فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من طلب دم امرئ بغير حق

( بابُُ مَنْ طَلَبَ دَمَ امْرِىءٍ بِغَيْرِ حَقَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم من طلب دم رجل بِغَيْر حق.



[ قــ :6519 ... غــ :6882 ]
- حدّثنا أبُو اليَمانِ، أخبرنَا شُعَيْبٌ، عنْ عَبْدِ الله بنِ أبي حُسَيْنٍ، حدّثنا نافِعُ بنُ جُبَيْرٍ، عَن ابْن عَبَّاسٍ أنَّ النَّبيَّ قَالَ: أبْغَضُ النَّاسِ إِلَى الله ثَلاثةٌ: مُلْحِدٌ فِي الحَرَمِ، ومُبْتَغٍ فِي الإسْلامِ سُنَّةَ الجاهِليَّةِ، ومُطَّلِبُ دَمِ امْرِىءٍ بِغَيْرِ حَقَ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة، وَعبد الله بن أبي حُسَيْن هُوَ عبد الله بن عبد الرحمان بن أبي حُسَيْن الْمدنِي النَّوْفَلِي، نسب إِلَى جده، وَنَافِع بن جُبَير بِضَم الْجِيم وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف ابْن مطعم الْقرشِي الْمدنِي.
والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: أبْغض النَّاس أفعل التَّفْضِيل هُنَا بِمَعْنى الْمَفْعُول من البغض، والبغض من الله إِرَادَة إِيصَال الْمَكْرُوه.
قَوْله: النَّاس أَي: الْمُسلمين.
قَوْله: ملحد بِضَم الْمِيم وَهُوَ المائل عَن الْحق الْعَادِل عَن الْقَصْد أَي: الظَّالِم.
فَإِن قلت: مرتكب الصَّغِيرَة مائل عَن الْحق؟ .
قلت: هَذِه الصِّيغَة فِي الْعرف تسْتَعْمل للْخَارِج عَن الدّين فَإِذا وصف بهَا من ارْتكب مَعْصِيّة كَانَ فِي ذَلِك إِشَارَة إِلَى عظمها.
وَقيل: إِيرَاده بِالْجُمْلَةِ الاسمية مشْعر بِثُبُوت الصّفة والتنكير للتعظيم فَيكون فِي ذَلِك إِشَارَة إِلَى عظم الذَّنب، وَقيل: مَعْنَاهُ الظُّلم فِي أَرض الْحرم بتغييرها عَن وصفهَا أَو تَبْدِيل أَحْكَامهَا.
قَوْله: ومبتغ فِي الْإِسْلَام سنة الْجَاهِلِيَّة أَي: طَالب فِي الْإِسْلَام طَريقَة الْجَاهِلِيَّة كالنياحة مثلا.
وَفِي التَّوْضِيح ومبتغ رُوِيَ بالغين يَعْنِي من الابتغاء وَهُوَ الطّلب وبالعين الْمُهْملَة من التتبع وَالَّذِي شَرحه ابْن بطال الأول.
فَإِن قيل: هَذِه صَغِيرَة؟ أُجِيب بِأَن معنى الطّلب سنيتها لَيْسَ فعلهَا بل إِرَادَة بَقَاء تِلْكَ الْقَاعِدَة وإشاعتها وتنفيذها، بل جَمِيع قواعدها لِأَن اسْم الْجِنْس الْمُضَاف عَام، وَلِهَذَا لم يقل: فاعلها.
قَوْله: ومطلب بِضَم الْمِيم وَتَشْديد الطَّاء وَكسر اللَّام، وَأَصله: متطلب، لِأَنَّهُ من بابُُ الافتعال فأبدلت التَّاء طاء وأدغمت الطَّاء فِي الطَّاء، وَمَعْنَاهُ: متكلف للطلب.
قَوْله: بِغَيْر حق احْتِرَازًا عَمَّن يفعل ذَلِك بِحَق كَالْقصاصِ مثلا.
قَوْله: ليهريق بِفَتْح الْهَاء وسكونها.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: الإهراق هُوَ الْمَحْظُور الْمُسْتَحق لمثل هَذَا الْوَعيد لَا مُجَرّد الطّلب، ثمَّ أجَاب بقوله: المُرَاد الطّلب الْمُرَتّب عَلَيْهِ الْمَطْلُوب، أَو ذكر الطّلب ليلزم فِي الإهراق بِالطَّرِيقِ الأولى،.

     وَقَالَ  الْمُهلب: المُرَاد بهؤلاء الثَّلَاثَة أَنهم أبْغض أهل الْمعاصِي إِلَى الله تَعَالَى فَهُوَ كَقَوْلِه: أكبر الْكَبَائِر، وإلاَّ فالشرك أبْغض إِلَى الله من جَمِيع الْمعاصِي.