فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب خروج النساء لحوائجهن

( بابُُ خُرُوجِ النِّساءِ لِحَوَائِجِهِنَّ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان جَوَاز خُرُوج النِّسَاء لأجل حوائجهن، وَهُوَ جمع حَاجَة.
.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: جمع الْحَاجة حاجات وَجمع الْجمع حَاج، وَلَا يُقَال: حوائج،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: وَالَّذِي ذكر أهل اللُّغَة أَن جمع حَاجَة حوائج، وَقَول الدَّاودِيّ غير صَحِيح، وَفِي ( الْمُنْتَهى) : الْحَاجة فِيهَا لُغَات: حَاجَة وحوجاء وحائجة، فَجمع السَّلامَة: حاجات، وَجمع التكسير: حَاج، مثل رَاحَة وَرَاح، وَجمع حوجاء حواج، مثل: صحراء وصحار، وَيجمع على حوج أَيْضا نَحْو عوجاء وعوج، وَجمع الْحَاجة حوائج مثل حائجة وحوائج، وَكَانَ الْأَصْمَعِي يُنكره، وَيَقُول: هُوَ مولد، وَإِنَّمَا أنكرهُ لِخُرُوجِهِ عَن الْقيَاس فِي جمع حَاجَة، وإلاَّ فَهُوَ كثير فِي الْكَلَام، قَالَ الشَّاعِر:
( نَهَار الْمَرْء أمثل حِين يقْضِي ... حَوَائِجه من اللَّيْل الطَّوِيل)

وَيُقَال: مَا فِي صَدره حوجاء وَلَا لوجاء وَلَا شكّ وَلَا مرية بِمَعْنى وَاحِد، وَيُقَال: لَيْسَ فِي أَمرك حويجاء وَلَا لويجاء، وَلَا لفُلَان عنْدك حَاجَة وَلَا حائجة وَلَا حوجاء وَلَا حواشية بالشين وَالسِّين وَلَا لماسة وَلَا لبابَُُة وَلَا إرب وَلَا مأربة ونواة وبهجة وأشكلة وشاكلة وشكلة وشهلاء، كُله بِمَعْنى وَاحِد.



[ قــ :4959 ... غــ :5237 ]
- حدّثنا فَرْوَةُ بنُ أبي المَغْرَاءِ حَدثنَا علِيُّ بنُ مُسْهِرٍ عنْ هِشامٍ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ.
قالَتْ: خَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ لَيْلاً فَرَآها عُمَرُ فَعَرَفَهَا.
فَقَالَ: إنّكِ وَالله يَا سَوْدَةُ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا فَرَجَععَتْ إِلَى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ وهْوَ فِي حُجْرَتِي يَتَعَشَّى، وإنَّ فِي يَدِهِ لَغَرْقا فأنْزَلَ الله عَلَيْهِ فرُفِعَ عَنْهُ وهْوَ يَقُولُ: قَدْ أذِنَ الله لَكُنَّ أنْ تَخْرُجْنَ لِحَوَائِجِكُنَّ.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث.
وَهَذَا السَّنَد بِعَيْنِه قد مر عَن قريب فِي: بابُُ دُخُول الرجل على نِسَائِهِ فِي الْيَوْم.

والْحَدِيث قد مر بأتم مِنْهُ فِي تَفْسِير سُورَة الْأَحْزَاب.
وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( مَا تخفين) ، بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون الْيَاء وَأَصله: تخفين، على وزن تفعلين فاستثقلت الكسرة على الْيَاء فحذفت فَاجْتمع ساكنان وهما الياءان فحذفت الْيَاء الأولى لِأَن الثَّانِيَة ضمير المخاطبة فَبَقيَ تخفين على وزن تفعين.
قَوْله: ( لعرقا) ، اللَّام فِيهِ مَفْتُوحَة، والعرق بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الرَّاء وبالقاف وَهُوَ الْعظم الَّذِي أَخذ لحْمَة.
قَوْله: ( فَأنْزل الله عَلَيْهِ) ، ويروي: فَأنْزل عَلَيْهِ بِصِيغَة الْمَجْهُول، وَفِي الرِّوَايَة الْمُتَقَدّمَة: فَأوحى الله إِلَيْهِ.

وَقَالَ ابْن بطال: فِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل على أَن النِّسَاء يخْرجن لكل مَا أُبِيح لَهُنَّ الْخُرُوج فِيهِ من زِيَارَة الْآبَاء والأمهات وَذَوي الْمَحَارِم وَغير ذَلِك مِمَّا تمس الْحَاجة إِلَيْهِ، وَذَلِكَ فِي حكم خروجهن إِلَى الْمَسَاجِد.
وَفِيه: خُرُوج الْمَرْأَة بِغَيْر إِذن زَوجهَا إِلَى الْمَكَان الْمُعْتَاد للْإِذْن الْعَام فِيهِ.
وَفِيه: منقبة عَظِيمَة لعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَفِيه: تَنْبِيه أهل الْفضل على مصالحهم ونصحهم.