فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب حبس نفقة الرجل قوت سنة على أهله، وكيف نفقات العيال

( قَولُهُ بَابُ حَبْسِ الرَّجُلِ قُوتَ سَنَةٍ عَلَى أَهْلِهِ وَكَيْفُ نَفَقَاتُ الْعِيَالِ)
ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عُمَرَ وَهُوَ مُطَابِقٌ لِرُكْنِ التَّرْجَمَةِ الْأَوَّلِ.
وَأَمَّا الرُّكْنُ الثَّانِي وَهُوَ كَيْفِيَّةُ النَّفَقَةِ عَلَى الْعِيَالِ فَلَمْ يَظْهَرْ لِي أَوَّلًا وَجْهُ أَخْذِهِ مِنَ الْحَدِيثِ وَلَا رَأَيْتُ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ ثُمَّ رَأَيْتُ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ دَلِيلُ التَّقْدِيرِ لِأَنَّ مِقْدَارَ نَفَقَةِ السَّنَةِ إِذَا عُرِفَ عُرِفَ مِنْهُ تَوْزِيعُهَا عَلَى أَيَّامِ السَّنَةِ فَيُعْرَفُ حِصَّةُ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ قَالَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ قَدْرٌ مُعَيَّنٌ مِنَ الْمُغَلِّ الْمَذْكُورِ وَالْأَصْلُ فِي الْإِطْلَاقِ التَّسْوِيَةُ



[ قــ :5065 ... غــ :5357] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ كَذَا فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَلِلْأَكْثَرِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ حَسْبُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ لِي مَعْمَرٌ قَالَ لِيَ الثَّوْرِيُّ هَذَا الحَدِيث مِمَّا فَاتَ بن عُيَيْنَةَ سَمَاعُهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ فَرَوَاهُ عَنْهُ بِوَاسِطَةِ مَعْمَرٍ وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِأَتَمَّ مِنْ سِيَاقِ مَعْمَرٍ وَتَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْحَشْرِ وَأَخْرَجَهُ الْحُمَيْدِيُّ وَأحمد فِي مسنديهما عَن سُفْيَان عَن مَعْمَرٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ جَمِيعًا عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ رِوَايَةَ مَعْمَرٍ وَحْدَهَا عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ وَقَدْ أَخْرَجَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ رِوَايَةَ مَعْمَرٍ مُنْفَرِدَةً عَنْ سُفْيَانَ عَنْهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ كَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ مِنْ مَالِ بَنِي النَّضِيرِ وَيَجْعَلُ مَا بَقِيَ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ الْحَدِيثَ مُطَوَّلًا مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَفِي كُلٍّ مِنَ الْإِسْنَادَيْنِ رِوَايَةُ الْأَقْرَانِ فَإِنَّ بن عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ قَرِينَانِ وَعَمْرَو بْنَ دِينَارٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ كَذَلِكَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْمُذَاكَرَةُ بِالْعِلْمِ وَإِلْقَاءُ الْعَالِمِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى نَظِيرِهِ لِيَسْتَخْرِجَ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْحِفْظِ وَتَثَبُّتُ مَعْمَرٍ وَإِنْصَافُهُ لِكَوْنِهِ اعْتَرَفَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحْضِرُ إِذْ ذَاكَ فِي الْمَسْأَلَةِ شَيْئًا ثُمَّ لَمَّا تَذَكَّرَهَا أَخْبَرَ بِالْوَاقِعَةِ كَمَا هيَ وَلَمْ يَأْنَفْ مِمَّا تَقَدَّمَ .

     قَوْلُهُ  كَانَ يَبِيعُ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَيَحْبِسُ لِأَهْلِهِ قوْتَ سَنَتِهِمْ كَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا ثُمَّ سَاقَ الْمُصَنِّفُ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ مِنْ طَرِيقِ عَقِيلٍ عَنِ بن شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي أَوَائِل فرض الْخمس قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ فِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الِادِّخَارِ لِلْأَهْلِ قُوتَ سَنَةٍ وَفِي السِّيَاقِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ كَانَ لَا يَدَّخِرُ شَيْئًا لِغَدٍ فَيُحْمَلُ عَلَى الِادِّخَارِ لِنَفْسِهِ وَحَدِيثُ الْبَابِ عَلَى الِادِّخَارِ لِغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ فِي ذَلِكَ مُشَارَكَةٌ لَكِنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُمُ الْمَقْصِدُ بِالِادِّخَارِ دُونَهُ حَتَّى لَوْ لَمْ يُوجَدُوا لَمْ يَدَّخِرْ قَالَ وَالْمُتَكَلِّمُونَ عَلَى لِسَانِ الطَّرِيقَةِ جَعَلُوا أَوْ بَعْضُهُمْ مَا زَادَ عَلَى السَّنَةِ خَارِجًا عَنْ طَرِيقَةِ التَّوَكُّلِ انْتَهَى وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الرَّدِّ عَلَى الطَّبَرِيِّ حَيْثُ اسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ الِادِّخَارِ مُطْلَقًا خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ وَفِي الَّذِي نَقَلَهُ الشَّيْخُ تَقْيِيدٌ بِالسَّنَةِ اتِّبَاعًا لِلْخَبَرِ الْوَارِدِ لَكِنِ اسْتِدْلَالُ الطَّبَرِيِّ قَوِيٌّ بَلِ التَّقْيِيدُ بِالسَّنَةِ إِنَّمَا جَاءَ مِنْ ضَرُورَةِ الْوَاقِعِ لِأَنَّ الَّذِي كَانَ يَدَّخِرُ لَمْ يَكُنْ يَحْصُلُ إِلَّا مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ لِأَنَّهُ كَانَ إِمَّا تَمْرًا وَإِمَّا شَعِيرًا فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ شَيْئًا مِمَّا يُدَّخَرُ كَانَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا مِنْ سَنَتَيْنِ إِلَى سَنَتَيْنِ لَاقْتَضَى الْحَالُ جَوَازَ الِادِّخَارِ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَعَ كَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْتَبِسُ قُوتَ سَنَةٍ لِعِيَالِهِ فَكَانَ فِي طُولِ السَّنَةِ رُبَّمَا اسْتَجَرَّهُ مِنْهُمْ لِمَنْ يَرِدُ عَلَيْهِ وَيُعَوِّضُهُمْ عَنْهُ وَلِذَلِكَ مَاتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عَلَى شَعِيرٍ اقْتَرَضَهُ قُوتًا لِأَهْلِهِ وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ ادِّخَارِ الْقُوتِ لِمَنْ يَشْتَرِيهِ مِنَ السُّوقِ قَالَ عِيَاضٌ أَجَازَهُ قَوْمٌ وَاحْتَجُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ مِنْ مُغَلِّ الْأَرْضِ وَمَنَعَهُ قَوْمٌ إِلَّا إِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِالسِّعْرِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ إِرْفَاقًا بِالنَّاسِ ثُمَّ مَحِلُّ هَذَا الِاخْتِلَافِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي حَالِ الضِّيقِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ الِادِّخَارُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أصلا