فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب أجر الخادم إذا تصدق بأمر صاحبه غير مفسد

( بابُُ أجْرِ الخَادِمِ إذَا تَصَدَّقَ بِأمْرِ صاحِبِهِ غَيْرَ مُفْسِدٍ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان أجر الْخَادِم، وَقد قُلْنَا إِنَّه أَعم من الْمَمْلُوك وَغَيره.
قَوْله: ( بِأَمْر صَاحبه) قيد بِهِ لِأَنَّهُ إِذا تصدق بِغَيْر إِذن صَاحبه لَا يجوز.
قَوْله: ( غير مُفسد) ، أَي: حَال كَونه غير مُفسد فِي صدقته، وَمعنى الْإِفْسَاد: الْإِنْفَاق بِوَجْه لَا يحل.



[ قــ :1381 ... غــ :1437 ]
- حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ قَالَ حدَّثنا جَرِيرٌ عنِ الأعْمَشِ عنْ أبِي وَائِلٍ عنْ مَسْرُوقٍ عنْ عَائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا تَصَدَّقَتِ المَرْأةُ مِنْ طَعَامِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ كانَ لَهَا أجْرُها ولِزَوْجِهَا بِمَا كَسَبَ وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذالِكَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( غير مفْسدَة) .
فَإِن قلت: الحَدِيث فِي الْمَرْأَة إِذا تَصَدَّقت من مَال زَوجهَا غير مفْسدَة، والترجمة فِي الْخَادِم؟ قلت: لفظ الْخَادِم يتَنَاوَل الْمَرْأَة لِأَنَّهَا مِمَّن تخْدم الزَّوْج، والْحَدِيث مضى عَن قريب فِي: بابُُ من أَمر خادمه فِي الصَّدَقَة، فَإِنَّهُ رَوَاهُ هُنَاكَ: عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن جرير بن عبد الحميد عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن أبي وَائِل شَقِيق بن سَلمَة عَن مَسْرُوق بن الأجدع عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى هُنَاكَ.




[ قــ :138 ... غــ :1438 ]
- ( حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء قَالَ حَدثنَا أَبُو أُسَامَة عَن بريد بن عبد الله عَن أبي بردة عَن أبي مُوسَى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ الخازن الْمُسلم الْأمين الَّذِي ينفذ وَرُبمَا قَالَ يُعْطي مَا أَمر بِهِ كَامِلا موفرا طيب بِهِ نَفسه فيدفعه إِلَى الَّذِي أَمر لَهُ بِهِ أحد المتصدقين) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " الخازن " إِلَى آخِره لِأَن الْخَادِم يتَنَاوَل الخازن أَيْضا ( ذكر رِجَاله) وهم خَمْسَة.
الأول مُحَمَّد بن الْعَلَاء أَبُو كريب الْهَمدَانِي.
الثَّانِي أَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة اللَّيْثِيّ.
الثَّالِث بريد بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن عبد الله وكنيته أَبُو بردة وَقد مضى عَن قريب.
الرَّابِع أَبُو بردة بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة واسْمه عَامر أَو الْحَارِث وَقد مر أَيْضا.
الْخَامِس أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ واسْمه عبد الله بن قيس ( ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وَفِيه العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع وَفِيه أَن رُوَاته كلهم كوفيون وَفِيه رِوَايَة الرجل عَن جده وَفِيه رِوَايَة الابْن عَن الْأَب ( ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْوكَالَة عَن أبي كريب عَن أبي أُسَامَة وَفِي الْإِجَارَة عَن مُحَمَّد بن يُوسُف عَن سُفْيَان وَأخرجه مُسلم فِي الزَّكَاة عَن أبي عَامر وَأبي بكر بن أبي شيبَة وَأبي كريب وَمُحَمّد بن عبد الله بن نمير أربعتهم عَن أبي أُسَامَة وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَأبي كريب كِلَاهُمَا عَن أبي أُسَامَة بِهِ وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عبد الله بن الْهَيْثَم بن عُثْمَان ( ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " الخازن الْمُسلم " إِلَى آخِره قيد فِيهِ قيودا.
الأول أَن يكون خَازِنًا لِأَنَّهُ إِذا لم يكن خَازِنًا لَا يجوز لَهُ أَن يتَصَدَّق من مَال الْغَيْر.
الثَّانِي أَن يكون مُسلما فَأخْرج بِهِ الْكَافِر لِأَنَّهُ لَا نِيَّة لَهُ.
الثَّالِث أَن يكون أَمينا فَأخْرج بِهِ الخائن لِأَنَّهُ مأزور.
الرَّابِع أَن يكون منفذا أَي منفذا صَدَقَة الْآمِر وَهُوَ معنى قَوْله الَّذِي ينفذ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة إِمَّا من الإنفاذ من بابُُ الْأَفْعَال وَإِمَّا من التَّنْفِيذ من بابُُ التفعيل وَهُوَ الْإِمْضَاء مثل مَا أَمر بِهِ الْآمِر ويروى يُعْطي بدل ينفذ.
الْخَامِس أَن تكون نَفسه بذلك طيبَة لِئَلَّا يعْدم النِّيَّة فيفقد الْأجر وَهُوَ معنى قَوْله " طيب بِهِ نَفسه " فَقَوله " طيب " خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي وَهُوَ طيب النَّفس بِهِ أَو قَوْله نَفسه مُبْتَدأ وَطيب خَبره مقدما.

     وَقَالَ  التَّمِيمِي روى طيبَة بِهِ نَفسه على أَن يكون حَالا للخازن وَنَفسه مَرْفُوع بقوله طيبَة.
السَّادِس أَن يكون دَفعه الصَّدَقَة إِلَى الَّذِي أَمر لَهُ بِهِ أَي إِلَى الشَّخْص الَّذِي أَمر الْآمِر لَهُ بِهِ أَي بِالدفع فَإِن دفع إِلَى غَيره يكون مُخَالفا فَيخرج عَن الْأَمَانَة وَهَذِه الْقُيُود شَرط لحُصُول هَذَا الثَّوَاب فَيَنْبَغِي أَن يعتني بهَا ويحافظ عَلَيْهَا قَوْله " أحد المتصدقين " مَرْفُوع لِأَنَّهُ خبر الْمُبْتَدَأ أَعنِي قَوْله " الخازن " وَقد مر الْكَلَام فِي فَتْحة الْقَاف وكسرتها.

     وَقَالَ  التَّيْمِيّ وَمعنى أحد المتصدقين أَن الَّذِي يتَصَدَّق من مَاله يكون أجره مضاعفا أضعافا كَثِيرَة وَالَّذِي ينفذهُ أجره غير مضاعف لَهُ عشر حَسَنَات فَقَط.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ لَهُ أجر متصدق -