فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب إذا اشترى شيئا، فوهب من ساعته قبل أن يتفرقا، ولم ينكر البائع على المشتري، أو اشترى عبدا فأعتقه

( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا فَوَهَبَ مِنْ سَاعَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا وَلَمْ يُنْكِرِ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي)

أَيْ هَلْ يَنْقَطِعُ خِيَارُهُ بِذَلِكَ قَالَ بن الْمُنِيرِ أَرَادَ الْبُخَارِيُّ إِثْبَاتَ خِيَارِ الْمَجْلِسِ بِحَدِيثِ بن عُمَرَ ثَانِي حَدِيثَيِ الْبَابِ وَفِيهِ قِصَّتُهُ مَعَ عُثْمَانَ وَهُوَ بَيِّنٌ فِي ذَلِكَ ثُمَّ خَشِيَ أَن يعْتَرض عَلَيْهِ بِحَدِيث بن عُمَرَ فِي قِصَّةِ الْبَعِيرِ الصَّعْبِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَصَرَّفَ فِي الْبَكْرِ بِنَفس تَمام العقد فأسلفت الْجَوَابَ عَنْ ذَلِكَ فِي التَّرْجَمَةِ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُنْكِرِ الْبَائِعُ يَعْنِي أَنَّ الْهِبَةَ الْمَذْكُورَةَ إِنَّمَا تَمَّتْ بِإِمْضَاءِ الْبَائِعِ وَهُوَ سُكُوتُهُ الْمُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ قَوْله.

     وَقَالَ  بن التِّينِ هَذَا تَعَسُّفٌ مِنَ الْبُخَارِيِّ وَلَا يُظَنُّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ وَهَبَ مَا فِيهِ لِأَحَدٍ خِيَارٌ وَلَا إِنْكَارَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا بُعِثَ مُبَيِّنًا اه وَجَوَابُهُ أَنَّهُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قدبين ذَلِكَ بِالْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ الْمُصَرِّحَةِ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ مُمْكِنٌ بِأَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَارَقَ عُمَرَ بِأَنْ تَقَدَّمَهُ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ مَثَلًا ثُمَّ وَهَبَ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يُثْبِتُ ذَلِكَ وَلَا مَا يَنْفِيهِ فَلَا مَعْنَى لِلِاحْتِجَاجِ بِهَذِهِ الْوَاقِعَةِ الْعَيْنِيَّةِ فِي إِبْطَالِ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الصَّرِيحَةُ مِنْ إِثْبَاتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فَإِنَّهَا إِنْ كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً عَلَى حَدِيثِ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ فَحَدِيثُ الْبَيِّعَانِ قَاضٍ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً عَنْهُ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اكْتَفَى بِالْبَيَانِ السَّابِقِ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إِذَا تَصَرَّفَ فِي الْمَبِيعِ وَلَمْ يُنْكِرِ الْبَائِعُ كَانَ ذَلِكَ قَاطِعًا لِخِيَارِ الْبَائِعِ كَمَا فَهِمَهُ الْبُخَارِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ إِذَا لَمْ يُنْكِرْ عَلَى الْمُشْتَرِي مَا أَحْدَثَهُ مِنَ الْهِبَةِ وَالْعِتْقِ أَنَّهُ بَيْعٌ جَائِزٌ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا أَنْكَرَ وَلَمْ يَرْضَ فَالَّذِينَ يَرَوْنَ أَنَّ الْبَيْعَ يَتِمُّ بِالْكَلَامِ دُونَ اشْتِرَاطِ التَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ يُجِيزُونَ ذَلِكَ وَمَنْ يَرَى التَّفَرُّقَ بِالْأَبْدَانِ لَا يُجِيزُونَهُ وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ اه وَلَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْإِطْلَاقِ بَلْ فَرَّقُوا بَيْنَ الْمَبِيعَاتِ فَاتَّفَقُوا عَلَى مَنْعِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَاخْتَلَفُوا فِيمَا عَدَا الطَّعَامَ عَلَى مَذَاهِبَ أَحَدُهَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ قَبْلَ قَبْضِهِ مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ثَانِيهَا يَجُوزُ مُطْلَقًا إِلَّا الدُّورَ وَالْأَرْضَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ ثَالِثُهَا يَجُوزُ مُطْلَقًا إِلَّا الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ رَابِعُهَا يَجُوزُ مُطْلَقًا إِلَّا الْمَأْكُولَ وَالْمَشْرُوبَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي ثَوْر وَاخْتِيَار بن الْمُنْذِرِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِعْتَاقِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ الْإِعْتَاقُ وَيَصِيرُ قَبْضًا سَوَاءٌ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ بِأَنْ كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا وَلَمْ يَدْفَعْ أَمْ لَا وَالْأَصَحُّ فِي الْوَقْفِ أَيْضًا صِحَّتُهُ وَفِي الْهِبَةِ وَالرَّهْنِ خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّة فيهمَا إنَّهُمَا لَا يصحان وَحَدِيث بن عُمَرَ فِي قِصَّةِ الْبَعِيرِ الصَّعْبِ حُجَّةٌ لِمُقَابِلِهِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بن عُمَرَ كَانَ وَكِيلًا فِي الْقَبْضِ قَبْلَ الْهِبَةِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْبَغَوِيِّ قَالَ إِذَا أَذِنَ الْمُشْتَرِي لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ كَفَى وَتَمَّ الْبَيْعُ وَحَصَلَتِ الْهِبَةُ بَعْدَهُ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ من هَذَا اتِّحَاد الْقَابِض والمقبض لِأَن بن عُمَرَ كَانَ رَاكِبَ الْبَعِيرِ حِينَئِذٍ وَقَدِ احْتُجَّ بِهِ لِلْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ فِي أَنَّ الْقَبْضَ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ بِالتَّخْلِيَةِ وَإِلَيْهِ مَالَ الْبُخَارِيُّ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي بَابِ شِرَاءِ الدَّوَابِّ وَالْحُمُرِ إِذَا اشْتَرَى دَابَّةً وَهُوَ عَلَيْهَا هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ قَبْضًا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ تَكْفِي التَّخْلِيَةُ فِي الدُّورِ وَالْأَرَاضِيِ وَمَا أَشْبَهَهَا دُونَ الْمَنْقُولَاتِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَجْزِمِ الْبُخَارِيُّ بِالْحُكْمِ بَلْ أَوْرَدَ التَّرْجَمَة مورد الِاسْتِفْهَام وَقَالَ بن قُدَامَةَ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِالْبَيْعِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ عُمَرَ هُوَ لَكَ أَيْ هِبَةً وَهُوَ الظَّاهِرُ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ ثَمَنًا.

قُلْتُ وَفِيهِ غَفْلَةٌ عَنْ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ فَبَاعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فَاشْتَرَاهُ وَسَيَأْتِي فِي الْهِبَةِ فَعَلَى هَذَا فَهُوَ بَيْعٌ وَكَوْنُ الثَّمَنِ لَمْ يُذْكَرْ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ هِبَةً مَعَ التَّصْرِيحِ بِالشِّرَاءِ وَكَمَا لَمْ يَذْكُرِ الثَّمَنَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقَبْضُ الْمُشْتَرَطُ وَقَعَ وَإِنْ لَمْ يُنْقَلْ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاقَهُ بعد العقد كَمَا سَاقه أَو لَا وَسَوْقُهُ قَبْضٌ لَهُ لِأَنَّ قَبْضَ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ .

     قَوْلُهُ  أَوِ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ جَعَلَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَةَ الْهِبَةِ أَصْلًا أَلْحَقَ بِهَا مَسْأَلَةَ الْعِتْقِ لِوُجُودِ النَّصِّ فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ دُونَ الْعِتْقِ وَالشَّافِعِيَّةُ نَظَرُوا إِلَى الْمَعْنَى فِي أَنَّ لِلْعِتْقِ قُوَّةً وَسِرَايَةً لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ وَمَنْ أَلْحَقَ بِهِ مِنْهُمُ الْهِبَةَ قَالَ إِنَّ الْعِتْقَ إِتْلَافٌ لِلْمَالِيَّةِ وَالْإِتْلَافُ قَبْضٌ فَكَذَلِكَ الْهِبَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وقَال طَاوُسٌ فِيمَنْ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ عَلَى الرِّضَا ثُمَّ بَاعَهَا وَجَبَتْ لَهُ وَالرِّبْحُ لَهُ وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيق بن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ نَحْوَهُ وَزَادَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَن معمر عَن أَيُّوب عَن بن سِيرِينَ إِذَا بِعْتَ شَيْئًا عَلَى الرِّضَا فَإِنَّ الْخِيَارَ لَهُمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا عَنْ رِضًا .

     قَوْلُهُ  وقَال الْحميدِي فِي رِوَايَة بن عَسَاكِرَ بِإِسْنَادِ الْبُخَارِيِّ قَالَ لَنَا الْحُمَيْدِيُّ وَجَزَمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ بِأَنَّهُ عَلَّقَهُ وَقَدْ رُوِّينَاهُ أَيْضًا مَوْصُولًا فِي مُسْنَدِ الْحُمَيْدِيِّ وَفِي مُسْتَخْرَجِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَسَيَأْتِي مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سُفْيَانَ فِي الْهِبَةِ مَوْصُولًا .

     قَوْلُهُ  فِي سَفَرٍ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِهِ .

     قَوْلُهُ  عَلَى بَكْرٍ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْكَافِ وَلَدُ النَّاقَةِ أَوَّلَ مَا يُرْكَبُ .

     قَوْلُهُ  صَعْبٍ أَيْ نَفُورٌ .

     قَوْلُهُ  فَبَاعَهُ زَادَ فِي الْهِبَةِ فَاشْتَرَاهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ تَصْنَعُ بِهِ مَا شِئْتَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا كَانَ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ مِنْ تَوْقِيرِهِمْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْ لَا يَتَقَدَّمُوهُ فِي الْمَشْيِ وَفِيهِ جَوَازُ زَجْرِ الدَّوَابِّ وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَيْعِ عَرْضُ صَاحِبِ السِّلْعَةِ بِسِلْعَتِهِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُسْأَلَ فِي بَيْعِهَا وَجَوَازُ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ بَدَلِ الثَّمَنِ وَمُرَاعَاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْوَالَ الصَّحَابَةِ وَحِرْصُهُ عَلَى مَا يُدْخِلُ عَلَيْهِمُ السُّرُورَ



[ قــ :2032 ... غــ :2116] .

     قَوْلُهُ  وقَال اللَّيْثُ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ بن زَنْجُوَيْهِ وَالرَّمَادِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَأَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي صَالِحٍ كَاتِبِ اللَّيْثِ عَنِ اللَّيْثِ بِهِ وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ يَحْيَى بْنَ بُكَيْرٍ رَوَاهُ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ نَحْوَهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِعِلَّةٍ فَقَدْ ذَكَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَيْضًا أَنَّ أَبَا صَالِحٍ رَوَاهُ عَنِ اللَّيْثِ كَذَلِكَ فَوَضَحَ أَنَّ لِلَّيْثِ فِيهِ شَيْخَيْنِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ عَنْ سُوَيْدٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ .

     قَوْلُهُ  بِعْتُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مَالًا أَيْ أَرْضًا أَوْ عَقَارًا .

     قَوْلُهُ  بِالْوَادِي يَعْنِي وَادِيَ الْقُرَى .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا تَبَايَعْنَا رَجَعْتُ عَلَى عَقِبَيَّ فِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ فَطَفِقْتُ أَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيَّ الْقَهْقَرَى .

     قَوْلُهُ  يُرَادَّنِي بِتَشْدِيدِ الدَّالِ أَصْلُهُ يُرَادِدُنِي أَيْ يَطْلُبُ مِنِّي اسْتِرْدَادَهُ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَتِ السُّنَّةُ أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِالْخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا يَعْنِي أَنَّ هَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي خُرُوجِهِ مِنْ بَيْتِ عُثْمَانَ وَأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِيَجِبَ لَهُ الْبَيْعُ وَلَا يَبْقَى لِعُثْمَانَ خِيَارٌ فِي فَسْخِهِ وَاسْتَدَلَّ بن بَطَّالٍ بِقَوْلِهِ وَكَانَتِ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فَأَمَّا فِي الزَّمَنِ الَّذِي فعل بن عُمَرَ ذَلِكَ فَكَانَ التَّفَرُّقُ بِالْأَبْدَانِ مَتْرُوكًا فَلِذَلِكَ فعله بن عُمَرَ لِأَنَّهُ كَانَ شَدِيدَ الِاتِّبَاعِ هَكَذَا قَالَ وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ وَكَانَتِ السُّنَّةُ مَا يَنْفِي اسْتِمْرَارَهَا وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ كُنَّا إِذَا تَبَايَعْنَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقِ الْمُتَبَايِعَانِ فَتَبَايَعْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَفِيهَا إِشْعَارٌ بِاسْتِمْرَارِ ذَلِك وَأغْرب بن رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لَهُ فَزَعَمَ أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ لِابْنِ عُمَرَ لَيْسَتِ السُّنَّةُ بِافْتِرَاقِ الْأَبَدَانِ قَدِ انْتَسَخَ ذَلِكَ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَمْ أَرَ لَهَا إِسْنَادًا وَلَوْ صَحَّتْ لَمْ تُخَرَّجِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ لِأَنَّ أَكْثَرَ الصَّحَابَةِ قَدْ نُقِلَ عَنْهُمُ الْقَوْلُ بِأَنَّ الِافْتِرَاقَ بِالْأَبْدَانِ .

     قَوْلُهُ  سُقْتُهُ إِلَى أَرْضِ ثَمُودَ بِثَلَاثِ لَيَالٍ أَيْ زِدْتُ الْمَسَافَةَ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَرْضِهِ الَّتِي صَارَتْ إِلَيْهِ عَلَى الْمَسَافَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَرْضِهِ الَّتِي بَاعَهَا بِثَلَاثِ لَيَالٍ .

     قَوْلُهُ  وَسَاقَنِي إِلَى الْمَدِينَةِ بِثَلَاثِ لَيَالٍ يَعْنِي أَنَّهُ نَقَصَ الْمَسَافَةَ الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَ أَرْضِي الَّتِي أَخَذَ بِهَا عَنِ الْمَسَافَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَرْضِي الَّتِي بِعْتُهَا بِثَلَاثِ لَيَالٍ وَإِنَّمَا قَالَ إِلَى الْمَدِينَةِ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا كَانَا بهَا فَرَأى بن عُمَرَ الْغِبْطَةَ فِي الْقُرْبِ مِنَ الْمَدِينَةِ فَلِذَلِكَ قَالَ رَأَيْتُ أَنِّي قَدْ غَبَنْتُهُ وَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ جَوَازُ بَيْعِ الْعَيْنِ الْغَائِبَةِ عَلَى الصِّفَةِ وَسَيَأْتِي نَقْلُ الْخِلَافِ فِيهَا فِي بَابِ بَيْعِ الْمُلَامَسَةِ وَجَوَازُ التَّحَيُّلِ فِي إِبْطَالِ الْخِيَارِ وَتَقْدِيمُ الْمَرْءِ مَصْلَحَةَ نَفْسِهِ عَلَى مَصْلَحَةِ غَيْرِهِ وَفِيهِ جَوَازُ بَيْعِ الْأَرْضِ بِالْأَرْضِ وَفِيهِ أَنَّ الْغَبْنَ لَا يرد بِهِ الْبَيْعِ