فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا أعلمكم بالله». وأن المعرفة فعل القلب

( قَولُهُ بَابُ)
قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ مُضَافٌ بِلَا تَرَدُّدٍ .

     قَوْلُهُ  أَنَا أَعْلَمُكُمْ كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَهُوَ لَفْظُ الْحَدِيثِ الَّذِي أَوْرَدَهُ فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ وَفِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ أَعْرَفُكُمْ وَكَأَنَّهُ مَذْكُورٌ بِالْمَعْنَى حَمْلًا عَلَى تَرَادُفِهِمَا هُنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ هُنَا وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْمُصَنِّفِ .

     قَوْلُهُ  وَأَنَّ الْمَعْرِفَةَ بِفَتْحِ أَنَّ وَالتَّقْدِيرُ بَابُ بَيَانِ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ وَوَرَدَ بِكَسْرِهَا وَتَوْجِيهِهِ ظَاهِرٌ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ هُوَ خِلَافُ الرِّوَايَةِ وَالدِّرَايَةِ .

     قَوْلُهُ  لِقَوْلِهِ تَعَالَى مُرَادُهُ الِاسْتِدْلَالُ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ بِالْقَوْلِ وَحْدَهُ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِانْضِمَامِ الِاعْتِقَادِ إِلَيْهِ وَالِاعْتِقَادُ فعل الْقلب وَقَوله بِمَا كسبت قُلُوبكُمْ أَيْ بِمَا اسْتَقَرَّ فِيهَا وَالْآيَةُ وَإِنْ وَرَدَتْ فِي الْأَيْمَانِ بِالْفَتْحِ فَالِاسْتِدْلَالُ بِهَا فِي الْإِيمَانِ بِالْكَسْرِ وَاضِحٌ لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْمَعْنَى إِذْ مَدَارُ الْحَقِيقَةِ فِيهِمَا عَلَى عَمَلِ الْقَلْبِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لمح بتفسير زيد بن أسلم فَإِنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ قَالَ هُوَ كَقَوْلِ الرَّجُلِ إِنْ فَعَلْتُ كَذَا فَأَنَا كَافِرٌ قَالَ لَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ بِذَلِكَ حَتَّى يَعْقِدَ بِهِ قَلْبُهُ فَظَهَرَتِ الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ وَظَهَرَ وَجْهُ دُخُولِهِمَا فِي مَبَاحِثِ الْإِيمَانِ فَإِنَّ فِيهِ دَلِيلًا عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ الْكَرَامِيَّةِ إِنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ فَقَطْ وَدَلِيلًا عَلَى زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِاللَّهِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْعِلْمَ بِاللَّهِ دَرَجَاتٌ وَأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ فِي أَعْلَى الدَّرَجَاتِ وَالْعِلْمُ بِاللَّهِ يَتَنَاوَلُ مَا بِصِفَاتِهِ وَمَا بِأَحْكَامِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فَهَذَا هُوَ الْإِيمَانُ حَقًّا فَائِدَةٌ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَاخْتَلَفُوا فِي أَوَّلِ وَاجِب فَقِيلَ الْمَعْرِفَةُ وَقِيلَ النَّظَرُ.

     وَقَالَ  الْمُقْتَرِحُ لَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّ أَوَّلَ وَاجِبٍ خِطَابًا وَمَقْصُودًا الْمَعْرِفَةُ وَأَوَّلُ وَاجِبٍ اشْتِغَالًا وَأَدَاءً الْقَصْدُ إِلَى النَّظَرِ وَفِي نَقْلِ الْإِجْمَاعِ نَظَرٌ كَبِيرٌ وَمُنَازَعَةٌ طَوِيلَةٌ حَتَّى نَقَلَ جَمَاعَةٌ الْإِجْمَاعَ فِي نَقِيضِهِ وَاسْتَدَلُّوا بِإِطْبَاقِ أَهْلِ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ عَلَى قَبُولِ الْإِسْلَامَ مِمَّنْ دَخَلَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَنْقِيبٍ وَالْآثَارُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْكُفَّارَ كَانُوا يَذُبُّونَ عَنْ دِينِهِمْ وَيُقَاتِلُونَ عَلَيْهِ فَرُجُوعُهُمْ عَنْهُ دَلِيلٌ عَلَى ظُهُورِ الْحَقِّ لَهُمْ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْمَعْرِفَةَ الْمَذْكُورَةَ يُكْتَفَى فِيهَا بِأَدْنَى نَظَرٍ بِخِلَافِ مَا قَرَّرُوهُ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا وَحَدِيثُ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفطْرَة ظَاهر أَن فِي دَفْعِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ أَصْلِهَا وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ لِهَذَا فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ نَقَلَ الْقُدْوَةُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي جَمْرَةَ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ الْبَاجِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ السِّمْنَانِيِّ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ الْأَشَاعِرَةِ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ إِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ مَسَائِلِ الْمُعْتَزِلَةِ بَقِيَتْ فِي الْمَذْهَبِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ أَنَّ أَفْعَالَ الْقُلُوبِ يُؤَاخَذُ بِهَا إِنِ اسْتَقَرَّتْ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَكَلَّمْ بِهِ أَوْ تَعْمَلْ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا لَمْ تَسْتَقِرَّ.

قُلْتُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ لِذَلِكَ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ أَوْ تَعْمَلْ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ هُوَ عَمَلُ الْقَلْبِ وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَكْمِلَةٌ تُذْكَرُ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ



[ قــ :20 ... غــ :20] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ هُوَ بِتَخْفِيفِ اللَّامِ عَلَى الصَّحِيحِ.

     وَقَالَ  صَاحِبُ الْمَطَالِعِ هُوَ بِتَشْدِيدِهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِ.
وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ بِالتَّخْفِيفِ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ نَفْسِهِ وَهُوَ أَخْبَرَ بِأَبِيهِ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْأَكْثَرِ مَشَايِخَ بَلَدِهِ وَقَدْ صَنَّفَ الْمُنْذِرِيُّ جُزْءًا فِي تَرْجِيحِ التَّشْدِيدِ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافه قَوْله أخبرنَا عَبدة هُوَ بن سُلَيْمَانَ الْكُوفِيُّ وَفِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ حَدَّثَنَا .

     قَوْلُهُ  عَن هِشَام هُوَ بن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ .

     قَوْلُهُ  إِذَا أَمَرَهُمْ أَمَرَهُمْ كَذَا فِي مُعْظَمِ الرِّوَايَاتِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِهَا أَمَرَهُمْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَعَلَيْهِ شَرْحُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ وَهُوَ الَّذِي وَقَعَ فِي طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ الَّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدَةَ وَكَذَا مِنْ طَرِيقِ بن نُمَيْرٍ وَغَيْرِهِ عَنْ هِشَامٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَكَذَا ذَكَرَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ وَلَفْظُهُ كَانَ إِذَا أَمَرَ النَّاسَ بِالشَّيْءِ قَالُوا وَالْمَعْنَى كَانَ إِذَا أَمَرَهُمْ بِمَا يَسْهُلُ عَلَيْهِمْ دُونَ مَا يَشُقُّ خَشْيَةَ أَنْ يَعْجِزُوا عَنِ الدَّوَامِ عَلَيْهِ وَعَمِلَ هُوَ بِنَظِيرِ مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ مِنَ التَّخْفِيفِ طَلَبُوا مِنْهُ التَّكْلِيفَ بِمَا يَشُقَّ لِاعْتِقَادِهِمِ احْتِيَاجُهُمْ إِلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْعَمَلِ لِرَفْعِ الدَّرَجَاتِ دُونَهُ فَيَقُولُونَ لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ فَيَغْضَبُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ حُصُولَ الدَّرَجَاتِ لَا يُوجِبُ التَّقْصِيرَ فِي الْعَمَلِ بَلْ يُوجِبُ الِازْدِيَادَ شُكْرًا لِلْمُنْعِمِ الْوَهَّابِ كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا وَإِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِمَا يسهل عَلَيْهِم ليداوموا عَلَيْهِ كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ وَعَلَى مُقْتَضَى مَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنْ تَكْرِيرِ أَمَرَهُمْ يَكُونُ الْمَعْنَى كَانَ إِذَا أَمَرَهُمْ بِعَمَلٍ مِنَ الْأَعْمَالِ أَمَرَهُمْ بِمَا يُطِيقُونَ الدَّوَامَ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُمُ الثَّانِيَةُ جَوَابُ الشَّرْطِ وَقَالُوا جَوَابُ ثَانٍ .

     قَوْلُهُ  كَهَيْئَتِكَ أَيْ لَيْسَ حَالُنَا كَحَالِكَ وَعَبَّرَ بِالْهَيْئَةِ تَأْكِيدًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَوَائِدُ الْأُولَى أَنَّ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ تُرَقِّي صَاحِبَهَا إِلَى الْمَرَاتِبِ السَّنِيَّةِ مِنْ رَفْعِ الدَّرَجَاتِ وَمَحْوِ الْخَطِيئَاتِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمُ اسْتِدْلَالَهُمْ وَلَا تَعْلِيلَهُمْ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ بَلْ مِنَ الْجِهَةِ الْأُخْرَى الثَّانِيَةُ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا بَلَغَ الْغَايَةَ فِي الْعِبَادَةِ وَثَمَرَاتِهَا كَانَ ذَلِكَ أَدْعَى لَهُ إِلَى الْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهَا اسْتِبْقَاءً لِلنِّعْمَةِ وَاسْتِزَادَةً لَهَا بِالشُّكْرِ عَلَيْهَا الثَّالِثَةُ الْوُقُوفُ عِنْدَ مَا حَدَّ الشَّارِعُ مِنْ عَزِيمَةٍ وَرُخْصَةٍ وَاعْتِقَادُ أَنَّ الْأَخْذَ بِالْأَرْفَقِ الْمُوَافِقِ لِلشَّرْعِ أَوْلَى مِنَ الْأَشَقِّ الْمُخَالِفِ لَهُ الرَّابِعَةُ أَنَّ الْأَوْلَى فِي الْعِبَادَةِ الْقَصْدُ وَالْمُلَازَمَةُ لَا الْمُبَالَغَةُ الْمُفْضِيَةُ إِلَى التَّرْكِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ الْمُنْبَتُّ أَيِ الْمُجِدُّ فِي السَّيْرِ لَا أَرْضًا قَطَعَ وَلَا ظَهْرًا أَبْقَى الْخَامِسَةُ التَّنْبِيهُ عَلَى شِدَّةِ رَغْبَةِ الصَّحَابَةِ فِي الْعِبَادَةِ وَطَلَبِهِمُ الِازْدِيَادَ مِنَ الْخَيْرِ السَّادِسَةُ مَشْرُوعِيَّةُ الْغَضَبِ عِنْدَ مُخَالَفَةِ الْأَمْرِ الشَّرْعِيِّ وَالْإِنْكَارِ عَلَى الْحَاذِقِ الْمُتَأَهِّلِ لِفَهْمِ الْمَعْنَى إِذَا قَصَّرَ فِي الْفَهْمِ تَحْرِيضًا لَهُ عَلَى التَّيَقُّظِ السَّابِعَةُ جَوَازُ تَحَدُّثِ الْمَرْءِ بِمَا فِيهِ مِنْ فَضْلٍ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ لِذَلِكَ عِنْدَ الْأَمْنِ مِنَ الْمُبَاهَاةِ وَالتَّعَاظُمِ الثَّامِنَةُ بَيَانُ أَنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُتْبَةَ الْكَمَالِ الْإِنْسَانِيِّ لِأَنَّهُ مُنْحَصِرٌ فِي الْحِكْمَتَيْنِ الْعِلْمِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ وَقَدْ أَشَارَ إِلَى الْأُولَى بِقَوْلِهِ أَعْلَمُكُمْ وَإِلَى الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ أَتْقَاكُمْ وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ وَأَعْلَمُكُمْ بِاللَّهِ لَأَنَا بِزِيَادَةِ لَامِ التَّأْكِيدِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَاللَّهِ إِنَّ أَبَرَّكُمْ وَأَتْقَاكُمْ أَنَا وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ إِقَامَةُ الضَّمِيرِ الْمُنْفَصِلِ مَقَامَ الْمُتَّصِلِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ عِنْدَ أَكْثَرِ النُّحَاةِ إِلَّا لِلضَّرُورَةِ وَأَوَّلُوا قَوْلَ الشَّاعِرِ وَإِنَّمَا يُدَافِعُ عَنْ أَحْسَابِهِمْ أَنَا أَوْ مِثْلِي بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِيهِ مُقَدَّرٌ أَيْ وَمَا يُدَافِعُ عَنْ أَحْسَابِهِمْ إِلَّا أَنَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَالَّذِي وَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ يَشْهَدُ لِلْجَوَازِ بِلَا ضَرُورَةٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَفْرَادِ الْبُخَارِيِّ عَنْ مُسْلِمٍ وَهُوَ مِنْ غَرَائِبِ الصَّحِيحِ لَا أَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَهُوَ مَشْهُورٌ عَنْ هِشَامٍ فَرْدٌ مُطْلَقٌ مِنْ حَدِيثِهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَى مَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَائِشَةَ فِي بَابِ مَنْ لَمْ يُوَاجَهْ مِنْ كِتَابِ الْأَدَبِ وَذَكَرْتُ فِيهِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ تَعْيِينُ الْمَأْمُورِ بِهِ وَللَّه الْحَمد