فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب {ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم} [النور: 18]



[ قــ :4499 ... غــ :4756] .

     قَوْلُهُ  فَشَبَّبَ بِمُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَتَيْنِ الْأُولَى ثَقِيلَةٌ أَيْ تَغَزَّلَ يُقَالُ شَبَّبَ الشَّاعِرُ بِفُلَانَةَ أَيْ عَرَّضَ بِحُبِّهَا وَذَكَرَ حُسْنَهَا وَالْمُرَادُ تَرْقِيقُ الشِّعْرِ بِذِكْرِ النِّسَاءِ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى إِنْشَادِ الشِّعْرِ وَإِنْشَائِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ غَزَلٌ كَمَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ أُمِّ مَعْبَدٍ فَلَمَّا سَمِعَ حَسَّانُ شِعْرَ الْهَاتِفِ شَبَّبَ يُجَارِيهِ أَخَذَ فِي نَظْمِ جَوَابِهِ .

     قَوْلُهُ  حَصَانٌ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ السُّهَيْلِيُّ هَذَا الْوَزْنُ يَكْثُرُ فِي أَوْصَافِ الْمُؤَنَّثِ وَفِي الْأَعْلَامِ مِنْهَا كَأَنَّهُمْ قَصَدُوا بِتَوَالِي الْفَتَحَاتِ مُشَاكَلَةَ خِفَّةِ اللَّفْظِ لِخِفَّةِ الْمَعْنَى حَصَانٌ مِنَ الْحَصِينِ وَالتَّحْصِينِ يُرَادُ بِهِ الِامْتِنَاعُ عَلَى الرِّجَالِ وَمِنْ نَظَرِهِمْ إِلَيْهَا وَقَولُهُ رَزَانٌ مِنَ الرَّزَانَةِ يُرَادُ قِلَّةُ الْحَرَكَةِ وَتُزَنُّ بِضَمِّ أَوَّلِهِ ثُمَّ زَايٌ ثُمَّ نُونٌ ثَقِيلَةٌ أَيْ تُرْمَى وَقَولُهُ غَرْثَى بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ أَيْ خَمِيصَةُ الْبَطْنِ أَيْ لَا تَغْتَابُ أَحَدًا وَهِيَ اسْتِعَارَةٌ فِيهَا تَلْمِيحٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْمُغْتَابِ أَيُحِبُّ أحدكُم أَن يَأْكُل لحم أَخِيه مَيتا والغوافل جَمْعُ غَافِلَةٍ وَهِيَ الْعَفِيفَةُ الْغَافِلَةُ عَنِ الشَّرِّ وَالْمُرَادُ تَبْرِئَتُهَا مِنِ اغْتِيَابِ النَّاسِ بِأَكْلِ لُحُومِهِمْ مِنَ الْغِيبَةِ وَمُنَاسَبَةُ تَسْمِيَةِ الْغِيبَةِ بِأَكْلِ اللَّحْمِ أَنَّ اللَّحْمَ سِتْرٌ عَلَى الْعَظْمِ فَكَأَنَّ الْمُغْتَابَ يَكْشِفُ مَا عَلَى مَنِ اغْتَابَهُ مِنْ سِتْرٍ وَزَاد بن هِشَامٍ فِي السِّيرَةِ فِي هَذَا الشِّعْرِ عَلَى أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَقِيلَةُ حَيٍّ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ كِرَامِ الْمَسَاعِي مَجْدُهُمْ غَيْرُ زَائِلِ مُهَذَّبَةٌ قَدْ طَيَّبَ اللَّهُ خِيمَهَا وَطَهَّرَهَا مِنْ كل سوء وباطل وَفِيه عَن بن إِسْحَاقَ فَإِنْ كُنْتُ قَدْ.

قُلْتُ الَّذِي زَعَمُوا لَكُمْ فَلَا رَفَعَتْ سَوْطِي إِلَيَّ أَنَامِلِي فَكَيْفَ وَوُدِّي مَا حَيِيتُ وَنُصْرَتِي لِآلِ رَسُولِ اللَّهِ زَيْنِ الْمَحَافِلِ وَزَادَ فِيهِ الْحَاكِمُ فِي رِوَايَةٍ لَهُ من غير رِوَايَة بن إِسْحَاقَ حَلِيلَةُ خَيْرِ الْخَلْقِ دِينًا وَمَنْصِبًا نَبِيُّ الْهُدَى وَالْمَكْرُمَاتُ الْفَوَاضِلُ رَأَيْتُكِ وَلْيَغْفِرْ لَكِ اللَّهُ حرَّة من الْمُحْصنَات غير ذَات الغوائل والخيم بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ الْأَصْلُ الثَّابِتُ وَأَصْلُهُ مِنَ الْخَيْمَةِ يُقَالُ خَامَ يَخِيمُ إِذَا أَقَامَ بِالْمَكَانِ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَتْ عَائِشَةُ لَسْتُ كَذَاكَ ذَكَرَ بن هِشَامٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّ امْرَأَةً مَدَحَتْ بِنْتَ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ حَصَانٌ رَزَانُ الْبَيْتَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لَكِنْ أَبُوهَا وَهُوَ بِتَخْفِيفِ النُّونِ فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا أَمْكَنَ تَعَدُّدُ الْقِصَّةِ وَيَكُونُ .

     قَوْلُهُ  فِي بَعْضِ طُرُقِ رِوَايَةِ مَسْرُوقٍ يُشَبِّبُ بِبِنْتٍ لَهُ بِالنُّونِ لَا بِالتَّحْتَانِيَّةِ وَيَكُونُ نَظْمُ حَسَّانَ فِي بِنْتِهِ لَا فِي عَائِشَةَ وَإِنَّمَا تَمَثَّلَ بِهِ لَكِنْ بَقِيَّةُ الْأَبْيَاتِ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّهَا فِي عَائِشَةَ وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لِحَسَّانَ يَقُولُ فِيهَا فَإِنْ كُنْتُ قَدْ.

قُلْتُ الَّذِي زَعَمُوا لَكُمْ فَلَا رَفَعَتْ سَوْطِي إِلَيَّ أَنَامِلِي وَإِنَّ الَّذِي قَدْ قِيلَ لَيْسَ بِلَائِقٍ بِكِ الدَّهْرُ بَلْ قِيلَ امْرِئٍ مُتَمَاحِلِ .

     قَوْلُهُ  قَالَتْ لَكِنْ أَنْتَ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ قَالَتْ لَسْتُ كَذَاكَ وَزَادَ فِي آخِرِهِ .

     وَقَالَتْ  قَدْ كَانَ يَرُدُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَدَّمَ فِي الْمَغَازِي مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ شُعْبَةَ بِلَفْظِ أَنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ أَوْ يُهَاجِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَلَّ قَوْلُ عَائِشَةَ لَكِنْ أَنْتَ لَسْتَ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ حَسَّانَ كَانَ مِمَّنْ تَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ الْأَخِيرَةُ تَقَدَّمَتْ هُنَاكَ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَتَمَّ مِنْ هَذَا وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ أَيْضًا فِي أَثْنَاءِ حَدِيثِ الْإِفْكِ مِنْ طَرِيقِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ عُرْوَةُ كَانَتْ عَائِشَةُ تَكْرَهُ أَنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ وَتَقُولُ إِنَّهُ الَّذِي قَالَ فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَتِي وَعِرْضِي لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ

( قَولُهُ بَابُ قَوْلِهِ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تشيع الْفَاحِشَة فِي الَّذين آمنُوا الْآيَة)
إِلَى قَوْله رءوف رَحِيم كَذَا لأبي ذَر وسَاق غَيره إِلَى رءوف رَحِيم .

     قَوْلُهُ  تَشِيعَ تَظْهَرَ ثَبَتَ هَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَحده وَقد وَصله بن أبي حَاتِم من طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَشِيعَ الْفَاحِشَة تَظْهَرُ يُتَحَدَّثُ بِهِ وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَير فِي قَوْله أَن تشيع الْفَاحِشَة يَعْنِي أَن تَفْشُو وَتظهر والفاحشة الزِّنَى .

     قَوْلُهُ  وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يؤتوا أولى الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِين إِلَى قَوْله وَالله غَفُور رَحِيم سَقَطَ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ فَصَارَتِ الْآيَاتُ مَوْصُولًا بَعْضهَا بِبَعْض فَأَما قَوْله وَلَا يَأْتَلِ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْنَاهُ لَا يَفْتَعِلْ مِنْ آلَيْتَ أَيْ أَقْسَمْتَ وَلَهُ مَعْنًى آخَرُ مِنْ أَلَوْتُ أَيْ قَصَّرْتُ وَمِنْهُ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا.

     وَقَالَ  الْفَرَّاءُ الِائْتِلَاءُ الْحَلِفُ وَقَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَلَا يَتَأَلَّ بِتَأْخِيرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ وَهِيَ خِلَافُ رَسْمِ الْمُصْحَفِ وَمَا نَسَبَهُ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَإِنَّمَا نُسِبَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ لِلْحسنِ الْبَصْرِيّ وَقد روى بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَأْتَلِ يَقُولُ لَا يُقْسِمُ وَهُوَ يُؤَيِّدُ الْقِرَاءَةَ الْمَذْكُورَةَ



[ قــ :4499 ... غــ :4757] .

     قَوْلُهُ  وقَال أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ إِلَخْ وَصَلَهُ أَحْمَدُ عَنْهُ بِتَمَامِهِ وَقَدْ ذَكَرْتُ مَا فِيهِ مِنْ فَائِدَةٍ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثِ الْإِفْكِ الطَّوِيلِ قَرِيبًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي عَنِ الْفَرَبْرِيِّ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ فَظَنَّ الْكَرْمَانِيُّ أَنَّ الْبُخَارِيَّ وَصَلَهُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ الرَّبِيعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ خَطَأٌ فَاحِشٌ فَلَا يُغْتَرُّ بِهِ



( قَولُهُ بَابُ وَليَضْرِبن بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبهنَّ)
كَأَنَّ يَضْرِبْنَ ضُمِّنَ مَعْنَى يُلْقِينَ فَلِذَلِكَ عُدِّيَ بعلي



[ قــ :4499 ... غــ :4758] قَوْله.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ بِمُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَتَيْنِ وَزْنُ عَظِيمٍ وَهُوَ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ إِلَّا أَنَّهُ أَوْرَدَ هَذَا عَنهُ بِهَذِهِ الصِّيغَة وَقد وَصله بن الْمُنْذِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغِ عَنْ أَحْمد بن شبيب وَكَذَا أخرجه بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ سَعِيدِ الدَّنْدَانِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ قُرَّةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِثْلَهُ .

     قَوْلُهُ  يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ أَيِ النِّسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ فَهُوَ كَقَوْلِهِمْ شَجَرُ الْأَرَاكِ وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ يَرْحَمُ اللَّهَ النِّسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ .

     قَوْلُهُ  الْأُوَلَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ جَمْعُ أُولَى أَيِ السَّابِقَاتِ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الَّذِي صَنَعَ ذَلِكَ نِسَاءُ الْمُهَاجِرَاتِ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَة أَن ذَلِكَ فِي نِسَاءِ الْأَنْصَارِ كَمَا سَأُنَبِّهُ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  مُرُوطَهُنَّ جَمْعُ مِرْطٍ وَهُوَ الْإِزَارُ وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أُزُرَهُنَّ وَزَادَ شَقَقْنَهَا مِنْ قِبَلِ الْحَوَاشِي .

     قَوْلُهُ  فَاخْتَمَرْنَ أَيْ غَطَّيْنَ وُجُوهَهُنَّ وَصِفَةُ ذَلِكَ أَنْ تَضَعَ الْخِمَارَ عَلَى رَأْسِهَا وَتَرْمِيَهُ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ عَلَى الْعَاتِقِ الْأَيْسَرِ وَهُوَ التَّقَنُّعُ قَالَ الْفَرَّاءُ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ تُسْدِلُ الْمَرْأَةُ خِمَارَهَا مِنْ وَرَائِهَا وَتَكْشِفُ مَا قُدَّامَهَا فَأُمِرْنَ بِالِاسْتِتَارِ وَالْخِمَارُ لِلْمَرْأَةِ كَالْعِمَامَةِ لِلرَّجُلِ .

     قَوْلُهُ  فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ