فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: لزوجك عليك حق

( بابٌُ لِزوْجِكَ عَلَيْكَ حَقٌّ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ أَن لزوجك عَلَيْك حَقًا.
وَأَرَادَ بِالزَّوْجِ الزَّوْجَة.
قَوْله: ( حق) بِالرَّفْع مُبْتَدأ وَقَوله: ( لزوجك عَلَيْك) مقدما خَبره وَلكُل وَاحِد من الزَّوْجَيْنِ حق على الآخر، وَمن جملَة حق الْمَرْأَة على زَوجهَا أَن يُجَامِعهَا، وَاخْتلفُوا فِي مِقْدَاره فَقيل: يجب مرّة، وَقيل فِي كل أَربع لَيَال، وَقيل: فِي كل طهر مرّة.
.

     وَقَالَ  ابْن حزم: فرض على الرجل أَن يُجَامع امْرَأَته الَّتِي هِيَ زَوجته، وَأدنى ذَلِك مرّة فِي كل طهر إِن قدر على ذَلِك، وَإِلَّا فَهُوَ عَاص لله تَعَالَى، وروى عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ عَن مَالك بن مغول عَن الشّعبِيّ، قَالَ: جَاءَت امْرَأَة إِلَى عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَقَالَت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ! إِن زَوجي يَصُوم النَّهَار وَيقوم اللَّيْل.
فَقَالَ عمر: لقد أَحْسَنت الثَّنَاء على زَوجك فَقَالَ كَعْب بن سوار: لقد اشتكت فَقَالَ عمر: أخرج من مَقَالَتك فَقَالَ: أَتَرَى أَن ينزل منزلَة الرجل لَهُ أَربع نسْوَة فَلهُ ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها وَلها يَوْم وَلَيْلَة.
.

     وَقَالَ  أَحْمد:.

     وَقَالَ  مَالك: إِذا كف رجل عَن جماع أَهله من غير ضَرُورَة لَا يتْرك حَتَّى يُجَامع أَو يُفَارق أحب ذَلِك أَو كرهه، لِأَن مضارّ بهَا.
وبنحوه قَالَ أَحْمد،.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: يُؤمر أَن يبيت عِنْدهَا.
.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: لَا يفْرض عَلَيْهِ من الْجِمَاع شَيْء بِعَيْنِه، وَإِنَّمَا يفْرض لَهَا النَّفَقَة وَالْكِسْوَة وَأَن يأوي إِلَيْهَا.
.

     وَقَالَ  الثَّوْريّ: إِذا اشتكت زَوجهَا جعل لَهُ ثَلَاثَة أَيَّام وَلها يَوْم وَلَيْلَة، وَهُوَ قَول أبي ثَوْر.

قالَهُ أبُو جُحَيْفَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَي: قَالَ: ( لزوجك عَلَيْك حق) أَبُو جُحَيْفَة، بِضَم الْجِيم وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة: اسْمه وهب بن عبد الله، وَوَصله البُخَارِيّ فِي كتاب الصَّوْم فِي: بابُُ من أقسم على أَخِيه ليفطر، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ مطولا.

[ قــ :4923 ... غــ :5199 ]
- حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ مُقاتِلٍ أخبَرنا عَبْدُ الله أخبرَنا الأوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدثنِي: يحيى بنُ أبي كَثِيرٍ قَالَ: حَدثنِي: أبُو سَلَمَةَ بن عَبْدِ الرَّحْمن قَالَ: حَدثنِي: عبْدُ الله بنُ عَمْرُ بنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا عَبْدَ الله! ألَمْ أُخْبَرْ أنَّكَ تَصُومُ النَّهارَ وتَقُومُ اللَّيْلَ؟ قُلْتُ: بَلى يَا رسولَ الله، قَالَ: فَلاَ تَفْعَلْ، صُمْ وأفْطِرْ وقُمْ ونَمْ، فإنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وإنَّ لَعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِن لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث.
وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك، وَالْأَوْزَاعِيّ عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو، وَقد مضى حَدِيث عبد الله بن عَمْرو فِي هَذَا الْبابُُ فِي كتاب الصَّوْم بِوُجُودِهِ كَثِيرَة وطرق مُخْتَلفَة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مشروحا مفصلا.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فِي هَذَا الحَدِيث إِشَارَة إِلَى أَن وَرَاء الْجَسَد يَعْنِي هَذَا الهيكل المحسوس للْإنْسَان شَيْء آخر يعبر عَنهُ تَارَة بِالروحِ وَأُخْرَى بِالنَّفسِ.