فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الطيب للجمعة

( قَولُهُ بَابُ الطِّيبِ لِلْجُمُعَةِ)
لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَهُ أَيْضًا لِوُقُوعِ الِاحْتِمَالِ فِيهِ كَمَا سَبَقَ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ كَذَا فِي رِوَايَة بن عَسَاكِر وَهُوَ بن الْمَدِينِيِّ وَاقْتَصَرَ الْبَاقُونَ عَلَى حَدَّثَنَا عَلِيٌّ



[ قــ :854 ... غــ :880] .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ ظَاهِرٌ فِي أَنه سَمعه مِنْهُ قَالَ بن التِّينِ أَرَادَ بِهَذَا اللَّفْظِ التَّأْكِيدَ لِلرِّوَايَةِ انْتَهَى وَقَدْ أَدْخَلَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الْقَائِلُ أَشْهَدُ وَبَيْنَ أَبِي سَعِيدٍ رَجُلًا كَمَا سَيَأْتِي .

     قَوْلُهُ  وَأَنْ يَسْتَنَّ أَيْ يُدَلِّكَ أَسْنَانَهُ بِالسِّوَاكِ قَوْله وَأَن يمس بِفَتْح الْمِيم على الْأَفْصَحِ .

     قَوْلُهُ  إِنْ وَجَدَ مُتَعَلِّقٌ بِالطِّيبِ أَيْ إِنْ وَجَدَ الطِّيبَ مَسَّهُ وَيَحْتَمِلُ تَعَلُّقُهُ بِمَا قَبْلَهُ أَيْضًا وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَيَمَسُّ مِنَ الطِّيبِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَةِ وَلَوْ مِنْ طِيبِ الْمَرْأَةِ قَالَ عِيَاضٌ يَحْتَمِلُ .

     قَوْلُهُ  مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِرَادَةَ التَّأْكِيدِ لِيَفْعَلَ مَا أَمْكَنَهُ وَيَحْتَمِلُ إِرَادَةَ الْكَثْرَةِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  وَلَوْ مِنْ طِيبِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ لِلرَّجُلِ وَهُوَ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ فَإِبَاحَتُهُ لِلرَّجُلِ لِأَجْلِ عَدَمِ غَيْرِهِ يَدُلُّ عَلَى تَأَكُّدِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ وَيُؤْخَذُ مِنِ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْمَسِّ الْأَخْذُ بِالتَّخْفِيفِ فِي ذَلِكَ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى الرِّفْقِ وَعَلَى تَيْسِيرِ الْأَمْرِ فِي التَّطَيُّبِ بِأَنْ يَكُونَ بِأَقَلِّ مَا يُمْكِنُ حَتَّى إِنَّهُ يُجْزِئُ مَسُّهُ مِنْ غَيْرِ تَنَاوُلِ قَدْرٍ يُنْقِصُهُ تَحْرِيضًا عَلَى امْتِثَالِ الْأَمْرِ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ عَمْرٌو أَي بن سُلَيْمٍ رَاوِي الْخَبَرِ وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ إِلَيْهِ .

     قَوْلُهُ .
وَأَمَّا الِاسْتِنَانُ وَالطِّيبُ فَاللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا يُؤَيِّدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْعَطْفَ لَا يَقْتَضِي التَّشْرِيكَ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ وَكَأَنَّ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ تَأْكِيدُ الطَّلَبِ لِلثَّلَاثَةِ وَكَأَنَّهُ جَزَمَ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ دُونَ غَيْرِهِ لِلتَّصْرِيحِ بِهِ فِي الْحَدِيثِ وَتَوَقَّفَ فِيمَا عَدَاهُ لِوُقُوعِ الِاحْتِمَالِ فِيهِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  وَأَنْ يَسْتَنَّ مَعْطُوفًا عَلَى الْجُمْلَةِ الْمُصَرِّحَةِ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ فَيَكُونُ وَاجِبًا أَيْضًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ وَأَنْ يَسْتَنَّ وَيَتَطَيَّبَ اسْتِحْبَابًا وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ حَيْثُ قَالَ فِيهَا إِنَّ الْغُسْلَ وَاجِبٌ ثُمَّ قَالَ وَالسِّوَاكُ وَأَنْ يَمَسَّ مِنَ الطِّيبِ وَيَأْتِي فِي شَرْحِ بَابِ الدَّهْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَدِيث بن عَبَّاس وأصيبوا من الطّيب وَفِيه تردد بن عَبَّاس فِي وجوب الطّيب.

     وَقَالَ  بن الْجَوْزِيِّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  وَأَنْ يَسْتَنَّ إِلَخْ مِنْ كَلَامِ أَبِي سَعِيدٍ خَلَطَهُ الرَّاوِي بِكَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ سَاقَهُ بِلَفْظِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَأَنْ يَسْتَنَّ وَهَذَا لَمْ أَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ نُسَخِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ الَّذِي تكلم بن الْجَوْزِيِّ عَلَيْهِ وَلَا فِي وَاحِدٍ مِنَ الصَّحِيحَيْنِ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَسَانِيدِ وَالْمُسْتَخْرَجَاتِ بَلْ لَيْسَ فِي جَمِيعِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَدَعْوَى الْإِدْرَاجِ فِيهِ لَا حَقِيقَةَ لَهَا وَيَلْتَحِقُ بِالِاسْتِنَانِ وَالتَّطَيُّبِ التَّزَيُّنُ بِاللِّبَاسِ وَسَيَأْتِي اسْتِعْمَالُ الْخَمْسِ الَّتِي عُدَّتْ مِنَ الْفِطْرَةِ وَقَدْ صرح بن حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ بِهِ فَقَالَ يَلْزَمُ الْآتِي الْجُمُعَةَ جَمِيعُ ذَلِكَ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الدَّهْنِ لِلْجُمُعَةِ وَيَدْهُنُ مِنْ دُهْنِهِ وَيَمَسُّ مِنْ طِيبِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَيِ الْبُخَارِيُّ وَمُرَادُهُ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ وَإِنْ كَانَ يُكَنَّى أَيْضًا أَبَا بَكْرٍ لَكِنَّهُ مِمَّنْ كَانَ مَشْهُورًا بِاسْمِهِ دُونَ كُنْيَتِهِ بِخِلَافِ أَخِيهِ أَبِي بَكْرٍ رَاوِي هَذَا الْخَبَرِ فَإِنَّهُ لَا اسْمَ لَهُ إِلَّا كُنْيَتَهُ وَهُوَ مَدَنِيٌّ تَابِعِيٌّ كَشَيْخِهِ .

     قَوْلُهُ  رَوَى عَنْهُ بُكَيْرُ بْنُ الْأَشَجِّ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ رَوَاهُ عَنْهُ وَكَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ شُعْبَةَ لَمْ يَنْفَرِدْ بِرِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْهُ لَكِنْ بَيْنَ رِوَايَةِ بُكَيْرٍ وَسَعِيدٍ مُخَالَفَةٌ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْإِسْنَادِ فَرِوَايَةُ بُكَيْرٍ مُوَافِقَةٌ لِرِوَايَةِ شُعْبَةَ وَرِوَايَةُ سَعِيدٍ أَدْخَلَ فِيهَا بَيْنَ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَاسِطَةً كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي هِلَالٍ وَبُكَيْرَ بْنَ الْأَشَجِّ حَدَّثَاهُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

     وَقَالَ  فِي آخِرِهِ إِلَّا أَنَّ بُكَيْرًا لَمْ يَذْكُرْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيق بن لَهِيعَةَ عَنْ بُكَيْرٍ لَيْسَ فِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَغَفَلَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ عَنْ هَذَا الْكَلَامِ الْأَخِيرِ فَجَزَمَ بِأَنَّ بُكَيْرًا وَسَعِيدًا خَالَفَا شُعْبَةَ فَزَادَا فِي الْإِسْنَادِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ.

     وَقَالَ  إِنَّهُمَا ضَبَطَا إِسْنَادَهُ وَجَوَّدَاهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلِ الْمُنْفَرِدُ بِزِيَادَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ وَقَدْ وَافَقَ شُعْبَةَ وَبُكَيْرًا عَلَى إِسْقَاطِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ أَخُو أبي بكر أخرجه بن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِهِ وَالْعَدَدُ الْكَثِيرُ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ وَاحِدٍ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ سُلَيْمٍ سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ ثُمَّ لَقِيَ أَبَا سَعِيدٍ فَحَدَّثَهُ وَسَمَاعُهُ مِنْهُ لَيْسَ بِمُنْكَرٍ لِأَنَّهُ قَدِيمٌ وُلِدَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَلَمْ يُوصَفْ بِالتَّدْلِيسِ وَحَكَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ فِيهِ اخْتِلَافًا آخَرَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَذَكَرَ أَنَّ الْبَاغَنْدِيَّ حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ بِزِيَادَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَيْضًا وَخَالَفَهُ تَمَّامٌ عَنْهُ فَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَفِيمَا قَالَ نَظَرٌ فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنِ الْبَاغَنْدِيِّ بِإِسْقَاطِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بْنِ حَمْزَةَ وَأَبِي أَحْمَدَ الْغِطْرِيفِيِّ كِلَاهُمَا عَنِ الْبَاغَنْدِيِّ فَهَؤُلَاءِ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ حَدَّثُوا بِهِ عَنْ الْبَاغَنْدِيِّ فَلَمْ يَذْكُرُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فِي الْإِسْنَادِ فَلَعَلَّ الْوَهْمَ فِيهِ مِمَّنْ حَدَّثَ بِهِ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ الْبَاغَنْدِيِّ وَقَدْ وَافَقَ الْبُخَارِيُّ عَلَى تَرْكِ ذِكْرِهِ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى الذُّهْلِيَّ عِنْدَ الْجَوْزَقِيِّ وَمُحَمَّدَ بْنَ عبد الرَّحِيم صَاعِقَة عِنْد بن خُزَيْمَةَ وَعَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ سَلَّامٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَإِسْمَاعِيل القَاضِي عِنْد بن مَنْدَهْ فِي غَرَائِبِ شُعْبَةَ كُلُّهُمْ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ وَوَافَقَ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيَّ عَلَى ترك ذكره أَيْضا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بْنُ عَرْعَرَةَ عَنْ حَرَمِيِّ بْنِ عُمَارَةَ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ الْمَرُّوِذِيِّ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ لَهُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ إِلَّا من طَرِيق حرمي وَأَشَارَ بن مَنْدَهْ إِلَى أَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ تَنْبِيهٌ ذَكَرَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ قَالَ عَقِبَ رِوَايَةِ شُعْبَةَ هَذِهِ.

     وَقَالَ  اللَّيْثُ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا التَّعْلِيقِ فِي شَيْءٍ مِنَ النُّسَخِ الَّتِي وَقَعَتْ لَنَا مِنَ الصَّحِيحِ وَلَا ذَكَرَهُ أَبُو مَسْعُودٍ وَلَا خَلَفَ وَقَدْ وَصَلَهُ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْث كَذَلِك أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وبن خُزَيْمَةَ بِلَفْظِ أَنَّ الْغُسْلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ وَالسِّوَاكَ وَأَنْ يَمَسَّ مِنَ الطّيب مَا يقدر عَلَيْهِ