فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: المدينة تنفي الخبث

( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ)

بِالتَّنْوِينِ الْمَدِينَةُ تَنْفِي الْخَبَثَ أَيْ بِإِخْرَاجِهِ وَإِظْهَارِهِ



[ قــ :1797 ... غــ :1883] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ بِالْمُوَحَّدَةِ والمهملة وَعبد الرَّحْمَن هُوَ بن مَهْدِيٍّ وَسُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ جَابِرٍ وَقَعَ فِي الْأَحْكَامِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ بن الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرًا .

     قَوْلُهُ  جَاءَ أَعْرَابِيٌّ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ إِلَّا أَنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ ذَكَرَ فِي رَبِيعِ الْأَبْرَارِ أَنَّهُ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ مَشْهُورٌ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ هَاجَرَ فَوَجَدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَاتَ فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَلَعَلَّهُ آخَرُ وَافَقَ اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ وَفِي الذَّيْلِ لِأَبِي مُوسَى فِي الصَّحَابَةِ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ الْمِنْقَرِيُّ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ هَذَا .

     قَوْلُهُ  فَبَايَعَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ فَجَاءَ مِنَ الْغَدِ مَحْمُومًا فَقَالَ أَقِلْنِي ظَاهِرُهُ أَنَّهُ سَأَلَ الْإِقَالَةَ مِنَ الْإِسْلَامِ وَبِهِ جَزَمَ عِيَاضٌ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ إِنَّمَا اسْتَقَالَهُ مِنَ الْهِجْرَةِ وَإِلَّا لَكَانَ قَتله على الرِّدَّة وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  ثَلَاث مرار يتَعَلَّق باقلنى وَيُقَال مَعًا .

     قَوْلُهُ  تَنْفِي خَبَثَهَا تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي أَوَائِل الْمَدِينَة قَوْله وتنصع بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ النُّونِ وَبِالْمُهْمَلَتَيْنِ مِنَ النُّصُوعِ وَهُوَ الْخُلُوصُ وَالْمَعْنَى أَنَّهَا إِذَا نَفَتِ الْخَبَثَ تَمَيَّزَ الطَّيِّبُ وَاسْتَقَرَّ فِيهَا.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  طِيِّبُهَا فَضَبَطَهُ الْأَكْثَرُ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالتَّحْتَانِيَّةِ أَوَّلَهُ وَرَفَعَ طَيِّبَهَا عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ وطيبها لِلْجَمِيعِ بِالتَّشْدِيدِ وَضَبَطَهُ الْقَزَّازُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَالتَّخْفِيفِ ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ فَقَالَ لَمْ أَرَ لِلنُّصُوعِ فِي الطَّيِّبِ ذِكْرًا وَإِنَّمَا الْكَلَامُ يَتَضَوَّعُ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَزِيَادَةِ الْوَاوِ الثَّقِيلَةِ قَالَ وَيُرْوَى وَتَنْضَخُ بِمُعْجَمَتَيْنِ وَأَغْرَبَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْفَائِقِ فَضَبَطَهُ بِمُوَحَّدَةٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَعَيْنٍ.

     وَقَالَ  هُوَ مِنْ أَبْضَعَهُ بِضَاعَةً إِذَا دَفَعَهَا إِلَيْهِ يَعْنِي أَنَّ الْمَدِينَةَ تُعْطِي طَيِّبَهَا لِمَنْ سَكَنَهَا.
وَتَعَقَّبَهُ الصَّغَانِيُّ بِأَنَّهُ خَالَفَ جَمِيع الروَاة فِي ذَلِك.

     وَقَالَ  بن الْأَثِيرِ الْمَشْهُورُ بِالنُّونِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ



( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ كَذَا)

لِلْأَكْثَرِ بِلَا تَرْجَمَةٍ وَسَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ فَأَشْكَلَ وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ تَعَلُّقٍ بِالَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْفَصْلِ مِنَ الْبَابِ وَقَدْ أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ لِأَنَسٍ وَوَجْهُ تَعَلُّقِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا بِتَرْجَمَةِ نَفْيِ الْخَبَثِ أَنَّ قَضِيَّةَ الدُّعَاءِ بِتَضْعِيفِ الْبَرَكَةِ وَتَكْثِيرِهَا تَقْلِيلُ مَا يُضَادُّهَا فَيُنَاسِبُ ذَلِكَ نَفْيَ الْخَبَثِ وَوَجْهُ تَعَلُّقِ الثَّانِي أَنَّ قَضِيَّةَ حُبِّ الرَّسُولِ لِلْمَدِينَةِ أَنْ تَكُونَ بَالِغَةً فِي طِيبِ ذَاتِهَا وَأَهْلِهَا فَيُنَاسِبُ ذَلِكَ أَيْضًا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الثَّانِي فِي أَوَاخِرِ أَبْوَابِ الْعُمْرَةِ.
وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَ.

     قَوْلُهُ  فِيهِ حَدَّثَنَا أَبِي هُوَ جرير بن حَازِم وَيُونُس هُوَ بن يَزِيدَ



[ قــ :1799 ... غــ :1885] .

     قَوْلُهُ  اجْعَلْ بِالْمَدِينَةِ ضِعْفَيْ مَا جَعَلْتَ بِمَكَّةَ مِنَ الْبَرَكَةِ أَيْ مِنْ بَرَكَةِ الدُّنْيَا بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَمُدِّنَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا خَرَجَ بِدَلِيلٍ كَتَضْعِيفِ الصَّلَاةِ بِمَكَّةَ عَلَى الْمَدِينَةِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَنْ تَفْضِيلِ الْمَدِينَةِ عَلَى مَكَّةَ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ حُصُولِ أَفْضَلِيَّةِ الْمَفْضُولِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ ثُبُوتُ الْأَفْضَلِيَّةِ لَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ.
وَأَمَّا مَنْ نَاقَضَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الشَّامُ وَالْيَمَنُ أَفْضَلَ مِنْ مَكَّةَ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وَأَعَادَهَا ثَلَاثًا فَقَدْ تُعُقِّبَ بِأَنَّ التَّأْكِيدَ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّكْثِيرَ الْمُصَرَّحَ بِهِ فِي حَدِيث الْبَاب.

     وَقَالَ  بن حَزْمٍ لَا حُجَّةَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ لَهُمْ لِأَنَّ تَكْثِيرَ الْبَرَكَةِ بِهَا لَا يَسْتَلْزِمُ الْفَضْلَ فِي أُمُورِ الْآخِرَةِ وَرَدَّهُ عِيَاضٌ بِأَنَّ الْبَرَكَةَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ فِي أُمُورِ الدِّينِ أَوِ الدُّنْيَا لِأَنَّهَا بِمَعْنَى النَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ فَأَمَّا فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ فَلِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ وَلَا سِيَّمَا فِي وُقُوعِ الْبَرَكَةِ فِي الصَّاعِ وَالْمُدِّ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَرَكَةَ حَصَلَتْ فِي نَفْسِ الْمَكِيلِ بِحَيْثُ يَكْفِي الْمُدُّ فِيهَا مَنْ لَا يَكْفِيهِ فِي غَيْرِهَا وَهَذَا أَمْرٌ مَحْسُوسٌ عِنْدَ مَنْ سَكَنَهَا.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ إِذَا وُجِدَتِ الْبَرَكَةُ فِيهَا فِي وَقْتٍ حَصَلَتْ إِجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَلَا يَسْتَلْزِمُ دَوَامَهَا فِي كُلِّ حِينٍ وَلِكُلِّ شَخْصٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ عَنْ يُونُسَ أَيْ تَابَعَ جَرِيرَ بْنَ حَازِمٍ فِي رِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ يُونُسَ بنِ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ فَرَوَاهُ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ وَرِوَايَةُ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ مَوْصُولَةٌ فِي كِتَابِ عِلَلِ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ جَمْعُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ كَذَا وَجَدْتُهُ بِخَطِّ بَعْضِ الْمُصَنِّفِينَ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الذُّهْلِيِّ وَقَدْ ضَاقَ مَخْرَجُهُ عَلَى الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ وَمِنْ طَرِيقِ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ وَعَلْقَمَةَ مِنْ طَرِيقِ عَنْبَسَةَ بْنِ خَالِدٍ كُلُّهُمْ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ وَسَاقَ رِوَايَةَ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ فَقَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ أَبُو خَيْثَمَةَ وَقَاسِمُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ كِلَاهُمَا عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ وَصَرَّحَ فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ عَنْ وَهْبٍ بِسَمَاعِ جَرِيرٍ لَهُ مِنْ يُونُسَ ثُمَّ قَالَ قَاسِمُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ هَذَا الْكِتَابِ وَنَقَلَ مُغَلْطَايْ كَلَامَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ هَذَا وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا بن الْمُلَقِّنِ.

     وَقَالَ  فِي آخِرِهِ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَبُو شَيْبَةَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ هَذَا الْكِتَابِ وَهُوَ سَهْوٌ كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ قَاسِمَ بْنَ أَبِي شَيْبَةَ فَقَالَ وَأَبُو شَيْبَةَ ثُمَّ قَالَ مُغَلْطَايْ.

     وَقَالَ  الْإِسْمَاعِيلِيُّ قَالَ الْحَسَنُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَذَكَرَهُ.

     وَقَالَ  يَعْنِي الْمَدِينَةَ اهـ وَهَذَا نَظَرُ مَنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى حَقِيقَةِ الْحَالِ فِيهِ إِذِ الْإِسْمَاعِيلِيُّ ذَكَرَ رِوَايَةَ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ مُتَابَعَةً لِرِوَايَةِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيّ عَن أنس كَمَا ذكر رِوَايَة بن وَهْبٍ وَشَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ مُتَابَعَةً لِجَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ يُونُسَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا أَوْرَدَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ طَرِيقَ شَبِيبِ بْنِ سعيد فَقَالَ أَخْبرنِي الْحسن يَعْنِي بن سُفْيَانَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ ثُمَّ تَحَوَّلَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ إِلَى طَرِيق بن وهب قَالَ بن وهب حَدثنَا يُونُس عَن بن شِهَابٍ حَدَّثَنِي أَنَسٌ وَسَاقَ الْحَدِيثَ عَلَى لَفْظِهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ فَرَاغِهِ.

     وَقَالَ  الْحَسَنُ عَنْ أنس وَمرَاده أَن رِوَايَة بن وهب فِيهَا تَصْرِيح بن شِهَابٍ وَهُوَ الزُّهْرِيُّ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ بِخِلَافِ رِوَايَةِ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ الَّتِي أَخْرَجَهَا مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا عَن أنس