فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب في الهبة والشفعة

( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ فِي الْهِبَةِ وَالشُّفْعَةِ)

أَيْ كَيْفَ تَدْخُلُ الْحِيلَةُ فِيهِمَا مَعًا وَمُنْفَرِدَيْنِ .

     قَوْلُهُ  وقَال بَعْضُ النَّاسِ إِنْ وَهَبَ هِبَةً أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرَ حَتَّى مَكَثَ عِنْدَهُ سِنِينَ وَاحْتَالَ فِي ذَلِكَ أَيْ بِأَنْ تَوَاطَأَ مَعَ الْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَالْهِبَةُ لَا تَتِمُّ إِلَّا بِالْقَبْضِ وَإِذَا قَبَضَ كَانَ بِالْخِيَارِ فِي التَّصَرُّفِ فِيهَا وَلَا يَتَهَيَّأُ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ فِيهَا بَعْدَ التَّصَرُّفِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْمُوَاطَأَةِ بِأَنْ لَا يَتَصَرَّفَ فِيهَا لِيُتِمَّ الْحِيلَةَ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ رَجَعَ الْوَاهِبُ فِيهَا فَلَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَخَالَفَ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْهِبَةِ وَأَسْقَطَ الزَّكَاة قَالَ بن بَطَّالٍ إِذَا قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ هِبَةً فَهُوَ مَالِكٌ لَهَا فَإِذَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ عِنْدَهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فِيهَا عِنْدَ الْجَمِيعِ.
وَأَمَّا الرُّجُوعُ فَلَا يَكُونُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ إِلَّا فِيمَا يُوهَبُ لِلْوَلَدِ فَإِنْ رَجَعَ فِيهَا الْأَبُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ عَلَى الِابْنِ.

قُلْتُ فَإِنْ رَجَعَ فِيهَا قَبْلَ الْحَوْلِ صَحَّ الرُّجُوعُ وَيُسْتَأْنَفُ الْحَوْلُ فَإِنْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ لِيُرِيدَ إِسْقَاطَ الزَّكَاةِ سَقَطَتْ وَهُوَ آثِمٌ مَعَ ذَلِكَ وَعَلَى طَرِيقَةِ مَنْ يُبْطِلُ الْحِيَلَ مُطْلَقًا لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِثُبُوتِ النَّهْيِ عَنِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ وَلَا سِيَّمَا إِذَا قَارَنَ ذَلِكَ التَّحَيُّلَ فِي إِسْقَاطِ الزَّكَاةِ وَقَولُهُ فَخَالَفَ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي خَالَفَ ظَاهِرَ حَدِيثِ الرَّسُولِ وَهُوَ النَّهْيُ عَنِ الْعَوْدِ فِي الْهِبَةِ.

     وَقَالَ  بن التِّينِ مُرَادُهُ أَنَّ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ مَنْ سِوَى الْوَالِدَيْنِ يَرْجِعُ فِي هِبَتِهِ وَلَا يَرْجِعُ الْوَالِدُ فِيمَا وَهَبَ لِوَلَدِهِ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً فَيَرْجِعُ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ وَمِثْلُ الَّذِي يَرْجِعُ فِي عَطِيَّتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ.

قُلْتُ فعلى هَذَا انما أخرج البُخَارِيّ حَدِيث بن عَبَّاسٍ لِلْإِشَارَةِ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَهُوَ مُخَرَّجٌ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ عَن بن عَبَّاسٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَمِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ عَلَى الْمُتَّهِبِ مُدَّةَ مكث المَال عِنْده ثمَّ ذكر فِي الْبَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ



[ قــ :6609 ... غــ :6975] .

     قَوْلُهُ  سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ جَابِرٍ فِي الشُّفْعَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ لِأَنَّهُ نَفَى الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ مَقْسُومٍ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ





[ قــ :6610 ... غــ :6976] .

     قَوْلُهُ  وقَال بَعْضُ النَّاسِ الشُّفْعَةُ لِلْجِوَارِ بِكَسْرِ الْجِيمِ مِنَ الْمُجَاوَرَةِ أَيْ تُشْرَعُ الشُّفْعَةُ لِلْجَارِ كَمَا تُشْرَعُ لِلشَّرِيكِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ عَمَدَ إِلَى مَا شَدَّدَهُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَلِبَعْضِهِمْ بِالْمُهْمَلَةِ .

     قَوْلُهُ  فَأَبْطَلَهُ أَيْ حَيْثُ قَالَ لَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.

     وَقَالَ  إِنِ اشْتَرَى دَارًا أَيْ أَرَادَ شِرَاءَهَا كَامِلَةً فَخَافَ أَنْ يَأْخُذَ الْجَارُ بِالشُّفْعَةِ فَاشْتَرَى سَهْمًا مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ ثُمَّ اشْتَرَى الْبَاقِيَ كَانَ لِلْجَارِ الشُّفْعَةُ فِي السَّهْمِ الْأَوَّلِ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِي بَاقِي الدَّار قَالَ بن بَطَّالٍ أَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ رَجُلًا أَرَادَ شِرَاءَ دَارٍ فَخَافَ أَنْ يَأْخُذَهَا جَارُهُ بِالشُّفْعَةِ فَسَأَلَ أَبَا حَنِيفَةَ كَيْفَ الْحِيلَةُ فِي إِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ فَقَالَ لَهُ اشْتَرِ مِنْهَا سَهْمًا وَاحِدًا شَائِعا مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ فَتَصِيرَ شَرِيكًا لِمَالِكِهَا ثُمَّ اشْتَرِ مِنْهُ الْبَاقِيَ فَتَصِيرَ أَنْتَ أَحَقَّ بِالشُّفْعَةِ مِنَ الْجَارِ لِأَنَّ الشَّرِيكَ فِي الْمُشَاعِ أَحَقُّ مِنَ الْجَارِ وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ سَهْمًا من مائَة سهم لعدم رَغْبَة الْجَار فِي شِرَاءَ السَّهْمِ الْوَاحِدِ لِحَقَارَتِهِ وَقِلَّةِ انْتِفَاعِهِ بِهِ قَالَ وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ خِلَافِ السُّنَّةِ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْبُخَارِيُّ إِلْزَامَهُمُ التَّنَاقُضَ لِأَنَّهُمُ احْتَجُّوا فِي شُفْعَةِ الْجَارِ بِحَدِيثِ الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ ثُمَّ تَحَيَّلُوا فِي إِسْقَاطِهَا بِمَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ غَيْرُ الْجَارِ أَحَقَّ بِالشُّفْعَةِ مِنَ الْجَارِ انْتَهَى وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْحِيلَةَ الْمَذْكُورَةَ لِأَبِي يُوسُفَ.
وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَقَالَ يُكْرَهُ ذَلِكَ أَشَدَّ الْكَرَاهِيَةِ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ شُرِعَتْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ الشَّفِيعِ فَالَّذِي يَحْتَالُ لِإِسْقَاطِهَا بِمَنْزِلَةِ الْقَاصِدِ إِلَى الْإِضْرَارِ بِالْغَيْرِ وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ الشَّفِيعِ عَدَاوَةٌ وَيَتَضَرَّرُ مِنْ مُشَارَكَتِهِ ثُمَّ إِنَّ مَحَلَّ هَذَا إِنَّمَا هُوَ فِيمَنِ احْتَالَ قَبْلَ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ أَمَّا بَعْدَهُ كَمَنْ قَالَ لِلشَّفِيعِ خُذْ هَذَا الْمَالَ وَلَا تُطَالِبْنِي بِالشُّفْعَةِ فَرَضِيَ وَأَخَذَ فَإِنَّ شُفْعَتَهُ تَبْطُلُ اتِّفَاقًا انْتَهَى الحَدِيث الثَّالِث





[ قــ :6611 ... غــ :6977] قَوْله سُفْيَان هُوَ بن عُيَيْنَة عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ .

     قَوْلُهُ  جَاءَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِي فِي رِوَايَة الْحُمَيْدِيِّ أَخَذَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ بِيَدِي فَقَالَ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَخَرَجْتُ مَعَهُ وَإِنَّ يَدَهُ لَعَلَى مَنْكِبِي فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَهُوَ خَالُ الْمِسْوَرِ وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مِنْ طَرِيق بن جُرَيْجٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ بِسِيَاقٍ مُخَالِفٍ لِهَذَا فَإِنَّهُ قَالَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ قَالَ وَقَعْتُ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَجَاءَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى إِحْدَى مَنْكِبَيْ وَيَجْمَعُ بِأَنَّ الْمِسْوَرَ إِنَّمَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِ عَمْرٍو بَعْدَ أَنْ وَصَلَ مَعَهُ إِلَى مَنْزِلِ سَعْدٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَضَعَهَا أَوَّلًا ثُمَّ اتَّفَقَ دَخُولُ عَمْرٍو قَبْلَهُ ثُمَّ دَخَلَ الْمِسْوَرُ فَأَعَادَ وَضْعَ يَدِهِ عَلَى مَنْكِبِهِ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ أَبُو رَافع زَاد فِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  أَلَا تَأْمُرُ هَذَا يَعْنِي سَعْدَ بن أبي وَقاص وَالْمرَاد أَن يَسْأَلُهُ أَوُ يُشِيرُ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  بَيْتِيَ الَّذِي كَذَا لَهُم بِالْإِفْرَادِ وللكشميهني بَيْتِي اللَّذين بالثتنية وَرِوَايَة بن جُرَيْجٍ جَازِمَةٌ بِالثَّانِي فَإِنَّ عِنْدَهُ فَقَالَ سَعْدٌ وَاللَّهِ مَا أَبْتَاعُهُمَا .

     قَوْلُهُ  إِمَّا مُقَطَّعَةٌ وَإِمَّا مُنَجَّمَةٌ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَالْمُرَادُ أَنَّهَا مُنَجَّمَةٌ عَلَى نَقَدَاتٍ مُفَرَّقَةٍ وَالنَّجْمُ الْوَقْتُ الْمُعَيَّنُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ أُعْطِيتُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَالْقَائِلُ هُوَ أَبُو رَافِعٍ .

     قَوْلُهُ  مَا بِعْتُكَهُ أَيِ الشَّيْءَ وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي مَا بِعْتُ بِحَذْف الْمَفْعُول وَقَوله أَوْ قَالَ مَا أَعْطَيْتُكَهُ هُوَ شَكٌّ مِنْ سُفْيَانَ وَجَزَمَ بِهَذَا الثَّانِي فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ الْمَذْكُورَةِ فِي آخِرِ الْبَابِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِيهَا أَعْطَيْتُكَ بِحَذْفِ الضَّمِيرِ .

     قَوْلُهُ .

قُلْتُ لِسُفْيَانَ الْقَائِلُ هُوَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ مَعْمَرًا لَمْ يَقُلْ هَكَذَا يُشِيرُ إِلَى مَا رَوَاهُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ بِالْحَدِيثِ دُونَ الْقِصَّةِ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالْمُرَادُ عَلَى هَذَا بِالْمُخَالَفَةِ إِبْدَالُ الصَّحَابِيِّ بِصَحَابِيٍّ آخَرَ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ يُرِيدُ أَنَّ مَعْمَرًا لَمْ يَقُلْ هَكَذَا أَيْ بِأَنَّ الْجَارَ أَحَقُّ بَلْ قَالَ الشُّفْعَةُ بِزِيَادَةِ لَفْظِ الشُّفْعَةِ انْتَهَى وَلَفْظُ مَعْمَرٍ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقْبِهِ كَرِوَايَةِ أَبِي رَافِعٍ سَوَاءً وَالَّذِي قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ لَا أَصْلَ لَهُ وَمَا أَدْرِي مَا مُسْتَنَدُهُ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ لَكِنَّهُ يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ بْنَ ميسرَة قَالَه لي هَكَذَا وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ قَالَ بِحَذْفِ الْهَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ الْبَخُارِيِّ أَنَّ الطَّرِيقَيْنِ صَحِيحَانِ وَإِنَّمَا صَحَّحَهُمَا لِأَنَّ الثَّوْرِيَّ وَغَيْرَهُ تَابَعُوا سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ عَلَى هَذَا الْإِسْنَادِ وَلِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيَّ وَعَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ رُوِّيَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ وَتقدم بن بن جُرَيْجٍ رَوَاهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ كَمَا فِي هَذَا الْبَاب وَرَوَاهُ بن جُرَيْجٍ أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَلَعَلَّ بن جُرَيْجٍ إِنَّمَا أَخَذَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ بِوَاسِطَة إِبْرَاهِيم بن ميسرَة قَالَه ذَكَرَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ بِالْعَنْعَنَةِ وَلَمْ يَقِفِ الْكِرْمَانِيُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا فَقَالَ مَا تَقَدَّمَ قَالَ الْمُهَلَّبُ مُنَاسَبَةُ ذِكْرِ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ كُلَّ مَا جَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقًّا لِشَخْصٍ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ إِبْطَالُهُ بِحِيلَةٍ وَلَا غَيْرِهَا .

     قَوْلُهُ  وقَال بَعْضُ النَّاسِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ الشُّفْعَةَ كَذَا لِلْأَصِيلِيِّ وَلِأَبِي ذَرٍّ عَنْ غَيْرِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَلِلْآخَرِينَ يَمْنَعُ وَرَجَّحَ عِيَاضٌ الْأَوَّلَ.

     وَقَالَ  هُوَ تَغْيِيرٌ مِنَ النَّاسِخِ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ لَازِمَ الْمَنْعِ وَهُوَ الْإِزَالَةُ عَنِ الْمِلْكِ .

     قَوْلُهُ  فَيَهَبُ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي الدَّارَ وَيَحُدُّهَا بِمُهْمَلَتَيْنِ وَتَشْدِيدٍ أَيْ يَصِفُ حُدُودَهَا الَّتِي تُمَيِّزُهَا.

     وَقَالَ  الْكِرَمْانِيُّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَنَحْوِهَا وَهُوَ أَظْهَرُ .

     قَوْلُهُ  وَيَدْفَعُهَا إِلَيْهِ وَيُعَوِّضُهُ الْمُشْتَرِي أَلْفَ دِرْهَمٍ يَعْنِي مَثَلًا فَلَا يَكُونُ لِلْشَفِيعِ فِيهَا شُفْعَةٌ أَيْ وَيَشْتَرِطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْعَوَضُ الْمَذْكُورُ مَشْرُوطًا فَلَوْ كَانَ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِقِيمَتِهِ وَإِنَّمَا سَقَطَتِ الشُّفْعَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَيْسَتْ مُعَاوَضَةً مَحْضَةً فَأَشْبَهَتِ الْإِرْثَ قَالَ بن التِّينِ أَرَادَ الْبَخُارِيُّ أَنَّ يُبَيِّنَ أَنَّ مَا جَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقًّا لِلْجَارِ لَا يَحِلُّ لَهُ إِبْطَالُهُ ثُمَّ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ أَبِي رَافِعٍ مُخْتَصَرًا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ وَهُوَ الثَّوْرِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ وَسَاقه فِي آخر كتاب الْحِيَل أتم مِنْهُ وَفِيهِ تَصْرِيحُ سُفْيَانَ بِتَحْدِيثِ إِبْرَاهِيمَ لَهُ بِهِ





[ قــ :661 ... غــ :6978] .

     قَوْلُهُ  وقَال بَعْضُ النَّاسِ إِنِ اشْتَرَى نَصِيبَ دَارٍ فَأَرَادَ أَنْ يُبْطِلَ الشُّفْعَةَ وَهَبَ أَيْ مَا اشْتَرَاهُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ يَمِينٌ أَيْ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَوْ كَانَتْ لِلْكَبِيرِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَتَحَيَّلَ فِي إِسْقَاطِهَا بِجَعْلِهَا للصَّغِير قَالَ بن بَطَّالٍ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ وَهَبَ لِابْنِهِ شَيْئًا فَعَلَ مَا يُبَاحُ لَهُ فِعْلُهُ وَالْهِبَةُ لِلِابْنِ الصَّغِيرِ يَقْبَلُهَا الْأَبُ لِوَلَدِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَأَشَارَ بِالْيَمِينِ إِلَى مَا لَوْ وَهَبَ لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يُحَلِّفَ الْأَجْنَبِيَّ أَنَّ الْهِبَةَ حَقِيقِيَّةٌ وَأَنَّهَا جَرَتْ بِشُرُوطِهَا وَالصَّغِيرُ لَا يُحَلَّفُ لَكِنْ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ أَبَاهُ الَّذِي يَقْبَلُ لَهُ يُحَلَّفُ بِخِلَافِ مَا إِذَا وَهَبَ لِلْغَرِيبِ وَعَنْ مَالِكٍ لَا تَدْخُلُ الشُّفْعَةُ فِي الْمَوْهُوب مُطلقًا وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَة