فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب إتمام التكبير في الركوع

( قَولُهُ بَابُ إِتْمَامِ التَّكْبِيرِ فِي الرُّكُوعِ)
أَيْ مَدِّهِ بِحَيْثُ يَنْتَهِي بِتَمَامِهِ أَوِ الْمُرَادُ إِتْمَامُ عَدَدِ تَكْبِيرَاتِ الصَّلَاةِ بِالتَّكْبِيرِ فِي الرُّكُوعِ قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ.

قُلْتُ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِلَفْظِ الْإِتْمَامِ الْإِشَارَةَ إِلَى تَضْعِيفِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُتِمَّ التَّكْبِيرَ وَقَدْ نَقَلَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ عَن أبي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ أَنَّهُ قَالَ هَذَا عِنْدَنَا بَاطِلٌ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ وَالْبَزَّارُ تَفَرَّدَ بِهِ الْحَسَنُ بْنُ عِمْرَانَ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَأُجِيبَ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ بِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ أَوِ الْمُرَادُ لَمْ يُتِمَّ الْجَهْرَ بِهِ أَوْ لَمْ يَمُدَّهُ قَوْله قَالَه بن عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ الاتمام وَمُرَادُهُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ بِالْمَعْنَى لِأَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى حَدِيثِهِ الْمَوْصُولِ فِي آخِرِ الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ وَفِيهِ .

     قَوْلُهُ  لِعِكْرِمَةَ لَمَّا أَخْبَرَهُ عَنِ الرَّجُلِ الَّذِي كَبَّرَ فِي الظُّهْرِ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ تَكْبِيرَةً إِنَّهَا صَلَاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ أَنَّهُ نُقِلَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِتْمَامُ التَّكْبِيرِ لِأَنَّ الرُّبَاعِيَّةَ لَا يَقَعُ فِيهَا لِذَاتِهَا أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ التَّكْبِيرُ فِي الرُّكُوعِ وَهَذَا يُبْعِدُ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ .

     قَوْلُهُ  وَفِيهِ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ أَيْ يَدْخُلُ فِي الْبَابِ حَدِيثُ مَالِكٍ وَقَدْ أَوْرَدَهُ الْمُؤَلِّفُ بَعْدَ أَبْوَابٍ فِي بَابِ الْمُكْثِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَلَفْظُهُ فَقَامَ ثمَّ ركع فَكبر



[ قــ :763 ... غــ :784] قَوْله أخبرنَا خَالِدٌ هُوَ الطَّحَّانُ وَالْجَرِيرِيُّ هُوَ سَعِيدٌ وَأَبُو الْعَلَاءِ هُوَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ أَخُو مُطَرِّفٍ الَّذِي رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْهُ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ وَفِيهِ رِوَايَةُ الْأَقْرَانِ وَالْإِخْوَةِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى أَيْ عِمْرَانُ مَعَ عَلِيٍّ أَي بن أَبِي طَالِبٍ بِالْبَصْرَةِ يَعْنِي بَعْدَ وَقْعَةِ الْجَمَلِ .

     قَوْلُهُ  ذَكَّرَنَا بِتَشْدِيدِ الْكَافِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ التَّكْبِيرَ الَّذِي ذَكَرَهُ كَانَ قَدْ تُرِكَ وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ وَالطَّحَاوِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ ذَكَّرَنَا عَلِيٌّ صَلَاةً كُنَّا نُصَلِّيهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِمَّا نَسِينَاهَا وَإِمَّا تَرَكْنَاهَا عَمْدًا وَلِأَحْمَدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ قُلْنَا يَعْنِي لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ يَا أَبَا نُجَيْدٍ هُوَ بِالنُّونِ وَالْجِيمِ مُصَغَّرٌ مَنْ أَوَّلُ مَنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ حِينَ كَبَّرَ وَضَعُفَ صَوْتُهُ وَهَذَا يُحْتَمَلُ إِرَادَةَ تَرْكِ الْجَهْرِ وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ مُعَاوِيَةُ وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ تَرَكَهُ زِيَادٌ وَهَذَا لَا يُنَافِي الَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّ زِيَادًا تَرَكَهُ بِتَرْكِ مُعَاوِيَةَ وَكَأَنَّ مُعَاوِيَةَ تَرَكَهُ بِتَرْكِ عُثْمَانَ وَقَدْ حَمَلَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى الْإِخْفَاءِ وَيُرَشِّحُهُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْآتِي فِي بَابِ يُكَبِّرُ وَهُوَ يَنْهَضُ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ لَكِنْ حَكَى الطَّحَاوِيُّ أَنَّ قَوْمًا كَانُوا يَتْرُكُونَ التَّكْبِيرَ فِي الْخَفْضِ دُونَ الرَّفْعِ قَالَ وَكَذَلِكَ كَانَتْ بَنُو أُمَيَّةَ تَفْعَلُ وروى بن الْمُنْذر نَحوه عَن بن عُمَرَ وَعَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ كَانَ لَا يُكَبِّرُ سِوَى تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْمُنْفَرِدِ وَغَيْرِهِ وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ التَّكْبِيرَ شُرِعَ لِلْإِيذَانِ بِحَرَكَةِ الْإِمَامِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْمُنْفَرِدُ لَكِنِ اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّكْبِيرِ فِي الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ لِكُلِّ مُصَلٍّ فَالْجُمْهُورُ عَلَى نَدْبِيَّةِ مَا عَدَا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَعَنْ أَحْمَدَ وَبَعْضِ أَهْلِ الْعلم بِالظَّاهِرِ يجب كُله قَالَ نَاصِر الدّين بن الْمُنِيرِ الْحِكْمَةُ فِي مَشْرُوعِيَّةِ التَّكْبِيرِ فِي الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ أَنَّ الْمُكَلَّفَ أُمِرَ بِالنِّيَّةِ أَوَّلَ الصَّلَاةِ مَقْرُونَةً بِالتَّكْبِيرِ وَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَسْتَصْحِبَ النِّيَّةَ إِلَى آخِرِ الصَّلَاةِ فَأُمِرَ أَنْ يُجَدِّدَ الْعَهْدَ فِي أَثْنَائِهَا بِالتَّكْبِيرِ الَّذِي هُوَ شِعَارُ النِّيَّة .

     قَوْلُهُ  كُلَّمَا رَفَعَ وَكُلَّمَا وَضَعَ هُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الِانْتِقَالَاتِ فِي الصَّلَاةِ لَكِنْ خُصَّ مِنْهُ الرَّفْعُ مِنَ الرُّكُوعِ بِالْإِجْمَاعِ فَإِنَّهُ شُرِعَ فِيهِ التَّحْمِيدُ وَقَدْ جَاءَ بِهَذَا اللَّفْظِ الْعَامِّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْبَابِ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عِنْدَ أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَمن حَدِيث بن مَسْعُود عِنْد الدَّارمِيّ والطَّحَاوِي وَمن حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ وَمِنْ حَدِيثِ بن عُمَرَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ وَمِنْ حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ عِنْدَ بن حِبَّانَ وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ وَسَيَأْتِي مُفَسَّرًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يُصَلِّي بِهِمْ فِي رِوَايَة الْكشميهني يُصَلِّي لَهُم