فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب التكبير على الجنازة أربعا

( قَولُهُ بَابُ التَّكْبِيرِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَرْبَعًا)
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى أَنَّ التَّكْبِيرَ لَا يَزِيدُ عَلَى أَرْبَعٍ وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ تَرْجَمَةً أُخْرَى وَلَا خَبَرًا فِي الْبَابِ وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي ذَلِكَ فَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّهُ يُكَبِّرُ خَمْسًا وَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وروى بن الْمُنْذر عَن بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ بني أَسد فَكبر خمْسا وروى بن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ سِتًّا وَعَلَى الصَّحَابَةِ خَمْسًا وَعَلَى سَائِرِ النَّاسِ أَرْبَعًا وَرُوِيَ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ بن عَبَّاسٍ عَلَى جِنَازَةٍ فَكَبَّرَ ثَلَاثًا وَسَنَذْكُرُ الِاخْتِلَافَ على أنس فِي ذَلِك قَالَ بن الْمُنْذِرِ ذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ التَّكْبِيرَ أَرْبَعٌ وَفِيهِ أَقْوَالٌ أُخَرُ فَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ قَالَ وَذَهَبَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ إِلَى أَنَّهُ لَا يُنْقَصُ مِنْ ثَلَاثٍ وَلَا يُزَادُ عَلَى سَبْعٍ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ مِثْلَهُ لَكِنْ قَالَ لَا يُنْقَصُ مِنْ أَرْبَعٍ.

     وَقَالَ  بن مَسْعُودٍ كَبِّرْ مَا كَبَّرَ الْإِمَامُ قَالَ وَالَّذِي نَخْتَارُهُ مَا ثَبَتَ عَنْ عُمَرَ ثُمَّ سَاقَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ كَانَ التَّكْبِيرُ أَرْبَعًا وَخَمْسًا فَجَمَعَ عُمَرُ النَّاسَ عَلَى أَرْبَعٍ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ إِلَى أَبِي وَائِلٍ قَالَ كَانُوا يُكَبِّرُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعًا وَسِتًّا وَخَمْسًا وَأَرْبَعًا فَجَمَعَ عُمَرُ النَّاسَ عَلَى أَرْبَعٍ كَأَطْوَلِ الصَّلَاةِ .

     قَوْلُهُ  وقَال حُمَيْدٌ صَلَّى بِنَا أَنَسٌ فَكَبَّرَ ثَلَاثًا ثُمَّ سَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ثُمَّ كَبَّرَ الرَّابِعَةَ ثُمَّ سَلَّمَ لَمْ أَرَهُ مَوْصُولًا مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدٍ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ ثَلَاثًا ثُمَّ انْصَرَفَ نَاسِيًا فَقَالُوا يَا أَبَا حَمْزَةَ إِنَّكَ كَبَّرْتَ ثَلَاثًا فَقَالَ صُفُّوا فَصَفُّوا فَكَبَّرَ الرَّابِعَةَ وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثٍ قَالَ بن أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ عِمْرَانِ بْنِ حُدَيْرٍ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَلَى جِنَازَةٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهَا ثَلَاثًا لم يزدْ عَلَيْهَا وروى بن الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ قِيلَ لِأَنَسٍ إِنَّ فُلَانًا كَبَّرَ ثَلَاثًا فَقَالَ وَهَلِ التَّكْبِيرُ إِلَّا ثَلَاثًا انْتَهَى قَالَ مُغَلْطَايْ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَهَمٌ.

قُلْتُ بَلْ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى أَنَسٍ إِمَّا بِأَنَّهُ كَانَ يَرَى الثَّلَاثَ مُجْزِئَةً وَالْأَرْبَعَ أَكْمَلَ مِنْهَا وَإِمَّا بِأَنَّ مَنْ أَطْلَقَ عَنْهُ الثَّلَاثَ لَمْ يَذْكُرِ الْأُولَى لِأَنَّهَا افْتِتَاحَ الصَّلَاةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَاب سنة الصَّلَاة من طَرِيق بْنِ عُلَيَّةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ أَن أنسا قَالَ أَو لَيْسَ التَّكْبِيرُ ثَلَاثًا فَقِيلَ لَهُ يَا أَبَا حَمْزَةَ التَّكْبِيرُ أَرْبَعًا قَالَ أَجَلْ غَيْرَ أَنَّ وَاحِدَةً هِيَ افْتِتَاح الصَّلَاة.

     وَقَالَ  بن عَبْدِ الْبَرِّ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ قَالَ يَزِيدُ فِي التَّكْبِيرِ عَلَى أَرْبَعٍ الا بن أَبِي لَيْلَى انْتَهَى وَفِي الْمَبْسُوطِ لِلْحَنَفِيَّةِ قِيلَ إِنَّ أَبَا يُوسُفَ قَالَ يُكَبَّرُ خَمْسًا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ عَنْ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّجَاشِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ إِيرَادِ مَنْ تَعَقَّبَهُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّجَاشِيِّ صَلَاةٌ عَلَى غَائِبٍ لَا عَلَى جِنَازَةٍ وَمُحَصِّلُ الْجَوَابِ أَن ذَلِك بطرِيق الأولى وَقد روى بن أَبِي دَاوُدَ فِي الْأَفْرَادِ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا.

     وَقَالَ  لَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ أَرْبَعًا إِلَّا فِي هَذَا



[ قــ :1282 ... غــ :1334] .

     قَوْلُهُ  وقَال يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَبْدُ الصَّمَدِ عَنْ سُلَيْمٍ يَعْنِي بِإِسْنَادِهِ إِلَى جَابِرٍ أَصْحَمَةُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي.

     وَقَالَ  يَزِيدُ عَنْ سُلَيْمٍ أَصْحَمَةُ وَتَابَعَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ أَمَّا رِوَايَةُ يَزِيدَ فَوَصَلَهَا الْمُصَنِّفُ فِي هِجْرَةِ الْحَبَشَةِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ عَبْدِ الصَّمَدِ فَوَصَلَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْهُ تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ الَّتِي اتَّصَلَتْ لَنَا مِنَ الْبُخَارِيِّ أَصْحَمَةُ بِمُهْمَلَتَيْنِ بِوَزْنِ أَفْعَلَةُ مَفْتُوحُ الْعَيْنِ فِي الْمُسْنَدِ وَالْمُعَلَّقِ مَعًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ إِيرَادَ الْمُصَنِّفِ يُشْعِرُ بِأَنْ يَزِيدَ خَالَفَ مُحَمَّدَ بْنَ سِنَانٍ وَأَنَّ عَبْدَ الصَّمَدِ تَابع يزِيد وَوَقع فِي مُصَنف بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يَزِيدَ صَحْمَةُ بِفَتْحِ الصَّادِ وَسُكُونِ الْحَاءِ فَهَذَا مُتَّجَهٌ وَيَتَحَصَّلُ مِنْهُ أَنَّ الرُّوَاةَ اخْتَلَفُوا فِي إِثباتِ الْأَلِفِ وَحَذْفِهَا وَحَكَى الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَنَّ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الصَّمَدِ أَصْخَمَةُ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَإِثْبَاتِ الْأَلِفِ قَالَ وَهُوَ غَلَطٌ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَحَلُّ الِاخْتِلَافِ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الْبُخَارِيُّ وَحَكَى كَثِيرٌ مِنَ الشُّرَّاحِ أَنَّ رِوَايَةَ يَزِيدَ وَرَفِيقِهِ صَحْمَةُ بِالْمُهْمَلَةِ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَحَكَى الْكِرْمَانِيُّ أَنَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن سِنَان اصحبة بموحد بدل الْمِيم