فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب نوم المرأة في المسجد

( قَولُهُ بَابُ نَوْمِ الْمَرْأَةِ فِي الْمَسْجِدِ)
أَيْ وَإِقَامَتِهَا فِيهِ



[ قــ :430 ... غــ :439] .

     قَوْلُهُ  أَنَّ وَلِيدَةً أَيْ أَمَةً وَهِيَ فِي الْأَصْلِ الْمَوْلُودَةُ سَاعَةَ تُولَدُ قَالَهُ بن سِيدَهْ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْأَمَةِ وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً .

     قَوْلُهُ  قَالَتْ فَخَرَجَتْ الْقَائِلَةُ ذَلِكَ هِيَ الْوَلِيدَةُ الْمَذْكُورَةُ وَقَدْ رَوَتْ عَنْهَا عَائِشَةُ هَذِهِ الْقِصَّةَ وَالْبَيْتَ الَّذِي أَنْشَدَتْهُ وَلَمْ يَذْكُرْهَا أَحَدٌ مِمَّنْ صَنَّفَ فِي رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ وَلَا وَقَفَتْ عَلَى اسْمِهَا وَلَا عَلَى اسْمِ الْقَبِيلَةِ الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ وَلَا عَلَى اسْمِ الصَّبِيَّةِ صَاحِبَةِ الْوِشَاحِ وَالْوِشَاحُ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا وَيَجُوزُ إِبْدَالُهَا أَلِفًا خَيْطَانِ مِنْ لُؤْلُؤٍ يُخَالَفُ بَيْنَهُمَا وَتَتَوَشَّحُ بِهِ الْمَرْأَةُ وَقِيلَ يُنْسَجُ مِنْ أَدِيمٍ عَرِيضًا وَيُرَصَّعُ بِاللُّؤْلُؤِ وَتَشُدُّهُ الْمَرْأَةُ بَيْنَ عَاتِقِهَا وَكَشْحِهَا وَعَنِ الْفَارِسِيِّ لَا يُسَمَّى وِشَاحًا حَتَّى يَكُونُ مَنْظُومًا بِلُؤْلُؤٍ وَوَدَعٍ انْتَهَى وَقَوْلُهَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ سُيُورٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مِنْ جِلْدٍ وَقَوْلُهَا بَعْدُ فَحَسِبَتْهُ لَحْمًا لَا يَنْفِي كَوْنَهُ مُرَصَّعًا لِأَنَّ بَيَاضَ اللُّؤْلُؤِ عَلَى حُمْرَةِ الْجِلْدِ يَصِيرُ كَاللَّحْمِ السَّمِينِ .

     قَوْلُهُ  فَوَضَعَتْهُ أَوْ وَقَعَ مِنْهَا شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَقَدْ رَوَاهُ ثَابِتٌ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ فَزَادَ فِيهِ أَنَّ الصَّبِيَّةَ كَانَتْ عَرُوسًا فَدَخَلَتْ إِلَى مُغْتَسَلِهَا فَوَضَعَتِ الْوِشَاحَ .

     قَوْلُهُ  حُدَيَّاةٌ بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ تَصْغِيرُ حِدَأَةٍ بِالْهَمْزِ بِوَزْنِ عِنَبَةٍ وَيَجُوزُ فَتْحُ أَوَّلِهِ وَهِيَ الطَّائِرُ الْمَعْرُوفُ الْمَأْذُونُ فِي قَتْلِهِ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَالْأَصْلُ فِي تَصْغِيرِهَا حُدَيْأَةٌ بِسُكُونِ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْهَمْزَةِ لَكِنْ سُهِّلَتِ الْهَمْزَةُ وَأُدْغِمَتْ ثُمَّ أُشْبِعَتِ الْفَتْحَةُ فَصَارَتْ أَلِفًا وَتُسَمَّى أَيْضًا الْحُدَّى بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ مَقْصُورٌ وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا الْحِدَوْ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْخَفِيفَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَجَمْعُهَا حُدَأٌ كَالْمُفْرَدِ بِلَا هَاءٍ وَرُبَّمَا قَالُوهُ بِالْمَدِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى فَتَّشُوا قُبُلَهَا كَأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ عَائِشَةَ وَإِلَّا فَمُقْتَضَى السِّيَاقُ أَنْ تَقُولَ قُبُلِي وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ فِي أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الْوَلِيدَةِ أَوْرَدَتْهُ بِلَفْظِ الْغَيْبَةِ الْتِفَاتًا أَوْ تَجْرِيدًا وَزَادَ فِيهِ ثَابِتٌ أَيْضًا قَالَتْ فَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُبَرِّئَنِي فَجَاءَتِ الْحُدَيَّا وَهُمْ يَنْظُرُونَ قَوْله وَهُوَ ذَا هُوَ يحْتَمل أَنْ يَكُونَ هُوَ الثَّانِي خَبَرًا بَعْدَ خَبَرٍ أَوْ مُبْتَدَأٍ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَوْ يَكُونَ خَبَرًا عَنْ ذَا وَالْمَجْمُوعُ خَبَرًا عَنِ الْأَوَّلِ وَيُحْتَمَلُ غَيْرَ ذَلِكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ وَهَا هُوَ ذَا وَفِي رِوَايَة بن خُزَيْمَةَ وَهُوَ ذَا كَمَا تَرَوْنَ .

     قَوْلُهُ  قَالَتْ أَيْ عَائِشَةُ فَجَاءَتْ أَيِ الْمَرْأَةُ .

     قَوْلُهُ  فَكَانَتْ أَيِ الْمَرْأَةُ ولِلْكُشْمِيهَنِيِّ فَكَانَ وَالْخِبَاءُ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَبِالْمَدِّ الْخَيْمَةُ مِنْ وَبَرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَعَنْ أَبِي عُبَيْدٍ لَا يَكُونُ مِنْ شَعْرٍ وَالْحِفْشُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ بَعْدَهَا شِينٌ مُعْجَمَةٌ الْبَيْتُ الصَّغِيرُ الْقَرِيبُ السُّمْكِ مَأْخُوذٌ مِنَ الِانْحِفَاشِ وَهُوَ الِانْضِمَامُ وَأَصْلُهُ الْوِعَاءُ الَّذِي تَضَعُ الْمَرْأَةُ فِيهِ غَزْلَهَا .

     قَوْلُهُ  فَتَحَدَّثُ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ بِحَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ .

     قَوْلُهُ  تَعَاجِيبُ أَيْ أَعَاجِيب وأحدها اعجوبة وَنقل بن السَّيِّدِ أَنَّ تَعَاجِيبَ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ .

     قَوْلُهُ  أَلَا إِنَّهُ بِتَخْفِيفِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَهَذَا الْبَيْتُ الَّذِي أَنْشَدَتْهُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ عَرُوضُهُ مِنَ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ مِنَ الطَّوِيلِ وَأَجْزَاؤُهُ ثَمَانِيَةٌ وَوَزْنُهُ فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ لَكِنْ دَخَلَ الْبَيْتَ الْمَذْكُورَ الْقَبْضُ وَهُوَ حَذْفُ الْخَامِسِ السَّاكِنِ فِي ثَانِي جُزْءٍ مِنْهُ فَإِنْ أُشْبِعَتْ حَرَكَةُ الْحَاءِ مِنَ الْوِشَاحِ صَارَ سَالِمًا أَوْ.

قُلْتُ وَيَوْمُ وِشَاحٍ بِالتَّنْوِينِ بَعْدَ حَذْفِ التَّعْرِيفِ صَارَ الْقَبْضُ فِي أَوَّلِ جُزْءٍ مِنَ الْبَيْتِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنَ الْأَوَّلِ وَاسْتِعْمَالُ الْقَبْضِ فِي الْجُزْءِ الثَّانِي وَكَذَا السَّادِسِ فِي أَشْعَارِ الْعَرَبِ كَثِيرٌ جِدًّا نَادِرٌ فِي أَشْعَارِ الْمُوَلَّدِينَ وَهُوَ عِنْدَ الْخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ أَصْلَحُ مِنَ الْكَفِّ وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ عِنْدَهُمْ بَيْنَ الْكَفِّ وَهُوَ حَذْفُ السَّابِعِ السَّاكِنِ وَبَيْنَ الْقَبْضِ بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَتَعَاقَبَا وَإِنَّمَا أَوْرَدْتُ هَذَا الْقَدْرَ هُنَا لِأَنَّ الطَّبْعَ السَّلِيمَ يَنْفِرُ مِنَ الْقَبْضِ الْمَذْكُورِ وَفِي الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ الْمَبِيتِ وَالْمَقِيلِ فِي الْمَسْجِدِ لِمَنْ لَا مَسْكَنَ لَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَإِبَاحَةُ اسْتِظْلَالِهِ فِيهِ بِالْخَيْمَةِ وَنَحْوِهَا وَفِيهِ الْخُرُوجُ مِنَ الْبَلَدِ الَّذِي يَحْصُلُ لِلْمَرْءِ فِيهِ الْمِحْنَةُ وَلَعَلَّهُ يَتَحَوَّلُ إِلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ كَمَا وَقَعَ لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ وَفِيهِ فَضْلُ الْهِجْرَةِ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ وَإِجَابَةِ دَعْوَةِ الْمَظْلُومِ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا لِأَنَّ فِي السِّيَاقِ أَنَّ إِسْلَامَهَا كَانَ بعد قدومها الْمَدِينَة وَالله أعلم