فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب خرص الثمر

( قَولُهُ بَابُ خَرْصِ التَّمْرِ)
أَيْ مَشْرُوعِيَّتُهُ وَالْخَرْصُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا وَبِسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ هُوَ حَزْرُ مَا عَلَى النَّخْلِ مِنَ الرُّطَبِ تَمْرًا حَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ تَفْسِيرَهُ أَنَّ الثِّمَارَ إِذَا أُدْرِكَتْ مِنَ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ بَعَثَ السُّلْطَانُ خَارِصًا يَنْظُرُ فَيَقُولُ يُخْرَجُ مِنْ هَذَا كَذَا وَكَذَا زَبِيبًا وَكَذَا وَكَذَا تَمْرًا فَيُحْصِيهِ وَيَنْظُرُ مَبْلَغَ الْعُشْرِ فَيُثْبِتُهُ عَلَيْهِمْ وَيُخَلِّي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الثِّمَارِ فَإِذَا جَاءَ وَقْتُ الْجِذَاذِ أُخِذَ مِنْهُمُ الْعُشْرُ انْتَهَى وَفَائِدَةُ الْخَرْصِ التَّوْسِعَةُ عَلَى أَرْبَابِ الثِّمَارِ فِي التَّنَاوُلِ مِنْهَا وَالْبَيْعِ مِنْ زَهْوِهَا وَإِيثَارِ الْأَهْلِ وَالْجِيرَانِ وَالْفُقَرَاءِ لِأَنَّ فِي مَنْعِهِمْ مِنْهَا تَضْيِيقًا لَا يَخْفَى.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ أَنْكَرَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ الْخَرْصَ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ إِنَّمَا كَانَ يَفْعَلُ تَخْوِيفًا لِلْمُزَارِعِينَ لِئَلَّا يَخُونُوا لَا لِيُلْزَمَ بِهِ الْحُكْمُ لِأَنَّهُ تَخْمِينٌ وَغُرُورٌ أَوْ كَانَ يَجُوزُ قَبْلَ تَحْرِيمِ الرِّبَا وَالْقِمَارِ.
وَتَعَقَّبَهُ الْخَطَّابِيُّ بِأَنَّ تَحْرِيمَ الرِّبَا وَالْمَيْسِرِ مُتَقَدِّمٌ وَالْخَرْصُ عُمِلَ بِهِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى مَاتَ ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَمَنْ بَعْدَهُمْ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَا مِنَ التَّابِعِينَ تَرْكُهُ إِلَّا عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ مْ إِنَّهُ تَخْمِينٌ وَغُرُورٌ فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ اجْتِهَادٌ فِي مَعْرِفَةِ مِقْدَارِ التَّمْرِ وَإِدْرَاكِهِ بِالْخَرْصِ الَّذِي هُوَ نَوْعٌ مِنَ الْمَقَادِيرِ وَحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ قَوْمٍ مِنْهُمْ أَنَّ الْخَرْصَ كَانَ خَاصًّا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ كَانَ يُوَفَّقُ مِنَ الصَّوَابِ مَا لَا يُوَفَّقُ لَهُ غَيْرُهُ.
وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ غَيْرِهِ لَا يُسَدَّدُ لِمَا كَانَ يُسَدَّدُ لَهُ سَوَاءٌ أَنْ تَثْبُتَ بِذَلِكَ الْخُصُوصِيَّةُ وَلَوْ كَانَ الْمَرْءُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاتِّبَاعُ إِلَّا فِيمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يُسَدَّدُ فِيهِ كَتَسْدِيدِ الْأَنْبِيَاءِ لَسَقَطَ الِاتِّبَاعُ وَتَرِدُ هَذِهِ الْحُجَّةُ أَيْضًا بِإِرْسَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَرَّاصَ فِي زَمَانِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاعْتَلَّ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحْصُلَ لِلثَّمَرَةِ آفَةٌ فَتُتْلِفُهَا فَيَكُونَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ صَاحِبِهَا مَأْخُوذًا بَدَلًا مِمَّا لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقَائِلِينَ بِهِ لَا يُضَمِّنُونَ أَرْبَابَ الْأَمْوَال مَا تلف بعد الْخرص قَالَ بن الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ الْعِلْمُ أَنَّ الْمَخْرُوصَ إِذَا أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ قَبْلَ الْجِذَاذِ فَلَا ضَمَانَ



[ قــ :1423 ... غــ :1481] .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى هُوَ الْمَازِنِيُّ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ وُهَيْبٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَبَّاسٍ السَّاعِدِيّ هُوَ بن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَن سَهْلِ بْنِ بَكَّارٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ عَنِ الْعَبَّاس السَّاعِدِيّ يَعْنِي بن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ وُهَيْبٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ السَّاعِدِيُّ .

     قَوْلُهُ  غَزْوَةُ تَبُوكَ سَيَأْتِي شَرْحُهَا فِي الْمَغَازِي .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا جَاءَ وَادِي الْقُرَى هِيَ مَدِينَةٌ قَدِيمَةٌ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ سَيَأْتِي ذِكْرُهَا فِي الْبُيُوعِ وَأغْرب بن قُرْقُولٍ فَقَالَ إِنَّهَا مِنْ أَعْمَالِ الْمَدِينَةِ .

     قَوْلُهُ  إِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الِابْتِدَاءِ بِالنَّكِرَةِ لَكِنْ بِشَرْطِ الْإِفَادَةِ قَالَ بن مَالِكٍ لَا يَمْتَنِعُ الِابْتِدَاءُ بِالنَّكِرَةِ الْمَحْضَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ إِذَا لَمْ تَحْصُلْ فَائِدَةٌ فَلَوِ اقْتَرَنَ بِالنَّكِرَةِ الْمَحْضَةِ قَرِينَةٌ يَتَحَصَّلُ بِهَا الْفَائِدَةُ جَازَ الِابْتِدَاءُ بِهَا نَحْوُ انْطَلَقْتُ فَإِذَا سَبْعٌ فِي الطَّرِيقِ إِلَخْ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عِنْدَ مُسْلِمٍ فَأَتَيْنَا عَلَى حَدِيقَةِ امْرَأَةٍ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ .

     قَوْلُهُ  اخْرُصُوا بِضَمِّ الرَّاءِ زَادَ سُلَيْمَانُ فَخَرَصْنَا وَلَمْ أَقِفْ عَلَى أَسْمَاءِ مَنْ خَرَصَ مِنْهُمْ .

     قَوْلُهُ  وَخَرَصَ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ وَخَرَصَهَا .

     قَوْلُهُ  أَحْصِي أَيْ احْفَظِي عَدَدَ كَيْلِهَا وَفِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ أَحْصِيهَا حَتَّى نَرْجِعَ إِلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَصْلُ الْإِحْصَاءِ الْعَدَدُ بِالْحَصَى لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُحْسِنُونَ الْكِتَابَةَ فَكَانُوا يَضْبُطُونَ الْعَدَدَ بِالْحَصَى .

     قَوْلُهُ  سَتَهُبُّ اللَّيْلَةَ زَادَ سُلَيْمَانُ عَلَيْكُمْ .

     قَوْلُهُ  فَلَا يَقُومَنَّ أَحَدٌ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ فَلَا يَقُمْ فِيهَا أَحَدٌ مِنْكُمْ .

     قَوْلُهُ  فَلْيَعْقِلْهُ أَيْ يَشُدُّهُ بِالْعِقَالِ وَهُوَ الْحَبْلُ وَفِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ فليشد عقاله وَفِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ وَلَا يَخْرُجَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ إِلَّا وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ .

     قَوْلُهُ  فَقَامَ رَجُلٌ فَأَلْقَتْهُ بجبل طَيئ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِجَبَلَيْ طَيٍّ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَفَّانَ عَنْ وُهَيْبٍ وَلَمْ يَقُمْ فِيهَا أَحَدٌ غَيْرُ رَجُلَيْنِ أَلْقَتْهُمَا بِجَبَلِ طي وَفِيه نظر بَينته رِوَايَة بن إِسْحَاقَ وَلَفْظُهُ فَفَعَلَ النَّاسُ مَا أَمَرَهُمْ إِلَّا رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ خَرَجَ أَحَدُهُمَا لِحَاجَتِهِ وَخَرَجَ آخَرُ فِي طَلَبِ بَعِيرٍ لَهُ فَأَمَّا الَّذِي ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ فَإِنَّهُ خُنِقَ عَلَى مَذْهَبِهِ.
وَأَمَّا الَّذِي ذَهَبَ فِي طَلَبِ بَعِيرِهِ فَاحْتَمَلَتْهُ الرّيح حَتَّى طرحته بجبل طي فَأُخْبِرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ يَخْرُجَ رَجُلٌ إِلَّا وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ ثُمَّ دَعَا لِلَّذِي أُصِيبَ عَلَى مَذْهَبِهِ فَشُفِيَ.
وَأَمَّا الْآخَرُ فَإِنَّهُ وَصَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ مِنْ تَبُوكَ وَالْمُرَادُ بِجَبَلَيْ طَيٍّ الْمَكَانُ الَّذِي كَانَتِ الْقَبِيلَةُ الْمَذْكُورَةُ تَنْزِلُهُ وَاسْمُ الْجَبَلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَجَأٌ بِهَمْزَةٍ وَجِيمٍ مَفْتُوحَتَيْنِ بَعْدَهُمَا هَمْزَةٌ بِوَزْنِ قَمَرٍ وَقَدْ لَا تُهْمَزُ فَيَكُونُ بِوَزْنِ عَصا وسلمى وَهُمَا مَشْهُورَانِ وَيُقَالُ إِنَّهُمَا سُمِّيَا بِاسْمِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنَ الْعَمَالِيقِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ الرَّجُلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَأَظُنُّ تَرْكُ ذِكْرِهِمَا وَقَعَ عَمْدًا فقد وَقع فِي آخر حَدِيث بن إِسْحَاقَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَهُ أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ سَهْلٍ سَمَّى الرَّجُلَيْنِ وَلَكِنَّهُ اسْتَكْتَمَنِي إِيَّاهُمَا قَالَ وَأَبَى عَبْدُ اللَّهِ أَنْ يُسَمِّيَهُمَا لَنَا .

     قَوْلُهُ  وَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا لَامٌ مَفْتُوحَةٌ بَلْدَةٌ قَدِيمَةٌ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي بَابِ الْجُمُعَةِ فِي الْقُرَى وَالْمُدُنِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة سُلَيْمَان عِنْد مُسلم وَجَاء رَسُول بن الْعَلْمَاءِ صَاحِبِ أَيْلَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ وَأَهْدَى لَهُ بَغْلَةً بَيْضَاء وَفِي مغازي بن إِسْحَاقَ وَلَمَّا انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى تَبُوكَ أَتَاهُ يُوحَنَّا بْنُ رُوبَةَ صَاحِبُ أَيْلَةَ فَصَالَحَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْطَاهُ الْجِزْيَةَ وَكَذَا رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ فِي الْهَدَايَا مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ فَاسْتُفِيدَ مِنْ ذَلِكَ اسْمُهُ وَاسْمُ أَبِيهِ فَلَعَلَّ الْعَلْمَاءَ اسْمُ أُمِّهِ وَيُوحَنَّا بِضَمِّ التَّحْتَانِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَرُوبَةُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَاسْمُ الْبَغْلَةِ الْمَذْكُورَةِ دُلْدُلٌ هَكَذَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَنَقَلَ عَنِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ لَهُ بَغْلَةٌ سِوَاهَا وَتُعُقِّبَ بِأَن الْحَاكِم أخرج فِي الْمُسْتَدْرك عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ كِسْرَى أَهْدَى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةً فَرَكِبَهَا بِحَبْلٍ مِنْ شَعْرٍ ثُمَّ أَرْدَفَنِي خَلْفَهُ الْحَدِيثَ وَهَذِهِ غَيْرُ دُلْدُلٍ وَيُقَالُ إِنَّ النَّجَاشِيَّ أَهْدَى لَهُ بَغْلَةً وَأَنَّ صَاحِبَ دَوْمَةَ الْجَنْدَلِ أَهْدَى لَهُ بَغْلَةً وَأَنَّ دُلْدُلَ إِنَّمَا أَهْدَاهَا لَهُ الْمُقَوْقِسُ وَذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّ الَّتِي كَانَتْ تَحْتَهُ يَوْمَ حُنَيْنٍ تُسَمَّى فِضَّةَ وَكَانَتْ شَهْبَاءَ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي هَذِهِ الْبَغْلَةِ أَنَّ فَرْوَةَ أَهْدَاهَا لَهُ .

     قَوْلُهُ  وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ أَيْ بِبَلَدِهِمْ أَوِ الْمُرَادُ بِأَهْلِ بَحْرِهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا سُكَّانًا بِسَاحِلِ الْبَحْرِ أَيْ أَنَّهُ أَقَرَّهُ عَلَيْهِمْ بِمَا الْتَزَمُوهُ مِنَ الْجِزْيَةِ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِبَحْرَتِهِمْ أَيْ بَلْدَتِهِمْ وَقِيلَ الْبَحْرَةُ الْأَرْضُ وَذَكَرَ بن إِسْحَاقَ الْكِتَابَ وَهُوَ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ هَذِهِ أَمَنَةٌ مِنَ اللَّهِ وَمُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللَّهِ لِيُوحَنَّا بْنِ رُوبَةَ وَأَهْلِ أَيْلَةَ سُفُنُهُمْ وَسَيَّارَتُهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ لَهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ وَمُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَسَاقَ بَقِيَّةَ الْكِتَابِ .

     قَوْلُهُ  كَمْ جَاءَ حَدِيقَتُكَ أَيْ تَمْرُ حَدِيقَتِكَ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَسَأَلَ الْمَرْأَة عَن حديقتها كم بَلَغَ ثَمَرُهَا وَقَولُهُ عَشْرَةً بِالنَّصْبِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَوْ عَلَى الْحَالِ وَقَولُهُ خَرْصَ بِالنَّصْبِ أَيْضًا إِمَّا بَدَلًا وَإِمَّا بَيَانًا وَيَجُوزُ الرَّفْعُ فِيهِمَا وَتَقْدِيرُهُ الْحَاصِلُ عَشْرَةُ أَوْسُقٍ وَهُوَ خَرْصُ رَسُول الله قَوْله فَلَمَّا قَالَ بن بكار كلمة مَعْنَاهَا أشرف على الْمَدِينَة بن بَكَّارٍ هُوَ سَهْلٌ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ شَكَّ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ فَقَالَ هَذَا وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ عَنْ فَارُوقٍ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ سَهْلٍ فَذَكَرَهَا بِهَذَا اللَّفْظِ سَوَاءٍ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَدِينَةِ فِي فَضْلِ الْمَدِينَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَنْصَارِ فِي مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ فَإِنَّهُ سَاقَ ذَلِكَ هُنَاكَ أَتَمَّ مِمَّا هُنَا وَقَولُهُ طَابَةُ هُوَ مِنْ أَسْمَاءِ الْمَدِينَةِ كَطَيْبَةَ .

     قَوْلُهُ  وقَال سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ حَدَّثَنِي عَمْرٌو يَعْنِي بن يَحْيَى بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَهَذِهِ الطَّرِيقُ مَوْصُولَةٌ فِي فَضَائِل الْأَنْصَار قَوْله.

     وَقَالَ  سُلَيْمَان هُوَ بن بِلَالٍ الْمَذْكُورُ وَسَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْأَنْصَارِيُّ أَخُو يَحْيَى بْنِ سعيد وعباس هُوَ بن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَهِيَ مَوْصُولَةٌ فِي فَوَائِدِ عَلِيِّ بْنِ خُزَيْمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيّ حَدثنَا أَيُّوب بن سُلَيْمَان أَي بن بِلَالٍ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ فَذَكَرَهُ وَأَوَّلُهُ أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ أَخَذَ طَرِيقَ غُرَابٍ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَتَرَكَ الْأُخْرَى فَسَاقَ الْحَدِيثَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَوَّلَهُ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ بَيَانُ قَوْلِهِ إِنِّي مُتَعَجِّلٌ إِلَى الْمَدِينَةِ فَمَنْ أَحَبَّ فَلْيَتَعَجَّلْ مَعِيَ أَيْ إِنِّي سَالِكٌ الطَّرِيقَ الْقَرِيبَةَ فَمَنْ أَرَادَ فَلْيَأْتِ مَعِيَ يَعْنِي مِمَّنْ لَهُ اقْتِدَارٌ عَلَى ذَلِكَ دُونَ بَقِيَّةِ الْجَيْشِ وَظَهَرَ أَنَّ عُمَارَةَ بْنَ غَزِيَّةَ خَالَفَ عَمْرَو بْنَ يَحْيَى فِي إِسْنَادِ الْحَدِيثِ فَقَالَ عَمْرٌو عَنْ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ.

     وَقَالَ  عُمَارَةُ عَنْ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَسْلُكَ طَرِيقَ الْجَمْعِ بِأَنْ يَكُونَ عَبَّاسٌ أَخَذَ الْقَدْرَ الْمَذْكُورَ وَهُوَ أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ مَعًا أَوْ حَمَلَ الْحَدِيثَ عَنْهُمَا مَعًا أَوْ كُلُّهُ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ وَمُعْظَمُهُ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ يُحَدِّثُ بِهِ تَارَةً عَنْ هَذَا وَتَارَةً عَنْ هَذَا وَلِذَلِكَ كَانَ لَا يَجْمَعُهُمَا وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ بن إِسْحَاقَ الْمَذْكُورَةِ عَبَّاسُ بْنُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَوْ عَبَّاسٌ عَنْ سَهْلٍ فَتَرَدَّدَ فِيهِ هَلْ هُوَ مُرْسَلٌ أَوْ رَوَاهُ عَنْ أَبِيهِ فَيُوَافِقُ قَوْلَ عُمَارَةَ لَكِنَّ سِيَاقَ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى أَتَمُّ مِنْ سِيَاقِ غَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَشْرُوعِيَّةُ الْخَرْصِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْخِلَافِ فِيهِ أَوَّلَ الْبَابِ وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِهِ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ فَحَكَى الصَّيْمَرِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَجْهًا بِوُجُوبِهِ.

     وَقَالَ  الْجُمْهُورُ هُوَ مُسْتَحَبٌّ إِلَّا إِنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِمَحْجُورٍ مَثَلًا أَوْ كَانَ شُرَكَاؤُهُ غَيْرَ مُؤْتَمَنِينَ فَيَجِبُ لِحِفْظِ مَالِ الْغَيْرِ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا هَلْ يَخْتَصُّ بِالنَّخْلِ أَوْ يُلْحَقُ بِهِ الْعِنَبُ أَوْ يَعُمُّ كُلُّ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ رَطِبًا وَجَافًّا وَبِالْأَوَّلِ قَالَ شُرَيْحٌ الْقَاضِي وَبَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَالثَّانِي قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَإِلَى الثَّالِثِ نَحَا الْبُخَارِيُّ وَهَلْ يَمْضِي قَوْلُ الْخَارِصِ أَوْ يَرْجِعُ إِلَى مَا آلَ إِلَيْهِ الْحَالُ بَعْدَ الْجَفَافِ الْأَوَّلُ قَوْلُ مَالِكٍ وَطَائِفَةٍ وَالثَّانِي قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَهَلْ يَكْفِي خَارِصٌ وَاحِدٌ عَارِفٌ ثِقَةٌ أَوْ لَا بُدَّ مِنَ اثْنَيْنِ وَهُمَا قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْأَوَّلِ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا هَلْ هُوَ اعْتِبَارٌ أَوْ تَضْمِينٌ وَهُمَا قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَظْهَرُهُمَا الثَّانِي وَفَائِدَتُهُ جَوَازُ التَّصَرُّفِ فِي جَمِيعِ الثَّمَرَةِ وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَالِكُ الثَّمَرَةَ بَعْدَ الْخَرْصِ أُخِذَتْ مِنْهُ الزَّكَاةُ بِحِسَابِ مَا خَرَصَ وَفِيهِ أَشْيَاءُ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ كَالْإِخْبَارِ عَنِ الرِّيحِ وَمَا ذَكَرَ فِي تِلْكَ الْقِصَّةِ وَفِيهِ تَدْرِيبُ الْأَتْبَاعِ وَتَعْلِيمُهُمْ وَأَخْذُ الْحَذَرِ مِمَّا يُتَوَقَّعُ الْخَوْفُ مِنْهُ وَفَضْلُ الْمَدِينَةِ وَالْأَنْصَارِ وَمَشْرُوعِيَّةُ الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ الْفُضَلَاءِ بِالْإِجْمَالِ وَالتَّعْيِينِ وَمَشْرُوعِيَّةُ الْهَدِيَّةِ وَالْمُكَافَأَةِ عَلَيْهَا تَكْمِيلٌ فِي السُّنَنِ وَصَحِيحِ بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ مَرْفُوعًا إِذَا خَرَصْتُمْ فَخُذُوا وَدَعُوا الثُّلُثَ فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فَدَعُوا الرُّبُعَ.

     وَقَالَ  بِظَاهِرِهِ اللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَغَيْرُهُمْ وَفَهِمَ مِنْهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ أَنَّهُ الْقَدْرُ الَّذِي يَأْكُلُونَهُ بِحَسَبِ احْتِيَاجِهِمْ إِلَيْهِ فَقَالَ يُتْرَكُ قَدْرُ احْتِيَاجِهِمْ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ وَسُفْيَانُ لَا يُتْرَكُ لَهُمْ شَيْء وَهُوَ الْمَشْهُور عَن الشَّافِعِي قَالَ بن الْعَرَبِيِّ وَالْمُتَحَصَّلُ مِنْ صَحِيحِ النَّظَرِ أَنْ يُعْمَلَ بِالْحَدِيثِ وَهُوَ قَدْرُ الْمُؤْنَةِ وَلَقَدْ جَرَّبْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ كَذَلِكَ فِي الْأَغْلَبِ مِمَّا يُؤْكَلُ رَطْبًا .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَبُو عبيد هُوَ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ الْإِمَامُ الْمَشْهُورُ صَاحِبُ الْغَرِيبِ وَكَلَامُهُ هَذَا فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ لَهُ.

     وَقَالَ  صَاحِبُ الْمُحْكَمِ هُوَ مِنَ الرِّيَاضِ كُلُّ أَرْضٍ اسْتَدَارَتْ وَقِيلَ كُلُّ أَرْضٍ ذَاتِ شَجَرٍ مُثْمِرٍ وَنَخْلٍ وَقِيلَ كُلُّ حُفْرَةٍ تَكُونُ فِي الْوَادِي يُحْتَبَسُ فِيهَا الْمَاءُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَاءٌ فَهُوَ حَدِيقَةٌ وَيُقَالُ الْحَدِيقَةُ أَعْمَقُ مِنَ الْغَدِيرِ وَالْحَدِيقَةُ الْقِطْعَةُ مِنَ الزَّرْعِ يَعْنِي أَنه من الْمُشْتَرك