فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب إذا وكل رجلا، فترك الوكيل شيئا فأجازه الموكل فهو جائز، وإن أقرضه إلى أجل مسمى جاز

( قَولُهُ بَابُ إِذَا وَكَّلَ رَجُلًا فَتَرَكَ الْوَكِيلُ شَيْئًا فَأَجَازَهُ الْمُوَكِّلُ)
فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ أَقْرَضَهُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى جَازَ أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي حِفْظِهِ زَكَاةُ رَمَضَانَ قَالَ الْمُهَلَّبُ مَفْهُومُ التَّرْجَمَةِ أَنَّ الْمُوَكِّلَ إِذَا لَمْ يُجِزْ مَا فَعَلَهُ الْوَكِيلُ مِمَّا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ قَالَ.
وَأَمَّا قَوْله وَأَن أَقْرَضَهُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى جَازَ أَيْ إِنْ أَجَازَهُ الْمُوَكِّلُ أَيْضًا قَالَ وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ الْمُؤْتَمَنَ إِذَا أَقْرَضَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْوَدِيعَةِ وَغَيْرِهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ وَكَانَ رَبُّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ قَالَ وَأُخِذَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ بِطَرِيقِ أَنَّ الطَّعَامَ كَانَ مَجْمُوعًا لِلصَّدَقَةِ وَكَانُوا يَجْمَعُونَهُ قَبْلَ إِخْرَاجِهِ وَإِخْرَاجُهُ كَانَ لَيْلَةَ الْفِطْرِ فَلَمَّا شَكَا السَّارِقُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ الْحَاجَةَ تَرَكَهُ فَكَأَنَّهُ أَسْلَفَهُ لَهُ إِلَى أَجَلٍ وَهُوَ وَقْتُ الْإِخْرَاجِ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ تُؤْخَذُ الْمُنَاسَبَةُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ أَمْهَلَهُ إِلَى أَنْ رَفْعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا قَالَ



[ قــ :2215 ... غــ :2311] .

     قَوْلُهُ  وقَال عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ هَكَذَا أورد الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ هُنَا وَلَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ بِالتَّحْدِيثِ وَزعم بن الْعَرَبِيِّ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ وَأَعَادَهُ كَذَلِكَ فِي صِفَةِ إِبْلِيسَ وَفِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ لَكِنْ بِاخْتِصَارٍ وَقَدْ وَصَلَهُ النَّسَائِيُّ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طُرُقٍ إِلَى عُثْمَانَ الْمَذْكُورِ وَذَكَرْتُهُ فِي تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُنِيبٍ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سَلَّامٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ يَعْقُوبَ الْجُوزَجَانِيِّ وَهِلَالِ بْنِ بِشْرٍ الصَّوَّافِ وَمُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الَّذِي يُقَالُ لَهُ تِمْتَامٌ وَأَقْرَبُهُمْ لِأَنْ يَكُونَ الْبُخَارِيُّ أَخَذَهُ عَنْهُ إِنْ كَانَ مَا سَمِعَهُ من بن الْهَيْثَمِ هِلَالُ بْنُ بِشْرٍ فَإِنَّهُ مِنْ شُيُوخِهِ أَخْرَجَ عَنْهُ فِي جَزْءِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ النَّسَائِيِّ أَخْرَجَهَا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَوَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الرُّويَانِيُّ .

     قَوْلُهُ  وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو بِإِسْكَانِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ يُقَالُ حَثَا يَحْثُو وَحَثَى يَحْثِي وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَوَجَدَ أَثَرَ كَفٍّ كَأَنَّهُ قَدْ أُخِذُ مِنْهُ وَلِابْنِ الضُّرَيْسِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَإِذَا التَّمْرُ قَدْ أُخِذَ مِنْهُ مِلْءُ كَفٍّ .

     قَوْلُهُ  فَأَخَذْتُهُ زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ شكى ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَو لَا فَقَالَ لَهُ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَأْخُذَهُ فَقُلْ سُبْحَانَ مَنْ سَخَّرَكَ لِمُحَمَّدٍ قَالَ فَقُلْتُهَا فَإِذَا أَنَا بِهِ قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيْ فَأَخَذْتُهُ .

     قَوْلُهُ  لَأَرْفَعَنَّكَ أَيْ لَأَذْهَبَنَّ بِكَ أَشْكُوكَ يُقَالُ رَفَعَهُ إِلَى الْحَاكِمِ إِذَا أَحْضَرَهُ لِلشَّكْوَى .

     قَوْلُهُ  إِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ أَيْ نَفَقَةُ عِيَالٍ أَوْ عَلَيَّ بِمَعْنَى لِي وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ فَقَالَ إِنَّمَا أَخَذْتُهُ لِأَهْلِ بَيْتٍ فُقَرَاءَ مِنَ الْجِنِّ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَلَا أَعُودُ .

     قَوْلُهُ  وَلِي حَاجَةٌ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَبِي حَاجَةٌ .

     قَوْلُهُ  فَرَصَدْتُهُ أَيْ رَقَبْتُهُ .

     قَوْلُهُ  فَجَعَلَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَالْمُسْتَمْلِي فَجَاءَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ دَعْنِي أُعَلِّمُكَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ خَلِّ عَنِّي .

     قَوْلُهُ  يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا فِي رِوَايَةِ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ إِذَا قُلْتَهُنَّ لَمْ يَقْرُبْكَ ذَكَرٌ وَلَا أُنْثَى مِنَ الْجِنِّ وَفِي رِوَايَةِ بن الضُّرَيْسِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَا يَقْرُبُكَ مِنَ الْجِنِّ ذَكَرٌ وَلَا أُنْثَى صَغِيرٌ وَلَا كَبِيرٌ .

     قَوْلُهُ .

قُلْتُ مَا هُنَّ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مَا هُوَ أَيِ الْكَلَامُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ.

قُلْتُ وَمَا هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتُ .

     قَوْلُهُ  إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ عِنْدَ كُلِّ صَبَاحٍ وَمَسَاءٍ .

     قَوْلُهُ  آيَةَ الْكُرْسِيِّ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ من أَولهَا حَتَّى تختمها وَفِي رِوَايَة بن الضُّرَيْسِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَفِي حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مِنَ الزِّيَادَةِ وخاتمة سُورَة الْبَقَرَة أَمن الرَّسُول إِلَى آخِرِهَا.

     وَقَالَ  فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ ضَمَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمْرَ الصَّدَقَةِ فَكُنْتُ أَجِدُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ نُقْصَانًا فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي هُوَ عَمَلُ الشَّيْطَانِ فَارْصُدْهُ فَرَصَدْتُهُ فَأَقْبَلَ فِي صُورَةِ فِيلٍ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْبَابِ دَخَلَ مِنْ خَلَلِ الْبَابِ فِي غَيْرِ صُورَتِهِ فَدَنَا مِنَ التَّمْرِ فَجَعَلَ يَلْتَقِمُهُ فَشَدَدْتُ عَلَى ثِيَابِي فَتَوَسَّطْتُهُ وَفِي رِوَايَةِ الرُّويَانِيِّ فَأَخَذْتُهُ فَالْتَفَّتْ يَدِي عَلَى وَسَطِهِ فَقُلْتُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ وَثَبْتَ إِلَى تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَأَخَذْتَهُ وَكَانُوا أَحَقَّ بِهِ مِنْكَ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَفْضَحُكَ وَفِي رِوَايَةِ الرُّويَانِيِّ مَا أَدْخَلَكَ بَيْتِي تَأْكُلُ التَّمْرَ قَالَ أَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَقِيرٌ ذُو عِيَالٍ وَمَا أَتَيْتُكَ إِلَّا مِنْ نَصِيبِينَ وَلَوْ أَصَبْتَ شَيْئًا دُونَهُ مَا أَتَيْتُكَ وَلَقَدْ كُنَّا فِي مَدِينَتِكُمْ هَذِهِ حَتَّى بُعِثَ صَاحِبُكُمْ فَلَمَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِ آيَتَانِ تَفَرَّقْنَا مِنْهَا فَإِنْ خَلَّيْتَ سَبِيلِي عَلَّمْتُكَهُمَا.

قُلْتُ نَعَمْ قَالَ آيَةُ الْكُرْسِيِّ وَآخِرُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ قَوْلِهِ آمَنَ الرَّسُول إِلَى آخِرِهَا .

     قَوْلُهُ  لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَمْ يَزَلْ وَوَقَعَ عَكْسُ ذَلِكَ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي وَقَعَ فِي صِفَةِ إِبْلِيسَ وَهُوَ رِوَايَةُ النَّسَائِيِّ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ .

     قَوْلُهُ  مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ أَيْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أَوْ مِنْ جِهَةِ أَمْرِ اللَّهِ أَوْ مِنْ بَأْسِ اللَّهِ وَنِقْمَتِهِ .

     قَوْلُهُ  وَلَا يَقْرَبُكَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ .

     قَوْلُهُ  وَكَانُوا أَيِ الصَّحَابَةُ أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ فِيهِ الْتِفَاتٌ إِذِ السِّيَاقُ يَقْتَضِي أَنْ يَقُولَ وَكُنَّا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْكَلَامُ مُدْرَجًا مِنْ كَلَامِ بَعْضِ رُوَاتِهِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهُوَ مَسُوقٌ لِلِاعْتِذَارِ عَنْ تَخْلِيَةِ سَبِيلِهِ بَعْدَ الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ حِرْصًا عَلَى تَعْلِيمِ مَا يَنْفَعُ .

     قَوْلُهُ  صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ فِي حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ صَدَقَ الْخَبِيثُ وَهُوَ كَذُوبٌ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ أَو مَا عَلِمْتَ أَنَّهُ كَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  مُذْ ثَلَاثٍ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مُنْذُ ثَلَاثٍ .

     قَوْلُهُ  ذَاكَ شَيْطَانٌ كَذَا لِلْجَمِيعِ أَيْ شَيْطَانٌ مِنَ الشَّيَاطِينِ وَوَقَعَ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ ذَاكَ الشَّيْطَانُ وَاللَّامُ فِيهِ للْعهد الذهنى وَقَدْ وَقَعَ أَيْضًا لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَأَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَأَبِي أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عِنْد بن أَبِي الدُّنْيَا قِصَصٌ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَا يُشْبِهُ قِصَّةَ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا قِصَّةَ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ الَّتِي ذَكَرْتُهَا وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّعَدُّدِ فَفِي حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ كَانَ لَهُ جُرْنٌ فِيهِ تَمْرٌ وَأَنَّهُ كَانَ يَتَعَاهَدُهُ فَوَجَدَهُ يَنْقُصُ فَإِذَا هُوَ بِدَابَّةٍ شِبْهَ الْغُلَامِ الْمُحْتَلِمِ فَقُلْتُ لَهُ أَجِنِّيٌّ أَمْ إِنْسِيٌّ قَالَ بَلْ جِنِّيٌّ وَفِيهِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ بَلَغَنَا أَنَّكَ تُحِبُّ الصَّدَقَةَ وَأَحْبَبْنَا أَنْ نُصِيبَ مِنْ طَعَامِكَ قَالَ فَمَا الَّذِي يجيرنا مِنْكُمْ قَالَ هَذِهِ الآيةُ آيَةُ الْكُرْسِيِّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ صَدَقَ الْخَبِيثُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ سَهْوَةٌ أَيْ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَهِيَ الصُّفَّةُ فِيهَا تَمْرٌ وَكَانَتِ الْغُولُ تَجِيء فتأخذ مِنْهُ فَشَكَى ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِذَا رَأَيْتَهَا فَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ فَأَخَذَهَا فَحَلَفَتْ أَنْ لَا تَعُودَ فَذَكَرَ ذَلِكَ ثَلَاثًا فَقَالَتْ إِنِّي ذَاكِرَةٌ لَكَ شَيْئًا آيَةَ الْكُرْسِيِّ اقْرَأْهَا فِي بَيْتِكَ فَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ وَلَا غَيْرُهُ الْحَدِيثُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّهُ لَمَّا قَطَعَ تَمْرَ حَائِطِهِ جَعَلَهَا فِي غُرْفَةٍ وَكَانَتِ الْغُولُ تُخَالِفُهُ فَتَسْرِقُ تَمْرَهُ وَتُفْسِدُهُ عَلَيْهِ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ سَوَاءٌ.

     وَقَالَ  فِي آخِرِهِ وَأَدُلُّكَ عَلَى آيَةٍ تَقْرَؤُهَا فِي بَيْتِكَ فَلَا يُخَالَفُ إِلَى أَهْلِكَ وَتَقْرَؤُهَا عَلَى إِنَائِكَ فَلَا يُكْشَفُ غِطَاؤُهُ وَهِيَ آيَةُ الْكُرْسِيِّ ثُمَّ حَلَّتِ اسْتَهَا فَضَرَطَتْ الْحَدِيثَ وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى حَائِطِهِ فَسَمِعَ جَلَبَةً فَقَالَ مَا هَذَا قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْجِنِّ أَصَابَتْنَا السَّنَةُ فَأَرَدْتُ أَنْ أُصِيبَ مِنْ ثِمَارِكُمْ قَالَ لَهُ فَمَا الَّذِي يُعِيذُنَا مِنْكُمْ قَالَ آيَةُ الْكُرْسِيِّ .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ كَذُوبٌ مِنَ التَّتْمِيمِ الْبَلِيغِ الْغَايَةِ فِي الْحُسْنِ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ لَهُ الصِّدْقَ فَأَوْهَمَ لَهُ صِفَةَ الْمَدْحِ ثُمَّ اسْتَدْرَكَ ذَلِكَ بِصِفَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي الذَّمِّ بِقَوْلِهِ وَهُوَ كَذُوبٌ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَعْلَمُ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُؤْمِنُ وَأَنَّ الْحِكْمَةَ قَدْ يَتَلَقَّاهَا الْفَاجِرُ فَلَا يَنْتَفِعُ بِهَا وَتُؤْخَذُ عَنْهُ فَيَنْتَفِعُ بِهَا وَأَنَّ الشَّخْصَ قَدْ يَعْلَمُ الشَّيْءَ وَلَا يَعْمَلُ بِهِ وَأَنَّ الْكَافِرَ قَدْ يَصْدُقُ بِبَعْضِ مَا يَصْدُقُ بِهِ الْمُؤْمِنُ وَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ مُؤْمِنًا وَبِأَنَّ الْكَذَّابَ قَدْ يَصْدُقُ وَبِأَنَّ الشَّيْطَانَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكْذِبَ وَأَنَّهُ قَدْ يَتَصَوَّرُ بِبَعْضِ الصُّوَرِ فَتُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ وَأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا ترونهم مَخْصُوصٌ بِمَا إِذَا كَانَ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا وَأَنَّ مَنْ أُقِيمَ فِي حِفْظِ شَيْءٍ سُمِّيَ وَكِيلًا وَأَنَّ الْجِنَّ يَأْكُلُونَ مِنْ طَعَامِ الْإِنْسِ وَأَنَّهُمْ يَظْهَرُونَ لِلْإِنْسِ لَكِنْ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَأَنَّهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِكَلَامِ الْإِنْسِ وَأَنَّهُمْ يَسْرِقُونَ وَيَخْدَعُونَ وَفِيهِ فَضْلُ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَفَضْلُ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَأَنَّ الْجِنَّ يُصِيبُونَ مِنَ الطَّعَامِ الَّذِي لَا يُذْكَرُ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَفِيهِ أَنَّ السَّارِقَ لَا يُقْطَعُ فِي الْمَجَاعَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقَدْرُ الْمَسْرُوقُ لَمْ يَبْلُغِ النِّصَابَ وَلِذَلِكَ جَازَ لِلصَّحَابِيِّ الْعَفْوُ عَنْهُ قَبْلَ تَبْلِيغِهِ إِلَى الشَّارِعِ وَفِيهِ قَبُولُ الْعُذْرِ وَالسَّتْرِ عَلَى مَنْ يُظَنُّ بِهِ الصِّدْقُ وَفِيهِ اطِّلَاعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُغَيَّبَاتِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْلَمَهُ بِذَلِكَ وَفِيهِ جَوَازُ جَمْعِ زَكَاةِ الْفِطْرِ قَبْلَ لَيْلَةِ الْفِطْرِ وَتَوْكِيلِ الْبَعْضِ لِحِفْظِهَا وَتَفْرِقَتِهَا