فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الدعاء نصف الليل

( بابُُ الدُّعاءِ نِصْفَ اللَّيْلِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان فضل الدُّعَاء فِي نصف اللَّيْل إِلَى طُلُوع الْفجْر،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: هُوَ وَقت شرِيف خصّه الله عز وَجل بالتنزل فِيهِ فيتفضل على عباده بإجابة دُعَائِهِمْ وَإِعْطَاء سُؤَالهمْ فِيهِ وغفران ذنوبهم، وَهُوَ وَقت غَفلَة وخلوة واستغراق فِي النّوم واستلذاذ لَهُ، ومفارقة اللَّذَّة والدعة صَعب لَا سِيمَا على أهل الرَّفَاهِيَة، وَفِي زمن الْبرد، وَكَذَا أهل التَّعَب مَعَ قصر اللَّيْل، فالسعيد من يغتنم هَذَا، والموفق هُوَ الله عز وَجل.



[ قــ :5988 ... غــ :6321 ]
- حدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله حَدثنَا مالِكٌ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ أبي عَبْدِ الله الأغَرِّ وَأبي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَتَنَزَّلُ رَبُّنا تَبارَكَ وَتَعَالَى كلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّماءِ الدُّنْيا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُول: مَنْ يَدْعُونِي فأسْتَجيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْألُنِي فأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ لَهُ.
( انْظُر الحَدِيث 1145 وطرفه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأَبُو عبد الله الْأَغَر بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء واسْمه سلمَان الْجُهَنِيّ الْمدنِي.

والْحَدِيث مضى فِي: بابُُ الصَّلَاة من آخر اللَّيْل، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن مسلمة عَن مَالك ... الخ وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: ( يتنزل)
الخ، والْحَدِيث من المتشابهات، وَلَا بُد من التَّأْوِيل إِذْ الْبَرَاهِين القاطعة دلّت على تنزهه مِنْهُ، فَالْمُرَاد نزُول ملك الرَّحْمَة وَنَحْوه ويروى: ينزل.
قَوْله: ( ثلث اللَّيْل الآخر) بِكَسْر الْخَاء وَهُوَ صفة الثُّلُث.
قيل: ذكر فِي التَّرْجَمَة نصف اللَّيْل وَفِي الحَدِيث الثُّلُث؟ وَأجِيب: بِأَنَّهُ حِين يبْقى الثُّلُث يكون قبل الثُّلُث وَهُوَ الْمَقْصُود من النّصْف.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: عدل المُصَنّف لِأَنَّهُ أَخذ التَّرْجَمَة من دَلِيل الْقُرْآن وَذكر النّصْف، وَقيل: أَشَارَ البُخَارِيّ إِلَى الرِّوَايَة الَّتِي وَردت بِلَفْظ النّصْف.
وَقد أخرجه أَحْمد عَن يزِيد بن هَارُون عَن مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: ينزل الله إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا نصف اللَّيْل أَو ثلث اللَّيْل الآخر وروى الدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق حبيب بن أبي ثَابت عَن الْأَغَر عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: شطر اللَّيْل، من غير تردد.