فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب التلبيد

( قَولُهُ بَابُ التَّلْبِيدِ)
هُوَ جَمْعُ الشَّعْرِ فِي الرَّأْسِ بِمَا يَلْزَقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ كَالْخِطْمِيِّ وَالصَّمْغِ لِئَلَّا يَتَشَعَّثَ وَيَقْمَلَ فِي الْإِحْرَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي الْحَجِّ



[ قــ :5594 ... غــ :5914] .

     قَوْلُهُ  سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ مَنْ ضَفَّرَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ مُخَفَّفًا وَمُثَقَّلًا .

     قَوْلُهُ  فَلْيَحْلِقْ وَلَا تَشَبَّهُوا بِالتَّلْبِيدِ يَعْنِي فِي الْحَج وَكَانَ بن عُمَرَ يَقُولُ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُلَبِّدًا كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَتَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْحَجِّ بِلَفْظِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ مُلَبِّدًا كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ فِي الْبَاب وَأما قَول عمر فَحَمله بن بَطَّالٍ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إِنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ فَضَفَّرَ شَعْرَهُ لِيَمْنَعَهُ مِنَ الشَّعَثِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُقَصِّرَ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يُشْبِهُ التَّلْبِيدَ الَّذِي أَوْجَبَ الشَّارِعُ فِيهِ الْحَلْقَ وَكَانَ عُمَرُ يَرَى أَنَّ مَنْ لَبَّدَ رَأْسَهُ فِي الْإِحْرَامِ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْحَلْقُ وَالنُّسُكُ وَلَا يُجْزِئُهُ التَّقْصِيرُ فَشُبِّهَ مَنْ ضَفَّرَ رَأْسَهُ بِمَنْ لَبَّدَهُ فَلِذَلِكَ أَمَرَ مَنْ ضَفَّرَ أَنْ يَحْلِقَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ أَرَادَ الْأَمْرَ بِالْحَلْقِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ إِلَى التَّلْبِيدِ وَلَا إِلَى الضَّفْرِ أَيْ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَفِّرَ أَوْ يُلَبِّدَ فَلْيَحْلِقْ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ أَنْ يُضَفِّرَ أَوْ يُلَبِّدَ ثُمَّ إِذَا أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ التَّقْصِيرَ لَمْ يَصِلْ إِلَى الْأَخْذِ مِنْ سَائِرِ النَّوَاحِي كَمَا هِيَ السّنة وَأما قَوْله تشبهوا فَحكى بن بَطَّالٍ أَنَّهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالْأَصْلُ لَا تَتَشَبَّهُوا فَحُذِفَتْ إِحْدَى التَّاءَيْنِ قَالَ وَيَجُوزُ ضَمُّ أَوَّلِهِ وَكسر الْمُوَحدَة وَالْأول أظهر وَأما قَول بن عُمَرَ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ فَهِمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ تَرْكَ التَّلْبِيدِ أَوْلَى فَأَخْبَرَ هُوَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ وَتَقَدَّمَ شَرْحُ التَّلْبِيدِ وَحُكْمُهُ فِي كتاب الْحَج وَكَذَا حَدِيث بن عُمَرَ فِي التَّلْبِيدِ وَحَدِيثُ حَفْصَةَ إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وقلدت هَدْيِي الحَدِيث