فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب غزو المرأة في البحر

( قَولُهُ بَابُ غَزْوِ الْمَرْأَةِ فِي الْبَحْرِ)
ذَكَرَ فِيهِ حَدِيث أنس فِي قصَّة أم حرَام وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي بَابِ فَضْلِ مَنْ يُصْرَعُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَولُهُ



[ قــ :2750 ... غــ :2877] فِي آخِرِهِ قَالَ أَنَسٌ فَتَزَوَّجَتْ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ ظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْهُ بَعْدَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ فِي أَوَّلِ الْجِهَادِ بِلَفْظِ وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا كَانَتْ حِينَئِذٍ زَوْجَتَهُ فَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَتَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا بَعْدَ ذَلِك وَهَذَا جَوَاب بن التِّينِ وَإِمَّا أَنْ يُجْعَلَ .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ وَكَانَتْ تَحْتَ عُبَادَةَ جُمْلَةً مُعْتَرِضَةً أَرَادَ الرَّاوِي وَصْفَهَا بِهِ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ وَظَهَرَ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِهِ أَنَّهُ إِنَّمَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَهَذَا الثَّانِي أَوْلَى لِمُوَافَقَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ أَنَسٍ عَلَى أَنَّ عُبَادَةَ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ اثْنَيْ عَشَرَ بَابًا وَقَولُهُ فِي آخِرِهِ فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ مَعَ بِنْتِ قَرَظَةَ هِيَ زَوْجُ مُعَاوِيَةَ وَاسْمُهَا فَاخِتَةُ وَقِيلَ كَنُودٌ وَكَانَتْ تَحت عتبَة بن سَهْلٍ قَبْلَ مُعَاوِيَةَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُعَاوِيَةُ تَزَوَّجَ الْأُخْتَيْنِ وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى وَهَذِهِ رِوَايَة بن وهب فِي موطآته عَن بن لَهِيعَةَ عَمَّنْ سَمِعَ قَالَ وَمُعَاوِيَةُ أَوَّلُ مَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ لِلْغَزَاةِ وَذَلِكَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ وَأَبُوهَا قَرَظَةُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالرَّاءِ وَالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ هُوَ بن عَبْدِ عَمْروِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَهِيَ قُرَشِيَّةٌ نَوْفَلِيَّةٌ وَظَنَّ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّهَا بَنَتُ قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيِّ فَوَهِمَ وَالَّذِي قُلْتُهُ صَرَّحَ بِهِ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ فِي تَارِيخِهِ وَزَادَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَالْبَلَاذُرِيُّ فِي تَارِيخِهِ أَيْضًا وَذَكَرَ أَنَّ قَرَظَةَ بْنَ عَبْدِ عَمْروٍ مَاتَ كَافِرًا فَيَكُونُ لَهَا هِيَ رُؤْيَةٌ وَكَذَا لِأَخِيهَا مُسْلِمُ بْنُ قَرَظَةَ الَّذِي قُتِلَ يَوْمَ الْجَمَلِ مَعَ عَائِشَةَ تَنْبِيهَانِ يَتَعَلَّقَانِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَحَدُهُمَا وَقَعَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ هُوَ الْفَزَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيِّ هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا أَحَدٌ وَزَعَمَ أَبُو مَسْعُودٍ فِي الْأَطْرَافِ أَنَّهُ سَقَطَ بَيْنَهُمَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةُ وَأَقَرَّهُ الْمِزِّيُّ عَلَى ذَلِكَ وَقَوَّاهُ بِأَنَّ الْمُسَيَّبَ بْنَ وَاضِحٍ رَوَاهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ أَبِي طُوَالَةَ وَقَدْ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ تَأَمَّلْتُهُ فِي السِّيَرِ لِأَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ فَلَمْ أَجِدْ فِيهَا زَائِدَةَ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْهُ عَنْ أَبِي طُوَالَةَ لَيْسَ بَيْنَهُمَا زَائِدَةُ وَرِوَايَةُ الْمُسَيَّبِ بْنِ وَاضِحٍ خَطَأٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَا يَقْضِي بِزِيَادَتِهِ عَلَى خَطَإِ مَا وَقَعَ فِي الصَّحِيحِ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو شَيْخِ شيخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ كَمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ سَوَاءٌ لَيْسَ فِيهِ زَائِدَةُ وَسَبَبُ الْوَهْمِ مِنْ أَبِي مَسْعُودٍ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ عَمْرٍو رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ زَائِدَةَ عَنْ أَبِي طُوَالَةَ فَظَنَّ أَبُو مَسْعُودٍ أَنَّهُ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ زَائِدَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ عِنْدَهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَزَائِدَةَ مَعًا جَمَعَهُمَا تَارَةً وَفَرَّقَهُمَا أُخْرَى أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْهُ عَاطِفًا لِرِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَلَى رِوَايَتِهِ عَنْ زَائِدَةَ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زَائِدَةَ وَحْدَهُ بِهِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَعْفَرٍ الصَّائِغِ عَنْ مُعَاوِيَةَ فَوَضَحَتْ صِحَّةُ مَا وَقَعَ فِي الصَّحِيحِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ثَانِيهِمَا هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ عَنْ أَنَسٍ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنُ حِبَّانَ وَأَبُو طُوَالَةَ فَقَالَ إِسْحَاقُ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَنَسٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ.

     وَقَالَ  أَبُو طُوَالَةَ فِي رِوَايَتِهِ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بِنْتِ مِلْحَانَ وَكِلَاهُمَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ مِنْ مُسْنَدِ أَنَسٍ.
وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى فَقَالَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ خَالَتِهِ أُمِّ حَرَامٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ مِنْ مُسْنَدِ أُمِّ حَرَامٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَأَنَّ أَنَسًا لَمْ يَحْضُرْ ذَلِكَ فَحَمَلَهُ عَنْ خَالَتِهِ وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ عَنْ أُمِّ حَرَامٍ عُمَيْرُ بْنُ الْأَسْوَدِ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ أَبْوَابٍ وَقَدْ أَحَالَ الْمِزِّيُّ بِرِوَايَةِ أَبِي طُوَالَةَ فِي مُسْنَدِ أَنَسٍ عَلَى مُسْنَدِ أُمِّ حَرَامٍ وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ فَأَوْهَمَ خِلَافَ الْوَاقِعِ الَّذِي حَرَّرْتُهُ وَاللَّهُ الْهَادِي