فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: كيف يكفن المحرم؟

( قَولُهُ بَابُ كَيْفَ يُكَفَّنُ الْمُحْرِمُ)
سَقَطَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ لِلْأَصِيلِيِّ وَثَبَتَتْ لِغَيْرِهِ وَهُوَ أَوْجَهُ وَأَوْرَدَ المُصَنّف فِيهَا حَدِيث بن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَ مِنْ طَرِيقَيْنِ فَفِي الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا كَذَا لِلْمُسْتَمْلِي وَلِلْبَاقِينَ مُلَبَّدًا بِدَالٍ بَدَلَ التَّحْتَانِيَّةِ وَالتَّلْبِيدُ جَمْعُ الشَّعْرِ بِصَمْغٍ أَوْ غَيْرِهِ لِيُخْفِ شَعَثَهَ وَكَانَتْ عَادَتُهُمْ فِي الْإِحْرَامِ أَنْ يَصْنَعُوا ذَلِكَ وَقَدْ أَنْكَرَ عِيَاضٌ هَذِهِ الرِّوَايَةَ.

     وَقَالَ  لَيْسَ لِلتَّلْبِيدِ مَعْنًى وَسَيَأْتِي فِي الْحَجِّ بِلَفْظِ يُهِلُّ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُحْرِمًا لَكِنْ لَيْسَ



[ قــ :1220 ... غــ :1267] .

     قَوْلُهُ  مُلَبَّدًا فَاسِدَ الْمَعْنَى بَلْ تَوْجِيهُهُ ظَاهِرٌ .

     قَوْلُهُ  فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى كَانَ رَجُلٌ وَاقِفًا كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِلْبَاقِينَ وَاقِفٌ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِرَجُلٍ وَكَانَ تَامَّةٌ أَيْ حَصَلَ رجل وَاقِف





[ قــ :11 ... غــ :168] .

     قَوْلُهُ  فَأَقْصَعَتْهُ أَيْ هَشَّمَتْهُ يُقَالُ أَقْصَعَ الْقَمْلَةَ إِذَا هَشَّمَهَا وَقِيلَ هُوَ خَاصٌّ بِكَسْرِ الْعَظْمِ وَلَوْ سُلِّمَ فَلَا مَانِعَ أَنْ يُسْتَعَارَ لِكَسْرِ الرَّقَبَةِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِتَقْدِيمِ الْعَيْنِ عَلَى الصَّادِ وَالْقَعْصُ الْقَتْلُ فِي الْحَالِ وَمِنْهُ قُعَاصُ الْغَنَمِ وَهُوَ مَوْتُهَا قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ الِاسْتِفْهَامَ عَنِ الْكَيْفِيَّةِ مَعَ أَنَّهَا مُبَيَّنَةٌ لَكِنَّهَا لَمَّا كَانَتْ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ خَاصَّةً بِذَلِكَ الرَّجُلِ وَأَنْ تَكُونَ عَامَّةً لِكُلِّ مُحْرِمٍ آثَرَ الْمُصَنِّفُ الِاسْتِفْهَامَ.

قُلْتُ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ كَيْفَ يُكَفَّنُ أَيْ كَيْفِيَّةُ التَّكْفِينِ وَلَمْ يَرِدِ الِاسْتِفْهَامُ وَكَيْفَ يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ مُتَرَدِّدٌ فِيهِ وَقَدْ جَزَمَ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ عَامٌّ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ حَيْثُ تَرْجَمَ بِجَوَازِ التَّكْفِينِ فِي ثَوْبَيْنِ .

     قَوْلُهُ  وَلَا تُمِسُّوهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْمِيمِ من أمس قَالَ بن الْمُنْذر فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ إِبَاحَةُ غُسْلِ الْمُحْرِمِ الْحَيَّ بِالسِّدْرِ خِلَافًا لِمَنْ كَرِهَهُ لَهُ وَأَنَّ الْوِتْرَ فِي الْكَفَنِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الصِّحَّةِ وَأَنَّ الْكَفَنَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَكْفِينِهِ فِي ثَوْبَيْهِ وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ أَمْ لَا وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ تَكْفِينِ الْمُحْرِمِ فِي ثِيَابِ إِحْرَامِهِ وَأَنَّ إِحْرَامَهُ بَاقٍ وَأَنَّهُ لَا يُكَفَّنُ فِي الْمَخِيطِ وَفِيهِ التَّعْلِيلُ بِالْفَاءِ لِقَوْلِهِ فَإِنَّهُ وَفِيهِ التَّكْفِينُ فِي الثِّيَابِ الْمَلْبُوسَةِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ دَوَامِ التَّلْبِيَةِ إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ الْإِحْرَامُ وَأَنَّ الْإِحْرَامَ يَتَعَلَّقُ بِالرَّأْسِ لَا بِالْوَجْهِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَا وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ بِلَفْظِ وَلَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَغْرَبَ الْقُرْطُبِيُّ فَحَكَى عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَعْرُوفٍ عَنْهُ فَائِدَةٌ يَحْتَمِلُ اقْتِصَارُهُ لَهُ عَلَى التَّكْفِينِ فِي ثَوْبَيْهِ لِكَوْنِهِ مَاتَ فِيهِمَا وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِتِلْكَ الْعِبَادَةِ الْفَاضِلَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ لَهُ غَيْرَهُمَا