فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: الوضوء ثلاثا ثلاثا

( قَولُهُ بَابُ الْوُضُوءِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا)
أَيْ لِكُلِّ عُضْوٍ



[ قــ :157 ... غــ :159] .

     قَوْلُهُ  عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ هُوَ اللَّيْثِيُّ الْمَدَنِيُّ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ مَدَنِيُّونَ وَفِيهِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ حمْرَان وَهُوَ بِضَم المهمله بن أبان وَعَطَاء وبن شِهَابٍ وَفِي الْإِسْنَادِ الَّذِي يَلِيهِ أَرْبَعَةٌ مِنَ التَّابِعين حمْرَان وَعُرْوَة وهما قرينان وبن شِهَابٍ وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَهُمَا قَرِينَانِ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  دَعَا بِإِنَاءٍ وَفِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ الْآتِيَةِ قَرِيبًا دَعَا بِوَضُوءٍ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ وَهُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ اسْمٌ لِلْمَاءِ الْمُعَدِّ لِلْوُضُوءِ وَبِالضَّمِّ الَّذِي هُوَ الْفِعْلُ وَفِيهِ الِاسْتِعَانَةُ عَلَى إِحْضَارِ مَا يُتَوَضَّأُ بِهِ .

     قَوْلُهُ  فَأَفْرَغَ أَيْ صَبَّ .

     قَوْلُهُ  عَلَى كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَأَبِي الْوَقْتِ وَلِلْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ مَرَّاتٍ بِمُثَنَّاةٍ آخِرَهُ وَفِيهِ غَسْلُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ إِدْخَالِهِمَا الْإِنَاءَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَقِبَ نَوْمٍ احْتِيَاطًا .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِيهِ الِاغْتِرَافُ بِالْيَمِينِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّة الاغتراف وَلَا دلَالَة لَهُ فِيهِ نَفْيًا وَلَا إِثْبَاتًا .

     قَوْلُهُ  فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَاسْتَنْشَقَ بَدَلَ وَاسْتَنْثَرَ وَالْأَوَّلُ أَعَمُّ وَثَبَتَتِ الثَّلَاثَةُ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ الْآتِيَةِ فِي بَابِ الْمَضْمَضَةِ وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ تَقْيِيدَ ذَلِكَ بِعَدَدٍ نَعَمْ ذَكَرَهُ بن الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ عُثْمَانَ وَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتِ عَلَى تَقْدِيمِ الْمَضْمَضَةِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ فِيهِ تَأْخِيرُهُ عَنِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ حِكْمَةَ ذَلِكَ اعْتِبَارُ أَوْصَافِ الْمَاءِ لِأَنَّ اللَّوْنَ يُدْرَكُ بِالْبَصَرِ وَالطَّعْمَ يُدْرَكُ بِالْفَمِ وَالرِّيحَ يُدْرَكُ بِالْأَنْفِ فَقُدِّمَتِ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَهُمَا مَسْنُونَانِ قَبْلَ الْوَجْهِ وَهُوَ مَفْرُوضٌ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ حِكْمَةِ الِاسْتِنْثَارِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ .

     قَوْلُهُ  وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ أَيْ كُلُّ وَاحِدَةٍ كَمَا بَيَّنَهُ الْمُصَنِّفُ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي الصَّوْمِ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ وَفِيهَا تَقْدِيمُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَالتَّعْبِيرُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِثُمَّ وَكَذَا الْقَوْلُ فِي الرِّجْلَيْنِ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ هُوَ بِحَذْفِ الْبَاءِ فِي الرِّوَايَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ ذِكْرُ عَدَدِ الْمَسْحِ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ يُسْتَحَبُّ التَّثْلِيثُ فِي الْمَسْحِ كَمَا فِي الْغُسْلِ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِظَاهِرِ رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مُجْمَلٌ تَبَيَّنَ فِي الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ الْمَسْحَ لَمْ يَتَكَرَّرْ فَيُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْمَغْسُولِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ أَحَادِيثُ عُثْمَانَ الصِّحَاحُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَسْحَ الرَّأْسِ مَرَّةٌ وَاحِدَة وَكَذَا قَالَ بن الْمُنْذِرِ إِنَّ الثَّابِتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْحِ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ وَبِأَنَّ الْمَسْحَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ فَلَا يُقَاسُ عَلَى الْغُسْلِ الْمُرَادِ مِنْهُ الْمُبَالَغَةُ فِي الْإِسْبَاغِ وَبِأَنَّ الْعَدَدَ لَوِ اعْتُبِرَ فِي الْمَسْحِ لَصَارَ فِي صُورَةِ الْغُسْلِ إِذْ حَقِيقَةُ الْغُسْلِ جَرَيَانُ الْمَاءِ وَالدَّلْكُ لَيْسَ بِمُشْتَرَطٍ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعلمَاء وَبَالغ أَبُو عبيد فَقَالَ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ السَّلَفِ اسْتَحَبَّ تَثْلِيثَ مَسْحِ الرَّأْسِ إِلَّا إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيَّ وَفِيمَا قَالَ نظر فقد نَقله بن أبي شيبَة وبن الْمُنْذِرِ عَنْ أَنَسٍ وَعَطَاءٍ وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد من وَجْهَيْن صحّح أَحدهمَا بن خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ تَثْلِيثُ مَسْحِ الرَّأْس وَالزِّيَادَة من الثِّقَة مقبوله