فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قول الله تعالى: {وبث فيها من كل دابة} [البقرة: 164]

( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَبث فِيهَا من كل دَابَّة)
كَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى سَبْقِ خَلْقِ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ عَلَى الْحَيَوَانِ أَوْ سَبْقِ جَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى خَلْقِ آدَمَ وَالدَّابَّةُ لُغَةً مَا دَبَّ مِنَ الْحَيَوَانِ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمُ الطَّيْرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بجناحيه وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى مَا مِنْ دَابَّةٍ الا هُوَ آخذ بناصيتها وَعُرْفًا ذَوَاتُ الْأَرْبَعِ وَقِيلَ يَخْتَصُّ بِالْفَرَسِ وَقِيلَ بِالْحِمَارِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّ خَلْقَ الدَّوَابِّ كَانَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ ذَلِك قبل خلق آدم قَوْله قَالَ بن عَبَّاس الثعبان الْحَيَّة الذّكر وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِهِ وَقِيلَ الثُّعْبَانُ الْكَبِيرُ مِنَ الْحَيَّاتِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى .

     قَوْلُهُ  يُقَالُ الْحَيَّاتُ أَجْنَاسٌ الْجَانُّ وَالْأَفَاعِي وَالْأَسَاوِدُ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ الْجَانُّ أَجْنَاسٌ قَالَ عِيَاضٌ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ.

قُلْتُ هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْقَصَصِ قَالَ فِي قَوْله كَأَنَّهَا جَان وَفِي قَوْله حَيَّة تسْعَى كَأَنَّهَا جَانٌّ مِنَ الْحَيَّاتِ أَوْ مِنْ حَيَّةِ الْجَانِّ فَجَرَى عَلَى أَنَّ ذَلِكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَقِيلَ كَانَتِ الْعَصَا فِي أَوَّلِ الْحَالِ جَانًّا وَهِي الْحَيَّةُ الصَّغِيرَةُ ثُمَّ صَارَتْ ثُعْبَانًا فَحِينَئِذٍ أَلْقَى الْعَصَا وَقِيلَ اخْتَلَفَ وَصْفُهَا بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهَا فَكَانَتْ كَالْحَيَّةِ فِي سَعْيِهَا وَكَالْجَانِّ فِي حَرَكَتِهَا وَكَالثُّعْبَانِ فِي ابْتِلَاعِهَا وَالْأَفَاعِي جَمْعُ أَفْعَى وَهِيَ الْأُنْثَى مِنَ الْحَيَّاتِ وَالذَّكَرُ مِنْهَا أُفْعُوَانٌ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْعَيْنِ وَكُنْيَةُ الْأُفْعُوَانِ أَبُو حَيَّانَ وَأَبُو يَحْيَى لِأَنَّهُ يَعِيشُ أَلْفَ سَنَةٍ وَهُوَ الشُّجَاعُ الْأَسْوَدُ الَّذِي يُوَاثِبُ الْإِنْسَانَ وَمِنْ صِفَةِ الْأَفْعَى إِذَا فُقِئَتْ عَيْنُهَا عَادَتْ وَلَا تُغْمِضُ حَدَقَتَهَا الْبَتَّةَ وَالْأَسَاوِدُ جَمْعُ أَسْوَدَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ هِيَ حَيَّةٌ فِيهَا سَوَادٌ وَهِيَ أَخْبَثُ الْحَيَّاتِ وَيُقَالُ لَهُ أَسْوَدُ سَالِخٌ لِأَنَّهُ يَسْلُخُ جِلْدَهُ كُلَّ عَامٍ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ عَنِ بن عُمَرَ مَرْفُوعًا أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ أَسَدٍ وَأَسْوَدَ وَقِيلَ هِيَ حَيَّةٌ رَقِيقَةٌ رَقْشَاءُ دَقِيقَةُ الْعُنُقِ عَرِيضَةُ الرَّأْسِ وَرُبَّمَا كَانَتْ ذَاتَ قَرْنَيْنِ وَالْهَاءُ فِي الْحَيَّةِ لِلْوَحْدَةِ كَدَجَاجَةٍ وَقَدْ عَدَّ لَهَا بن خَالَوَيْهِ فِي كِتَابِ لَيْسَ سَبْعِينَ اسْمًا .

     قَوْلُهُ  آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا فِي مُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مَا مِنْ دَابَّةٍ الا هُوَ آخذ بناصيتها أَيْ فِي قَبْضَتِهِ وَمُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ وَخَصَّ النَّاصِيَةَ بِالذِّكْرِ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي ذَلِكَ تَقُولُ نَاصِيَةُ فُلَانٍ فِي يَدِ فُلَانٍ إِذَا كَانَ فِي طَاعَتِهِ وَمِنْ ثَمَّ كَانُوا يَجُزُّونَ نَاصِيَةَ الْأَسِيرِ إِذَا أَطْلَقُوهُ .

     قَوْلُهُ  وَيُقَالُ صَافَّاتٍ بُسُطٌ أَجْنِحَتُهُنَّ وَقَولُهُ يَقْبِضْنَ يَضْرِبْنَ بِأَجْنِحَتِهِنَّ هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أَو لم يرَوا إِلَى الطير فَوْقهم صافات أَي باسطات أجنحتهن ويقبضن يضربن بأجنحتهن وروى بن أبي حَاتِم من طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى صَافَّاتٍ قَالَ بُسُطٌ أَجْنِحَتُهُنَّ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَحَادِيثَ الْأَوَّلُ حَدِيثُ أَبِي لُبَابَةَ .

     قَوْلُهُ  وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ تَثْنِيَةُ طُفْيَةٍ بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَهِيَ خُوصَةُ الْمُقَلِ وَالطَّفْيُ خُوصُ الْمُقَلِ شَبَّهَ بِهِ الْخَطَّ الَّذِي على ظهر الْحَيَّة.

     وَقَالَ  بن عَبْدِ الْبَرِّ يُقَالُ إنَّ ذَا الطُّفْيَتَيْنِ جِنْسٌ مِنَ الْحَيَّاتِ يَكُونُ عَلَى ظَهْرِهِ خَطَّانِ أَبْيَضَانِ



[ قــ :3148 ... غــ :3297] .

     قَوْلُهُ  وَالْأَبْتَرَ هُوَ مَقْطُوعُ الذَّنَبِ زَادَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ أَنَّهُ أَزْرَقُ اللَّوْنِ لَا تَنْظُرُ إِلَيْهِ حَامِلٌ إِلَّا أَلْقَتْ وَقِيلَ الْأَبْتَرُ الْحَيَّةُ القصيرة الذَّنب قَالَ الدَّاودِيّ هُوَ الأفعى الَّتِي تكون قدر شبر أَو أكبر قَلِيلًا وَقَولُهُ وَالْأَبْتَرَ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ بَيْنَ ذِي الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرِ وَوَقَعَ فِي الطَّرِيقِ الْآتِيَةِ لَا تَقْتُلُوا الْحَيَّاتِ إِلَّا كُلَّ أَبْتَرَ ذِي طُفْيَتَيْنِ وَظَاهِرُهُ اتِّحَادُهُمَا لَكِنْ لَا يَنْفِي الْمُغَايَرَةَ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّهُمَا يَطْمِسَانِ الْبَصَرَ أَيْ يَمْحُوَانِ نُورَهُ وَفِي رِوَايَة أبن أبي مليكَة عَن بن عُمَرَ وَيُذْهِبُ الْبَصَرَ وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فَإِنَّهُ يَلْتَمِسُ الْبَصَرَ .

     قَوْلُهُ  وَيَسْتَسْقِطَانِ الْحَبَلَ هُوَ بِفَتْحِ الْمُهْملَة وَالْمُوَحَّدَة الْجَنِين وَفِي رِوَايَة بن أبي مليكَة عَن بن عُمَرَ الْآتِيَةِ بَعْدَ أَحَادِيثَ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الْوَلَدَ وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْآتِي بَعْدَ أَحَادِيثَ وَيُصِيبُ الْحَبَلَ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهَا وَيُذْهِبُ الْحَبَلَ وَكُلُّهَا بِمَعْنًى .

     قَوْلُهُ  قَالَ عَبْدُ اللَّهِ هُوَ بن عُمَرَ وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ الَّتِي يَأْتِي التَّنْبِيه عَلَيْهَا قَالَ بن عُمَرَ فَكُنْتُ لَا أَتْرُكُ حَيَّةً إِلَّا قَتَلْتُهَا حَتَّى طَارَدْتُ حَيَّةً مِنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ الْحَدِيثَ وَقَولُهُ أُطَارِدُ أَيْ أَتْبَعُ وَأَطْلُبُ .

     قَوْلُهُ  فَنَادَانِي أَبُو لُبَابَةَ بِضَمِّ اللَّامِ وَبِمُوَحَّدَتَيْنِ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ اسْمُهُ بَشِيرٌ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَقِيلَ مُصَغَّرٌ وَقِيلَ بِتَحْتَانِيَّةٍ وَمُهْمَلَةٍ مُصَغَّرٌ وَقِيلَ رِفَاعَةُ وَقِيلَ بَلِ اسْمُهُ كُنْيَتُهُ وَرِفَاعَةُ وَبَشِيرٌ أَخَوَاهُ وَاسْمُ جَدِّهِ زَنْبَرٌ بِزَايٍ وَنُونٍ وَمُوَحَّدَةٍ وَزْنُ جَعْفَرٍ وَهُوَ أَوْسِيٌّ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنُ زَيْدٍ وَشَذَّ مَنْ قَالَ اسْمُهُ مَرْوَانُ وَلَيْسَ لَهُ فِي الصَّحِيحِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ وَكَانَ أَحَدَ النُّقَبَاءِ وَشَهِدَ أُحُدًا وَيُقَالُ شَهِدَ بَدْرًا وَاسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَدِينَةِ وَكَانَتْ مَعَهُ رَايَةُ قَوْمِهِ يَوْمَ الْفَتْحِ وَمَات فِي أول خِلَافَةِ عُثْمَانَ عَلَى الصَّحِيحِ .

     قَوْلُهُ  إِنَّهُ نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ أَيِ اللَّاتِي يُوجَدْنَ فِي الْبُيُوتِ وَظَاهِرُهُ التَّعْمِيمُ فِي جَمِيعِ الْبُيُوتِ وَعَنْ مَالِكٍ تَخْصِيصُهُ بِبُيُوتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقِيلَ يَخْتَصُّ بِبُيُوتِ الْمُدُنِ دُونَ غَيْرِهَا وَعَلَى كُلِّ قَوْلٍ فَتُقْتَلُ فِي الْبَرَارِي وَالصَّحَارِي مِنْ غير انذار وروى التِّرْمِذِيّ عَن بن الْمُبَارَكِ أَنَّهَا الْحَيَّةُ الَّتِي تَكُونُ كَأَنَّهَا فِضَّةٌ وَلَا تَلْتَوِي فِي مِشْيَتِهَا .

     قَوْلُهُ  وَهِيَ الْعَوَامِرُ هُوَ كَلَامُ الزُّهْرِيِّ أُدْرِجَ فِي الْخَبَرِ وَقَدْ بَيَّنَهُ مَعْمَرٌ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَسَاقَ الْحَدِيثَ.

     وَقَالَ  فِي آخِرِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَهِيَ الْعَوَامِرُ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ عُمَّارُ الْبُيُوتِ سُكَّانُهَا مِنَ الْجِنِّ وَتَسْمِيَتُهُنَّ عَوَامِرُ لِطُولِ لُبْثِهِنَّ فِي الْبُيُوتِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْعُمْرِ وَهُوَ طُولُ الْبَقَاءِ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا إِنَّ لِهَذِهِ الْبُيُوتِ عَوَامِرَ فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَحَرِّجُوا عَلَيْهِ ثَلَاثًا فَإِنْ ذَهَبَ وَإِلَّا فَاقْتُلُوهُ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالثَّلَاثِ فَقِيلَ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ وَقِيلَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَمَعْنَى قَوْلِهِ حَرِّجُوا عَلَيْهِنَّ أَنْ يُقَالَ لَهُنَّ أَنْتُنَّ فِي ضِيقٍ وَحَرَجٍ إِنْ لَبِثْتِ عِنْدَنَا أَوْ ظَهَرْتِ لَنَا أَوْ عُدْتِ إِلَيْنَا .

     قَوْلُهُ  وقَال عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ فَرَآنِي أَبُو لُبَابَةَ أَوْ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ يُرِيدُ أَنَّ مَعْمَرًا رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَلَى الشَّكِّ فِي اسْمِ الَّذِي لَقِيَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَرِوَايَتُهُ هَذِهِ أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهَا وَسَاقَهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ .

     قَوْلُهُ  وَتَابَعَهُ يُونُسُ أَي بن يزِيد وبن عُيَيْنَةَ أَيْ سُفْيَانَ وَإِسْحَاقُ الْكَلْبِيُّ وَالزُّبَيْدِيُّ أَيْ إِنَّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةَ تَابَعُوا مَعْمَرًا عَلَى رِوَايَتِهِ بِالشَّكِّ الْمَذْكُورِ فَأَمَّا رِوَايَةُ يُونُسَ فَوَصَلَهَا مُسْلِمٌ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهَا وَسَاقَهُ أَبُو عَوَانَةَ.
وَأَمَّا رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ فَأَخْرَجَهَا أَحْمَدُ وَالْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدَيْهِمَا عَنْهُ وَوَصَلَهَا مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِهِ وَفِي رِوَايَة مُسلم وَكَانَ بن عُمَرَ يَقْتُلُ كُلَّ حَيَّةٍ وَجَدَهَا فَأَبْصَرَهُ أَبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ أَوْ زَيْدُ بْنُ الْخطاب وَأما رِوَايَة إِسْحَاق وَهُوَ بن يَحْيَى الْكَلْبِيُّ فَرُوِّينَاهَا فِي نُسْخَتِهِ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ الزُّبَيْدِيِّ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْحِمْصِيُّ فَوَصَلَهَا مُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَتِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَكُنْتُ لَا أَتْرُكُ حَيَّةً أَرَاهَا إِلَّا قَتَلْتُهَا وَزَادَ فِي رِوَايَتِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَنَرَى ذَلِك من سميتها قَوْله.

     وَقَالَ  صَالح وبن أبي حَفْصَة وبن مُجَمِّعٍ إِلَخْ يَعْنِي أَنَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ رَوَوُا الْحَدِيثَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَجَمَعُوا فِيهِ بَيْنَ أَبِي لُبَابَةَ وَزَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ فَأَمَّا رِوَايَةُ صَالِحٍ وَهُوَ بن كَيْسَانَ فَوَصَلَهَا مُسْلِمٌ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهَا وَسَاقَهُ أَبُو عوَانَة وَأما رِوَايَة بن أَبِي حَفْصَةَ وَاسْمُهُ مُحَمَّدٌ فَرَوَيْنَاهَا فِي نُسْخَتِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ عَدِيٍّ مَوْصُولَةً وَأما رِوَايَة بن مُجَمِّعٍ وَهُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ بِالْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْأَنْصَارِيِّ الْمَدَنِيِّ فَوَصَلَهَا الْبَغَوِيُّ وبن السكن فِي كتاب الصَّحَابَة قَالَ بن السَّكَنِ لَمْ أَجِدْ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ أَبِي لبَابَة وَزيد بن الْخطاب الا بن مُجَمِّعٍ هَذَا وَجَعْفَرَ بْنَ بُرْقَانَ وَفِي رِوَايَتِهِمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ مَقَالٌ انْتَهَى وَغَفَلَ عَمَّا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ وَهُوَ عِنْدَهُ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ عَنْهُ فَسُبْحَانَ مَنْ لَا يَذْهَلُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ تَقَعْ لَهُ مَوْصُولَة من رِوَايَة بن أَبِي حَفْصَةَ وَصَالِحٍ فَصَارَ مَنْ رَوَاهُ بِالْجَمْعِ أَرْبَعَةً لَكِنْ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يُقَارِبُ الْخَمْسَةَ الَّذِينَ رَوَوْهُ بِالشَّكِّ إِلَّا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَن الَّذِي رأى بن عُمَرَ هُوَ أَبُو لُبَابَةَ بِغَيْرِ شَكٍّ وَهُوَ يُرَجِّحُ مَا جَنَحَ إِلَيْهِ الْبُخَارِيُّ مِنْ تَقْدِيمِهِ لِرِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ الْمُقْتَصِرَةِ عَلَى ذِكْرِ أَبِي لُبَابَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَيْسَ لِزَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ أَخِي عُمَرَ رِوَايَةٌ فِي الصَّحِيحِ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَزَعَمَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّ الْجِنَّ لَا تَتَمَثَّلُ بِذِي الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرِ فَلِذَلِكَ أَذِنَ فِي قَتْلِهِمَا وَسَيَأْتِي التَّعَقُّبُ عَلَيْهِ بَعْدَ قَلِيلٍ وَفِي الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنْ قَتْلِ الْحَيَّاتِ الَّتِي فِي الْبُيُوتِ إِلَّا بَعْدَ الْإِنْذَارِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَبْتَرَ أَوْ ذَا طُفْيَتَيْنِ فَيَجُوزُ قَتْلُهُ بِغَيْرِ إِنْذَارٍ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ الْإِذْنُ فِي قَتْلِ غَيْرِهِمَا بَعْدَ الْإِنْذَارِ وَفِيهِ فَإِنْ ذَهَبَ وَإِلَّا فَاقْتُلُوهُ فَإِنَّهُ كَافِرٌ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ لِلْإِرْشَادِ نَعَمْ مَا كَانَ مِنْهَا مُحَقَّقَ الضَّرَرِ وَجب دَفعه الثَّانِي حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرُ مَالِ الْمُسْلِمِ الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْإِيمَانِ وَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ ذَكَرَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ تَبَعًا لِأَبِي مَسْعُودٍ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَوْرَدَ الْحَدِيثَ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ فِي الْجِزْيَةِ وَهُوَ وَهْمٌ وَإِنَّمَا هُوَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ الثَّانِي وَقَعَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ قَبْلَ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا بَابُ خَيْرُ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَسَقَطَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَيْضًا وَهُوَ اللَّائِقُ بِالْحَالِ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي تَلِي حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ لَيْسَ فِيهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْغَنَمِ إِلَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ الثَّالِثُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ