فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم

( قَولُهُ بَابُ اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ)
أَيِ اجْتَمَعَتْ



[ قــ :4790 ... غــ :5060] .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَيْ فِي فَهْمِ مَعَانِيهِ فَقُومُوا عَنْهُ أَيْ تَفَرَّقُوا لِئَلَّا يَتَمَادَى بِكُمْ الِاخْتِلَافُ إِلَى الشَّرِّ قَالَ عِيَاضٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ خَاصًّا بِزَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِنُزُولِ مَا يَسُوؤُهُمْ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى اقْرَءُوا وَالْزَمُوا الِائْتِلَافَ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ وَقَادَ إِلَيْهِ فَإِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ أَوْ عَرَضَ عَارِضُ شُبْهَةٍ يَقْتَضِي الْمُنَازَعَةَ الدَّاعِيَةَ إِلَى الِافْتِرَاقِ فَاتْرُكُوا الْقِرَاءَةَ وَتَمَسَّكُوا بِالْمُحْكَمِ الْمُوجِبِ لِلْأُلْفَةِ وَأَعْرِضُوا عَنِ الْمُتَشَابِهِ الْمُؤَدِّي إِلَى الْفُرْقَةِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَاحْذَرُوهُمْ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَنْهَى عَنِ الْقِرَاءَةِ إِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي كَيْفِيَّةِ الْأَدَاءِ بِأَنْ يَتَفَرَّقُوا عِنْدَ الِاخْتِلَافِ وَيَسْتَمِرَّ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى قِرَاءَته وَمثله مَا تقدم عَن بن مَسْعُودٍ لَمَّا وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّحَابِيَّيْنِ الْآخَرَيْنِ الِاخْتِلَافُ فِي الْأَدَاءِ فَتَرَافَعُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كُلُّكُمْ مُحْسِنٌ وَبِهَذِهِ النُّكْتَةِ تَظْهَرُ الْحِكْمَةُ فِي ذِكْرِ حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ عُقَيْبَ حَدِيثِ جُنْدُبٍ





[ قــ :4791 ... غــ :5061] .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ أَيْ فِي رَفْعِ الْحَدِيثِ فَأَمَّا مُتَابَعَةُ الْحَارِث وَهُوَ بن قُدَامَةَ الْإِيَادِيُّ فَوَصَلَهَا الدَّارِمِيُّ عَنْ أَبِي غَسَّانَ مَالِكِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْهُ وَلَفْظُهُ مِثْلُ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ.
وَأَمَّا مُتَابَعَةُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ أَخُو حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فَوَصَلَهَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عِمْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا جُنْدُبٌ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مَرْفُوعًا وَفِي آخِرِهِ فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ فَقُومُوا .

     قَوْلُهُ  وَلَمْ يَرْفَعْهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَأَبَانُ يَعْنِي بن يزِيد الْعَطَّارَ أَمَّا رِوَايَةُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فَلَمْ تَقَعْ لِي مَوْصُولَةً.
وَأَمَّا رِوَايَةُ أَبَانَ فَوَقَعَتْ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ حِبَّانَ بْنِ هِلَالٍ عَنْهُ وَلَفْظُهُ قَالَ لَنَا جُنْدُبٌ وَنَحْنُ غِلْمَانٌ فَذَكَرَهُ لَكِنْ مَرْفُوعًا أَيْضًا فَلَعَلَّهُ وَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ مَوْقُوفًا .

     قَوْلُهُ  وقَال غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ سَمِعْتُ جُنْدُبًا قَوْلَهُ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ بنْدَار عَن غنْدر قَوْله.

     وَقَالَ  بن عَوْنٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن الصَّامِت عَن عمر قَوْله بن عَوْنٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ الْإِمَامُ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِ أَبِي عِمْرَانَ وَرِوَايَتُهُ هَذِهِ وَصَلَهَا أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْهُ وَأَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ .

     قَوْلُهُ  وَجُنْدُبٌ أَصَحُّ وَأَكْثَرُ أَيْ أَصَحُّ إِسْنَادًا وَأكْثر طرقا وَهُوَ كَمَا قَالَ فَإِنَّ الْجَمَّ الْغَفِيرَ رَوَوْهُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ جُنْدُبٍ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا عَلَيْهِ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ وَالَّذِينَ رَفَعُوهُ ثِقَات حفاظ فَالْحكم لَهُم وَأما رِوَايَة بن عَوْنٍ فَشَاذَّةٌ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهَا قَالَ أَبُو بكر بن أبي دَاوُد لم يخطىء بن عَوْنٍ قَطُّ إِلَّا فِي هَذَا وَالصَّوَابُ عَنْ جُنْدُب انْتهى وَيحْتَمل أَن يكون بن عَوْنٍ حَفِظَهُ وَيَكُونُ لِأَبِي عِمْرَانَ فِيهِ شَيْخٌ آخَرُ وَإِنَّمَا تَوَارَدَ الرُّوَاةُ عَلَى طَرِيقِ جُنْدُبٍ لعلوها وَالتَّصْرِيح يرفعها وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ هَذَا حَدِيثًا آخَرَ فِي الْمَعْنَى أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجُونِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ هَاجَرْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَ رَجُلَيْنِ اخْتَلَفَا فِي آيَةٍ فَخَرَجَ يُعْرَفُ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالِاخْتِلَافِ فِي الْكِتَابِ وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي أَنْ يكون لطريق بن عَوْنٍ أَصْلٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ





[ قــ :479 ... غــ :506] .

     قَوْلُهُ  النَّزَّالُ بِفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ وَآخِرُهُ لَامٌ بن سَبْرَةَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ الْهِلَالِيُّ تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ لَهُ صُحْبَةٌ وَذَهِلَ الْمِزِّيُّ فَجَزَمَ فِي الْأَطْرَافِ بِأَنَّ لَهُ صُحْبَةً وَجَزَمَ فِي التَّهْذِيبِ بِأَنَّ لَهُ رِوَايَةً عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ مُرْسَلَةً .

     قَوْلُهُ  أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ آيَةً سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ خِلَافَهَا هَذَا الرَّجُلُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنه سمع بن مَسْعُودٍ يَقْرَأُ آيَةً قَرَأَ خِلَافَهَا وَفِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كِلَاكُمَا مُحْسِنٌ الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ أُنْزِلَ الْقُرْآنَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ بَيَانُ عِدَّةِ أَلْفَاظٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ .

     قَوْلُهُ  فَاقْرَآ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ لِلِاثْنَيْنِ قَوْله أكبر على هَذَا الشَّكُّ مِنْ شُعْبَةَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ أكبر عَليّ أَنِّي سَمِعْتُهُ وَحَدَّثَنِي عَنْهُ مَسْعُودٌ فَذَكَرَهُ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَأَهْلَكَهُمْ فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي فاهلكوا بِضَم أَوله وَعند بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ بن مَسْعُودٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ الِاخْتِلَافَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مَعْنَى الِاخْتِلَافِ فِي حَدِيثِ جُنْدُبٍ الَّذِي قَبْلَهُ وَفِي رِوَايَةِ زِرٍّ الْمَذْكُورَةِ مِنَ الْفَائِدَةِ أَنَّ السُّورَة الَّتِي اخْتلف فِيهَا أبي وبن مَسْعُودٍ كَانَتْ مِنْ آلِ حم وَفِي الْمُبْهَمَاتِ لِلْخَطِيبِ أَنَّهَا الْأَحْقَافُ وَوَقَعَ عِنْدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ اخْتِلَافَهُمْ كَانَ فِي عَدَدِهَا هَلْ هِيَ خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ آيَةً أَوْ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ الْحَدِيثَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالَّذِي قَبْلَهُ الْحَضُّ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَالْأُلْفَةِ وَالتَّحْذِيرُ مِنَ الْفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَافِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمِرَاءِ فِي الْقُرْآنِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَمِنْ شَرِّ ذَلِكَ أَنْ تَظْهَرَ دَلَالَةُ الْآيَةِ عَلَى شَيْءٍ يُخَالِفُ الرَّأْيَ فَيُتَوَسَّلُ بِالنَّظَرِ وَتَدْقِيقِهِ إِلَى تَأْوِيلِهَا وَحَمْلِهَا عَلَى ذَلِكَ الرَّأْيِ وَيَقَعُ اللَّجَاجُ فِي ذَلِكَ وَالْمُنَاضَلَةُ عَلَيْهِ خَاتِمَةٌ اشْتَمَلَ كِتَابُ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ حَدِيثًا الْمُعَلَّقُ مِنْهَا وَمَا الْتَحَقَ بِهِ مِنَ الْمُتَابَعَاتِ تِسْعَةَ عَشَرَ حَدِيثًا وَالْبَاقِي مَوْصُولَةٌ الْمُكَرَّرُ مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ حَدِيثًا وَالْبَاقِي خَالِصٌ وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا سِوَى حَدِيثِ أَنَسٍ فِيمَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَحَدِيثِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ فِي فَضْلِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي ذَلِكَ وَحَدِيثِهِ أَيْضًا أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي قِرَاءَةِ الْمُعَوِّذَاتِ عِنْدَ النَّوْمِ وَحَدِيثِ بن عَبَّاسٍ فِي قِرَاءَتِهِ الْمُفَصَّلَ وَحَدِيثِهِ لَمْ يَتْرُكْ إِلَّا مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ وَحَدِيثِ عُثْمَانَ إِنَّ خَيْرَكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَحَدِيثِ أَنَسٍ كَانَتْ قِرَاءَتُهُ مَدًّا وَحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ آيَةً وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ سَبْعَةُ آثَار وَالله أعلم بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم