فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قوله: {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم} [الجمعة: 3]

( قَولُهُ بَابُ قَوْلِهِ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بهم)
أَيْ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ وَيَجُوزُ فِي آخَرِينَ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ فِي يُعَلِّمُهُمْ وَأَنْ يَكُونَ مَجْرُورًا عَطْفًا عَلَى الْأُمِّيِّينَ .

     قَوْلُهُ  وَقَرَأَ عُمَرُ فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ثَبَتَ هَذَا هُنَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَحْدَهُ وَرَوَى الطَّبَرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَيَانٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَا سَمِعْتُ عُمَرَ يَقْرَؤُهَا قَطُّ فَامْضُوا وَمِنْ طَرِيقِ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قِيلَ لِعُمَرَ إِنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ يَقْرَؤُهَا فَاسْعَوْا قَالَ أَمَا أَنَّهُ أَعْلَمُنَا وَأَقْرَؤُنَا لِلْمَنْسُوخِ وَإِنَّمَا هِيَ فَامْضُوا وَأَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فَبَيَّنَ الْوَاسِطَةَ بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَعُمَرَ وَأَنَّهُ خَرَشَةُ بْنُ الْحَرِّ فَصَحَّ الْإِسْنَادُ وَأَخْرَجَا أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا فَامْضُوا وَيَقُولُ لَوْ كَانَ فَاسْعَوْا لَسَعَيْتُ حَتَّى يَسْقُطَ رِدَائِي وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ وَلِلطَّبَرَانِيِّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ قَالَ هِيَ فِي حرف بن مَسْعُودٍ فَامْضُوا قَالَ وَهِيَ كَقَوْلِهِ إِنَّ سَعْيَكُمْ لشتى.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْنَى فَاسْعَوْا أَجِيبُوا وَلَيْسَ مِنَ الْعَدْوِ



[ قــ :4633 ... غــ :4897] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ كَذَا لَهُمْ غَيْرُ مَنْسُوبٍ قَالَ الْجَيَّانِيُّ وَكَلَامُ الْكَلَابَاذِيُّ يَقْتَضِي أَنه بن أَبِي حَازِمٍ سَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ لِأَنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَهُ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ ثَوْرٍ.

قُلْتُ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا عَنْ قُتَيْبَةَ وَأَوْرَدَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجَيْهِمَا مِنْ طَرِيقِ قُتَيْبَةَ وَجَزَمَ أَبُو مَسْعُودٍ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ كَذَا فِيهِ وَتَبِعَهُ الْمِزِّيُّ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبُخَارِيَّ نَسَبَهُ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ نُسَخِ الصَّحِيحِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَسَانِيدِ وَلَكِنْ يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يُخَرِّجْ لِلدَّرَاوَرْدِيِّ إِلَّا مُتَابَعَةً أَوْ مَقْرُونًا وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ فَإِنَّهُ صَدَّرَهُ بِرِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ ثُمَّ تَلَاهُ بِرِوَايَةِ عبد الْعَزِيز قَوْله عَن ثَوْر هُوَ بن يَزِيدَ الْمَدَنِيُّ وَأَبُو الْغَيْثِ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ اسْمُهُ سَالِمٌ .

     قَوْلُهُ  فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْجُمُعَةِ وَآخَرِينَ مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم كَأَنَّهُ يُرِيدُ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ سُورَةِ الْجُمُعَةِ وَإِلَّا فَقَدْ نَزَلَ مِنْهَا قَبْلَ إِسْلَامِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْأَمْرُ بِالسَّعْيِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ ثَوْرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ نَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْجُمُعَةِ فَلَمَّا قَرَأَ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ .

     قَوْلُهُ  قَالَ.

قُلْتُ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ قَالُوا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَفِي رِوَايَةِ الدَّرَاوَرْدِيِّ قِيلَ مَنْ هُمْ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ ثَوْرٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِنَا وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ السَّائِلِ .

     قَوْلُهُ  فَلَمْ يُرَاجِعُوهُ كَذَا فِي نُسْخَتِي مِنْ طَرِيقِ أَبِي ذَرٍّ وَفِي غَيْرِهَا فَلَمْ يُرَاجِعْهُ وَهُوَ الصَّوَابُ أَيْ لَمْ يُرَاجِعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ لَمْ يُعِدْ عَلَيْهِ جَوَابَهُ حَتَّى سَأَلَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَوَقَعَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي رِوَايَةِ الدَّرَاوَرْدِيِّ قَالَ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَأَلَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَفِي رِوَايَة بن وَهْبٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ حَتَّى سَأَلَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِالْجَزْمِ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ .

     قَوْلُهُ  وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ فِي رِوَايَةِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِ سَلْمَانَ .

     قَوْلُهُ  لَوْ كَانَ الْإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا هِيَ نَجْمٌ مَعْرُوفٌ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النَّجْمِ .

     قَوْلُهُ  لَنَالَهُ رِجَالٌ أَوْ رَجُلٌ مِنْ هَؤُلَاءِ هَذَا الشَّكُّ مِنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ بِدَلِيلِ الرِّوَايَةِ الَّتِي أَوْرَدَهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ مُقْتَصِرًا عَلَى قَوْلِهِ رِجَالٌ مِنْ هَؤُلَاءِ وَهِيَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ كَذَلِكَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَة بن وَهْبٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بِلَفْظِ لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ هَؤُلَاءِ أَيْضًا بِغَيْرِ شَكٍّ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَذْكُورِ هُوَ الدَّرَاوَرْدِيُّ كَمَا جَزَمَ بِهِ أَبُو نُعَيْمٍ وَالْجَيَّانِيُّ ثُمَّ الْمِزِّيُّ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ وَجزم الكلاباذي بِأَنَّهُ بن أَبِي حَازِمٍ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى فَإِنَّ الْحَدِيثَ مَشْهُورٌ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَسَانِيدِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيِّ قَدْ أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْمُتَابَعَاتِ غَيْرَ هَذَا .

     قَوْلُهُ  مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسَ قِيلَ إِنَّهُمْ مِنْ ولد هدرام بن أرفخشد بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ وَأَنَّهُ وَلَدَ بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا كُلُّهُمْ كَانَ فَارِسًا شُجَاعًا فَسُمُّوا الْفُرْسَ لِلْفُرُوسِيَّةِ وَقِيلَ فِي نَسَبِهِمْ أَقْوَالٌ أُخْرَى.

     وَقَالَ  صَاعِدٌ فِي الطَّبَقَاتِ كَانَ أَوَّلُهُمْ عَلَى دِينِ نُوحٍ ثُمَّ دَخَلُوا فِي دِينِ الصَّابِئَةِ فِي زَمَنِ طَمْهُورِثَ فَدَامُوا عَلَى ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفَيْ سَنَةٍ ثُمَّ تَمَجَّسُوا عَلَى يَدِ زَرَادِشْتَ وَقَدْ أَطْنَبَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي أَوَّلِ تَارِيخِ أَصْبَهَانَ فِي تَخْرِيجِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ أَعْنِي حَدِيثَ لَوْ كَانَ الدِّينُ عِنْدَ الثُّرَيَّا وَوَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ عِنْدَ أَحْمَدَ بِلَفْظِ لَوْ كَانَ الْعِلْمُ عِنْدَ الثُّرَيَّا وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَن ذَلِك كَانَ عِنْدَ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قوما غَيْركُمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ صَدَرَ عِنْدَ نُزُولِ كُلٍّ مِنَ الْآيَتَيْنِ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ الْحَدِيثَ مُجَرَّدًا عَنِ السَّبَبِ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ لَوْ كَانَ الدِّينُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَذَهَبَ رِجَالٌ مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسَ حَتَّى يَتَنَاوَلُوهُ وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ وَزَادَ فِي آخِرِهِ بِرِقَّةِ قُلُوبِهِمْ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ بِالزِّيَادَةِ وَمِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَزَادَ فِيهِ يَتَّبِعُونَ سُنَّتِي وَيُكْثِرُونَ الصَّلَاةَ عَلَيَّ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَقَعَ مَا قَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِيَانًا فَإِنَّهُ وُجِدَ مِنْهُمْ مَنِ اشْتَهَرَ ذِكْرُهُ مِنْ حُفَّاظِ الْآثَارِ وَالْعِنَايَةِ بِهَا مَا لَمْ يُشَارِكْهُمْ فِيهِ كَثِيرٌ مِنْ أَحَدٍ غَيْرِهُمْ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ النَّسَبِ فِي أَصْلِ فَارِسَ فَقِيلَ إِنَّهُمْ يَنْتَهِي نَسَبُهُمْ إِلَى جِيُومَرْتَ وَهُوَ آدَمُ وَقِيلَ إِنَّهُ مِنْ وَلَدِ يَافِثَ بْنِ نُوحٍ وَقِيلَ مِنْ ذُرِّيَّةِ لَاوِي بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ وَقِيلَ هُوَ فَارِسُ بْنُ يَاسُورَ بْنِ سَامٍ وَقِيلَ هُوَ مِنْ ولد هدرام بن أرفخشد بْنِ سَامٍ وَقِيلَ إِنَّهُمْ مِنْ وَلَدِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ الْأَقْوَالِ عِنْدَهُمْ وَالَّذِي يَلِيهِ أَرْجَحُهَا عِنْدَ غَيرهم