فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الموادعة والمصالحة مع المشركين بالمال وغيره، وإثم من لم يف بالعهد

( قَولُهُ بَابُ الْمُوَادَعَةِ وَالْمُصَالَحَةِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ بِالْمَالِ وَغَيْرِهِ)
أَيْ كَالْأَسْرَى .

     قَوْلُهُ  وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ جَنَحُوا طَلَبُوا السَّلْمَ فَاجْنَحْ لَهَا أَيْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ دَالَّةٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْمُصَالَحَةِ مَعَ الْمُشْركين وَتَفْسِير جنحوا بطلبوا هُوَ لِلْمُصَنِّفِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ مَعْنَى جَنَحُوا مَالُوا.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ السِّلْمُ وَالسَّلْمُ وَاحِدٌ وَهُوَ الصُّلْح.

     وَقَالَ  أَبُو عُمَرَ وَالسَّلْمُ بِالْفَتْحِ الصُّلْحُ وَالسِّلْمُ بِالْكَسْرِ الْإِسْلَامُ وَمَعْنَى الشَّرْطِ فِي الْآيَةِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالصُّلْحِ مُقَيَّدٌ بِمَا إِذَا كَانَ الْأَحَظُّ لِلْإِسْلَامِ الْمُصَالَحَةَ أَمَّا إِذَا كَانَ الْإِسْلَامُ ظَاهِرًا عَلَى الْكُفْرِ وَلَمْ تَظْهَرِ الْمَصْلَحَةُ فِي الْمُصَالَحَةِ فَلَا ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ فِي قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ وَقَتْلِهِ بِخَيْبَرَ وَالْغَرَضُ مِنْهُ



[ قــ :3028 ... غــ :3173] .

     قَوْلُهُ  انْطَلَقَ إِلَى خَيْبَرَ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ وَفَهِمَ الْمُهَلَّبُ مِنْ قَوْلِهِ فِي آخِرِهِ فَعَقَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ أَنَّهُ يُوَافِقُ قَوْلَهُ فِي التَّرْجَمَةِ وَالْمُصَالَحَةِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ بِالْمَالِ فَقَالَ إِنَّمَا وَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ اسْتِئْلَافًا لِلْيَهُودِ وَطَمَعًا فِي دُخُولِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ يَرُدُّهُ مَا فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الطَّرِيقِ فَكَرِهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبْطِلَ دَمَهُ فَإِنَّهُ مُشْعِرٌ بِأَنَّ سَبَبَ إِعْطَائِهِ دِيَتَهُ مِنْ عِنْدِهِ كَانَ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِ أَهْلِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَبَبًا لِذَلِكَ وَبِهَذَا تَتِمُّ التَّرْجَمَةُ.
وَأَمَّا أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ سَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ عَنْ مُوَادَعَةِ إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ أَهْلَ الْحَرْبِ عَلَى مَالٍ يُؤَدُّونَهُ إِلَيْهِمْ فَقَالَ لَا يَصْلُحُ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ ضَرُورَةٍ كَشَغْلِ الْمُسْلِمِينَ عَنْ حربهم قَالَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَالِحَهُمْ عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ يُؤَدُّونَهُ إِلَيْهِمْ كَمَا وَقَعَ فِي الْحُدَيْبِيَةِ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ إِذَا ضَعُفَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ جَازَتْ لَهُمْ مُهَادَنَتُهُمْ عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ يُعْطُونَهُمْ لِأَنَّ الْقَتْلَ لِلْمُسْلِمِينَ شَهَادَةٌ وَإِنَّ الْإِسْلَامَ أَعَزُّ مِنْ أَنْ يُعْطَى الْمُشْرِكُونَ عَلَى أَنْ يُكَفُّوا عَنْهُمْ إِلَّا فِي حَالَةِ مَخَافَةِ اصْطِلَامِ الْمُسْلِمِينَ لِكَثْرَةِ الْعَدُوِّ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَعَانِي الضَّرُورَاتِ وَكَذَلِكَ إِذَا أُسِرَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ فَلَمْ يُطْلَقْ إِلَّا بِفِدْيَةٍ جَازَ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِثْمُ مَنْ لَمْ يَفِ بِالْعَهْدِ فَلَيْسَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مَا يُشْعِرُ بِهِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي كِتَابِ الْقَسَامَةِ مِنْ كِتَابِ الدِّيَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَنْبِيهٌ .

     قَوْلُهُ  فِي نَسَبِ مُحَيِّصَةَ بن مَسْعُود بن زَيْدٍ يُقَالُ إِنَّ الصَّوَابَ كَعْبٌ بَدَلَ زَيْدٍ