فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب حرق الدور والنخيل

( قَولُهُ بَابُ كَذَا)
لَهُمْ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ وَهُوَ كَالْفَصْلِ مِنَ الْبَابِ قَبْلِهِ وَالْمُنَاسَبَةُ بَيْنَهُمَا أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ بِالتَّحْرِيقِ حَيْثُ يَجُوزُ إِلَى مَنْ لَمْ يَسْتَوْجِبْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي تَحْرِيقِ قَرْيَةِ النَّمَلِ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيْهِ فَهَلَّا نَمْلَةً وَاحِدَةً فَإِنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ لَوْ حَرَّقَ الَّتِي قَرَصَتْهُ وَحْدَهَا لَمَا عُوتِبَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ صِحَّةَ الِاسْتِدْلَالِ بِذَلِكَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا هَلْ هُوَ شَرْعٌ لَنَا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى شَرْحِهِ مُسْتَوْفًى فِي بَدْءِ الْخَلْقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَولُهُ بَابُ حَرْقِ الدُّورِ وَالنَّخِيلِ أَيِ الَّتِي لِلْمُشْرِكِينَ كَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ حَرْقِ وَضَبَطُوهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ فِي الْمَصْدَرِ حَرْقٌ وَإِنَّمَا يُقَالُ تَحْرِيقٌ وَإِحْرَاقٌ لِأَنَّهُ رُبَاعِيٌّ فَلَعَلَّهُ كَانَ حَرَّقَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ بِلَفْظِ الْفِعْلِ الْمَاضِي وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِلَفْظِ الْحَدِيثِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفِعْلِهِ أَوْ بِإِذْنِهِ وَقَدْ تَرْجَمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا بَابُ إِذَا حَرَّقَ وَعَلَى هَذَا فَ.

     قَوْلُهُ  الدُّورَ مَنْصُوبٌ بِالْمَفْعُولِيَّةِ وَالنَّخِيلَ كَذَلِكَ نَسَقًا عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ ظَاهِرَيْنِ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ أحَدُهُمَا عَنْ جَرِيرٍ فِي قِصَّةِ ذِي الْخَلَصَةِ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ وَالْمُهْمَلَةِ وَحُكِيَ تَسْكِينُ اللَّامِ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي وَقَولُهُ



[ قــ :2886 ... غــ :3020] فِيهِ كَعْبَةَ الْيَمَانِيَّةِ أَيْ كَعْبَةُ الْجِهَةِ الْيَمَانِيَّةِ عَلَى رَأْي الْبَصْرِيِّينَ ثَانِيهمَا حَدِيث بن عُمَرَ حَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا هَكَذَا وَسَيَأْتِي بِتَمَامِهِ فِي الْمَغَازِي مَعَ شَرْحِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى جَوَازِ التَّحْرِيقِ وَالتَّخْرِيبِ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ وَكَرِهَهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَاحْتَجُّوا بِوَصِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ لِجُيُوشِهِ أَنْ لَا يَفْعَلُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَأَجَابَ الطَّبَرِيُّ بِأَنَّ النَّهْيَ مَحْمُولٌ عَلَى الْقَصْدِ لِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إِذَا أَصَابُوا ذَلِكَ فِي خِلَالِ الْقِتَالِ كَمَا وَقَعَ فِي نَصْبِ الْمَنْجَنِيقِ عَلَى الطَّائِفِ وَهُوَ نَحْوُ مَا أَجَابَ بِهِ فِي النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَبِهَذَا قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَنَحْوُ ذَلِكَ الْقَتْلُ بِالتَّغْرِيقِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ إِنَّمَا نَهَى أَبُو بَكْرٍ جُيُوشَهُ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ تِلْكَ الْبِلَادَ سَتُفْتَحُ فَأَرَادَ إِبْقَاءَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ