فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب تفسير المشبهات

( بابُُ تَفْسِير المشبَّهات)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان تَفْسِير المشبهات، بِضَم الْمِيم وَفتح الشين الْمُعْجَمَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة الْمُشَدّدَة الْمَفْتُوحَة: جمع مشبهة، وَهِي الَّتِي يَأْتِي فِيهَا من شبه طرفين متخالفين، فَيُشبه مرّة هَذَا وَمرَّة هَذَا، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: { إِن الْبَقر تشابه علينا} ( الْبَقَرَة: 07) .
أَي: اشْتبهَ، وَفِي بعض النّسخ: بابُُ تَفْسِير المشتبهات، من اشْتبهَ من بابُُ الافتعال، وَفِي بَعْضهَا: بابُُ تَفْسِير الشُّبُهَات، بِضَم الشين وَالْبَاء، جمع شُبْهَة.
.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: كل شَيْء يسبه الْحَلَال من وَجه وَالْحرَام من وَجه هُوَ شُبْهَة، والحلال الْيَقِين: مَا علم ملكه يَقِينا لنَفسِهِ، وَالْحرَام الْبَين مَا علم ملكه لغيره يَقِينا، والشبهة: مَا لَا يدْرِي أهوَ لَهُ أَو لغيره، فالورع اجتنابه.
ثمَّ الْوَرع على أَقسَام: وَاجِب، كَالَّذي قُلْنَاهُ.
ومستحب، كاجتناب مُعَاملَة من أَكثر مَاله حرَام، ومكروه كالاجتناب عَن قبُول رخص الله والهدايا، وَمن جملَته أَن يدْخل الرجل الْخُرَاسَانِي مثلا بَغْدَاد وَيمْتَنع من التَّزَوُّج بهَا مَعَ الْحَاجة إِلَيْهِ، يزْعم أَن أَبَاهُ كَانَ بِبَغْدَاد فَرُبمَا تزوج بهَا وَولد لَهُ بنت، فَتكون هَذِه الْمَنْكُوحَة أُخْتا لَهُ.

وَقَالَ حسَّانُ بنُ أبِي سِنانٍ مَا رأيْتُ شَيئا أهْوَنَ مِنَ الوَرَع دَعْ مَا يَرِيبكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ.

حسان بن الْحسن أَو الْحُسَيْن بن أبي سِنَان، بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف النُّون، ينْصَرف وَلَا ينْصَرف.
هَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ أَبُو نعيم الْحَافِظ، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد بن عَمْرو حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو رسته.
قَالَ: حَدثنَا زُهَيْر بن نعيم البابُي، قَالَ: اجْتمع يُونُس بن عبيد، وَحسان بن أبي سِنَان يَعْنِي: أَبَا عبد الله عَابِد أهل الْبَصْرَة، فَقَالَ يُونُس: مَا عَالَجت شَيْئا أَشد عَليّ من الْوَرع، فَقَالَ حسان: مَا عَالَجت شَيْئا أَهْون عَليّ مِنْهُ، قَالَ يُونُس: كَيفَ؟ قَالَ حسان: تركت مَا يريبني إِلَى مَا لَا يريبني فاسترحت.
وَأَيْضًا، قَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر بن مَالك، حَدثنَا عبد الله بن أَحْمد حَدثنِي الْحسن بن عبد الْعَزِيز الجروي، قَالَ: كتب إِلَيْنَا ضَمرَة عَن عبد الله بن شَوْذَب، قَالَ: قَالَ حسان بن أبي سِنَان: مَا أيسر الْوَرع إِذا شَككت فِي شَيْء فَاتْرُكْهُ.
قلت: لفظ: ( دع مَا يريبك إِلَى مَا لَا يريبك) ، صَحَّ من حَدِيث الْحسن بن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث حسن صَحِيح.
.

     وَقَالَ  الْحَاكِم: صَحِيح الْإِسْنَاد، وَشَاهده حَدِيث أبي أُمَامَة: ( أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا الْإِيمَان؟ قَالَ: إِذا سرتك حَسَنَة وساءتك سَيِّئَة.
فَأَنت مُؤمن.
قَالَ: يَا رَسُول الله { مَا الْإِثْم؟ قَالَ: إِذا حك فِي صدرك شَيْء فَدَعْهُ) .
قَوْله: ( يريبك) ، من الريب وَهُوَ الشَّك، ورابني فلَان، إِذا رَأَيْت مِنْهُ مَا يريبك.



[ قــ :1968 ... غــ :2052 ]
-
حدَّثنا محمَّدُ بنُ كَثِيرٍ قَالَ أخبرنَا سُفْيانُ قَالَ أخبرنَا عَبْدُ الله بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ أبي حُسَيْنٍ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ أبي مُلَيُكَةَ عَن عُقْبَةَ بنِ الحَارِثِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ امْرَأةً سَوْدَاءَ جاءَتْ فَزَعَمَتْ أنَّهَا أرْضَعَتْهُمَا فذَكرَ للنبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأعْرَضَ عنْهُ وتبَسَّمَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كَيْفَ وقَدْ قِيلَ وقَدْ كانَتْ تَحْتَهُ ابنَةُ إهَابٍ التَّمِيميِّ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( كَيفَ وَقد قيل) لِأَنَّهُ مشْعر بإشارته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى تَركهَا ورعا، وَلِهَذَا فَارقهَا، فَفِيهِ توضيح الشُّبْهَة وَحكمهَا، وَهُوَ الاجتناب عَنْهَا، وَعبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي حُسَيْن الْقرشِي النَّوْفَلِي الْمَكِّيّ، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي كتاب الْعلم فِي: بابُُ الرحلة فِي الْمَسْأَلَة النَّازِلَة.
وَأخرجه هُنَاكَ: عَن مُحَمَّد بن مقَاتل عَن عبد الله عَن عمر بن سعيد بن أبي حُسَيْن عَن عبد الله بن أبي مليكَة ... إِلَى آخِره، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى.

قَوْله: ( أرضعتهما) ، أَي أرضعت عقبَة وَامْرَأَته ابْنة أبي إهَاب، بِكَسْر الْهمزَة وَتَخْفِيف الْهَاء وبالباء الْمُوَحدَة: وَاسم هَذِه الْمَرْأَة غنية بنت أبي إهَاب، ذكره الزبير، وروى التِّرْمِذِيّ هَذَا الحَدِيث وَلَفظه: ( قَالَ عقبَة: تزوجت امْرَأَة، فجاءتنا امْرَأَة سَوْدَاء فَقَالَت: إِنِّي أرضعتكما، فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: تزوجت فُلَانَة بنت فلَان، فجاءتنا امْرَأَة سَوْدَاء، فَقَالَت: إِنِّي أرضعتكما، وَهِي كَاذِبَة.
قَالَ: فَأَعْرض عني، فَقَالَ فَأَتَيْته من قِبَلِ وَجهه، فَقلت: إِنَّهَا كَاذِبَة، قَالَ: وَكَيف بهَا؟ فقد زعمت أَنَّهَا أرضعتكما}
دعها عَنْك) ثمَّ قَالَ التِّرْمِذِيّ: وَالْعَمَل على هَذَا الحَدِيث عِنْد بعض أهل الْعلم من أَصْحَاب النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَغَيرهم أَجَازُوا شَهَادَة الْمَرْأَة الْوَاحِدَة فِي الرَّضَاع.
.

     وَقَالَ  ابْن عَبَّاس: تجوز شَهَادَة امْرَأَة وَاحِدَة فِي الرَّضَاع وَيُؤْخَذ بِيَمِينِهَا، وَبِه يَقُول أَحْمد وَإِسْحَاق.
وَقد قَالَ بعض أهل الْعلم: لَا تجوز شَهَادَة امْرَأَة وَاحِدَة فِي الرَّضَاع حَتَّى يكون أَكثر، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي.

وَقَالَ صَاحب ( التَّلْوِيح) : ذهب جُمْهُور الْعلمَاء: إِلَى أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أفتاه بالتحرز من الشُّبْهَة، وَأمره بمجانبة الرِّيبَة خوفًا من الْإِقْدَام على فرج يخَاف أَن يكون الْإِقْدَام عَلَيْهِ ذَرِيعَة إِلَى الْحَرَام، لأٌّ هـ قد قَامَ دَلِيل التَّحْرِيم بقول الْمَرْأَة، لَكِن لم يكن قَاطعا وَلَا قَوِيا، لإِجْمَاع الْعلمَاء على أَن شَهَادَة امْرَأَة وَاحِدَة لَا تجوز فِي مثل ذَلِك، لكنه أَشَارَ عَلَيْهِ بالأحوط يدل عَلَيْهِ أَنه لما أخبرهُ أعرض عَنهُ، فَلَو كَانَ حَرَامًا لما أعرض عَنهُ، بل كَانَ يجِيبه بِالتَّحْرِيمِ، لكنه لما كرر عَلَيْهِ مرّة بعد أُخْرَى أَجَابَهُ بالورع.
انْتهى.
قلت: قَوْله: لإِجْمَاع الْعلمَاء على أَن شَهَادَة امْرَأَة وَاحِدَة لَا تجوز فِي مثل ذَلِك، غلط يظْهر من كَلَام التِّرْمِذِيّ، وَأَنه مُتبع فِي ذَلِك ابْن بطال.




[ قــ :1969 ... غــ :053 ]
- ( حَدثنَا يحيى بن قزعة قَالَ حَدثنَا مَالك عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ عتبَة بن أبي وَقاص عهد إِلَى أَخِيه سعد بن أبي وَقاص أَن ابْن وليدة زَمعَة مني فاقبضه قَالَت فَلَمَّا كَانَ عَام الْفَتْح أَخذه سعد بن أبي وَقاص.

     وَقَالَ  ابْن أخي قد عهد إِلَيّ فِيهِ فَقَامَ عبد بن زَمعَة فَقَالَ أخي وَابْن وليدة أبي ولد على فرَاشه فتساوقا إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ سعد يَا رَسُول الله ابْن أخي كَانَ قد عهد إِلَيّ فِيهِ فَقَالَ عبد بن زَمعَة أخي وَابْن وليدة أبي ولد على فرَاشه فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هُوَ لَك يَا عبد بن زَمعَة ثمَّ قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر ثمَّ قَالَ لسودة بنت زَمعَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - احتجبي مِنْهُ يَا سَوْدَة لما رأى من شبهه بِعتبَة فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِي الله)
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن فِيهِ توضيح الشُّبْهَة والاجتناب عَنْهَا وَلذَلِك قَالَ لسودة احتجبي مِنْهُ.
( ذكر رِجَاله) وهم خَمْسَة قد ذكرُوا كلهم وَيحيى بن قزعة بِالْقَافِ وَالزَّاي وَالْعين الْمُهْملَة المفتوحات قد مر فِي آخر الصَّلَاة.
( ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْفَرَائِض عَن عبد الله بن يُوسُف وَفِي الْأَحْكَام عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الله وَفِي الْوَصَايَا وَفِي الْمَغَازِي عَن القعْنبِي كلهم عَن مَالك بِهِ وَأخرجه أَيْضا فِي بابُُ شِرَاء الْمَمْلُوك من الْحَرْبِيّ عَن قُتَيْبَة بن سعيد وَأخرجه مُسلم حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد قَالَ حَدثنَا لَيْث وَحدثنَا مُحَمَّد بن رمح قَالَ أخبرنَا اللَّيْث عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة " عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت اخْتصم سعد بن أبي وَقاص وَعبد بن زَمعَة فِي غُلَام فَقَالَ سعد هَذَا يَا رَسُول الله ابْن أخي عتبَة ابْن أبي وَقاص عهد إِلَى أَنه ابْنه انْظُر إِلَى شبهه.

     وَقَالَ  عبد بن زَمعَة هَذَا أخي يَا رَسُول الله ولد على فرَاش أبي من وليدته فَنظر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى شبهه فَرَأى شبها بَينا بِعتبَة فَقَالَ هُوَ لَك يَا عبد الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر واحتجبي مِنْهُ يَا سَوْدَة بنت زَمعَة فَلم ير سَوْدَة قطّ " وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الطَّلَاق عَن قُتَيْبَة.
( ذكر بَيَان الْأَسَامِي الْوَاقِعَة فِيهِ) عتبَة بِضَم الْعين وَسُكُون التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وبالباء الْمُوَحدَة ابْن أبي وَقاص ذكره العسكري فِي الصَّحَابَة.

     وَقَالَ  كَانَ أصَاب دَمًا فِي قُرَيْش وانتقل إِلَى الْمَدِينَة قبل الْهِجْرَة وَمَات فِي الْإِسْلَام وَكَذَا قَالَ أَبُو عمر وَجزم بِهِ الذَّهَبِيّ فِي مُعْجَمه فَأَخْطَأَ وَلم يذكرهُ الْجُمْهُور فِي الصَّحَابَة وَذكره ابْن مَنْدَه فيهم وَاحْتج بوصيته إِلَى أَخِيه سعد بِابْن وليدة زَمعَة وَأنْكرهُ أَبُو نعيم.

     وَقَالَ  هُوَ الَّذِي شج وَجه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكسر رباعيته يَوْم أحد وَمَا علمت لَهُ إسلاما وَلم يذكرهُ أحد من الْمُتَقَدِّمين فِي الصَّحَابَة وَقيل أَنه مَاتَ كَافِرًا وروى معمر عَن عُثْمَان الْجَزرِي عَن مقسم أَن عتبَة لما كسر ربَاعِية رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَعَا عَلَيْهِ فَقَالَ " اللَّهُمَّ لَا يحول عَلَيْهِ الْحول حَتَّى يَمُوت كَافِرًا فَمَا حَال عَلَيْهِ الْحول حَتَّى مَاتَ كَافِرًا " وَأم عتبَة هِنْد بنت وهب بن الْحَارِث بن زهرَة وَعتبَة هَذَا أَخُو سعد بن أبي وَقاص لِأَخِيهِ وَأَبُو وَقاص اسْمه مَالك بن أهيب وَيُقَال وهيب بن عبد منَاف بن زهرَة بن كلاب بن مرّة بن كَعْب بن لؤَي بن غَالب الْقرشِي أَبُو إِسْحَاق الزُّهْرِيّ أحد الْعشْرَة المبشرة بِالْجنَّةِ يلتقي مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي كلاب بن مرّة وَيُقَال لَهُ فَارس الْإِسْلَام مَاتَ سنة خمس وَخمسين وَهُوَ الْمَشْهُور فِي قصره بالعقيق وَحمل على رِقَاب النَّاس إِلَى الْمَدِينَة وَدفن بِالبَقِيعِ وَهُوَ آخر الْعشْرَة وَفَاة وَكَانَ عمره حينما مَاتَ بضعا وَسبعين سنة وَقيل ثَلَاثًا وَثَمَانِينَ وَقيل غير ذَلِك وَأمه حمْنَة بنت سُفْيَان بن أبي أُميَّة بن عبد شمس وَقيل بنت أبي سُفْيَان وَقيل بنت أبي أَسد وَعبد بن زَمعَة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر.

     وَقَالَ  أَبُو نعيم عبد زَمعَة بن الْأسود العامري أَخُو سَوْدَة أم الْمُؤمنِينَ كَانَ شريفا سيدا من سَادَات الصَّحَابَة قَالَ الذَّهَبِيّ كَذَا نسبه أَبُو نعيم فَوَهم إِنَّمَا هُوَ ابْن زَمعَة بن قيس وَزَمعَة بالزاي وَالْمِيم وَالْعين الْمُهْملَة المفتوحات وَقيل بِسُكُون الْمِيم وَالْولد الْمُتَنَازع فِيهِ اسْمه عبد الرَّحْمَن بن زَمعَة بن قيس وَكَانَت أمه من موَالِي الْيمن ولعَبْد الرَّحْمَن هَذَا عقب بِالْمَدِينَةِ وَله ذكر فِي الصَّحَابَة.

     وَقَالَ  الذَّهَبِيّ فِي تَجْرِيد الصَّحَابَة عبد الرَّحْمَن بن زَمعَة بن قيس الْقرشِي العامري هُوَ ابْن وليد زَمعَة صَاحب الْقِصَّة وَسَوْدَة بنت زَمعَة بن قيس القرشية العامرية أم الْمُؤمنِينَ يُقَال كنيتها أم الْأسود وَأمّهَا الشموس بنت قيس تزَوجهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد موت خَدِيجَة رَضِي الله عَنْهَا وَكَانَت قبله عِنْد السَّكْرَان بن عمر وَأخي سهل بن عمر وروت عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وروى عَنْهَا عبد الله بن عَبَّاس وَيحيى بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن سعد وَيُقَال ابْن أسعد بن زُرَارَة الْأنْصَارِيّ مَاتَت فِي آخر خلَافَة عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ( ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " عهد إِلَيْهِ " أَي أوصى إِلَيْهِ قَوْله " أَن ابْن وليدة " الوليدة الْجَارِيَة وَجَمعهَا ولائد.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي الوليدة الصبية.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير تطلق الوليدة على الْجَارِيَة وَالْأمة وَإِن كَانَت كَبِيرَة والوليد الطِّفْل وَيجمع على ولدان وَالْأُنْثَى وليدة وَفِي الحَدِيث " تَصَدَّقت أُمِّي بوليدة " أَي جَارِيَة قَوْله " فأقبضه " من جملَة كَلَام عتبَة لِأَخِيهِ سعد أَي فأقبض ابْن وليدة زَمعَة قَوْله " ابْن أخي " أَي هُوَ ابْن أخي عتبَة قد عهد إِلَيّ فِيهِ أَي فِي الابْن الْمَذْكُور قَوْله " فَقَالَ عبيد الله بن زَمعَة أخي " أَي هُوَ أخي وَابْن وليدة أبي أَي ابْن جَارِيَته ولد على فرَاشه قَوْله " فتساوقا " أَي بعد أَن تنَازعا وتخاصما فِيهِ ذَهَبا إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سائقين قَوْله " هُوَ لَك " اخْتلف فِي مَعْنَاهُ على قَوْلَيْنِ أَحدهمَا مَعْنَاهُ هُوَ أَخُوك قَضَاء مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِعِلْمِهِ لَا بالإستلحاق لِأَن زَمعَة كَانَ صهره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَسَوْدَة ابْنَته كَانَت زَوجته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَيمكن أَن يكون - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - علم أَن زَمعَة كَانَ يَمَسهَا وَالثَّانِي مَعْنَاهُ هُوَ لَك يَا عبد ملكا لِأَنَّهُ ابْن وليدة زَمعَة وكل أمة تَلد من غير سَيِّدهَا فولدها عبد وَلم يقر زَمعَة وَلَا شهد عَلَيْهِ وَالْأُصُول تدفع قَول أَبِيه فَلم يبْق إِلَّا أَنه عبد تبعا لأمه قَالَه ابْن جرير.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيّ معنى " هُوَ لَك " أَي بِيَدِك لَا ملك لَهُ لكنك تمنع مِنْهُ غَيْرك كَمَا قَالَ للملتقط أَي فِي اللّقطَة هِيَ لَك أَي بِيَدِك تدفع عَنْهَا حَتَّى تأتيها صَاحبهَا لَا أَنَّهَا ملك لَك وَلَا يجوز أَن يُضَاف إِلَى الرَّسُول أَنه جعله ابْنا لزمعة وَأمر أُخْته أَن تحتجب مِنْهُ لَكِن لما كَانَ لعبد شريك فِيمَا ادَّعَاهُ وَهُوَ سَوْدَة لم يَجعله أخاها وأمرها أَن تحتجب مِنْهُ انْتهى ( قيل) فِيهِ نظر لِأَن فِي رِوَايَة البُخَارِيّ فِي الْمَغَازِي " هُوَ لَك هُوَ أَخُوك يَا عبد بن زَمعَة من أجل أَنه ولد على فرَاشه " ( قلت) فِي مُسْند أَحْمد وَسنَن النَّسَائِيّ " لَيْسَ لَك بِأَخ " ( فَإِن قلت) أعل هَذِه الزِّيَادَة الْبَيْهَقِيّ وَالْمُنْذِرِي والمازري ( قلت) الْحَاكِم استدركها وَصحح إسنادها قَوْله " يَا عبد بن زَمعَة يجوز رَفعه على النَّعْت ونصبه على الْموضع وَيجوز فِي عبد ضم داله على الأَصْل وفتحه اتبَاعا لنون ابْن وَقيل الرِّوَايَة فِيهِ هُوَ لَك عبد بِإِسْقَاط حرف النداء الَّذِي هُوَ يَا وَنسب الْقُرْطُبِيّ هَذَا القَوْل إِلَى بعض الْحَنَفِيَّة فَقَالَ قد وَقع لبَعض الْحَنَفِيَّة عبد بِغَيْر يَاء وَمَعْنَاهُ هُوَ لَك لِأَنَّهُ ابْن أمة أَبِيك فترث هَذَا الْوَلَد وَأمه ثمَّ رده الْقُرْطُبِيّ بقوله الرِّوَايَة بِإِثْبَات يَاء النداء وَعبد هُنَا اسْم علم منادى يزِيد بِهِ عبد الَّذِي هُوَ ابْن زَمعَة وَلَئِن سلمنَا الرِّوَايَة بِغَيْر يَاء فالمخاطب هُوَ عبد بن زَمعَة وَهُوَ بِلَا شكّ منادى إِلَّا أَن الْعَرَب تحذف حرف النداء من الْأَسْمَاء الْأَعْلَام كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { يُوسُف أعرض عَن هَذَا} وَهَذَا كثير قَوْله " الْوَلَد للْفراش " أَي لصَاحب الْفراش إِنَّمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَلِك عقيب حكمه لعبد بن زَمعَة إِشَارَة بِأَن حكمه لم يكن بِمُجَرَّد الِاسْتِلْحَاق بل بالفراش فَقَالَ " الْوَلَد للْفراش " وأجمعت جمَاعَة من الْعلمَاء بِأَن الْحرَّة فرَاش بِالْعقدِ عَلَيْهَا مَعَ إِمْكَان الْوَطْء وَإِمْكَان الْحمل فَإِذا كَانَ عقد النِّكَاح يُمكن مَعَه الْوَطْء وَالْحمل فَالْوَلَد لصَاحب الْفراش لَا يَنْتَفِي عَنهُ أبدا بِدَعْوَى غَيره وَلَا بِوَجْه من الْوُجُوه إِلَّا بِاللّعانِ وَاخْتلف الْفُقَهَاء فِي الْمَرْأَة يطلقهَا زَوجهَا من حِين العقد عَلَيْهَا بِحَضْرَة الْحَاكِم وَالشُّهُود فتأتي بِولد لسِتَّة أشهر فَصَاعِدا من ذَلِك الْوَقْت عقيب العقد فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يلْحق بِهِ لِأَنَّهَا لَيست بفراش لَهُ إِذا لم يتَمَكَّن من الْوَطْء فِيهِ الْعِصْمَة وَهُوَ كالصغير أَو الصَّغِيرَة اللَّذين لَا يُمكن مِنْهُمَا الْوَلَد.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه هِيَ فرَاش لَهُ وَيلْحق بِهِ وَلَدهَا وَاخْتلفُوا فِي الْأمة فَقَالَ مَالك إِذا أقرّ بِوَطْئِهَا صَارَت فراشا إِن لم يدع اسْتِبْرَاء الْحق بِهِ وَلَدهَا وَإِن ادّعى اسْتِبْرَاء حلفه وبريء من وَلَدهَا.

     وَقَالَ  الْعِرَاقِيُّونَ لَا تكون الْأمة فراشا بِالْوَطْءِ إِلَّا بِأَن يَدعِي سَيِّدهَا وَلَدهَا وَأما إِن نَفَاهُ فَلَا يلْحق بِهِ سَوَاء أقرّ بِوَطْئِهَا أَو لم يقر وَسَوَاء اسْتَبْرَأَ أَو لم يستبرىء قَوْله " وللعاهر الْحجر " العاهر الزَّانِي وَقد عهر يعهر عهرا وعهورا إِذا أَتَى الْمَرْأَة لَيْلًا للفجور بهَا ثمَّ غلب على الزِّنَا مُطلقًا وَقد عهر الرجل إِلَى الْمَرْأَة ويعهر إِذا أَتَاهَا للفجور وَقد عيهرت هِيَ وتعيهر إِذا زنت والعهر الزِّنَا وَمِنْه الحَدِيث " اللَّهُمَّ أبدله بالعهر الْعِفَّة " ثمَّ معنى قَوْله " وللعاهر الْحجر " أَن الزَّانِي لَهُ الخيبة وَلَا حَظّ لَهُ فِي الْوَلَد وَالْعرب تجْعَل هَذَا مثلا فِي الخيبة كَمَا يُقَال لَهُ التُّرَاب إِذا أَرَادوا لَهُ الخيبة وَقيل الْوَلَد لصَاحب الْفراش من الزَّوْج أَو السَّيِّد وللزاني الخيبة والحرمان كَقَوْلِك مَا لَك عِنْدِي شَيْء غير التُّرَاب وَمَا بِيَدِك غير الْحجر.

     وَقَالَ  بَعضهم كني بِالْحجرِ عَن الرَّجْم وَلَيْسَ كَذَلِك لِأَنَّهُ لَيْسَ كل زَان يرْجم وَإِنَّمَا يرْجم الْمُحصن خَاصَّة قَوْله " احتجبي مِنْهُ " أشكل مَعْنَاهُ قَدِيما على الْعلمَاء فَذهب أَكثر الْقَائِلين بِأَن الْحَرَام لَا يحرم الْحَلَال وَأَن الزِّنَا لَا تَأْثِير لَهُ فِي التَّحْرِيم وَهُوَ قَول عبد الْملك بن الْمَاجشون إِلَّا أَن قَوْله كَانَ ذَلِك مِنْهُ على وَجه الِاخْتِيَار والتنزه وَأَن للرجل أَن يمْنَع امْرَأَته من رُؤْيَة أَخِيهَا هَذَا قَول الشَّافِعِي.

     وَقَالَ ت طَائِفَة كَانَ ذَلِك مِنْهُ لقطع الذريعة بعد حكمه بِالظَّاهِرِ فَكَأَنَّهُ حكم بحكمين حكم ظَاهر وَهُوَ الْوَلَد للْفراش وَحكم بَاطِن وَهُوَ الاحتجاب من أجل الشّبَه كَأَنَّهُ قَالَ لَيْسَ بِأَخ لَك يَا سَوْدَة إِلَّا فِي حكم الله تَعَالَى فَأمرهَا بالاحتجاب مِنْهُ قَوْله " لما رأى من شبهه بِعتبَة " هُوَ بِفَتْح الشين وَالْبَاء وبكسر الشين مَعَ سُكُون الْبَاء.
( ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) أصل الْقَضِيَّة فِيهِ أَنهم كَانَت لَهُم فِي الْجَاهِلِيَّة إِمَاء يبغين أَن يَزْنِين وَكَانَت السَّادة تأتيهن فِي خلال ذَلِك فَإِذا أَتَت إِحْدَاهُنَّ بِولد فَرُبمَا يَدعِيهِ السَّيِّد وَرُبمَا يَدعِيهِ الزَّانِي فَإِن مَاتَ السَّيِّد وَلم يكن ادَّعَاهُ وَلَا أنكرهُ فَادَّعَاهُ ورثته بِهِ وَلحق إِلَّا أَنه لَا يُشَارك مستلحقه فِي مِيرَاثه إِلَّا أَن يستلحقه قبل الْقِسْمَة وَإِن كَانَ السَّيِّد أنكرهُ لم يلْحق بِهِ وَكَانَ لزمعة ابْن قيس وَالِد سَوْدَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمة على مَا وصف من أَن عَلَيْهَا ضريبة وَهُوَ يلم بهَا فَظهر بهَا حمل كَانَ يظنّ أَنه من عتبَة أخي سعد بن أبي وَقاص وَهلك كَافِرًا فعهد إِلَى أَخِيه سعد قبل مَوته فَقَالَ استلحق الْحمل الَّذِي بِأمة زَمعَة فَلَمَّا اسْتَلْحقهُ سعد خاصمه عبد بن زَمعَة فَقَالَ سعد هُوَ ابْن أخي يُشِير إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّة.

     وَقَالَ  عبد بن زَمعَة بل هُوَ أخي ولد على فرَاش أبي يُشِير إِلَى مَا اسْتَقر عَلَيْهِ الحكم فِي الْإِسْلَام فَقضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعبد بن زَمعَة إبطالا لحكم الْجَاهِلِيَّة ثمَّ الَّذِي يُسْتَفَاد مِنْهَا على أَنْوَاع مِنْهَا أَن أَبَا حنيفَة أَخذ من قَوْله " احتجبي مِنْهُ " أَن من فجر بِامْرَأَة حرمت على أَوْلَاده وَبِه قَالَ أَحْمد وَهُوَ مَذْهَب الْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري.

     وَقَالَ  مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو ثَوْر لَا يحرم والاحتجاب للتنزيه.

     وَقَالَ  أَصْحَابنَا الْأَمر للْوُجُوب والْحَدِيث حجَّة عَلَيْهِم وَمِنْهَا مَا قَالَ أَبُو عمر الحكم للظَّاهِر لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حكم للْوَلَد بالفراش وَلم يلْتَفت إِلَى الشّبَه وَكَذَلِكَ حكم فِي اللّعان بِظَاهِر الحكم وَلم يلْتَفت إِلَى مَا جَاءَت بِهِ على النَّعْت الْمَكْرُوه وَحكم الْحَاكِم لَا يحل الْأَمر فِي الْبَاطِل لأَمره سَوْدَة بالاحتجاب.
وَمِنْهَا أَن الشَّافِعِي تمسك بقول عبد أخي على أَن الْأَخ يجوز أَن يستلحق الْوَارِث نسبا للْوَرَثَة بِشَرْط أَن يكون حائزا للإرث أَو يستلحقه كل الْوَرَثَة وبشرط أَن يُمكن كَون الْمُسْتَلْحق ولدا للْمَيت وبشرط أَن لَا يكون مَعْرُوف النّسَب من غَيره وبشرط أَن يصدقهُ الْمُسْتَلْحق إِن كَانَ بَالغا عَاقِلا.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ وَهَذِه الشُّرُوط كلهَا مَوْجُودَة فِي هَذَا الْوَلَد الَّذِي ألحقهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بزمعة حِين اسْتَلْحقهُ عبد قَالَ وَتَأَول أَصْحَابنَا هَذَا بتأويلين أَحدهمَا أَن سَوْدَة أُخْت عبد استلحقته مَعَه ووافقته فِي ذَلِك حَتَّى يكون كل الْوَرَثَة مستلحقين والتأويل الثَّانِي أَن زَمعَة مَاتَ كَافِرًا فَلم تَرثه سَوْدَة لكَونهَا مسلمة وَورثه عبد.

     وَقَالَ  مَالك لَا يستلحق إِلَّا الْأَب خَاصَّة لِأَنَّهُ لَا ينزل غَيره فِي تَحْقِيق الْإِصَابَة مَنْزِلَته وَمِنْهَا أَن الشّعبِيّ وَمُحَمّد بن أبي ذِئْب وَبَعض أهل الْمَدِينَة احْتَجُّوا بقوله " الْوَلَد الْفراش " أَن الرجل إِذا نفى ولد امْرَأَته لم ينتف بِهِ وَلم يُلَاعن بِهِ قَالُوا لِأَن الْفراش يُوجب حق الْوَلَد فِي إِثْبَات نسبه من الزَّوْج وَالْمَرْأَة فَلَيْسَ لَهما إِخْرَاجه مِنْهُ بِلعان وَلَا غَيره.

     وَقَالَ  جَمَاهِير الْفُقَهَاء من التَّابِعين وَمن بعدهمْ مِنْهُم الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وأصحابهم إِذا نفى الرجل ولد امْرَأَته يُلَاعن وينتفى نسبه مِنْهُ وَيلْزم أمه وَفِيه تَفْصِيل يعرف فِي الْفُرُوع وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِمَا رَوَاهُ نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فرق بَين المتلاعنين وألزم الْوَلَد أمه وَهَذَا أخرجه الْجَمَاعَة على مَا يَأْتِي بَيَانه إِن شَاءَ الله تَعَالَى ( فَائِدَة) حَدِيث " الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر " رُوِيَ عَن جمَاعَة من الصحابية رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم فَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَعَن عُثْمَان بن عَفَّان روى عَنهُ الطَّحَاوِيّ أَنه قَالَ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى أَن الْوَلَد للْفراش " وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي حَدِيث طَوِيل وَعَن أبي هُرَيْرَة أخرجه مُسلم من حَدِيث ابْن الْمسيب وَأبي سَلمَة عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر " وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ والطَّحَاوِي أَيْضا وَعَن أبي أُمَامَة أخرجه ابْن مَاجَه عَنهُ مثله وَأخرجه الطَّحَاوِيّ أَيْضا وَعَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أخرجه الشَّافِعِي فِي مُسْنده وَابْن مَاجَه فِي سنَنه من حَدِيث عبيد الله ابْن أبي يزِيد عَن أَبِيه عَن عمر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " قضى بِالْوَلَدِ بالفراش " وَعَن عَمْرو بن خَارِجَة أخرجه التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن غنم عَنهُ أَنه قَالَ " خَطَبنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بمنى " الحَدِيث وَفِيه " أَلا لَا وَصِيَّة لوَارث الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر " وَعَن عبد الله بن عَمْرو أخرجه أَبُو دَاوُد من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ " قَامَ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن فلَانا ابْني عاهرت بِأُمِّهِ فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا دَعْوَة فِي الْإِسْلَام ذهب أَمر الْجَاهِلِيَّة الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر " وَعَن الْبَراء وَزيد بن أَرقم أخرجه الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أبي إِسْحَق عَنْهُمَا قَالَا " كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم غَدِير خم " الحَدِيث وَفِي آخِره " الْوَلَد لصَاحب الْفراش وللعاهر الْحجر لَيْسَ لوَارث وَصِيَّة " وَعَن عبد الله بن الزبير أخرجه النَّسَائِيّ وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب وَعَن عبد الله بن مَسْعُود أخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا من حَدِيث أبي وَائِل عَنهُ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر " - //



[ قــ :1970 ... غــ :054 ]
- حدَّثنا أبُو الوَلِيدِ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبرنِي عَبْدُ الله بنُ أبِي السَّفَرِ عنِ الشَّعْبِيِّ عنْ عَدِيِّ بنِ حاتِمٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ سألْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنْ المِعْرَاضِ فَقال إذَا أصابَ بِحَدِّهِ فَكُلْ وإذَا أصابَ بِعَرْضِهِ فَقَتَلَ فَلاَ تأكُلْ فإنَّهُ وَقِيذٌ.

قُلْتُ يَا رسولَ الله أُرْسِلَ كَلْبِيِ واسَمِّي فأجِدُ مَعَهُ عَلَى الصَّيْدِ كَلْبا آخرَ لَمْ أُسَمِّ عَلَيْهِ ولاَ أدْرِي أيُّهُمَا أخَذَ قَالَ لَا تأكُلْ إنَّما سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ ولَمْ تُسَمِّ عَلَى الآخَرِ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه لَا يدْرِي حلّه أَو حرمته، ويحتملان، فَلَمَّا كَانَ لَهُ شبها بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا كَانَ الْأَحْسَن التَّنَزُّه، كَمَا فعل الشَّارِع فِي التمرة الساقطة، وَقد مضى الحَدِيث فِي كتاب الْوضُوء فِي: بابُُ المَاء الَّذِي يغسل بِهِ شعر الْإِنْسَان، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن حَفْص بن عمر عَن شُعْبَة عَن ابْن أبي السّفر ضد الْحَضَر وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى.
والمعراض، بِكَسْر الْمِيم ضد المطوال: وَهُوَ سهم لَا ريش عَلَيْهِ، وَفِيه خَشَبَة.
وَقيل: ثَقيلَة، أَو عصى.
وَقيل: هُوَ عود دَقِيق الطَّرفَيْنِ غليظ الْوسط، إِذا رمى بِهِ ذهب مستويا.

قَوْله: ( وقيذ) ، فعيل بِمَعْنى الموقوذ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، وَهُوَ الْمَقْتُول بالخشب.
وَقيل: هُوَ الَّذِي يقتل بِغَيْر محدد من عصى أَو حجر أَو غَيرهمَا، وَالله أعلم.