فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: أين يقوم من المرأة والرجل

(بابٌُ أَيْن يَقُومُ مِنَ المَرْأةِ وَالرَّجُلِ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ أَيْن يقوم الْمُصَلِّي على الْمَيِّت من الْمَرْأَة وَالرجل؟ فَإِن قلت: لَيْسَ فِي حَدِيث الْبابُُ بَيَان مَوضِع قيام الرجل، فَلم ذكره فِي التَّرْجَمَة.
قلت: قَالَ الْكرْمَانِي: للإشعار بِأَنَّهُ لم يجد حَدِيثا بِشَرْطِهِ فِي ذَلِك، وَأما لقياس الرجل على الْمَرْأَة إِذا لم يقل أحد بِالْفرقِ بَينهمَا، وَفِيه نظر أما فِي الأول فَلِأَنَّهُ لما لم يجد حَدِيثا فِي ذَلِك بِشَرْطِهِ لم يكن لذكره وَجه، وَأما فِي الثَّانِي فَمن أَيْن علم؟ لم يقل بِالْفرقِ بَينهمَا.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: أَرَادَ عدم التَّفْرِقَة بَين الرجل وَالْمَرْأَة، وَأَشَارَ إِلَى تَضْعِيف مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من طَرِيق أبي غَالب عَن أنس بن مَالك: (أَنه صلى على رجل فَقَامَ عِنْد رَأسه، وَصلى على امْرَأَة فَقَامَ عِنْد عجيزتها، فَقَالَ لَهُ الْعَلَاء بن زِيَاد: أهكذا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يفعل؟ قَالَ: نعم.
انْتهى.
قلت: روى أَبُو دَاوُد هَذَا الحَدِيث مطولا وَسكت عَلَيْهِ، وسكوته دَلِيل رِضَاهُ بِهِ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه أَيْضا، فَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُنِير عَن سعيد بن عَامر عَن همام (عَن أبي غَالب، قَالَ: صليت مَعَ أنس بن مَالك على جَنَازَة رجل فَقَامَ حِيَال رَأسه، ثمَّ جاؤوا بِجنَازَة امْرَأَة من قُرَيْش فَقَالَ: يَا أَبَا حَمْزَة صل عَلَيْهَا، فَقَامَ حِيَال وسط السرير، فَقَالَ لَهُ الْعَلَاء بن زِيَاد: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ على الْجِنَازَة مقامك مِنْهَا وَمن الرجل مقامك مِنْهُ؟ قَالَ: نعم، فَلَمَّا فرغ قَالَ: إحفظوه) .
.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ حَدِيث أنس حَدِيث حسن، وَاسم أبي غَالب: نَافِع، وَقيل: رَافع، وَكَيف يضعف هَذَا وَقد رَضِي بِهِ أَبُو دَاوُد وَحسنه التِّرْمِذِيّ، وَلَكِن لما كَانَ هَذَا الحَدِيث مُسْتَند الْحَنَفِيَّة طعنوا فِيهِ بِمَا لَا يفيدهم، وَلَئِن سلمنَا ذَلِك، وَلَكِن لَا نسلم وقُوف البُخَارِيّ عَلَيْهِ، والتضعيف وَعَدَمه مبنيان عَلَيْهِ، وَذكر البُخَارِيّ الرجل فِي التَّرْجَمَة لَا يدل على عدم التَّفْرِقَة بَينهمَا عِنْده لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يكون مذْهبه غير هَذَا، وَذكر الرجل وَقع اتِّفَاقًا لَا قصدا.



[ قــ :1280 ... غــ :1332 ]
- حدَّثنا عِمْرَانُ بنُ مَيْسَرَةَ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الوَارِثِ قَالَ حَدثنَا حُسَيْنٌ عنِ ابنِ بُرَيْدَةَ قَالَ حدَّثنا سَمُرَةُ بنُ جُنْدَبٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ صَلَّيْتُ وَرَاءَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَى امْرَأةٍ ماتَتْ فِي نِفَاسِهَا فَقَامَ عَلَيْهَا وَسَطَهَا.

(أنظر الحَدِيث 233 وطرفه) .

ذكر حَدِيث سَمُرَة هُنَا من وَجه آخر عَن عمرَان بن ميسرَة ضد الميمنة وَقد مر فِي: بابُُ رفع الْعلم عَن عبد الْوَارِث ابْن سعيد عَن حُسَيْن الْمعلم عَن عبد الله بن بُرَيْدَة إِلَى آخِره، وَفِي الْبابُُ السَّابِق يرْوى عَن ابْن بُرَيْدَة عَن سَمُرَة بالعنعنة، وَهنا بِصِيغَة التحديث، وَهُنَاكَ يروي حُسَيْن عَن ابْن بُرَيْدَة بِالتَّحْدِيثِ، وَهَهُنَا بالعنعنة.