فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟

( قَولُهُ بَابُ هَلْ يَبِيتُ أَصْحَابُ السِّقَايَةِ أَوْ غَيْرُهُمْ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى)
مَقْصُودُهُ بِالْغَيْرِ مَنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ أَوْ شُغْلٍ كَالْحَطَّابِينَ وَالرِّعَاءِ



[ قــ :1668 ... غــ :1743] .

     قَوْلُهُ  عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ هُوَ بن عُمَرَ الْعُمَرِيُّ .

     قَوْلُهُ  رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَأَحَالَ بِهِ عَلَى مَا بَعْدَهُ وَلَفْظُهُ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ الْمَذْكُورِ فِي الْإِسْنَادِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِلْعَبَّاسِ أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ أَيَّامَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سقايته





[ قــ :1668 ... غــ :1744] قَوْله فِي طَرِيق بن جُرَيْجٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ كَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَأَحَالَ بِهِ عَلَى مَا بَعْدَهُ وَلَفْظُهُ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ الْمَذْكُورِ فِي الْإِسْنَادِ أَذِنَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ السِّقَايَةِ





[ قــ :1668 ... غــ :1745] قَوْله تَابعه أَبُو أُسَامَة أَي تَابع بن نُمَيْرٍ وَصَلَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدثنَا بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَلَفْظُهُ مثل رِوَايَة بن نُمَيْرٍ .

     قَوْلُهُ  وَعَقَبَةُ بْنُ خَالِدٍ وَصَلَهُ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ .

     قَوْلُهُ  وَأَبُو ضَمْرَةَ يَعْنِي أَنَسَ بْنَ عِيَاضٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ سِقَايَةِ الْحَاجِّ فِي أَثْنَاءِ أَبْوَاب الطّواف وَلَفظه مثل رِوَايَة بن نُمَيْرٍ وَالنُّكْتَةُ فِي اسْتِظْهَارِ الْبُخَارِيِّ بِهَذِهِ الْمُتَابَعَاتِ بَعْدَ إِيرَادِهِ لَهُ مِنْ ثَلَاثَةِ طُرُقٍ لِشَكٍّ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ فِي وَصله فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ قَالَ وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَن بن عُمَرَ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَقَدْ وَصَلَهُ أَيْضًا بِغَيْرِ شَكٍّ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ وَغَيْرُهُمْ كُلُّهُمْ عَنْ عبيد الله وأرسله بن الْمُبَارَكِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ.

قُلْتُ الظَّاهِرُ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ كَانَ رُبَّمَا شَكَّ فِي وَصْلِهِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ وَكَأَنَّهُ كَانَ فِي أَكْثَرِ أَحْوَالِهِ يَجْزِمُ بِوَصْلِهِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْمَبِيتِ بِمِنًى وَأَنَّهُ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالرُّخْصَةِ يَقْتَضِي أَنَّ مُقَابِلَهَا عَزِيمَةٌ وَأَنَّ الْإِذْنَ وَقَعَ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِذَا لَمْ تُوجَدْ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا لَمْ يَحْصُلِ الْإِذْنُ وَبِالْوُجُوبِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ سُنَّةُ وَوُجُوبُ الدَّمِ بِتَرْكِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَلَا يَحْصُلُ الْمَبِيتُ إِلَّا بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ وَهَلْ يَخْتَصُّ الْإِذْنُ بِالسِّقَايَةِ وَبِالْعَبَّاسِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَوْصَافِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي هَذَا الْحُكْمِ فَقِيلَ يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِالْعَبَّاسِ وَهُوَ جُمُودٌ وَقِيلَ يَدْخُلُ مَعَهُ آلُهُ وَقِيلَ قَوْمُهُ وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَقِيلَ كُلُّ مَنِ احْتَاجَ إِلَى السِّقَايَةِ فَلَهُ ذَلِكَ ثُمَّ قِيلَ أَيْضًا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِسِقَايَةِ الْعَبَّاسِ حَتَّى لَوْ عُمِلَتْ سِقَايَةٌ لِغَيْرِهِ لَمْ يُرَخَّصْ لِصَاحِبِهَا فِي الْمَبِيتِ لِأَجْلِهَا وَمِنْهُمْ مِنْ عَمَّمَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَالْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ إِعْدَادُ الْمَاءِ لِلشَّارِبِينَ وَهَلْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْمَاءِ أَوْ يَلْتَحِقُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْأَكْلِ وَغَيْرِهِ مَحَلُّ احْتِمَالٍ وَجَزَمَ الشَّافِعِيَّةُ بِإِلْحَاقِ مَنْ لَهُ مَالٌ يَخَافُ ضَيَاعَهُ أَوْ أَمْرٌ يَخَافُ فَوْتَهُ أَوْ مَرِيضٌ يَتَعَاهَدُهُ بِأَهْلِ السِّقَايَةِ كَمَا جَزَمَ الْجُمْهُورُ بِإِلْحَاقِ الرِّعَاءِ خَاصَّةً وَهُوَ قَوْلُ أَحْمد وَاخْتَارَهُ بن الْمُنْذِرِ أَعْنِي الِاخْتِصَاصَ بِأَهْلِ السِّقَايَةِ وَالرِّعَاءِ لِإِبِلٍ وَالْمَعْرُوفُ عَنْ أَحْمَدَ اخْتِصَاصُ الْعَبَّاسِ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُغْنِي.

     وَقَالَ  الْمَالِكِيَّةُ يَجِبُ الدَّمُ فِي الْمَذْكُورَاتِ سِوَى الرِّعَاءِ قَالُوا وَمَنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ عَنْ كُلِّ لَيْلَةٍ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ عَنْ كُلِّ لَيْلَةٍ إِطْعَامُ مِسْكِينٍ وَقِيلَ عَنْهُ التَّصَدُّقُ بِدِرْهَمٍ وَعَنِ الثَّلَاثِ دَمٌ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ وَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ فِي الْبَابِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْبَابِ وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا اسْتِئْذَانُ الْأُمَرَاءِ وَالْكُبَرَاءِ فِيمَا يَطْرَأُ مِنَ الْمَصَالِحِ وَالْأَحْكَامِ وَبِدَارِ مَنِ اسْتُؤْمِرَ إِلَى الْإذْنِ عِنْدَ ظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ وَالْمُرَادُ بِأَيَّامِ مِنًى لَيْلَةُ الْحَادِيَ عَشَرَ وَاللَّتَيْنِ بَعْدَهُ وَوَقع فِي رِوَايَة روح عَن بن جُرَيْجٍ عِنْدَ أَحْمَدَ أَنَّ مَبِيتَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ بِمِنًى وَكَأَنَّهُ عَنَى لَيْلَةَ الْحَادِيَ عَشَرَ لِأَنَّهَا تَعْقُبُ يَوْمَ الْإِفَاضَةِ وَأَكْثَرُ النَّاسِ يُفِيضُونَ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ فِي الَّذِي يَلِيهِ وَهُوَ الْحَادِي عشر وَالله أعلم