَزِيدٌ أَوْ شَكَّ أَحَدُ رُوَاتِهِ فِيهِ وَقَدْ ثَبَتَ بِغَيْرِ لَفْظِ يَعْنِي فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ الْأَنْصَارِيِّ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الشَّكُّ فِيهِ مِنَ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِإِثْبَاتِهِ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ أَيْ وَاحِدَةً فَصَاعِدًا وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَعَنِ الْإِصْطَخْرِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ تَجِبُ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ لِزِيَادَةِ بَعْضٍ وَاحِدَةً لِصِدْقِ الزِّيَادَةِ ونتصور الْمَسْأَلَةُ فِي الشَّرِكَةِ وَيَرُدُّهُ مَا فِي كِتَابِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ إِذَا كَانَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَمِائَةً وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَزَكَاتُهُ بِالْإِبِلِ خَاصَّةً وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ رَجَعَتْ إِلَى فَرِيضَةِ الْغَنَمِ فَيَكُونُ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَشَاةٌ .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ فَفِيهَا شَاةٌ وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ إِلَخْ تَنْبِيهٌ اقْتَطَعَ الْبُخَارِيُّ مِنْ بَيْنِ هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ قَوْلَهُ وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةُ الْجَذَعَةِ إِلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَقَدْ ذُكِرَ آخِرُهُ فِي بَابِ الْعَرْضِ فِي الزَّكَاةِ وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ فِيهِ يُقْبَلُ مِنْهُ بِنْتُ مَخَاضٍ وَيُعْطِي مَعَهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ عَلَى وَجْهِهَا وَعِنْدَهُ بن لَبُونٍ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ وَهَذَا الْحُكْمُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَجِدْ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ أَيُّهُمَا شَاءَ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ شِرَاءُ بِنْتِ مَخَاضٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَقَولُهُ وَيُعْطِي مَعَهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَشْرَةً وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ إِسْحَاقَ وَعَنْ مَالِكٍ يُلْزَمُ رَبُّ الْمَالِ بِشِرَاءِ ذَلِكَ السِّنِّ بِغَيْرِ جُبْرَانٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الشَّارِعُ جَعَلَ الشَّاتَيْنِ أَوِ الْعِشْرِينَ دِرْهَمًا تَقْدِيرًا فِي الْجُبْرَانِ لِئَلَّا يَكِلَ الْأَمْرَ إِلَى اجْتِهَادِ السَّاعِي لِأَنَّهُ يَأْخُذُهَا عَلَى الْمِيَاهِ حَيْثُ لَا حَاكِمَ وَلَا مُقَوِّمَ غَالِبًا فَضَبَطَهُ بِشَيْءٍ يَرْفَعُ التَّنَازُعَ كَالصَّاعِ فِي الْمُصَرَّاةِ وَالْغُرَّةِ فِي الْجَنِينِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَبَيْنَ هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ .

     قَوْلُهُ  وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ وَسَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَى مَا حَذَفَهُ مِنْهُ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَرِيبًا .

     قَوْلُهُ  إِذَا كَانَتْ فِي رِوَايَةٍ الْكُشْمِيهَنِيِّ إِذَا بَلَغَتْ .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فِي كِتَابِ عُمَرَ فَإِذَا كَانَتْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا شَاتَانِ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ الْإِصْطَخْرِيِّ فِي ذَلِكَ وَالتَّعْقِبُ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الشَّاةُ الرَّابِعَةُ حَتَّى تُوَفَّى أَرْبَعَمِائَةٍ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ قَالُوا فَائِدَةُ ذِكْرِ الثلثمائة لِبَيَانِ النِّصَابِ الَّذِي بَعْدَهُ لِكَوْنِ مَا قَبْلَهُ مُخْتَلِفًا وَعَنْ بَعْضِ الْكُوفِيِّينَ كَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَرِوَايَة عَن أَحْمد إِذا زَادَت على الثلثمائة وَاحِدَةً وَجَبَ الْأَرْبَعُ .

     قَوْلُهُ  فَفِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةَ الرَّجُلِ تَنْبِيهٌ اقْتَطَعَ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا مِنْ بَيْنِ هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ قَوْلَهُ وَلَا يُخْرِجُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ إِلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَاقْتَطَعَ مِنْهُ أَيْضًا قَوْلَهُ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ إِلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ فِي بَابِهِ وَكَذَا قَوْلَهُ وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ إِلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ فِي بَابِهِ وَيَلِي هَذَا .

     قَوْلُهُ  هُنَا فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةَ الرَّجُلِ إِلَخْ وَهَذَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ يَشْتَمِلُ عَلَى هَذِهِ الْأَحْكَامِ الَّتِي فرقها الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْأَبْوَابِ غَيْرَ مُرَاعٍ لِلتَّرْتِيبِ فِيهَا بَلْ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ مُنَاسَبَةِ إِيرَادِ التَّرَاجِمِ الْمَذْكُورَةِ .

     قَوْلُهُ  وَفِي الرِّقَةِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْقَافِ الْفِضَّةُ الْخَالِصَةُ سَوَاءٌ كَانَتْ مَضْرُوبَةً أَوْ غَيْرَ مَضْرُوبَةٍ قِيلَ أَصْلُهَا الْوَرِقُ فَحُذِفَتِ الْوَاوُ وَعُوِّضَتِ الْهَاءُ وَقِيلَ يُطْلَقُ عَلَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِخِلَافِ الْوَرِقِ فَعَلَى هَذَا فَقِيلَ إِنَّ الْأَصْلَ فِي زَكَاةِ النَّقْدَيْنِ نِصَابُ الْفِضَّةِ فَإِذَا بَلَغَ الذَّهَبُ مَا قِيمَتُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ فِضَّةً خَالِصَةً وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَهُوَ رُبْعُ الْعُشْرِ وَهَذَا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَخَالَفَهُ الْجُمْهُورُ قَوْله فَإِن لَمْ تَكُنْ أَيِ الْفِضَّةُ إِلَّا تِسْعِينَ وَمِائَةً يُوهِمُ أَنَّهَا إِذَا زَادَتْ عَلَى التِّسْعِينَ وَمِائَةٍ قَبْلَ بُلُوغِ الْمِائَتَيْنِ أَنَّ فِيهَا صَدَقَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا ذَكَرَ التِّسْعِينَ لِأَنَّهُ آخِرُ عَقْدٍ قَبْلَ الْمِائَةِ وَالْحِسَابُ إِذَا جَاوَزَ الْآحَادَ كَانَ تَرْكِيبُهُ بِالْعُقُودِ كَالْعَشَرَاتِ وَالْمِئِينَ وَالْأُلُوفِ فَذَكَرَ التِّسْعِينَ لِيَدُلَّ عَلَى أَنْ لَا صَدَقَةَ فِيمَا نَقَصَ عَنِ الْمِائَتَيْنِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  الْمَاضِي لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ .

     قَوْلُهُ  إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ أَيْ إِلَّا أَن يتَبَرَّع مُتَطَوعا