فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب العفو في الخطإ بعد الموت

( قَولُهُ بَابُ الْعَفْوِ فِي الْخَطَإِ بَعْدَ الْمَوْتِ)
أَيْ عَفْوِ الْوَلِيِّ لَا عَفْوِ الْمَقْتُولِ لِأَنَّهُ مُحَالٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَدْخُلَ وَإِنَّمَا قَيَّدَهُ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ إِلَّا فِيهِ إِذْ لَوْ عَفَا الْمَقْتُولُ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَظْهَرْ لِعَفْوِهِ أَثَرٌ لِأَنَّهُ لَوْ عَاشَ تَبَيَّنَ أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ يَعْفُو عَنْهُ.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ عَفْوَ الْوَلِيِّ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَقْتُولِ.
وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَالْعَفْوُ لِلْقَتِيلِ خِلَافًا لِأَهْلِ الظَّاهِرِ فَإِنَّهُمْ أَبْطَلُوا عَفْوَ الْقَتِيلِ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْوَلِيَّ لَمَّا قَامَ مَقَامَ الْمَقْتُولِ فِي طَلَبِ مَا يَسْتَحِقُّهُ فَإِذَا جُعِلَ لَهُ الْعَفْوُ كَانَ ذَلِكَ لِلْأَصِيلِ أَوْلَى وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ مُرْسَلِ قَتَادَةَ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ لَمَّا دَعَا قَوْمَهُ إِلَى الْإِسْلَامِ فَرُمِيَ بِسَهْمٍ فَقُتِلَ عَفَا عَنْ قَاتِلِهِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ فَأَجَازَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَفْوَهُ



[ قــ :6520 ... غــ :6883] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بِفَاءٍ هُوَ بن أَبِي الْمَغْرَاءَ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ سَقَطَ هَذَا الْقَدْرُ لِأَبِي ذَرٍّ وَتَحَوَّلَ إِلَى السَّنَدِ الْآخَرِ فَصَارَ ظَاهِرُهُ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ سَوَاءٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي زَكَرِيَّا فِي السَّنَدِ الثَّانِي هُوَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ وَسَاقَ الْمَتْنَ هُنَا عَلَى لَفْظِهِ.
وَأَمَّا لَفْظُ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ فَتَقَدَّمَ فِي بَابِ مَنْ حَنِثَ نَاسِيًا مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ حُذَيْفَةُ غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّ دِيَتَهُ وَجَبَتْ عَلَى مَنْ حَضَرَ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ عَفَوْتُ عَنْكُمْ وَهُوَ لَا يَعْفُو إِلَّا عَنْ شَيْءٍ اسْتُحِقَّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ فِي السُّنَنِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْطَأَ الْمُسْلِمُونَ بِأَبِي حُذَيْفَةَ يَوْمَ أُحُدٍ حَتَّى قَتَلُوهُ فَقَالَ حُذَيْفَةُ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَبَلَغَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَادَهُ عِنْدَهُ خَيْرًا وَوَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تَرُدُّ قَوْلَ مَنْ حَمَلَ قَوْلَهُ فَلَمْ يَزَلْ فِي حُذَيْفَةَ مِنْهَا بَقِيَّةُ خَيْرٍ عَلَى الْحُزْنِ عَلَى أَبِيهِ وَقَدْ أَوْضَحْتُ الرَّدَّ عَلَيْهِ فِي بَابِ مَنْ حَنِثَ نَاسِيًا وَيُؤْخَذُ مِنْهَا أَيْضًا التَّعَقُّبُ عَلَى الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ حَيْثُ قَالَ حَمَلَ الْبُخَارِيُّ قَوْلَ حُذَيْفَةَ غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَى الْعَفْوِ عَنِ الضَّمَانِ وَلَيْسَ بِصَرِيحٍ فَيُجَابُ بِأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ بِهَذَا الَّذِي هُوَ غَيْرُ صَرِيحٍ إِلَى مَا وَرَدَ صَرِيحًا وَإِنْ كَانَ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ فَإِنَّهُ يُؤَيّد مَا ذهب إِلَيْهِ