فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب التكبير والتسبيح عند المنام

( قَولُهُ بَابُ التَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ)
عِنْدَ الْمَنَامِ أَيْ والتحميد



[ قــ :5985 ... غــ :6318] قَوْله عَن الحكم هُوَ بن عُتَيْبَةَ بِمُثَنَّاةٍ وَمُوَحَّدَةٍ مُصَغَّرٌ فَقِيهُ الْكُوفَةِ وَقَولُهُ عَن بن أَبِي لَيْلَى هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَقَولُهُ عَنْ عَلِيٍّ قَدْ وَقَعَ فِي النَّفَقَاتِ عَنْ بَدَلِ بْنِ الْمُحَبَّرِ عَنْ شُعْبَةَ أَخْبَرَنِي الْحَكَمُ سَمِعْتُ عبد الرَّحْمَن بن أَبِي لَيْلَى أَنْبَأَنَا عَلِيٌّ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ فَاطِمَةَ شَكَتْ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنَ الرَّحَى زَادَ بَدَلٌ فِي رِوَايَتِهِ مِمَّا تَطْحَنُ وَفِي رِوَايَةِ الْقَاسِمِ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ عَنْ عَلِيٍّ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَأَرَتْهُ أَثَرًا فِي يَدِهَا مِنَ الرَّحَى وَفِي زَوَائِدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِ أَبِيهِ وَصَححهُ بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَلِيٍّ اشْتَكَتْ فَاطِمَةُ مَجْلَ يَدِهَا وَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْجِيمِ بَعْدَهَا لَامٌ مَعْنَاهُ التَّقْطِيعُ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ الْمُرَادُ بِهِ غِلَظُ الْيَدِ وَكُلُّ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا بِكَفِّهِ فَغَلُظَ جِلْدُهَا قِيلَ مَجَلَتْ كَفُّهُ وَعِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ عَنْ عَلِيٍّ.

قُلْتُ لِفَاطِمَةَ لَوْ أَتَيْتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتِيهِ خَادِمًا فَقَدْ أَجْهَدَكِ الطَّحْن وَالْعَمَل وَعِنْده وَعند بن سَعْدٍ مِنْ رِوَايَةُ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٌّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا زَوَّجَهُ فَاطِمَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَقَالَ عَلِيٌّ لِفَاطِمَةَ ذَاتَ يَوْمٍ وَاللَّهِ لَقَدْ سَنَوْتُ حَتَّى اشْتَكَيْتُ صَدْرِي فَقَالَتْ وَأَنَا وَاللَّهِ لَقَدْ طَحَنْتُ حَتَّى مَجَلَتْ يَدَايَ وَقَولُهُ سَنَوْتُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ أَيِ اسْتَقَيْتُ مِنَ الْبِئْرِ فَكُنْتُ مَكَانَ السَّانِيَةِ وَهِيَ النَّاقَةُ وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْوَرْدِ بْنِ ثُمَامَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَعْبَدَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كَانَتْ عِنْدِي فَاطِمَةَ بِنْتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَرَّتْ بِالرَّحَى حَتَّى أَثَّرَتْ بِيَدِهَا وَاسْتَقَتْ بِالْقِرْبَةِ حَتَّى أَثَّرَتْ فِي عُنُقِهَا وَقَمَّتِ الْبَيْتِ حَتَّى اغْبَرَّتْ ثِيَابُهَا وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ وَخَبَزَتْ حَتَّى تَغَيَّرَ وَجْهُهَا .

     قَوْلُهُ  فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ خَادِمًا أَيْ جَارِيَةً تَخْدُمُهَا وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الذَّكَرِ وَفِي رِوَايَةِ السَّائِبِ وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ أَبَاكِ بِسَبْيٍ فَاذْهَبِي إِلَيْهِ فَاسْتَخْدِمِيهِ أَيِ اسْأَلِيهِ خَادِمًا وَزَادَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ شُعْبَةَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي النَّفَقَاتِ وَبَلَغَهَا أَنَّهُ جَاءَهُ رَقِيقٌ وَفِي رِوَايَةِ بَدَلٍ وَبَلَغَهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى بِسَبْيٍ .

     قَوْلُهُ  فَلَمْ تَجِدْهُ فِي رِوَايَةِ الْقَطَّانِ فَلَمْ تُصَادِفْهُ وَفِي رِوَايَةِ بَدَلٍ فَلَمْ تُوَافِقْهُ وَهِيَ بِمَعْنَى تُصَادِفُهُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَرْدِ فَأَتَتْهُ فَوَجَدَتْ عِنْدَهُ حُدَّاثًا بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ مُثَلَّثَةٌ أَيْ جَمَاعَةً يَتَحَدَّثُونَ فَاسْتَحْيَتْ فَرَجَعَتْ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا لَمْ تَجِدْهُ فِي الْمَنْزِلِ بَلْ فِي مَكَانٍ آخَرَ كَالْمَسْجِدِ وَعِنْدَهُ مَنْ يَتَحَدَّثُ مَعَهُ .

     قَوْلُهُ  فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ فِي رِوَايَةِ الْقَطَّانِ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ زَادَ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ فِي الْمَنَاقِبِ بِمَجِيءِ فَاطِمَةَ وَفِي رِوَايَةِ بَدَلٍ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ لَهُ وَفِي رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عِنْدَ جَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيِّ فِي الذِّكْرِ وَالدَّارَقُطْنِيَّ فِي الْعِلَلَ وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ حَتَّى أَتَتْ مَنْزِلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ تُوَافِقْهُ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ أُمُّ سَلَمَةَ بَعْدَ أَنْ رَجَعَتْ فَاطِمَةُ وَيُجْمَعُ بِأَنَّ فَاطِمَةَ الْتَمَسَتْهُ فِي بَيْتَيْ أُمَّيِ الْمُؤْمِنِينَ وَقَدْ وَرَدَتِ الْقِصَّةُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ نَفْسِهَا أَخْرَجَهَا الطَّبَرِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ مِنْ طَرِيقِ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْهَا قَالَتْ جَاءَتْ فَاطِمَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْكُو إِلَيْهِ الْخِدْمَةَ فَذَكَرَتِ الْحَدِيثَ مُخْتَصَرًا وَفِي رِوَايَةِ السَّائِبِ فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا جَاءَ بِكَ يَا بُنَيَّةُ قَالَتْ جِئْتُ لِأُسَلِّمَ عَلَيْكَ وَاسْتَحْيَتْ أَنْ تَسْأَلَهُ وَرجعت فَقلت مَا فعلت قَالَت اسحييت.

قُلْتُ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الصَّحِيحِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ تَكُونَ لَمْ تَذْكُرْ حَاجَتَهَا أَوَّلًا عَلَى مَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ ثُمَّ ذَكَرَتْهَا ثَانِيًا لِعَائِشَةَ لَمَّا لَمْ تَجِدْهُ ثُمَّ جَاءَتْ هِيَ وَعَلِيٌّ عَلَى مَا فِي رِوَايَةِ السَّائِبِ فَذَكَرَ بَعْضُ الرُّوَاةِ مَا لَمْ يَذْكُرْ بَعْضٌ وَقَدِ اخْتَصَرَهُ بَعْضُهُمْ فَفِي رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ الْمَاضِيَةِ فِي النَّفَقَاتِ أَنَّ فَاطِمَةُ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَقَالَ أَلَا أُخْبِرُكِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْهُ وَفِي رِوَايَةِ هُبَيْرَةَ فَقَالَتِ انْطَلِقْ مَعِي فَانْطَلَقْتُ مَعَهَا فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ أَلَا أَدُلُّكُمَا الْحَدِيثَ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ فَاطِمَةُ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ خَادِمًا وَشَكَتِ الْعَمَلَ فَقَالَ مَا أَلْفَيْتُهُ عِنْدَنَا وَهُوَ بِالْفَاءِ أَيْ مَا وَجَدْتُهُ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَا وَجَدْتُهُ عِنْدَنَا فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِنَا إِلَيْهِ لِمَا ذَكَرَ مِنْ إِنْفَاقِ أَثْمَانِ السَّبْيِ عَلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ .

     قَوْلُهُ  فَجَاءَنَا وَقَدْ اخذنا مضاجعا زَادَ فِي رِوَايَةِ السَّائِبِ فَأَتَيْنَاهُ جَمِيعًا فَقُلْتُ بِأَبِي يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ سَنَوْتُ حَتَّى اشْتَكَيْتُ صَدْرِي .

     وَقَالَتْ  فَاطِمَةُ لَقَدْ طَحَنْتُ حَتَّى مَجَلَتْ يَدَايَ وَقَدْ جَاءَكَ اللَّهُ بِسَبْيٍ وَسَعَةٍ فَأَخْدِمْنَا فَقَالَ وَاللَّهِ لَا أُعْطِيكُمَا وَأَدَعُ أَهْلَ الصُّفَّةِ تُطْوَى بُطُونُهُمْ لَا أَجِدُ مَا أُنْفِقُ عَلَيْهِمْ وَلَكِنِّي أَبِيعُهُمْ وَأُنْفِقُ عَلَيْهِمْ أَثْمَانَهُمْ وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إِلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ فِي فَرْضِ الْخُمُسِ وَتَكَلَّمْتُ عَلَى شَرْحِهَا هُنَاكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُبَيْدَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَلِيٍّ عِنْد بن حِبَّانَ مِنَ الزِّيَادَةِ فَأَتَانَا وَعَلَيْنَا قَطِيفَةٌ إِذَا لَبِسْنَاهَا طُولًا خَرَجَتْ مِنْهَا جُنُوبُنَا وَإِذَا لَبِسْنَاهَا عَرْضًا خَرَجَتْ مِنْهَا رُءُوسُنَا وَأَقْدَامُنَا وَفِي رِوَايَةِ السَّائِبِ فَرَجَعَا فَأَتَاهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ دَخَلَا فِي قَطِيفَةٍ لَهُمَا إِذَا غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا تَكَشَّفَتْ أَقْدَامُهُمَا وَإِذَا غَطَّيَا أَقْدَامَهُمَا تَكَشَّفَتْ رُءُوسُهُمَا .

     قَوْلُهُ  فَذَهَبْتُ أَقُومُ وَافَقَهُ غُنْدَرٌ وَفِي رِوَايَةِ الْقَطَّانِ فَذَهَبْنَا نَقُومُ وَفِي رِوَايَةِ يدل لِنَقُومَ وَفِي رِوَايَةِ السَّائِبِ فَقَامَا .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ مَكَانَكِ وَفِي رِوَايَةِ غُنْدَرٍ مَكَانَكُمَا وَهُوَ بِالنَّصْبِ أَيِ الْزَمَا مَكَانَكُمَا وَفِي رِوَايَةِ الْقَطَّانِ وَبَدَلٍ فَقَالَ عَلَى مَكَانِكُمَا أَيِ اسْتَمِرَّا عَلَى مَا أَنْتُمَا عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  فَجَلَسَ بَيْنَنَا فِي رِوَايَةِ غُنْدَرٍ فَقَعَدَ بَدَلَ جَلَسَ وَفِي رِوَايَةِ الْقَطَّانِ فَقَعَدَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ مرّة عَن بن أَبِي لَيْلَى عِنْدَ النَّسَائِيِّ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى وَضَعَ قَدَمَهُ بَيْنِي وَبَيْنَ فَاطِمَةَ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ هَكَذَا هُنَا بِالتَّثْنِيَةِ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ غُنْدَرٍ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا وَفِي رِوَايَةِ الْقَطَّانِ بِالْإِفْرَادِ وَفِي رِوَايَةِ بَدَلٍ كَذَلِكَ بِالْإِفْرَادِ لِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرِيِّ فَسَخَّنْتُهُمَا وَفِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ عَن مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عِنْدَ جَعْفَرٍ فِي الذِّكْرِ وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ مِنَ الزِّيَادَةِ فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى مَنْزِلَ فَاطِمَةَ وَقَدْ دَخَلَتْ هِيَ وَعَلِيٌّ فِي اللِّحَافِ فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ هَمَّا أَنْ يَلْبَسَا فَقَالَ كَمَا أَنْتُمَا إِنِّي أُخْبِرَتُ أَنَّكِ جِئْتِ تَطْلُبِينَ فَمَا حَاجَتُكِ قَالَتْ بَلَغَنِي أَنَّهُ قَدِمَ عَلَيْكَ خَدَمٌ فَأَحْبَبْتُ أَنْ تُعْطِيَنِي خَادِمًا يَكْفِينِي الْخُبْزَ وَالْعَجْنَ فَإِنَّهُ قَدْ شَقَّ عَلَيَّ قَالَ فَمَا جِئْتِ تَطْلُبِينَ أَحَبُّ إِلَيْكِ أَوْ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ قَالَ عَلِيٌّ فَغَمَزْتُهَا فَقُلْتُ قُولِي مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ أَحَبُّ إِلَيَّ قَالَ فَإِذَا كُنْتُمَا عَلَى مِثْلِ حَالِكُمَا الَّذِي أَنْتُمَا عَلَيْهِ فَذَكَرَ التَّسْبِيحَ وَفِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَعْبَدَ فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهَا فَأَدْخَلَتْ رَأْسَهَا فِي اللِّفَاعِ حَيَاءً مِنْ أَبِيهَا وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ أَوَّلًا فَلَمَّا تَآنَسَتْ بِهِ دَخَلَ مَعَهُمَا فِي الْفِرَاشِ مُبَالَغَةً مِنْهُ فِي التَّأْنِيسِ وَزَادَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَعْبَدَ فَقَالَ مَا كَانَ حَاجَتُكِ أَمْسِ فَسَكَتَتْ مَرَّتَيْنِ فَقُلْتُ أَنَا وَاللَّهِ أُحَدِّثُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَكَرْتُهُ لَهُ وَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّهَا أَوَّلًا اسْتَحْيَتْ فَتَكَلَّمَ عَلِيٌّ عَنْهَا فَأُنْشِطَتْ لِلْكَلَامِ فَأَكْمَلَتِ الْقِصَّةُ وَاتَّفَقَ غَالِبُ الرُّوَاةِ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ إِلَيْهِمَا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ شَبَثٍ وَهُوَ بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَالْمُوَحَّدَة بعْدهَا مُثَلّثَة بن رِبْعِيٍّ عَنْ عَلِيٍّ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَجَعْفَرٍ فِي الذِّكْرِ وَالسِّيَاقِ لَهُ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيٌ فَانْطَلَقَ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ حَتَّى أَتَيَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا أَتَى بِكَمَا قَالَ عَلِيٌّ شَقَّ عَلَيْنَا الْعَمَلُ فَقَالَ أَلَا أَدُلُّكُمَا وَفِي لَفْظِ جَعْفَرٍ فَقَالَ عَلِيٌّ لِفَاطِمَةَ ائْتِ أَبَاكِ فَاسْأَلِيهِ أَنْ يُخْدِمَكُ فَأَتَتْ أَبَاهَا حِينَ أَمْسَتْ فَقَالَ مَا جَاءَ بِكِ يَا بُنَيَّةُ قَالَتْ جِئْتُ أُسَلِّمُ عَلَيْكَ وَاسْتَحْيَتْ حَتَّى إِذَا كَانَتِ الْقَابِلَةُ قَالَ ائْتِ أَبَاكِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ قَالَ لَهَا عَلِيٌّ امْشِي فَخَرَجَا مَعًا الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ لَكُمَا مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ وَفِي مُرْسَلِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عِنْدَ جَعْفَرٍ أَيْضًا إِنَّ فَاطِمَةُ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ خَادِمًا وَبِيَدِهَا أَثَرُ الطَّحْنِ مِنْ قُطْبِ الرَّحَى فَقَالَ إِذَا أَوَيْتِ إِلَى فِرَاشِكَ الْحَدِيثَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ قِصَّةً أُخْرَى فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ أُمِّ الحكم أَو ضباعة بنت الزبير أَي بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَتْ أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيًا فَذَهَبْتُ أَنَا وَأُخْتِي فَاطِمَةَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَشْكُو إِلَيْهِ مَا نَحْنُ فِيهِ وَسَأَلْنَاهُ أَنْ يَأْمُرَ لَنَا بِشَيْءٍ مِنَ السَّبْيِ فَقَالَ سَبَقَكُنَّ يَتَامَى بَدْرٍ فَذَكَرَ قِصَّةَ التَّسْبِيحِ إِثْرَ كُلِّ صَلَاةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ قِصَّةَ التَّسْبِيحِ عِنْدَ النَّوْمِ فَلَعَلَّهُ عَلَّمَ فَاطِمَةَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ أَحَدَ الذِّكْرَيْنِ وَقَدْ وَقَعَ فِي تَهْذِيبِ الطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ عَلِيٍّ فِي قِصَّةِ فَاطِمَةَ مِنَ الزِّيَادَةِ فَقَالَ اصْبِرِي يَا فَاطِمَةُ إِنَّ خَيْرَ النِّسَاءِ الَّتِي نَفَعَتْ أَهْلَهَا .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ فِي رِوَايَةِ بَدَلٍ خَيْرٌ مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ وَفِي رِوَايَةِ غُنْدَرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَانِي وَلِلْقَطَّانِ نَحْوُهُ وَفِي رِوَايَةِ السَّائِبِ أَلَا أُخْبِركُمَا بِخَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَانِي فَقَالَا بَلَى فَقَالَ كَلِمَاتٌ عَلَّمَنِيهُنَّ جِبْرِيلُ .

     قَوْلُهُ  إِذَا أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا أَوْ أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا هَذَا شَكٌّ مِنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ الْقَطَّانِ وَجَزَمَ بَدَلٌ وَغُنْدَرٌ بِقَوْلِهِ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ مُعَاذٍ عَنْ شُعْبَةَ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا مِنَ اللَّيْلِ وَجَزَمَ فِي رِوَايَةِ السَّائِبِ بِقَوْلِهِ إِذَا أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ تُسَبِّحَانِ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا وَتَحْمَدَانِ عَشْرًا وَتُكَبِّرَانِ عَشْرًا وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ ثَابِتَةٌ فِي رِوَايَةُ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عِنْدَ أَصْحَابِ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ فِي حَدِيثٍ أَوَّلُهُ خَصْلَتَانِ لَا يُحْصِيهِمَا عَبْدٌ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ وبن حِبَّانَ وَفِيهِ ذِكْرُ مَا يُقَالُ عِنْدَ النَّوْمِ أَيْضًا وَيُحْتَمَلُ إِنْ كَانَ حَدِيثُ السَّائِبِ عَنْ عَلِيٍّ مَحْفُوظًا أَنْ يَكُونَ عَلَى ذِكْرِ الْقِصَّتَيْنِ اللَّتَيْنِ أَشَرْتُ إِلَيْهِمَا قَرِيبًا مَعًا ثُمَّ وَجَدْتُ الْحَدِيثَ فِي تَهْذِيبِ الْآثَارِ لِلطَّبَرِيِّ فَسَاقَهُ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءٍ كَمَا ذَكَرْتُ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ إِذَا أَخَذَا مَضَاجِعَهُمَا بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ فَسَاقَ الْحَدِيثَ فَظَهَرَ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي قِصَّةِ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَأَنَّ مَنْ لَمْ يَذْكُرْهُمَا مِنَ الرُّوَاةِ اخْتَصَرَ الْحَدِيثَ وَأَنَّ رِوَايَةَ السَّائِبِ إِنَّمَا هِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَأَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ فِيهِ عَنْ عَلِيٍّ لَمْ يُرِدِ الرِّوَايَةَ عَنْ عَلِيٍّ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ عَنْ قِصَّةِ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ .

     قَوْلُهُ  فَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ وَسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَاحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ كَذَا هُنَا بِصِيغَةِ الْأَمْرِ وَالْجَزْمِ بِأَرْبَعٍ فِي التَّكْبِيرِ وَفِي رِوَايَةِ بَدَلٍ مِثْلُهُ وَلَفْظُهُ فَكَبِّرَا اللَّهَ وَمِثْلُهُ لِلْقَطَّانِ لَكِنْ قَدَّمَ التَّسْبِيحَ وَأَخَّرَ التَّكْبِيرَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْجَلَالَةَ وَفِي رِوَايَةِ عَمْرو بن مرّة عَن بن أَبِي لَيْلَى وَفِي رِوَايَةِ السَّائِبِ كِلَاهُمَا مِثْلُهُ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ هُبَيْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ وَزَادَ فِي آخِرِهِ فَتِلْكَ مِائَةٌ بِاللِّسَانِ وَأَلْفٌ فِي الْمِيزَانِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ ثَبَتَتْ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ هُبَيْرَةَ وَعُمَارَةَ بْنِ عَبْدٍ مَعًا عَنْ عَلِيٍّ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَفِي رِوَايَةِ السَّائِبِ كَمَا مَضَى وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ كَالْأَوَّلِ لَكِنْ قَالَ تُسَبِّحِينَ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ وَفِي رِوَايَةِ عُبَيْدَةَ بْنِ عَمْرٍو فَأَمَرَنَا عِنْدَ مَنَامِنَا بِثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ مِنْ تَسْبِيحٍ وَتَحْمِيدٍ وَتَكْبِيرٍ وَفِي رِوَايَةِ غُنْدَرٍ لِلْكُشْمِيهَنِيِّ مِثْلُ الْأَوَّلِ وَعَنْ غَيْرِ الْكُشْمِيهَنِيِّ تُكَبِّرَانِ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ وَثُبُوتِ النُّونِ وَحُذِفَتْ فِي نُسْخَةٍ وَهِيَ إِمَّا عَلَى أَنَّ إِذَا تَعْمَلُ عَمَلَ الشَّرْطِ وَإِمَّا حُذِفَتْ تَخْفِيفًا وَفِي رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى فِي النَّفَقَاتِ بِلَفْظِ تُسَبِّحِينَ اللَّهَ عِنْدَ مَنَامِكِ.

     وَقَالَ  فِي الْجَمِيعِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ قَالَ سُفْيَانُ رِوَايَةُ إِحْدَاهُنَّ أَرْبَعٌ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ سُفْيَانَ لَا أَدْرِي أَيُّهَا أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ عَنْ عَلِيٍّ فِي الْجَمِيعِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَاخْتِمَاهَا بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَله من طَرِيق مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّةِ عَنْ عَلِيٍّ وَكَبِّرَاهُ وَهَلِّلَاهُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ عَلِيٍّ احْمَدَا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ وَكَذَا لَهُ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ هُبَيْرَةَ أَنَّ التَّهْلِيلَ أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ وَلَمْ يَذْكُرِ التَّحْمِيدَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ هُبَيْرَةَ كَالْجَمَاعَةِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ شَاذٌّ وَفِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عِنْدَ جَعْفَرٍ وَأَصْلُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَشُكُّ أَيُّهَا أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ غَيْرَ أَنِّي أَظُنُّهُ التَّكْبِيرَ وَزَادَ فِي آخِرِهِ قَالَ عَلِيٌّ فَمَا تَرَكْتُهَا بَعْدُ فَقَالُوا لَهُ وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ فَقَالَ وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ وَفِي رِوَايَةِ الْقَاسِمِ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ عَنْ عَلِيٍّ فَقِيلَ لِي وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ هُبَيْرَةَ وَلِمُسْلِمٍ فِي رِوَايَةٍ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى.

قُلْتُ وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ وَفِي رِوَايَةِ جَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيِّ فِي الذِّكْرِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ.

قُلْتُ وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ قَالَ وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُطَيَّنٌ فِي مُسْنَدِ عَلِيٍّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي هُبَيْرَةُ وَهَانِئُ بْنُ هَانِئٍ وَعُمَارَةُ بْنُ عَبْدٍ أَنَّهُمْ سَمِعُوا عَلِيًّا يَقُولُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ قَالَ زُهَيْرٌ أَرَاهُ الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ قَالَ وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ وَفِي رِوَايَةِ السَّائِبِ فَقَالَ لَهُ بن الْكَوَّاءِ وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ فَقَالَ قَاتَلَكُمُ اللَّهُ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ نَعَمْ وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ وَلِلْبَزَّارِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْكَوَّاءِ وَالْكَوَّاءُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ مَعَ الْمَدِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ لَكِنَّهُ كَانَ كَثِيرَ التَّعَنُّتِ فِي السُّؤَالِ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنِ الحكم بِسَنَد حَدِيث الْبَاب فَقَالَ بن الْكَوَّاءِ وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ فَقَالَ وَيْحَكَ مَا أَكْثَرَ مَا تُعَنِّتُنِي لَقَدْ أَدْرَكْتُهَا مِنَ السَّحَرِ وَفِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَعْبَدَ مَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ إِلَّا لَيْلَةَ صِفِّينَ فَإِنِّي ذَكَرْتُهَا مِنْ آخِرَ اللَّيْلِ فَقُلْتُهَا وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ وَهِيَ عِنْدَ جَعْفَرٍ أَيْضًا فِي الذِّكْرِ إِلَّا لَيْلَةَ صِفِّينَ فَإِنِّي أُنْسِيتُهَا حَتَّى ذَكَرْتُهَا مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ وَفِي رِوَايَةِ شَبَثِ بْنِ رِبْعِيٍّ مِثْلُهُ وَزَادَ فَقُلْتُهَا وَلَا اخْتِلَافَ فَإِنَّهُ نَفَى أَنْ يَكُونَ قَالَهَا أَوَّلَ اللَّيْلِ وَأَثْبَتَ أَنَّهُ قَالَهَا فِي آخِرِهِ.
وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي تَسْمِيَةِ السَّائِلِ فَلَا يُؤَثِّرُ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّعَدُّدِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى فَقَالُوا وَفِي هَذَا تَعَقُّبٌ عَلَى الْكِرْمَانِيِّ حَيْثُ فَهِمَ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ أَنَّهُ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَغِلْ مَعَ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الشُّغْلِ بِالْحَرْبِ عَنْ قَوْلِ الذِّكْرِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ فَإِنَّ فِي قَوْلِ عَلِيٍّ فَأُنْسِيتُهَا التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ نَسِيَهَا أَوَّلَ اللَّيْلِ.

     وَقَالَ هَا فِي آخِرِهِ وَالْمُرَادُ بِلَيْلَةِ صِفِّينَ الْحَرْبُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ بِصِفِّينَ وَهِيَ بَلَدٌ مَعْرُوفٌ بَيْنَ الْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَأَقَامَ الْفَرِيقَانِ بِهَا عِدَّةَ أَشْهُرٍ وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ وَقَعَاتٌ كَثِيرَةٌ لَكِنْ لَمْ يُقَاتِلُوا فِي اللَّيْلِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَهِيَ لَيْلَةُ الْهَرِيرِ بِوَزْنِ عَظِيمٍ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَا كَانَ الْفُرْسَانُ يَهِرُّونَ فِيهَا وَقُتِلَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عِدَّةُ آلَافٍ وَأَصْبَحُوا وَقَدْ أَشْرَفَ عَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ عَلَى النَّصْرِ فَرَفَعَ مُعَاوِيَةُ وَأَصْحَابُهُ الْمَصَاحِفَ فَكَانَ مَا كَانَ مِنَ الِاتِّفَاقِ عَلَى التَّحْكِيمِ وَانْصِرَافِ كُلٍّ مِنْهُمْ إِلَى بِلَادِهِ وَاسْتَفَدْنَا مِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ أَنَّ تَحْدِيثَ عَلِيٍّ بِذَلِكَ كَانَ بَعْدَ وَقْعَةِ صِفِّينَ بِمُدَّةٍ وَكَانَتْ صِفِّينُ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَخَرَجَ الْخَوَارِجُ عَلَى عَلِيٍّ عَقِبَ التَّحْكِيمِ فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَقَتَلَهُمْ بِالنَّهْرَوَانِ وَكُلُّ ذَلِكَ مَشْهُورٌ مَبْسُوطٌ فِي تَارِيخِ الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ فَائِدَةٌ زَادَ أَبُو هُرَيْرَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مَعَ الذِّكْرِ الْمَأْثُورِ دُعَاءً آخَرَ وَلَفْظُهُ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ فِي تَهْذِيبِهِ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ جَاءَتْ فَاطِمَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَقَالَ أَلَا أَدُلُّكِ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ خَادِمٍ تُسَبِّحِينَ فَذَكَرَهُ وَزَادَ وَتَقُولِينَ اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَالْفُرْقَانِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ وَمِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ وَأَغْنِنِي مِنَ الْفَقْرِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ لَكِنْ فَرَّقَهُ حَدِيثَيْنِ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ لَكِنِ اقْتَصَرَ عَلَى الذِّكْرِ الثَّانِي وَلَمْ يَذْكُرِ التَّسْبِيحَ وَمَا مَعَهُ .

     قَوْلُهُ  وَعَنْ شُعْبَة عَن خَالِد هُوَ الْحذاء عَن بن سِيرِينَ هُوَ مُحَمَّدٌ قَالَ التَّسْبِيحُ أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ هَذَا مَوْقُوف على بن سِيرِينَ وَهُوَ مَوْصُولٌ بِسَنَدِ حَدِيثِ الْبَابِ وَظَنَّ بَعضهم انه من رِوَايَة بن سِيرِينَ بِسَنَدِهِ إِلَى عَلِيٍّ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامه وَذَلِكَ ان التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وبن حبَان اخْرُجُوا الحَدِيث الْمَذْكُور من طَرِيق بن عون عَن بْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَلِيٍّ لَكِنِ الَّذِي ظَهَرَ لِي أَنَّهُ مِنْ قَول بن سِيرِينَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُصَنِّفُ لطريق بن سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عُبَيْدَةَ تَعْيِينُ عَدَدِ التَّسْبِيحِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْقَاضِي يُوسُفُ فِي كِتَابِ الذِّكْرِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِسَنَدِهِ هَذَا إِلَى بن سِيرِينَ مِنْ قَوْلِهِ فَثَبَتَ مَا قُلْتُهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَوَقَعَ فِي مُرْسَلِ عُرْوَةَ عِنْدَ جَعْفَرٍ ان التحميداربع وَاتِّفَاقُ الرُّوَاةِ عَلَى أَنَّ الْأَرْبَعَ لِلتَّكْبِيرِ أَرْجَحُ قَالَ بن بَطَّالٍ هَذَا نَوْعٌ مِنَ الذِّكْرِ عِنْدَ النَّوْمِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ جَمِيعُ ذَلِكَ عِنْدَ النَّوْمِ وَأَشَارَ لِأُمَّتِهِ بِالِاكْتِفَاءِ بِبَعْضِهَا إِعْلَامًا مِنْهُ أَنَّ مَعْنَاهُ الْحَضُّ وَالنَّدْبُ لَا الْوُجُوبُ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ جَاءَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذْكَارٌ عِنْدَ النَّوْمِ مُخْتَلِفَةٌ بِحَسَبِ الْأَحْوَالِ وَالْأَشْخَاصِ وَالْأَوْقَاتِ وَفِي كل فضل قَالَ بن بَطَّالٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِمَنْ فَضَّلَ الْفَقْرَ عَلَى الْغِنَى لِقولِهِ أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ فَعَلَّمَهُمَا الذِّكْرَ فَلَوْ كَانَ الْغِنَى أَفْضَلَ مِنَ الْفَقْرِ لَأَعْطَاهُمَا الْخَادِمَ وَعَلَّمَهُمَا الذِّكْرَ فَلَمَّا مَنَعَهُمَا الْخَادِمَ وَقَصَرَهُمَا عَلَى الذِّكْرِ عُلِمَ أَنَّهُ إِنَّمَا اخْتَارَ لَهُمَا الْأَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ.

قُلْتُ وَهَذَا إِنَّمَا يَتِمُّ أَنْ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْخُدَّامِ فَضْلَةٌ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى بَيْعِ ذَلِكَ الرَّقِيقِ لِنَفَقَتِهِ عَلَى أَهْلِ الصِّفَةِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ عِيَاضٌ لَا وَجْهَ لِمَنِ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْفَقِيرَ أَفْضَلُ مِنَ الْغَنِيِّ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى الْخَيْرِيَّةِ فِي الْخَبَرِ فَقَالَ عِيَاضٌ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُعَلِّمَهُمَا أَنَّ عَمَلَ الْآخِرَةِ أَفْضَلُ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْهُ إِعْطَاءُ الْخَادِمِ ثُمَّ عَلَّمَهُمَا إِذْ فَإِنَّهُمَا مَا طَلَبَاهُ ذِكْرًا يُحَصِّلُ لَهُمَا أَجْرًا أَفْضَلَ مِمَّا سَأَلَاهُ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ إِنَّمَا أَحَالَهُمَا عَلَى الذِّكْرِ لِيَكُونَ عِوَضًا عَنِ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْحَاجَةِ أَوْ لِكَوْنِهِ أَحَبَّ لِابْنَتِهِ مَا أَحَبَّ لِنَفْسِهِ مِنْ إِيثَارِ الْفَقْرِ وَتَحَمُّلِ شِدَّتِهِ بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ تَعْظِيمًا لِأَجْرِهَا.

     وَقَالَ  الْمُهَلَّبُ عَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَتَهُ مِنَ الذِّكْرِ مَا هُوَ أَكْثَرُ نَفْعًا لَهَا فِي الْآخِرَةِ وَآثَرَ أَهْلَ الصُّفَّةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا وَقَفُوا أَنْفُسَهُمْ لِسَمَاعِ الْعِلْمِ وَضَبْطِ السُّنَّةِ عَلَى شِبَعِ بُطُونِهِمْ لَا يَرْغَبُونَ فِي كَسْبِ مَالٍ وَلَا فِي عِيَالٍ وَلَكِنَّهُمُ اشْتَرَوْا أَنْفُسَهُمْ مِنَ اللَّهِ بِالْقُوتِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَقْدِيمُ طَلَبَةِ الْعِلْمِ عَلَى غَيْرِهِمْ فِي الْخُمُسِ وَفِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ مِنْ شَظَفِ الْعَيْشِ وَقِلَّةِ الشَّيْءِ وَشِدَّةِ الْحَالِ وَأَنَّ اللَّهَ حَمَاهُمُ الدُّنْيَا مَعَ إِمْكَانِ ذَلِكَ صِيَانَةً لَهُمْ مِنْ تَبِعَاتِهَا وَتِلْكَ سُنَّةُ أَكْثَرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ.

     وَقَالَ  إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقَسِّمَ الْخُمُسَ حَيْثُ رَأَى لِأَنَّ السَّبْيَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ الْخُمُسِ.
وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ فَهُوَ حَقُّ الْغَانِمِينَ انْتَهَى وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ لِآلِ الْبَيْتِ سَهْمًا مِنَ الْخُمُسِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ ذَلِكَ فِي فَرْضِ الْخُمُسِ فِي أَوَاخِرِ الْجِهَادِ ثُمَّ وَجَدْتُ فِي تَهْذِيبِ الطَّبَرِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَا لَعَلَّهُ يُعَكِّرُ عَلَيَّ ذَلِكَ فَسَاقَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقِيقٌ أَهْدَاهُمْ لَهُ بَعْضُ مُلُوكِ الْأَعَاجِمِ فَقُلْتُ لِفَاطِمَةَ ائْتِ أَبَاكِ فَاسْتَخْدِمِيهِ فَلَوْ صَحَّ هَذَا لَأَزَالَ الْإِشْكَالَ مِنْ أَصْلِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ لِلْغَانِمِينَ فِيهِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ يَصْرِفُهُ الْإِمَامُ حَيْثُ يَرَاهُ.

     وَقَالَ  الْمُهَلَّبُ فِيهِ حَمْلُ الْإِنْسَانِ أَهْلَهُ عَلَى مَا يَحْمِلُ عَلَيْهِ نَفْسَهُ مِنْ إِيثَارِ الْآخِرَةِ عَلَى الدُّنْيَا إِذَا كَانَتْ لَهُمْ قُدْرَةٌ عَلَى ذَلِكَ قَالَ وَفِيهِ جَوَازُ دُخُولِ الرَّجُلِ عَلَى ابْنَتِهِ وَزَوْجِهَا بِغَيْرِ اسْتِئْذَانٍ وَجُلُوسُهُ بَيْنَهُمَا فِي فِرَاشِهِمَا وَمُبَاشَرَةُ قَدَمَيْهِ بَعْضَ جَسَدِهِمَا.

قُلْتُ وَفِي قَوْلِهِ بِغَيْرِ اسْتِئْذَانٍ نَظَرٌ لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ كَمَا قَدَّمْتُهُ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي الذِّكْرِ لِجَعْفَرٍ وَأَصْلُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَهُوَ فِي الْعِلَلِ لِلدَّارَقُطْنِيِّ أَيْضًا بِطُولِهِ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَرْيَمَ سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ إِنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ تَدُقُّ الدَّرْمَكَ بَيْنَ حَجَرَيْنِ حَتَّى مَجَلَتْ يَدَاهَا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَأَتَانَا وَقَدْ دَخَلْنَا فِرَاشَنَا فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عَلَيْنَا تَخَشَّشْنَا لِنَلْبَسَ عَلَيْنَا ثِيَابنَا فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ قَالَ كَمَا أَنْتُمَا فِي لِحَافِكُمَا وَدَفَعَ بَعْضُهُمُ الِاسْتِدْلَالَ الْمَذْكُورَ لِعِصْمَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ مِمَّنْ لَيْسَ بِمَعْصُومٍ وَفِي الْحَدِيثِ مَنْقَبَةٌ ظَاهِرَةٌ لِعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَفِيهِ بَيَانُ إِظْهَارِ غَايَةِ التَّعَطُّفِ وَالشَّفَقَةِ عَلَى الْبِنْتِ وَالصِّهْرِ وَنِهَايَةُ الِاتِّحَادِ بِرَفْعِ الْحِشْمَةِ وَالْحِجَابِ حَيْثُ لَمْ يُزْعِجْهُمَا عَنْ مَكَانِهِمَا فَتَرَكَهُمَا عَلَى حَالَةِ اضْطِجَاعِهِمَا وَبَالَغَ حَتَّى أَدْخَلَ رِجْلَهُ بَيْنَهُمَا وَمَكَثَ بَيْنَهُمَا حَتَّى عَلَّمَهُمَا مَا هُوَ الْأَوْلَى بِحَالِهِمَا مِنَ الذِّكْرِ عِوَضًا عَمَّا طَلَبَاهُ مِنَ الْخَادِمِ فَهُوَ مِنْ بَابِ تَلَقِّي الْمُخَاطَبِ بِغَيْرِ مَا يَطْلُبُ إِيذَانًا بِأَنَّ الْأَهَمَّ مِنَ الْمَطْلُوبِ هُوَ التَّزَوُّدُ لِلْمَعَادِ وَالصَّبْرِ عَلَى مَشَاقِّ الدُّنْيَا وَالتَّجَافِي عَنْ دَارِ الْغُرُورِ.

     وَقَالَ  الطِّيبِيُّ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى مَكَانَةِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ خَصَّتْهَا فَاطِمَةُ بِالسِّفَارَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَبِيهَا دُونَ سَائِرِ الْأَزْوَاجِ.

قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا لَمْ تُرِدِ التَّخْصِيصَ بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّهَا قَصَدَتْ أَبَاهَا فِي يَوْمِ عَائِشَةَ فِي بَيْتِهَا فَلَمَّا لَمْ تَجِدْهُ ذَكَرَتْ حَاجَتَهَا لِعَائِشَةَ وَلَوِ اتَّفَقَ أَنَّهُ كَانَ يَوْمُ غَيْرِهَا مِنَ الْأَزْوَاجِ لَذَكَرَتْ لَهَا ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ أَيْضًا فَيَحْتَمِلُ أَنَّ فَاطِمَةَ لَمَّا لَمْ تَجِدْهُ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ مَرَّتْ عَلَى بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَتْ لَهَا ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَخْصِيصُ هَاتَيْنِ مِنَ الْأَزْوَاجِ لِكَوْنِ بَاقِيهِنَّ كُنَّ حِزْبَيْنِ كُلُّ حِزْبٍ يَتْبَعُ وَاحِدَةً مِنْ هَاتَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ صَرِيحًا فِي كِتَابِ الْهِبَةِ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ وَاظَبَ عَلَى هَذَا الذِّكْرِ عِنْدَ النَّوْمِ لَمْ يُصِبْهُ إِعْيَاءٌ لِأَنَّ فَاطِمَةَ شَكَتِ التَّعَبَ مِنَ الْعَمَلِ فَأَحَالَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ كَذَا افاده بن تَيْمِيَةَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَتَعَيَّنُ رَفْعُ التَّعَبِ بَلْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَنْ وَاظَبَ عَلَيْهِ لَا يَتَضَرَّرُ بِكَثْرَةِ الْعَمَلِ وَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِ وَلَو حصل لَهُ التَّعَب وَالله اعْلَم