فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الرخصة إن لم يحضر الجمعة في المطر

( قَولُهُ بَابُ الرُّخْصَةِ إِنْ لَمْ يَحْضُرِ الْجُمُعَةَ فِي الْمَطَرِ)
ضُبِطَ فِي رِوَايَتِنَا بِكَسْرِ إِنْ وَهِيَ الشَّرْطِيَّةُ وَيَحْضُرُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ أَيِ الرَّجُلُ وَضَبَطَهُ الْكِرْمَانِيُّ بِفَتْحِ أَنْ وَيَحْضُرُ بِلَفْظِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ أَيْضًا وَأَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ هُنَا حَدِيث بن عَبَّاسٍ مِنْ رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ عُلَيَّةَ وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِمَا تَرْجَمَ لَهُ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ قَلِيلِ الْمَطَرِ وَكَثِيرِهِ وَعَنْ مَالِكٍ لَا يُرَخَّصُ فِي تَركهَا بالمطر وَحَدِيث بن عَبَّاسٍ هَذَا حُجَّةٌ فِي الْجَوَازِ.

     وَقَالَ  الزَّيْنُ بن الْمُنِير الظَّاهِر أَن بن عَبَّاسٍ لَا يُرَخِّصُ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ.
وَأَمَّا



[ قــ :874 ... غــ :901] .

     قَوْلُهُ  صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ فَإِشَارَةٌ مِنْهُ إِلَى الْعَصْرِ فَرَخَّصَ لَهُمْ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا.
وَأَمَّا الْجُمُعَةُ فَقَدْ جَمَعَهُمْ لَهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ جَمَّعَ بِهِمْ فِيهَا قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جَمَّعَهُمْ لِلْجُمُعَةِ لِيُعْلِمَهُمْ بِالرُّخْصَةِ فِي تَرْكِهَا فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِيَعْمَلُوا بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ انْتَهَى وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَمْ يُجَمِّعْهُمْ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ مُخَاطَبَةَ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ وَتَعْلِيمَ مَنْ حَضَرَ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ اسْتَشْكَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَقَالَ لَا أَخَالُهُ صَحِيحًا فَإِنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ بِلَفْظِ إِنَّهَا عَزْمَةٌ أَيْ كَلِمَةُ الْمُؤَذِّنِ وَهِيَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا دُعَاءٌ إِلَى الصَّلَاةِ تَقْتَضِي لِسَامِعِهِ الْإِجَابَةَ وَلَوْ كَانَ مَعْنَى الْجُمُعَةُ عَزْمَةٌ لَكَانَتْ الْعَزِيمَةُ لَا تَزُولُ بِتَرْكِ بَقِيَّةِ الْأَذَانِ انْتَهَى وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ بَقِيَّةَ الْأَذَانِ وَإِنَّمَا أَبْدَلَ قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إِنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ أَيْ فَلَوْ تَرَكْتَ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ لَبَادَرَ مَنْ سَمِعَهُ إِلَى الْمَجِيءِ فِي الْمَطَرِ فَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ فَأَمَرْتُهُ أَنْ يَقُولَ صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ لِتَعْلَمُوا أَنَّ الْمَطَرَ مِنَ الْأَعْذَارِ الَّتِي تُصِيرُ الْعَزِيمَةَ رُخْصَةً .

     قَوْلُهُ  وَالدَّحْضُ بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَآخِرِهِ ضاد مُعْجمَة هُوَ الزلق وَحكى بن التِّينِ أَنَّ فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ بِالرَّاءِ بَدَلَ الدَّالِ وَهُوَ الْغُسْلُ قَالَ وَلَا مَعْنَى لَهُ هُنَا إِلَّا إِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ حِينَ أَصَابَهَا الْمَطَرُ كَالْمُغْتَسَلِ وَالْجَامِعِ بَيْنَهُمَا الزَّلِقُ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ بَقِيَّةُ مَبَاحِثِ الْحَدِيثِ فِي أَبْوَابِ الْأَذَانِ تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي السِّيَاقِ عَنْ عَبْدِ الله بن الْحَارِث بن عَمِّ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَأَنْكَرَهُ الدِّمْيَاطِيُّ فَقَالَ كَانَ زوج بنت سِيرِين فَهُوَ صهر بن سِيرِين لَا بن عَمِّهِ.

قُلْتُ مَا الْمَانِعُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ سِيرِينَ وَالْحَارِثِ أُخُوَّةٌ مِنْ رَضَاعٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يَنْبَغِي تَغْلِيطُ الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ مَعَ وُجُودِ الِاحْتِمَالِ المقبول