فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم؟

( قَولُهُ بَابُ كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم)
أورد فِيهِ حَدِيث عَائِشَة وبن عُمَرَ فِي أَنَّهُ اعْتَمَرَ أَرْبَعًا وَكَذَا حَدِيثُ أَنَسٍ وَخَتَمَ بِحَدِيثِ الْبَرَاءِ أَنَّهُ اعْتَمَرَ مَرَّتَيْنِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَادِيثِهِمْ أَنَّهُ لَمْ يُعِدِ الْعُمْرَةَ الَّتِي قَرَنَهَا بِحَجَّتِهِ لِأَنَّ حَدِيثَهُ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِ ذَلِكَ وَقَعَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَالَّتِي فِي حَجَّتِهِ كَانَتْ فِي ذِي الْحِجَّةِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَعُدَّ أَيْضًا الَّتِي صُدَّ عَنْهَا وَإِنَّ كَانَتْ وَقَعَتْ فِي ذِي الْقَعْدَةِ أَوْ عَدَّهَا وَلَمْ يَعُدَّ عُمْرَةَ الْجِعْرَانَةِ لِخَفَائِهَا عَلَيْهِ كَمَا خَفِيَتْ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ مُحَرِّشٌ الْكَعْبِيُّ فِيمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَرَوَى يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ فِي زِيَادَاتِ الْمَغَازِي وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ جَمِيعًا عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ عُمَرٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَهُوَ مُوَافق لحَدِيث عَائِشَة وبن عُمَرَ وَزَادَ عَلَيْهِ تَعْيِينَ الشَّهْرِ لَكِنْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ ثَلَاثَ عُمَرٍ عُمْرَتَيْنِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَعُمْرَةً فِي شَوَّالٍ إِسْنَادُهُ قوي وَقد رَوَاهُ بن مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا لَكِنَّ قَوْلَهَا فِي شَوَّالٍ مُغَايِرٌ لِقَوْلِ غَيْرِهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَقَعَ فِي آخِرِ شَوَّالٍ وَأَوَّلِ ذِي الْقَعْدَةِ وَيُؤَيِّدهُ مَا رَوَاهُ بن مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَائِشَةَ لَمْ يَعْتَمِرْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا فِي ذِي الْقَعْدَةِ



[ قــ :1695 ... غــ :1775] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا جرير هُوَ بن عبد الحميد وَمَنْصُور هُوَ بن الْمُعْتَمِرِ .

     قَوْلُهُ  الْمَسْجِدَ يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  جَالِسٌ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ فِي رِوَايَةِ مفضل عَن مَنْصُور عِنْد أَحْمد فَإِذا بن عُمَرَ مُسْتَنِدٌ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ .

     قَوْلُهُ  وَإِذَا أُنَاسٌ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَإِذَا نَاسٌ بِغَيْرِ أَلْفٍ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ بِدْعَةٌ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ وَالْبَحْثُ فِيهِ فِي أَبْوَابِ التَّطَوُّعِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ قَالَ لَهُ يَعْنِي عُرْوَةَ وَصَرَّحَ بِهِ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ عَنْ جَرِيرٍ .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَرْبَعٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِأَبِي ذَرٍّ قَالَ أَرْبَعًا أَيِ اعْتَمر أَرْبعا قَالَ بن مَالِكٍ الْأَكْثَرُ فِي جَوَابِ الِاسْتِفْهَامِ مُطَابَقَةُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى وَقَدْ يُكْتَفَى بِالْمَعْنَى فَمِنَ الْأَوَّلِ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى قَالَ هِيَ عصاي فِي جَوَابِ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى وَمِنَ الثَّانِي .

     قَوْلُهُ  عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَرْبَعِينَ فِي جَوَابِ قَوْلِهِمْ كَمْ يَلْبَثُ فَأَضْمَرَ يَلْبَثُ وَنَصَبَ بِهِ أَرْبَعِينَ وَلَوْ قَصَدَ تَكْمِيلَ الْمُطَابَقَةَ لَقَالَ أَرْبَعُونَ لِأَنَّ الِاسْمَ الْمُسْتَفْهَمَ بِهِ فِي مَوْضِعِ الرَّفْعِ فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ النَّصْبَ وَالرَّفْعَ جَائِزَانِ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ أَرْبَعٌ إِلَّا أَنَّ النَّصْبَ أَقْيَسُ وَأَكْثَرُ نَظَائِرَ .

     قَوْلُهُ  إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ كَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَخَالَفَهُ أَبُو إِسْحَاقَ فَرَوَاهُ عَنْ مُجَاهِدٍ عَن بن عُمَرَ قَالَ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَائِشَةَ فَقَالَتِ اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ فَاخْتَلَفَا جَعَلَ مَنْصُورٌ الِاخْتِلَافَ فِي شَهْرِ الْعُمْرَةِ وَأَبُو إِسْحَاقَ الِاخْتِلَافَ فِي عَدَدِ الِاعْتِمَارِ وَيُمْكِنُ تَعَدُّدُ السُّؤَال بِأَن يكون بن عُمَرَ سُئِلَ أَوَّلًا عَنِ الْعَدَدِ فَأَجَابَ فَرَدَّتْ عَلَيْهِ عَائِشَةُ فَرَجَعَ إِلَيْهَا فَسُئِلَ مَرَّةً ثَانِيَةً فَأَجَابَ بِمُوَافَقَتِهَا ثُمَّ سُئِلَ عَنِ الشَّهْرِ فَأَجَابَ بِمَا فِي ظَنِّهِ وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ سَأَلَ عُرْوَةُ بن الزبير بن عُمَرَ فِي أَيِّ شَهْرٍ اعْتَمَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي رَجَبٍ .

     قَوْلُهُ  فَكَرِهْنَا أَنْ نَرُدَّ عَلَيْهِ زَادَ إِسْحَاقُ فِي رِوَايَتِهِ وَنُكَذِّبَهُ .

     قَوْلُهُ  وَسَمِعْنَا اسْتِنَانَ عَائِشَةَ أَيْ حِسَّ مُرُورِ السِّوَاكِ عَلَى أَسْنَانِهَا وَفِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ عَنْ عُرْوَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَإِنَّا لَنَسْمَعُ ضَرْبَهَا بِالسِّوَاكِ تَسْتَنُّ .

     قَوْلُهُ  عُمُرَاتٌ يَجُوزُ فِي مِيمِهَا الْحَرَكَاتُ الثَّلَاثُ .

     قَوْلُهُ  يَا أُمَّاهُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِسُكُونِ الْهَاءِ وَلِأَبِي ذَرٍّ يَا أُمَّهُ بِسُكُونِ الْهَاءِ أَيْضًا بِغَيْرِ أَلِفٍ وَقَوْلُ عُرْوَةَ لِهَذَا بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ لِكَوْنِهَا خَالَتَهُ وَبِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ لِكَوْنِهَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ .

     قَوْلُهُ  يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ذَكَرَتْهُ بِكُنْيَتِهِ تَعْظِيمًا لَهُ وَدَعَتْ لَهُ إِشَارَةً إِلَى أَنه نسي وَقَوْلها مَا اعْتَمَرَ أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمْرَة إِلَّا وَهُوَ أَي بن عُمَرَ شَاهِدُهُ أَيْ حَاضِرٌ مَعَهُ .

     وَقَالَتْ  ذَلِكَ مُبَالَغَةً فِي نِسْبَتِهِ إِلَى النِّسْيَانِ وَلَمْ تُنْكِرْ عَائِشَة على بن عُمَرَ إِلَّا قَوْلَهُ إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ .

     قَوْلُهُ  وَمَا اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ قَطُّ زَادَ عَطَاءٌ عَنْ عُرْوَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي آخِرِهِ قَالَ وبن عُمَرَ يَسْمَعُ فَمَا قَالَ لَا وَلَا نَعَمْ سَكَتَ





[ قــ :1698 ... غــ :1777] .

     قَوْلُهُ  عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ سَأَلْتُ عَائِشَةَ كَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ هَذَا الْوَجْه مطولا ذكر فِيهِ قصَّة بن عُمَرَ وَسُؤَالَهُ لَهُ نَحْوَ مَا رَوَاهُ مُجَاهِدٌ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ كَمِ اعْتَمَرَ وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَى مَا فِيهِ مِنْ فَائِدَةٍ زَائِدَةٍ وَأَغْرَبَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَقَالَ هَذَا الْحَدِيثُ لَا يَدْخُلُ فِي بَابِ كَمِ اعْتَمَرَ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي بَابِ مَتَى اعْتَمَرَ اه وَجَوَابُهُ أَنَّ غَرَضَ الْبُخَارِيِّ الطَّرِيقَ الْأُولَى وَإِنَّمَا أَوْرَدَ هَذِهِ لِيُنَبِّهَ عَلَى الْخِلَافِ فِي السِّيَاقِ





[ قــ :1699 ... غــ :1778] .

     قَوْلُهُ  وَعُمْرَةُ الْجِعْرَانَةِ إِذْ قَسَمَ غَنِيمَةَ أُرَاهُ حُنَيْنٍ كَذَا وَقَعَ هُنَا بِنَصْبِ غَنِيمَةٍ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ وَكَأَنَّ الرَّاوِي طَرَأَ عَلَيْهِ شَكٌّ فَأَدْخَلَ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إِلَيْهِ لَفْظَ أُرَاهُ وَهُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ أَظُنُّهُ وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ هُدْبَةَ عَنْ هَمَّامٍ بِغَيْرِ شَكٍّ فَقَالَ حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ وَسَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ حَسَّانٍ هَذِهِ الْعُمْرَةُ الرَّابِعَةُ وَلِهَذَا اسْتَظْهَرَ الْمُصَنِّفُ بِطَرِيقِ أَبِي الْوَلِيدِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي آخِرِ الْحَدِيثِ وَهُوَ





[ قــ :1700 ... غــ :1779] .

     قَوْلُهُ  وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الصَّمَدِ عَنْ هِشَامٍ فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ التَّقْصِيرَ فِيهِ مِنْ حَسَّانٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ الْعُمْرَةُ الرَّابِعَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَاخِلَةٌ فِي ضِمْنِ الْحَجِّ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعًا فَالْعُمْرَةُ حَاصِلَةٌ أَوْ مُفْرِدًا لَكِنَّ أَفْضَلَ أَنْوَاعِ الْإِفْرَادِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الْعُمْرَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتْرُكُ الْأَفْضَلَ انْتَهَى وَلَيْسَ مَا ادَّعَى أَنَّهُ الْأَفْضَلُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فَكَيْفَ يَنْسِبُ فِعْلَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِعْلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي يُحْتَجُّ بِهِ إِذَا نُسِبَ لِأَحَدٍ فِعْلُهُ عَلَى مَا يَخْتَارُ بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ رُجْحَانَهُ .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَلِيدِ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ رَدُّوهُ وَمِنَ الْقَابِلِ عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ بن التِّينِ هَذَا أُرَاهُ وَهْمًا لِأَنَّ الَّتِي رَدُّوهُ فِيهَا هِيَ عُمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ.
وَأَمَّا الَّتِي مِنْ قَابِلٍ فَلَمْ يَرُدُّوهُ مِنْهَا.

قُلْتُ لَا وَهْمَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ حَيْثُ رَدُّوهُ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا هُدْبَةُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ.

     وَقَالَ  اعْتَمَرَ أَيْ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ كُلَّهُنَّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ إِلَّا الَّتِي مَعَ حَجَّتِهِ الْحَدِيثَ كَذَا سَاقَهُ مُسْلِمٌ عَنْ هَدَّابِ بْنِ خَالِدٍ وَهُوَ هُدْبَةُ الْمَذْكُورُ وَقَولُهُ إِلَّا الَّتِي مَعَ حَجَّتِهِ اسْتشْكل بن التِّينِ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ فَقَالَ هُوَ كَلَامٌ زَائِدٌ وَالصَّوَابُ أَرْبَعُ عُمَرٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ عُمْرَةُ من الْحُدَيْبِيَةِ الْحَدِيثَ قَالَ وَقَدْ عَدَّ الَّتِي مَعَ حَجَّتِهِ فِي الْحَدِيثِ فَكَيْفَ يَسْتَثْنِيهَا أَوَّلًا وَأَجَابَ عِيَاضٌ بِأَنَّ الرِّوَايَةَ صَوَابٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْهَا ثَلَاثٌ وَالرَّابِعَةُ عُمْرَتُهُ فِي حَجَّتِهِ أَوِ الْمَعْنَى كُلُّهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ إِلَّا الَّتِي اعْتَمَرَ فِي حَجَّتِهِ لِأَنَّ الَّتِي فِي حَجَّتِهِ كَانَتْ فِي ذِي الْحِجَّةِ





[ قــ :1701 ... غــ :1781] .

     قَوْلُهُ  شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ بِمُعْجَمَةٍ أَوَّلُهُ وَمُهْمَلَةٍ آخِرُهُ وَإِبْرَاهِيم بن يُوسُف أَي بن إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ وَرِجَالُ هَذَا الْحَدِيثِ كُلُّهُمْ كُوفِيُّونَ إِلَّا عَطَاءً وَمُجَاهِدًا وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ مُحْرِمًا فِي حَجَّتِهِ وَالْجَمْعِ بَيْنَ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ وَالْمَشْهُورُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ كَانَ مُفْرِدًا وَحَدِيثُهُ هَذَا يشْعر بِأَنَّهُ كَانَ قَارنا وَكَذَا بن عُمَرَ أَنْكَرَ عَلَى أَنَسٍ كَوْنَهُ كَانَ قَارِنًا مَعَ أَنَّ حَدِيثَهُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَارِنًا لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ اعْتَمَرَ بَعْدَ حَجَّتِهِ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنَّهُ اعْتَمَرَ مَعَ حَجَّتِهِ وَلَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا لِأَنَّهُ اعْتَذَرَ عَن ذَلِك بِكَوْنِهِ سَاق الْهَدْي وَاحْتَاجَ بن بَطَّالٍ إِلَى تَأْوِيلِ مَا وَقَعَ عَنْ عَائِشَةَ وبن عُمَرَ هُنَا فَقَالَ إِنَّمَا تَجُوزُ نِسْبَةُ الْعُمْرَةِ الرَّابِعَةِ إِلَيْهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ أَمَرَ النَّاسَ بِهَا وَعُمِلَتْ بِحَضْرَتِهِ لَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَهَا بِنَفْسِهِ وَمَنْ تَأَمَّلَ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْجَمْعِ اسْتَغْنَى عَنْ هَذَا التَّأْوِيلِ الْمُتَعَسِّفِ.

     وَقَالَ  بن التِّينِ فِي عَدِّهِمْ عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ الَّتِي صُدَّ عَنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا عُمْرَةٌ تَامَّةٌ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى صِحَّةِ قَوْلِ الْجُمْهُورِ إِنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَى مَنْ صُدَّ عَنِ الْبَيْتِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ عُمْرَةُ الْقَضِيَّةِ بَدَلًا عَنْ عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ لَكَانَتَا وَاحِدَةً وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ عُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ وَالْقَضَاءِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاضَى قُرَيْشًا فِيهَا لَا أَنَّهَا وَقَعَتْ قَضَاءً عَنِ الْعُمْرَةِ الَّتِي صُدَّ عَنْهَا إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَتَا عُمْرَةً وَاحِدَةً وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ الِاعْتِمَارِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ بِخِلَافِ مَا كَانَ عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الصَّحَابِيَّ الْجَلِيلَ الْمُكْثِرَ الشَّدِيدَ الْمُلَازَمَةِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ بَعْضُ أَحْوَالِهِ وَقَدْ يَدْخُلُهُ الْوَهْمُ وَالنِّسْيَانُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَعْصُومٍ وَفِيهِ رَدُّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ عَلَى بَعْضٍ وَحُسْنُ الْأَدَبِ فِي الرَّدِّ وَحُسْنُ التَّلَطُّفِ فِي اسْتِكْشَافِ الصَّوَابِ إِذَا ظَنَّ السَّامِعُ خَطَأَ الْمُحَدِّثِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ سُكُوتُ بن عُمَرَ عَلَى إِنْكَارِ عَائِشَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ أَوْ نَسِيَ أَوْ شَكَّ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ عَدَمُ إِنْكَارِهِ عَلَى عَائِشَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَلَى وَهْمٍ وَأَنَّهُ رَجَعَ لقولها وَقد تعسف من قَالَ أَن بن عُمَرَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ عُمْرَةً قَبْلَ هِجْرَتِهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا لَكِنَّ قَوْلَ عَائِشَةَ مَا اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ مُطَابَقَةِ رَدِّهَا عَلَيْهِ لِكَلَامِهِ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ بَيَّنَتِ الْأَرْبَعَ وَأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ فَمَا الَّذِي كَانَ يَمْنَعُهُ أَنْ يُفْصِحَ بِمُرَادِهِ فَيَرْجِعَ الْإِشْكَالُ وَأَيْضًا فَإِنَّ قَوْلَ هَذَا الْقَائِلِ لِأَنَّ قُرَيْشًا كَانُوا يَعْتَمِرُونَ فِي رَجَبٍ يَحْتَاجُ إِلَى نَقْلٍ وَعَلَى تَقْدِيرِهِ فَمِنْ أَيْنَ لَهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَافَقَهُمْ وَهَبْ أَنَّهُ وَافَقَهُمْ فَكَيْفَ اقْتَصَرَ عَلَى مرّة