فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الجريد على القبر

( قَولُهُ بَابُ الْجَرِيدَةِ عَلَى الْقَبْرِ)
أَيْ وَضْعُهَا أَوْ غَرْزُهَا .

     قَوْلُهُ  وَأَوْصَى بُرَيْدَةُ الْأَسْلَمِيُّ إِلَخْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ فِي قَبْرِهِ وَلِلْمُسْتَمْلِي على قَبره وَقد وَصله بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ قَالَ أَوْصَى بُرَيْدَةُ أَنْ يُوضَعَ فِي قَبْرِهِ جَرِيدَتَانِ وَمَاتَ بِأَدْنَى خُرَاسَان قَالَ بن الْمُرَابِطِ وَغَيْرُهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بُرَيْدَةُ أَمَرَ أَنْ يُغْرَزَا فِي ظَاهِرِ الْقَبْرِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَضْعِهِ الْجَرِيدَتَيْنِ فِي الْقَبْرَيْنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَ أَنْ يُجْعَلَا فِي دَاخِلِ الْقَبْرِ لِمَا فِي النَّخْلَةِ من الْبركَة لقَوْله تَعَالَى كشجرة طيبَة وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَيُؤَيِّدُهُ إِيرَادُ الْمُصَنِّفِ حَدِيثَ الْقَبْرَيْنِ فِي آخِرِ الْبَابِ وَكَأَنَّ بُرَيْدَةَ حَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى عُمُومِهِ وَلَمْ يَرَهُ خَاصًّا بِذَيْنِكَ الرَّجُلَيْنِ قَالَ بن رَشِيدٍ وَيَظْهَرُ مِنْ تَصَرُّفِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ ذَلِكَ خَاص بهما فَلذَلِك عقبه بقول بن عمر إِنَّمَا يظله عمله قَوْله وَرَأى بن عُمَرَ فُسْطَاطًا عَلَى قَبْرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفُسْطَاطُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَبِطَاءَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ هُوَ الْبَيْتُ مِنَ الشَّعْرِ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ الشَّعْرِ وَفِيهِ لُغَاتٌ أُخْرَى بِتَثْلِيثِ الْفَاءِ وبِالْمُثَنَّاتَيْنِ بَدَلَ الطَّاءَيْنِ وَإِبْدَالِ الطَّاءِ الْأُولَى مُثَنَّاةً وَإِدْغَامِهِمَا فِي السِّينِ وَكَسْرِ أَوَّلِهِ فِي الثَّلَاثَةِ وَعَبْدُ الرَّحْمَن هُوَ بن أبي بكر الصّديق بَينه بن سَعْدٍ فِي رِوَايَتِهِ لَهُ مَوْصُولًا مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ مَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَلَى قَبْرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَخِي عَائِشَةَ وَعَلَيْهِ فُسْطَاطٌ مَضْرُوبٌ فَقَالَ يَا غُلَامُ انْزِعْهُ فَإِنَّمَا يُظِلُّهُ عَمَلُهُ قَالَ الْغُلَامُ تَضْرِبُنِي مَوْلَاتِي قَالَ كلا فَنَزَعَهُ وَمن طَرِيق بن عون عَن رجل قَالَ قَدِمَتْ عَائِشَةُ ذَا طُوًى حِينَ رَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَأَمَرَتْ بِفُسْطَاطٍ فَضُرِبَ عَلَى قَبْرِهِ وَوَكَّلَتْ بِهِ إنْسَانا وَارْتَحَلت فَقدم بن عُمَرَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُ إِدْخَالِ هَذَا الْأَثَرِ تَحْتَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ .

     قَوْلُهُ  وقَال خَارِجَة بن زيد أَي بن ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ أَحَدُ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ وَهُوَ أَحَدُ السَّبْعَةِ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِلَخْ وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّارِيخِ الصَّغِيرِ مِنْ طَرِيقِ بن إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ سَمِعْتُ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدٍ فَذَكَرَهُ وَفِيهِ جَوَازُ تَعْلِيَةِ الْقَبْرِ وَرَفْعِهِ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ وَقَولُهُ رَأَيْتُنِي بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ ضَمِيرَانِ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ وَمَظْعُونٌ وَالِدُ عُثْمَانَ بِظَاءٍ مُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ وَمُنَاسَبَتُهُ مِنْ وَجْهِ أَنَّ وَضْعَ الْجَرِيدِ عَلَى الْقَبْرِ يُرْشِدُ إِلَى جَوَازِ وَضْعِ مَا يَرْتَفِعُ بِهِ ظَهْرُ الْقَبْرِ عَنِ الْأَرْضِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي آخر الْجَنَائِز قَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ أَرَادَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ الَّذِي يَنْفَعُ أَصْحَابَ الْقُبُورِ هِيَ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ وَأَنَّ عُلُوَّ الْبِنَاءِ وَالْجُلُوسَ عَلَيْهِ وَغَيْرَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِصُورَتِهِ وَإِنَّمَا يَضُرُّ بِمَعْنَاهُ إِذَا تَكَلَّمَ الْقَاعِدُونَ عَلَيْهِ بِمَا يَضُرُّ مَثَلًا .

     قَوْلُهُ  وقَال عُثْمَانُ بْنُ حَكِيم أَخذ بيَدي خَارِجَة أَي بن زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ إِلَخْ وَصَلَهُ مُسَدَّدٌ فِي مُسْنَدِهِ الْكَبِيرِ وَبَيَّنَ فِيهِ سَبَبَ إِخْبَارِ خَارِجَةَ لِحَكِيمٍ بِذَلِكَ وَلَفْظُهُ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَرْجِسَ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ لَأَنْ أَجْلِسَ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ مَا دُونَ لَحْمِي حَتَّى تُفْضِيَ إِلَيَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ قَالَ عُثْمَانُ فَرَأَيْتُ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدٍ فِي الْمَقَابِرِ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَأَخَذَ بِيَدِي الْحَدِيثَ وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا مِنْ طَرِيقِ سَهْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ إِنَّمَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ مَنْ جَلَسَ عَلَى قَبْرٍ يَبُولُ عَلَيْهِ أَوْ يَتَغَوَّطُ فَكَأَنَّمَا جَلَسَ عَلَى جَمْرَةٍ لَكِنَّ إِسْنَادَهُ ضَعِيفٌ قَالَ بن رَشِيدٍ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْأَثَرَ وَالَّذِي بَعْدَهُ مِنَ الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا وَهُوَ بَابُ مَوْعِظَةِ الْمُحَدِّثِ عِنْدَ الْقَبْرِ وَقُعُودِ أَصْحَابِهِ حَوْلَهُ وَكَأَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ كَتَبَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ قَالَ وَقَدْ يُتَكَلَّفُ لَهُ طَرِيقٌ يَكُونُ بِهِ مِنَ الْبَابِ وَهِيَ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ ضَرْبَ الْفُسْطَاطِ إِنْ كَانَ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَالتَّسَتُّرِ مِنَ الشَّمْس مثلا للحي لَا لإظلال الْمَيِّت فقد جَازَ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ إِذَا أُعْلِيَ الْقَبْرُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ لَا لِقَصْدِ الْمُبَاهَاةِ جَازَ كَمَا يَجُوزُ الْقُعُودُ عَلَيْهِ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ لَا لِمَنْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدَثِ هُنَا التَّغَوُّطُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ مِنَ إِحْدَاثِ مَا لَا يَلِيقُ مِنَ الْفُحْشِ قَوْلًا وَفِعْلًا لِتَأَذِّي الْمَيِّتِ بِذَلِكَ انْتَهَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هَذِهِ الْآثَارُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْبَابِ تَحْتَاجُ إِلَى بَيَانِ مُنَاسَبَتِهَا لِلتَّرْجَمَةِ وَإِلَى مُنَاسَبَةِ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ وَضْعِ الْجَرِيدَةِ وَذَكَرَ أَثَرَ بُرَيْدَة وَهُوَ يُؤذن بمشروعيتها ثمَّ أثر بن عُمَرَ الْمُشْعِرَ بِأَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِمَا يُوضَعُ عَلَى الْقَبْرِ بَلِ التَّأْثِيرُ لِلْعَمَلِ الصَّالِحِ وَظَاهِرُهُمَا التَّعَارُضُ فَلِذَلِكَ أَبْهَمَ حُكْمَ وَضْعِ الْجَرِيدَةِ قَالَهُ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ تَصَرُّفِهِ تَرْجِيح الْوَضع وَيُجَاب عَن أثر بن عُمَرَ بِأَنَّ ضَرْبَ الْفُسْطَاطِ عَلَى الْقَبْرِ لَمْ يَرِدْ فِيهِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَيِّتُ بِخِلَافِ وَضْعِ الْجَرِيدَةِ لِأَنَّ مَشْرُوعِيَّتَهَا ثَبَتَتْ بِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإِنْ كَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ قَالَ إِنَّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَخْصُوصَةً بِمَنْ أَطْلَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى حَالِ الْمَيِّتِ.
وَأَمَّا الْآثَارُ الْوَارِدَةُ فِي الْجُلُوسِ عَلَى الْقَبْر فَإِن عُمُوم قَول بن عُمَرَ إِنَّمَا يُظِلُّهُ عَمَلُهُ يَدْخُلُ فِيهِ أَنَّهُ كَمَا لَا يَنْتَفِعُ بِتَظْلِيلِهِ وَلَوْ كَانَ تَعْظِيمًا لَهُ لَا يَتَضَرَّرُ بِالْجُلُوسِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ تَحْقِيرًا لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وقَال نَافِعٌ كَانَ بن عُمَرَ يَجْلِسُ عَلَى الْقُبُورِ وَوَصَلَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُ بِذَلِكَ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْهُ قَالَ لَأَنْ أَطَأَ عَلَى رَضْفٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَطَأَ عَلَى قَبْرٍ وَهَذِهِ مِنَ الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا وَوَرَدَ فِيهَا مِنْ صَحِيحِ الْحَدِيثِ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي مِرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ مَرْفُوعًا لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إِلَيْهَا قَالَ النَّوَوِيُّ الْمُرَادُ بِالْجُلُوسِ الْقُعُودُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ الْمُرَادُ بِالْقُعُودِ الْحَدَثُ وَهُوَ تَأْوِيلٌ ضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ انْتَهَى وَهُوَ يُوهِمُ انْفِرَادَ مَالك بذلك وَكَذَا أَوْهَمهُ كَلَام بن الْجَوْزِيِّ حَيْثُ قَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْكَرَاهَةِ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَصَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِأَنَّ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ كَالْجُمْهُورِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ كَقَوْلِ مَالِكٍ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمُ الطَّحَاوِيُّ وَاحْتَجَّ لَهُ بِأَثَرِ بن عُمَرَ الْمَذْكُورِ وَأَخْرَجَ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوَهُ وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مَرْفُوعًا إِنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْجُلُوسِ عَلَى الْقُبُورِ لِحَدَثِ غَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ وَرِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ الْجُمْهُورِ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيِّ مَرْفُوعًا لَا تَقْعُدُوا عَلَى الْقُبُورِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ عَنْهُ رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُتَّكِئٌ عَلَى قَبْرٍ فَقَالَ لَا تُؤْذِ صَاحِبَ الْقَبْرِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجُلُوسِ الْقُعُودُ عَلَى حَقِيقَته ورد بن حَزْمٍ التَّأْوِيلَ الْمُتَقَدِّمَ بِأَنَّ لَفْظَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ قَالَ وَمَا عَهِدْنَا أَحَدًا يَقْعُدُ عَلَى ثِيَابِهِ لِلْغَائِطِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْقُعُودُ عَلَى حَقِيقَتِهِ.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ التَّأْوِيلُ الْمَذْكُورُ بَعِيدٌ لِأَنَّ الْحَدَثَ عَلَى الْقَبْرِ أَقْبَحُ مِنْ أَنْ يُكْرَهَ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ الْجُلُوس الْمُتَعَارف



[ قــ :1307 ... غــ :1361] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ لَمْ أَرَهُ مَنْسُوبًا لِأَحَدٍ مِنَ الْمَشَايِخِ.

قُلْتُ قَدْ نَسَبَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ يَحْيَى بْنَ جَعْفَرٍ وَجَزَمَ أَبُو مَسْعُودٍ فِي الْأَطْرَافِ وَتَبِعَهُ الْمِزِّيُّ بِأَنَّهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَوَقْعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ شَبُّوَيْهِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمد وَقد تقدم الْكَلَام على حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي كِتَابِ الْوُضُوءِ بِمَا فِيهِ مَقْنَعٌ بعون الله تَعَالَى وَالله أعلم