فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب إذا أسلم قوم في دار الحرب، ولهم مال وأرضون، فهي لهم

( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْيَهُودِ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا)
قَالَهُ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ سَيَأْتِي مَوْصُولًا مَعَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي الْجِزْيَةِ .

     قَوْلُهُ  بَاب إِذا أسلم قوم فِي دَار الْحَرْب وَلَهُمْ مَالٌ وَأَرَضُونَ فَهِيَ لَهُمْ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِنَّ الْحَرْبِيَّ إِذَا أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَأَقَامَ بِهَا حَتَّى غَلَبَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِجَمِيعِ مَالِهِ إِلَّا أَرْضَهُ وَعَقَارَهُ فَإِنَّهَا تَكُونُ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ وَقَدْ خَالَفَهُمْ أَبُو يُوسُفَ فِي ذَلِكَ فَوَافَقَ الْجُمْهُورَ وَيُوَافِقُ التَّرْجَمَةَ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ صَخْرِ بْنِ الْعَيْلَةِ الْبَجَلِيِّ قَالَ فَرَّ قَوْمٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَنْ أَرْضِهِمْ فَأَخَذْتُهَا فَأَسْلَمُوا وَخَاصَمُونِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّهَا عَلَيْهِمْ وقَالَ إِذَا أسلم الرجل فَهُوَ أَحَق بأرضه وَمَا لَهُ



[ قــ :2921 ... غــ :3058] قَوْله حَدثنَا مَحْمُود هُوَ بن غيلَان وَقَوله حَدثنَا عبد الله هُوَ بن الْمُبَارَكِ وَهَذِهِ رِوَايَةُ أَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ وَلِلْبَاقِينَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بَدَلَ عَبْدِ اللَّهِ وَبِهِ جَزَمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ .

     قَوْلُهُ .

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا الْحَدِيثَ ذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابُ تَوْرِيثِ دُورِ مَكَّةَ وَشِرَائِهَا مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ بِتَمَامِهِ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ هُنَاكَ وَفِيهِ مَا تَرْجَمَ لَهُ هُنَا لَكِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَكَّةَ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا وَسَيَأْتِي تَحْرِيرُ مَبَاحِثِ ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَمَّا أَقَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقِيلًا عَلَى تَصَرُّفِهِ فِيمَا كَانَ لِأَخَوَيْهِ عَلِيٍّ وَجَعْفَرٍ وَلِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الدُّورِ وَالرِّبَاعِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يُغَيِّرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ وَلَا انْتَزَعَهَا مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ لَمَّا ظَفَرَ كَانَ فِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى تَقْرِيرِ مَنْ بِيَدِهِ دَارٌ أَوْ أَرْضٌ إِذَا أَسْلَمَ وَهِيَ فِي يَدِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْبُخَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنَّ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ بِأَمْوَالِهِمْ وَدُورِهِمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُسْلِمُوا فَتَقْرِيرُ مَنْ أَسْلَمَ يَكُونُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى .

     قَوْلُهُ  وَذَلِكَ أَنَّ بَنِي كِنَانَةَ حَالَفَتْ قُرَيْشًا عَلَى بَنِي هَاشِمٍ أَنْ لَا يُبَايِعُوهُمْ وَلَا يُؤْوُوهُمْ هَكَذَا وَقَعَ هَذَا الْقَدْرُ مَعْطُوفًا عَلَى حَدِيثِ أُسَامَةَ وَذَكَرَ الْخَطِيبُ أَنَّ هَذَا مُدْرَجٌ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ وَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَذَلِكَ أَن بن وَهْبٍ رَوَاهُ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَفَصَلَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ فَقَطْ وَرَوَى شُعَيْبٌ وَالنُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ الْحَدِيثَ الثَّانِيَ فَقَطْ لَكِنْ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

قُلْتُ أَحَادِيثُ الْجَمِيع عِنْد البُخَارِيّ وَطَرِيق بن وَهْبٍ عِنْدَهُ لِحَدِيثِ أُسَامَةَ فِي الْحَجِّ وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي التَّوْحِيدِ وَأَخْرَجَهُمَا مُسْلِمٌ مَعًا فِي الْحَج وَقد قدمت فِي الْكَلَام على حَدِيثِ أُسَامَةَ فِي الْحَجِّ مَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ إِدْرَاجٍ أَيْضًا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ





[ قــ :9 ... غــ :3059] .

     قَوْلُهُ  أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ اسْتَعْمَلَ مَوْلًى لَهُ يُدْعَى هُنَيًّا بِالنُّونِ مُصَغَّرٌ بِغَيْرِ هَمْزٍ وَقَدْ يُهْمَزُ وَهَذَا الْمَوْلَى لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ فِي الصَّحَابَةِ مَعَ إِدْرَاكِهِ وَقَدْ وَجَدْتُ لَهُ رِوَايَةً عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمْرَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عُمَيْرٌ وَشَيْخٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَغَيْرُهُمَا وَشَهِدَ صِفِّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى عَلِيٍّ لَمَّا قُتِلَ عَمَّارٌ ثُمَّ وَجَدْتُ فِي كِتَابِ مَكَّةَ لِعُمَرَ بْنِ شَبَّةَ أَنَّ آلَ هُنَيٍّ يَنْتَسِبُونَ فِي هَمْدَانَ وَهُمْ مُوَالِي آلِ عُمَرَ انْتَهَى وَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْفُضَلَاءِ النُّبَهَاءِ الْمَوْثُوقِ بِهِمْ لَمَا اسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ قَوْله على الْحمى بَين بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ عُمَيْرِ بْنِ هُنَيٍّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ عَلَى حِمَى الرَّبَذَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الشُّرْبِ .

     قَوْلُهُ  اضْمُمْ جَنَاحَكَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ أَيِ اكْفُفْ يَدَكَ عَنْ ظُلْمِهِمْ وَفِي رِوَايَةِ مَعْنِ بْنِ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ فِي الْغَرَائِبِ اضْمُمْ جَنَاحَكَ لِلنَّاسِ وَعَلَى هَذَا فَمَعْنَاهُ اسْتُرْهُمْ بِجَنَاحِكَ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الرَّحْمَةِ وَالشَّفَقَةِ .

     قَوْلُهُ  وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيِّ وَأَبِي نُعَيْمٍ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ .

     قَوْلُهُ  وَأَدْخِلْ بِهَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَمُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ وَالصُّرَيْمَةُ بِالْمُهْمَلَةِ مُصَغَّرٌ وَكَذَا الْغُنَيْمَةُ أَيْ صَاحِبَ الْقِطْعَةِ الْقَلِيلَةِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَمُتَعَلِّقُ الْإِدْخَالِ مَحْذُوفٌ وَالْمُرَادُ الْمَرْعَى .

     قَوْلُهُ  وَإِيَّايَ فِيهِ تَحْذِيرُ الْمُتَكَلِّمِ نَفْسَهُ وَهُوَ شَاذٌّ عِنْدَ النُّحَاةِ كَذَا قِيلَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الشُّذُوذَ فِي لَفْظِهِ وَإِلَّا فَالْمُرَادُ فِي التَّحْقِيقِ إِنَّمَا هُوَ تَحْذِيرُ الْمُخَاطَبِ وَكَأَنَّهُ بِتَحْذِيرِ نَفْسِهِ حَذَّرَهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَيَكُونُ أَبْلَغَ وَنَحْوُهُ نَهْيُ الْمَرْءِ نَفْسَهُ وَمُرَادُهُ نَهْيُ مَنْ يُخَاطِبُهُ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبا فِي بَاب الْغلُول وَقَوله فِيهِ بن عَوْف هُوَ عبد الرَّحْمَن وبن عَفَّانَ هُوَ عُثْمَانُ وَخَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ عَلَى طَرِيقِ الْمِثَالِ لِكَثْرَةِ نِعَمِهِمَا لِأَنَّهُمَا كَانَا مِنْ مَيَاسِيرِ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ مَنْعَهُمَا الْبَتَّةَ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَسَعِ الْمَرْعَى إِلَّا نَعَمَ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ فَنَعَمُ الْمُقِلِّينَ أَوْلَى فَنَهَاهُ عَنْ إِيثَارِهِمَا عَلَى غَيْرِهِمَا أَوْ تَقْدِيمِهِمَا قَبْلَ غَيْرِهِمَا وَقَدْ بَيَّنَ حِكْمَةَ ذَلِكَ فِي نَفْسِ الْخَبَرِ .

     قَوْلُهُ  بِبَيْتِهِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِمُثَنَّاةٍ قَبْلَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ بِلَفْظِ مُفْرَدِ الْبَيْتِ وَلِلكُشْمِيهَنِيِّ بِنُونٍ قَبْلَ التَّحْتَانِيَّةِ بِلَفْظِ جَمْعِ الْبَنِينَ وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ .

     قَوْلُهُ  يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَذَفَ الْمَقُولَ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ فِي لَفْظٍ وَالتَّقْدِيرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَا فَقِيرٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَا أَحَقُّ وَنَحْوُ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  أَفَتَارِكُهُمْ أَنَا اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ وَمَعْنَاهُ لَا أَتْرُكُهُمْ مُحْتَاجِينَ وَقَولُهُ لَا أَبَا لَكَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَظَاهِرُهُ الدُّعَاءُ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ عَلَى مَجَازِهِ لَا عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهُوَ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ لِأَنَّهُ صَارَ شَبِيهًا بِالْمُضَافِ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ لَا أَبَا لَكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ لَوْ مُنِعُوا مِنَ الْمَاءِ وَالْكَلَإِ لَهَلَكَتْ مَوَاشِيهُمْ فَاحْتَاجَ إِلَى تَعْوِيضِهِمْ بِصَرْفِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَهُمْ لِسَدِّ خُلَّتِهِمْ وَرُبَّمَا عَارَضَ ذَلِكَ الِاحْتِيَاجُ إِلَى النَّقْدِ فِي صَرْفِهِ فِي مُهِمٍّ آخَرَ .

     قَوْلُهُ  إِنَّهُمْ لَيُرَوْنَ بِضَمِّ التَّحْتَانِيَّةِ أَوَّلَهُ بِمَعْنَى الظَّنِّ وَبِفَتْحِهَا بِمَعْنَى الِاعْتِقَادِ وَقَولُهُ أَنِّي قد ظلمتهم قَالَ بن التِّينِ يُرِيدُ أَرْبَابَ الْمَوَاشِي الْكَثِيرَةِ كَذَا قَالَ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ أَرَادَ أَرْبَابَ الْمَوَاشِي الْقَلِيلَةِ لِأَنَّهُمُ الْمُعْظَمُ وَالْأَكْثَرُ وَهُمْ أَهْلُ تِلْكَ الْبِلَادِ مِنْ بَوَادِي الْمَدِينَةِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ إِنَّهَا لَبِلَادُهُمْ وَإِنَّمَا سَاغَ لِعُمَرَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ مَوَاتًا فَحَمَاهُ لِنَعَمِ الصَّدَقَةِ لمصْلحَة عُمُوم الْمُسلمين وَقد أخرج بن سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ عَنْ مَعْنِ بْنِ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِلَادُنَا قَاتَلْنَا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَسْلَمْنَا عَلَيْهَا فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ تُحْمَى عَلَيْنَا فَجَعَلَ عُمَرُ يَنْفُخُ وَيَفْتِلُ شَارِبَهُ وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ بِنَحْوِهِ وَزَادَ فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلُ ذَلِكَ أَلَحَّ عَلَيْهِ فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهِ قَالَ الْمَالُ مَالُ اللَّهِ وَالْعِبَادُ عِبَادُ اللَّهِ مَا أَنا بفاعل.

     وَقَالَ  بن الْمُنِير لم يدْخل بن عَفَّان وَلَا بن عَوْفٍ فِي قَوْلِهِ قَاتَلُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَالْكَلَامُ عَائِدٌ عَلَى عُمُومِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَا عَلَيْهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

     وَقَالَ  الْمُهَلَّبُ إِنَّمَا قَالَ عُمَرُ ذَلِكَ لِأَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَسْلَمُوا عَفْوًا وَكَانَتْ أَمْوَالُهُمْ لَهُمْ وَلِهَذَا سَاوَمَ بَنِي النَّجَّارِ بِمَكَانِ مَسْجِدِهِ قَالَ فَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ فَهُوَ أَحَقُّ بِأَرْضِهِ وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْعَنْوَةِ فَأَرْضُهُ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ أَهْلَ الْعَنْوَةِ غُلِبُوا عَلَى بِلَادِهِمْ كَمَا غُلِبُوا عَلَى أَمْوَالِهِمْ بِخِلَافِ أَهْلِ الصُّلْحِ فِي ذَلِكَ وَفِي نَقْلِ الِاتِّفَاقِ نَظَرٌ لِمَا بَيَّنَّا أَوَّلَ الْبَابِ وَهُوَ وَمَنْ بَعْدَهُ حَمَلُوا الْأَرْضَ عَلَى أَرْضِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّتِي أَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا وَهِيَ فِي مِلْكِهِمْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ذَلِكَ هُنَا وَإِنَّمَا حَمَى عُمَرُ بَعْضَ الْمَوَاتِ مِمَّا فِيهِ نَبَاتٌ مِنْ غَيْرِ مُعَالَجَةِ أَحَدٍ وَخَصَّ إِبِلَ الصَّدَقَةِ وَخُيُولَ الْمُجَاهِدِينَ وَأَذِنَ لِمَنْ كَانَ مُقِلًّا أَنْ يَرْعَى فِيهِ مَوَاشِيَهُ رِفْقًا بِهِ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِلْمُخَالِفِ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  يَرَوْنَ أَنِّي ظَلَمْتُهُمْ فَأَشَارَ بِهِ إِلَى أَنَّهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ أَوْلَى بِهِ لَا أَنَّهُمْ مُنِعُوا حَقَّهُمُ الْوَاجِبَ لَهُمْ .

     قَوْلُهُ  لَوْلَا الْمَالُ الَّذِي أَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَيْ مِنَ الْإِبِلِ الَّتِي كَانَ يَحْمِلُ عَلَيْهَا مَنْ لَا يَجِدُ مَا يَرْكَبُ وَجَاءَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ عِدَّةَ مَا كَانَ فِي الْحِمَى فِي عَهْدِ عُمَرَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ أَلْفًا مِنْ إِبِلٍ وَخَيْلٍ وَغَيْرِهَا وَفِي الْحَدِيثِ مَا كَانَ فِيهِ عُمَرُ مِنَ الْقُوَّةِ وَجَوْدَةِ النَّظَرِ وَالشَّفَقَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ فِي الْمُوَطَّإِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ هُوَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ صَحِيح