فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: العجماء جبار

( قَولُهُ بَابُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ)
أَفْرَدَهَا بِتَرْجَمَةٍ لِمَا فِيهَا مِنَ التَّفَارِيعِ الزَّائِدَةِ عَنِ الْبِئْرِ وَالْمَعْدِنِ وَتَقَدَّمت الْإِشَارَة إِلَى ذَلِك قَوْله.

     وَقَالَ  بن سِيرِينَ كَانُوا لَا يُضَمِّنُونَ بِالتَّشْدِيدِ مِنَ النَّفْحَةِ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْفَاءِ ثُمَّ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ أَيِ الضَّرْبَةِ بِالرِّجْلِ يُقَالُ نَفَحَتِ الدَّابَّةُ إِذَا ضَرَبَتْ بِرِجْلِهَا وَنَفَحَ بِالْمَالِ رَمَى بِهِ وَنَفَحَ عَنْ فُلَانٍ وَنَافَحَ دَفَعَ وَدَافَعَ .

     قَوْلُهُ  وَيُضَمِّنُونَ مِنْ رَدِّ الْعِنَانِ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ نُونٍ خَفِيفَةٍ هُوَ مَا يُوضَعُ فِي فَمِ الدَّابَّةِ لِيَصْرِفَهَا الرَّاكِبُ كَمَا يَخْتَارُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الدَّابَّةَ إِذَا كَانَتْ مَرْكُوبَةً فَلَفَتَ الرَّاكِبُ عِنَانَهَا فَأَصَابَتْ بِرِجْلِهَا شَيْئًا ضَمِنَهُ الرَّاكِبُ وَإِذَا ضَرَبَتْ بِرِجْلِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي ذَلِكَ تَسَبُّبٌ لَمْ يَضْمَنْ وَهَذَا الْأَثَرُ وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنِ هشيم حَدثنَا بن عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَهَذَا سَنَدٌ صَحِيح واسنده بن أبي شيبَة من وَجه آخر عَن بن سِيرِينَ نَحْوَهُ .

     قَوْلُهُ  وقَال حَمَّادٌ لَا تُضْمَنُ النَّفْحَةُ إِلَّا أَنْ يَنْخُسَ بِنُونٍ وَمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ أَيْ يَطْعُنَ .

     قَوْلُهُ  إِنْسَانٌ الدَّابَّةَ هُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهَا أَوْ أَجْنَبِيًّا وَهَذَا الْأَثر وصل بعضه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ سَأَلْتُ الْحَكَمَ عَنْ رَجُلٍ وَاقِفٍ عَلَى دَابَّتِهِ فَضَرَبَتْ بِرِجْلِهَا فَقَالَ يَضْمَنُ.

     وَقَالَ  حَمَّادٌ لَا يَضْمَنُ .

     قَوْلُهُ  وقَال شُرَيْح هُوَ بن الْحَارِثِ الْقَاضِي الْمَشْهُورُ .

     قَوْلُهُ  لَا يَضْمَنُ مَا عَاقَبَتْ أَيِ الدَّابَّةُ أَنْ يَضْرِبَهَا فَتَضْرِبَ بِرِجْلِهَا وَصله بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ يَضْمَنُ السَّائِقَ وَالرَّاكِبَ وَلَا يَضْمَنُ الدَّابَّةَ إِذَا عَاقَبَتْ.

قُلْتُ وَمَا عَاقَبَتْ قَالَ إِذَا ضَرَبَهَا رَجُلٌ فَأَصَابَتْهُ وَأَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَزَادَ أَوْ رَأْسُهَا إِلَّا أَنْ يَضْرِبَهَا رَجُلٌ فَتُعَاقِبَهُ فَلَا ضَمَان قَوْله.

     وَقَالَ  الحكم أَي بن عُتَيْبَةَ بِمُثَنَّاةٍ وَمُوَحَّدَةٍ مُصَغَّرٌ هُوَ الْكُوفِيُّ أَحَدُ فقهائهم وَحَمَّاد هُوَ بن أَبِي سُلَيْمَانَ أَحَدُ فُقَهَاءِ الْكُوفَةِ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  إِذَا سَاقَ الْمُكَارِي بِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِفَتْحِهَا أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  حِمَارًا عَلَيْهِ امْرَأَةٌ فَتَخِرُّ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةٌ أَيْ تَسْقُطُ .

     قَوْلُهُ  لَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَيْ لَا ضَمَانَ .

     قَوْلُهُ  وقَال الشَّعْبِيُّ إِذَا سَاقَ دَابَّةً فَأَتْعَبَهَا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ وَإِنْ كَانَ خَلْفَهَا مُتَرَسِّلًا لَمْ يَضْمَنْ وَصَلَهَا سَعِيدُ بن مَنْصُور وبن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَامِرٍ وَهُوَ الشَّعْبِيُّ قَالَ إِذَا سَاقَ الرَّجُلُ الدَّابَّةَ وَأَتْعَبَهَا فَأَصَابَتْ إِنْسَانًا فَهُوَ ضَامِنٌ فَإِنْ كَانَ خَلْفَهَا مُتَرَسِّلًا أَيْ يَمْشِي عَلَى هِينَتِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ فِيمَا أَصَابَتْ قَالَ بن بَطَّالٍ فَرَّقَ الْحَنَفِيَّةُ فِيمَا أَصَابَتِ الدَّابَّةُ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا فَقَالُوا لَا يَضْمَنُ مَا أَصَابَتْ بِرِجْلِهَا وَذَنَبِهَا وَلَوْ كَانَتْ بِسَبَبٍ وَيَضْمَنُ مَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا وَفَمِهَا فَأَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَى الرَّدِّ بِمَا نَقَلَهُ عَنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَقَدِ احْتَجَّ لَهُمُ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَفُّظُ مِنَ الرِّجْلِ وَالذَّنَبِ بِخِلَافِ الْيَدِ وَالْفَمِ وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ الرِّجْلُ جُبَارٌ وَقَدْ غَلَّطَهُ الْحُفَّاظُ وَلَوْ صَحَّ فَالْيَدُ أَيْضًا جُبَارٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى الرِّجْلِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُقَيَّدٌ بِمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لِمَنْ هِيَ مَعَهُ مُبَاشَرَةٌ وَلَا تَسَبُّبٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ حَدِيثُ الرِّجْلُ جُبَارٌ مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثِ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ لِأَنَّهَا فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْعَجْمَاءِ وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِتَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِالْمَفْهُومِ فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ زِيَادَةٌ وَالرِّجْلُ جُبَارٌ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ آدَمَ عَنْ شُعْبَةَ.

     وَقَالَ  تَفَرَّدَ آدَمُ عَنْ شُعْبَةَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَهِيَ وَهْمٌ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ خِلَافٌ فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ لَا يَضْمَنُ الرَّاكِبُ وَالْقَائِدُ فِي الرِّجْلِ وَالذَّنَبِ إِلَّا إِنْ أَوْقَفَهَا فِي الطَّرِيقِ.
وَأَمَّا السَّائِقُ فَقِيلَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا لِأَنَّ النَّفْحَةَ بِمَرْأَى عَيْنِهِ فَيُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا وَالرَّاجِحُ عِنْدَهُمْ لَا يَضْمَنُ النَّفْحَةَ وَإِنْ كَانَ يَرَاهَا إِذْ لَيْسَ عَلَى رِجْلِهَا مَا يَمْنَعُهَا بِهِ فَلَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْفَمِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُهَا بِاللِّجَامِ وَكَذَا قَالَ الْحَنَابِلَةُ



[ قــ :6548 ... غــ :6913] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ هُوَ بن إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادَةَ هُوَ الْجُمَحِيُّ وَالسَّنَدُ بَصْرِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادَةَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ .

     قَوْلُهُ  الْعَجْمَاءُ عَقْلُهَا جُبَارٌ فِي رِوَايَةِ حَامِدٍ الْبَلْخِيِّ عَنْ أَبِي زَيْدٍ عَنْ شُعْبَةَ جَرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْعَلَاءِ عِنْدَ مُسْلِمٍ الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ وَكَذَا فِي حَدِيثِ كَثِيرِ بْنِ عبد الله الْمُزنِيّ عِنْد بن مَاجَهْ وَفِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عِنْدَهُ.

     وَقَالَ  شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَلَيْسَ ذِكْرُ الْجَرْحِ قَيْدًا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ إِتْلَافُهَا بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ سَوَاءٌ كَانَ بِجَرْحٍ أَوْ غَيْرِهِ وَالْمُرَادُ بِالْعَقْلِ الدِّيَةُ أَيْ لَا دِيَةَ فِيمَا تُتْلِفُهُ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْإِطْلَاقِ مَنْ قَالَ لَا ضَمَانَ فِيمَا أَتْلَفَتِ الْبَهِيمَةُ سَوَاءٌ كَانَتْ مُنْفَرِدَةً أَوْ مَعَهَا أَحَدٌ سَوَاءٌ كَانَ رَاكِبَهَا أَوْ سَائِقَهَا أَوْ قَائِدَهَا وَهُوَ قَوْلُ الظَّاهِرِيَّةِ وَاسْتَثْنَوْا مَا إِذَا كَانَ الْفِعْلُ مَنْسُوبًا إِلَيْهِ بِأَنْ حَمَلَهَا عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ إِذَا كَانَ رَاكِبًا كَأَنْ يَلْوِيَ عِنَانَهَا فَتُتْلِفَ شَيْئًا بِرِجْلِهَا مَثَلًا أَوْ يَطْعَنَهَا أَوْ يَزْجُرَهَا حِينَ يَسُوقَهَا أَوْ يَقُودَهَا حَتَّى تُتْلِفَ مَا مَرَّتْ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا مَا لَا يُنْسَبُ إِلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيَّةُ إِذَا كَانَ مَعَ الْبَهِيمَةِ إِنْسَانٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ مِنْ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ مَالٍ سَوَاءٌ كَانَ سَائِقًا أَوْ رَاكِبًا أَوْ قَائِدًا سَوَاءٌ كَانَ مَالِكًا أَوْ أَجِيرًا أَوْ مُسْتَأْجِرًا أَوْ مُسْتَعِيرًا أَوْ غَاصِبًا وَسَوَاءٌ أَتْلَفَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا أَوْ ذَنَبِهَا أَوْ رَأْسِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَالْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْإِتْلَافَ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ وَمَنْ هُوَ مَعَ الْبَهِيمَةِ حَاكِمٌ عَلَيْهَا فَهِيَ كَالْآلَةِ بِيَدِهِ فَفِعْلُهَا مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ سَوَاءٌ حَمَلَهَا عَلَيْهِ أَمْ لَا سَوَاءٌ عَلِمَ بِهِ أَمْ لَا وَعَنْ مَالِكٍ كَذَلِكَ إِلَّا إِنْ رَمَحَتْ بِغَيْرِ أَنْ يَفْعَلَ بِهَا أَحَدٌ شَيْئًا ترمح بِسَبَبِهِ وَحَكَاهُ بن عَبْدِ الْبَرِّ عَنِ الْجُمْهُورِ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ جَابِرٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْبَزَّارِ بِلَفْظِ السَّائِمَةُ جُبَارٌ وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَجْمَاءِ الْبَهِيمَةُ الَّتِي تَرْعَى لَا كُلُّ بَهِيمَةٍ لَكِنَّ الْمُرَادَ بِالسَّائِمَةِ هُنَا الَّتِي لَيْسَ مَعَهَا أَحَدٌ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ عَلَى السَّائِمَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الَّتِي لَا تُعْلَفُ كَمَا فِي الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَقْصُودًا هُنَا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي إِتْلَافِ الْبَهِيمَةِ لِلزُّرُوعِ وَغَيْرِهَا فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَالظَّاهِرِيَّةِ.

     وَقَالَ  الْجُمْهُورُ إِنَّمَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ نَهَارًا.
وَأَمَّا بِاللَّيْلِ فَإِنَّ عَلَيْهِ حِفْظَهَا فَإِذَا أَتْلَفَتْ بِتَقْصِيرٍ مِنْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَتْ وَدَلِيلُ هَذَا التَّخْصِيصِ مَا أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ رَضِي الله عَنهُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وبن مَاجَهْ كُلُّهُمْ مِنْ رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا وبن مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَيْسَرَةَ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ كَانَتْ لَهُ نَاقَةٌ ضَارِيَةٌ فَدَخَلَتْ حَائِطًا فَأَفْسَدَتْ فِيهِ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ حِفْظَ الْحَوَائِطِ بِالنَّهَارِ عَلَى أَهْلِهَا وَأَنَّ حِفْظَ الْمَاشِيَةِ بِاللَّيْلِ عَلَى أَهْلِهَا وَأَنَّ عَلَى أَهْلِ الْمَوَاشِي مَا أَصَابَتْ ماشيتهم بِاللَّيْلِ وَأخرج بن مَاجَهْ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَن بن مُحَيِّصَةَ أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ وَلَمْ يُسَمِّ حَرَامًا وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَزَادَ فِيهِ رَجُلًا قَالَ عَنْ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةَ عَنْ أَبِيهِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ أَنَّ نَاقَةً وَأَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ الْمُزَنِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَنْهُ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَزَادَ مَعَ حَرَامٍ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَا إِنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ وَفِيهِ اخْتِلَاف آخر أخرجه الْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة بن جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى الزُّهْرِيِّ عَلَى أَلْوَانٍ وَالْمُسْنَدُ مِنْهَا طَرِيقُ حَرَامٍ عَنِ الْبَرَاءِ وَحَرَامٌ بمهملتين أختلف هَل هُوَ بن محيصة نَفسه أَو بن سعد بن محيصة قَالَ بن حَزْمٍ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مَجْهُولٌ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا الزُّهْرِيُّ وَلَمْ يُوَثِّقْهُ.

قُلْتُ وَقَدْ وَثَّقَهُ بن سعد وبن حِبَّانَ لَكِنْ قَالَ إِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْبَرَاءِ انْتَهَى وَعَلَى هَذَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ مَنْ قَالَ فِيهِ عَنِ الْبَرَاءِ أَيْ عَنْ قِصَّةِ نَاقَةِ الْبَرَاءِ فَتَجْتَمِعُ الرِّوَايَاتُ وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ لِلزَّهْرِيِّ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاخٍ وَقد قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَهُوَ مَشْهُورٌ حَدَّثَ بِهِ الثِّقَاتُ وَتَلَقَّاهُ فُقَهَاءُ الْحِجَازِ بِالْقَبُولِ.
وَأَمَّا إِشَارَةُ الطَّحَاوِيِّ إِلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ الْبَابِ فَقَدْ تَعَقَّبُوهُ بِأَنَّ النَّسْخَ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ مَعَ الْجَهْلِ بِالتَّارِيخِ وَأَقْوَى مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَخَذْنَا بِحَدِيثِ الْبَرَاءِ لِثُبُوتِهِ وَمَعْرِفَةِ رِجَالِهِ وَلَا يُخَالِفُهُ حَدِيثُ الْعَجْمَاءِ جَبَّار لِأَنَّهُ من الْعَام وَالْمرَاد بِهِ الْخَاصُّ فَلَمَّا قَالَ الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ وَقَضَى فِيمَا أَفْسَدَتِ الْعَجْمَاءُ بِشَيْءٍ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا أَصَابَتِ الْعَجْمَاءُ مِنْ جَرْحٍ وَغَيْرِهِ فِي حَالٍ جُبَارٌ وَفِي حَالٍ غَيْرُ جُبَارٍ ثُمَّ نَقَضَ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَمِرُّوا عَلَى الْأَخْذِ بِعُمُومِهِ فِي تَضْمِينِ الرَّاكِبِ مُتَمَسِّكِينَ بِحَدِيثِ الرِّجْلُ جُبَارٌ مَعَ ضَعْفِ رَاوِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَتَعَقَّبَ بَعْضُهُمْ عَلَى الشَّافِعِيَّةِ قَوْلَهُمْ إِنَّهُ لَوْ جَرَتْ عَادَةُ قَوْمٍ إِرْسَالَ الْمَوَاشِي لَيْلًا وَحَبْسِهَا نَهَارًا انْعَكَسَ الْحُكْمُ عَلَى الْأَصَحِّ وَأَجَابُوا بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ وَنَظِيرُهُ الْقَسْمُ الْوَاجِبُ لِلْمَرْأَةِ لَوْ كَانَ يَكْتَسِبُ لَيْلًا وَيَأْوِي إِلَى أَهْلِهِ نَهَارًا لَانْعَكَسَ الْحُكْمُ فِي حَقِّهِ مَعَ أَنَّ عِمَادَ الْقَسْمِ اللَّيْلُ نَعَمْ لَوِ اضْطَرَبَتِ الْعَادَةُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يُرْسِلُهَا لَيْلًا وَبَعْضُهُمْ يُرْسِلُهَا نَهَارًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقْضَى بِمَا دلّ عَلَيْهِ الحَدِيث