فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الاستجمار وترا

( قَولُهُ بَابُ الِاسْتِجْمَارِ وِتْرًا)
اسْتَشْكَلَ إِدْخَالُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ فِي أَثْنَاءِ أَبْوَابِ الْوُضُوءِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا اخْتِصَاصَ لَهَا بِالِاسْتِشْكَالِ فَإِنَّ أَبْوَابَ الِاسْتِطَابَةِ لَمْ تَتَمَيَّزْ فِي هَذَا الْكِتَابِ عَنْ أَبْوَابِ صِفَةِ الْوُضُوءِ لِتَلَازُمِهِمَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِمَّنْ دُونَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ فِي الْمُقَدِّمَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ ذَكَرْتُ تَوْجِيهَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوُضُوءِ



[ قــ :159 ... غــ :162] .

     قَوْلُهُ  إِذَا تَوَضَّأَ أَيْ إِذَا شَرَعَ فِي الْوُضُوءِ .

     قَوْلُهُ  فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَسَقَطَ .

     قَوْلُهُ  مَاءً لِغَيْرِهِ وَكَذَا اخْتَلَفَ رُوَاةُ الْمُوَطَّأِ فِي إِسْقَاطِهِ وَذِكْرِهِ وَثَبَتَ ذِكْرُهُ لِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ لِيَنْتَثِرْ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَالْأَصِيلِيِّ بِوَزْنِ لِيَفْتَعِلْ وَلِغَيْرِهِمَا ثُمَّ لِيَنْثُرْ بِمُثَلَّثَةٍ مَضْمُومَةٍ بَعْدَ النُّونِ السَّاكِنَةِ وَالرِّوَايَتَانِ لِأَصْحَابِ الْمُوَطَّأِ أَيْضًا قَالَ الْفَرَّاءُ يُقَالُ نَثَرَ الرَّجُلُ وَانْتَثَرَ وَاسْتَنْثَرَ إِذَا حَرَّكَ النَّثْرَةَ وَهِيَ طَرَفُ الْأَنْفِ فِي الطَّهَارَةِ .

     قَوْلُهُ  وَإِذَا اسْتَيْقَظَ هَكَذَا عَطَفَهُ الْمُصَنِّفُ وَاقْتَضَى سِيَاقُهُ أَنَّهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ فِي الْمُوَطَّأِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ مُوَطَّأِ يَحْيَى رِوَايَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ مُفَرَّقًا وَكَذَا هُوَ فِي مُوَطَّأِ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ وَغَيْرِهِ وَكَذَا فَرَّقَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَكَذَا أَخْرَجَ مُسلم الحَدِيث الأول من طَرِيق بن عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَالثَّانِي مِنْ طَرِيقِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَعَلَى هَذَا فَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ كَانَ يَرَى جَوَازَ جَمْعِ الْحَدِيثَيْنِ إِذَا اتَّحَدَ سَنَدُهُمَا فِي سِيَاقٍ وَاحِدٍ كَمَا يَرَى جَوَازَ تَفْرِيقِ الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ إِذَا اشْتَمَلَ عَلَى حُكْمَيْنِ مُسْتَقِلَّيْنِ .

     قَوْلُهُ  مِنْ نَوْمِهِ أَخَذَ بِعُمُومِهِ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ فَاسْتَحَبُّوهُ عَقِبَ كُلِّ نَوْمٍ وَخَصَّهُ أَحْمَدُ بِنَوْمِ اللَّيْلِ لِقَوْلِهِ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ بَاتَتْ يَدُهُ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمَبِيتِ أَنْ يَكُونَ فِي اللَّيْلِ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ سَاقَ مُسْلِمٌ إِسْنَادَهَا إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ وَكَذَا لِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ صَحِيحٍ وَلِأَبِي عَوَانَةَ فِي رِوَايَةٍ سَاقَ مُسْلِمٌ إِسْنَادَهَا أَيْضًا إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْوُضُوءِ حِينَ يُصْبِحُ لَكِنَّ التَّعْلِيلَ يَقْتَضِي إِلْحَاقَ نَوْمِ النَّهَارِ بِنَوْمِ اللَّيْلِ وَإِنَّمَا خُصَّ نَوْمُ اللَّيْلِ بِالذِّكْرِ لِلْغَلَبَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْكَرَاهَةُ فِي الْغَمْسِ لِمَنْ نَامَ لَيْلًا أَشَدُّ مِنْهَا لِمَنْ نَامَ نَهَارًا لِأَنَّ الِاحْتِمَالَ فِي نَوْمِ اللَّيْلِ أَقْرَبُ لِطُولِهِ عَادَةً ثُمَّ الْأَمْرُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ عَلَى النَّدْبِ وَحَمَلَهُ أَحْمَدُ عَلَى الْوُجُوبِ فِي نَوْمِ اللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ وَعَنْهُ فِي رِوَايَةِ اسْتِحْبَابِهِ فِي نَوْمِ النَّهَارِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ غَمَسَ يَدَهُ لَمْ يَضُرَّ الْمَاءَ.

     وَقَالَ  إِسْحَاقُ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ يَنْجُسُ وَاسْتَدَلَّ لَهُمْ بِمَا وَرَدَ مِنَ الْأَمْرِ بِإِرَاقَتِهِ لَكِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ أَخْرَجَهُ بن عدي والقرينة الصَّارِفَةُ لِلْأَمْرِ عَنِ الْوُجُوبِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ التَّعْلِيلُ بِأَمْرٍ يَقْتَضِي الشَّكَّ لِأَنَّ الشَّكَّ لَا يَقْتَضِي وُجُوبًا فِي هَذَا الْحُكْمِ اسْتِصْحَابًا لِأَصْلِ الطَّهَارَةِ وَاسْتَدَلَّ أَبُو عَوَانَةَ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ بِوُضُوئِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الشَّنِّ الْمُعَلَّقِ بَعْدَ قِيَامِهِ مِنَ النَّوْمِ كَمَا سَيَأْتِي فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ أَحَدُكُمْ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَهُ بِغَيْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ صَحَّ عَنْهُ غَسْلُ يَدَيْهِ قَبْلَ إِدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ حَالَ الْيَقَظَةِ فَاسْتِحْبَابُهُ بَعْدَ النَّوْمِ أَوْلَى وَيَكُونُ تَرْكُهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَأَيْضًا فَقَدْ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي رِوَايَاتٍ لِمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِمَا فَلْيَغْسِلْهُمَا ثَلَاثًا وَفِي رِوَايَةٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَالتَّقْيِيدُ بِالْعَدَدِ فِي غَيْرِ النَّجَاسَةِ الْعَيْنِيَّةِ يَدُلُّ عَلَى النَّدْبِيَّةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ فَلَا يَضَعْ يَدَهُ فِي الْوَضُوءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا وَالنَّهْيُ فِيهِ لِلتَّنْزِيهِ كَمَا ذَكَرْنَا إِنْ فَعَلَ اسْتُحِبَّ وَإِنْ تَرَكَ كُرِهَ وَلَا تَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِدُونِ الثَّلَاثِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْمُرَادُ بِالْيَدِ هُنَا الْكَفُّ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا اتِّفَاقًا وَهَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ مَنْ قَامَ مِنَ النَّوْمِ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ مَفْهُومُ الشَّرْطِ وَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ أَمَّا الْمُسْتَيْقِظُ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْفِعْلُ لِحَدِيثِ عُثْمَانَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَلَا يُكْرَهُ التَّرْكُ لِعَدَمِ وُرُودِ النَّهْيِ فِيهِ وَقَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ وَلَا يَرَى بِتَرْكِهِ بَأْسا وَسَيَأْتِي عَن بن عُمَرَ وَالْبَرَاءِ نَحْوُ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  قَبْلَ أَنْ يدخلهَا وَلمُسلم وبن خُزَيْمَةَ وَغَيْرِهِمَا مِنْ طُرُقٍ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا وَهِيَ أَبْيَنُ فِي الْمُرَادِ مِنْ رِوَايَةِ الْإِدْخَالِ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْإِدْخَالِ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ كَرَاهَةٌ كَمَنْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي إِنَاءٍ وَاسِعٍ فَاغْتَرَفَ مِنْهُ بِإِنَاءٍ صَغِيرٍ من غير أَن تلامس يَدَهُ الْمَاءُ .

     قَوْلُهُ  فِي وَضُوئِهِ بِفَتْحِ الْوَاوِ أَيْ الْإِنَاءِ الَّذِي أُعِدَّ لِلْوُضُوءِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي الْإِنَاءِ وَهِيَ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ فِي إِنَائِهِ أَوْ وَضُوئِهِ عَلَى الشَّكِّ وَالظَّاهِرُ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِإِنَاءِ الْوُضُوءِ وَيَلْحَقُ بِهِ إِنَاءُ الْغُسْلِ لِأَنَّهُ وُضُوءٌ وَزِيَادَةٌ وَكَذَا بَاقِي الْآنِيَةِ قِيَاسًا لَكِنْ فِي الِاسْتِحْبَابِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ لِعَدَمِ وُرُودِ النَّهْيِ فِيهَا عَنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَخَرَجَ بِذِكْرِ الْإِنَاءِ الْبِرَكُ وَالْحِيَاضُ الَّتِي لَا تَفْسُدُ بِغَمْسِ الْيَدِ فِيهَا عَلَى تَقْدِيرِ نَجَاسَتِهَا فَلَا يَتَنَاوَلُهَا النَّهْيُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّ أَحَدَكُمْ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْبَاعِثَ عَلَى الْأَمْرِ بِذَلِكَ احْتِمَالُ النَّجَاسَةِ لِأَنَّ الشَّارِعَ إِذَا ذَكَرَ حُكْمًا وَعَقَّبَهُ بِعِلَّةٍ دَلَّ عَلَى أَنَّ ثُبُوتَ الْحُكْمِ لِأَجْلِهَا وَمِثْلُهُ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ الْمُحْرِمِ الَّذِي سَقَطَ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ مُلَبِّيًا بَعْدَ نَهْيِهِمْ عَنْ تَطْيِيبِهِ فَنَبَّهَ عَلَى عِلَّةِ النَّهْي وَهِي كَونه محرما قَوْله لايدري فِيهِ أَنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ احْتِمَالُ هَلْ لَاقَتْ يَدُهُ مَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَاءِ أَوْ لَا وَمُقْتَضَاهُ إِلْحَاقُ مَنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مُسْتَيْقِظًا وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ دَرَى أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ كَمَنْ لَفَّ عَلَيْهَا خِرْقَةً مَثَلًا فَاسْتَيْقَظَ وَهِيَ عَلَى حَالِهَا أَنْ لَا كَرَاهَةَ وَإِنْ كَانَ غَسْلُهَا مُسْتَحَبًّا عَلَى الْمُخْتَارِ كَمَا فِي الْمُسْتَيْقِظِ وَمَنْ قَالَ بِأَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ لِلتَّعَبُّدِ كَمَالِكٍ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ شَاكٍّ وَمُتَيَقِّنٍ وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ وُرُودِ الْمَاءِ عَلَى النَّجَاسَةِ وَبَيْنَ وُرُودِ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعَلَى أَنَّ النَّجَاسَةَ تُؤَثِّرُ فِي الْمَاءِ وَهُوَ صَحِيحٌ لَكِنَّ كَوْنَهَا تُؤَثِّرُ التَّنْجِيسَ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مُطْلَقَ التَّأْثِيرِ لَا يَدُلُّ عَلَى خُصُوصِ التَّأْثِيرِ بِالتَّنْجِيسِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْكَرَاهَةُ بِالْمُتَيَقَّنِ أَشد من الْكَرَاهَة بالمظنون قَالَه بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَمُرَادُهُ أَنَّهُ لَيْسَتْ فِيهِ دَلَالَةٌ قَطْعِيَّةٌ عَلَى مَنْ يَقُولُ إِنَّ الْمَاءَ لَا ينجس الا بالتغيير .

     قَوْلُهُ  أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ أَيْ مِنْ جَسَدِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ كَانُوا يَسْتَجْمِرُونَ وَبِلَادُهُمْ حَارَّةٌ فَرُبَّمَا عَرِقَ أَحَدُهُمْ إِذَا نَامَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَطُوفَ يَدُهُ عَلَى الْمَحَلِّ أَوْ عَلَى بَثْرَةٍ أَوْ دَمِ حَيَوَانٍ أَوْ قَذَرٍ غَيْرِ ذَلِكَ.
وَتَعَقَّبَهُ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ الْأَمْرَ بِغَسْلِ ثَوْبِ النَّائِمِ لِجَوَازِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَ الْعَرَقُ فِي الْيَدِ دُونَ الْمَحَلِّ أَوْ أَنَّ الْمُسْتَيْقِظَ لَا يُرِيدُ غَمْسَ ثَوْبِهِ فِي الْمَاءِ حَتَّى يُؤْمَرَ بِغَسْلِهِ بِخِلَافِ الْيَدِ فَإِنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَى غَمْسِهَا وَهَذَا أَقْوَى الْجَوَابَيْنِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا اخْتِصَاص لذَلِك بِمحل الِاسْتِجْمَار وَمَا رَوَاهُ بن خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ فِي آخِرِهِ أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ مِنْهُ وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ دُونَ قَوْلِهِ مِنْهُ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ تَفَرَّدَ بِهَا شُعْبَةُ.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيُّ تَفَرَّدَ بِهَا مُحَمَّد بن الْوَلِيد قلتان أَرَادَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ فَمُسَلَّمٌ وَإِنْ أَرَادَ مُطْلَقًا فَلَا فَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ تَابَعَهُ عبد الصَّمد عَن شُعْبَة وَأخرجه بن مَنْدَهْ مِنْ طَرِيقِهِ وَفِي الْحَدِيثِ الْأَخْذُ بِالْوَثِيقَةِ وَالْعَمَلُ بِالِاحْتِيَاطِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْكِنَايَةُ عَمَّا يُسْتَحْيَا مِنْهُ إِذَا حَصَلَ الْإِفْهَامُ بِهَا وَاسْتِحْبَابُ غَسْلِ النَّجَاسَةِ ثَلَاثًا لِأَنَّهُ أَمَرَنَا بِالتَّثْلِيثِ عِنْدَ تَوَهُّمِهَا فَعِنْدَ تَيَقُّنِهَا أَوْلَى وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ قَوْمٌ فَوَائِدَ أُخْرَى فِيهَا بُعْدٌ مِنْهَا أَنَّ مَوْضِعَ الِاسْتِنْجَاءِ مَخْصُوصٌ بِالرُّخْصَةِ فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ مَعَ بَقَاءِ أَثَرِ النَّجَاسَةِ عَلَيْهِ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَمِنْهَا إِيجَابُ الْوضُوء من النّوم قَالَه بن عَبْدِ الْبَرِّ وَمِنْهَا تَقْوِيَةُ مَنْ يَقُولُ بِالْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ حَكَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحه عَن بن عُيَيْنَةَ وَمِنْهَا أَنَّ الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِإِدْخَالِ الْيَدِ فِيهِ لِمَنْ أَرَادَ الْوضُوء قَالَه الْخطابِيّ صَاحب الْخِصَال من الشَّافِعِيَّة