فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم الرفيق الأعلى»

( بابُُ دُعاءِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأعْلَى)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان دُعَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عِنْد مَوته بقوله: ( أللَّهُمَّ الرفيق الْأَعْلَى) .
وَوَقع فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين لفظ: بابُُ، مُجَردا عَن التَّرْجَمَة، وَفِيه: أللهم الرفيق الْأَعْلَى، والرفيق مَنْصُوب على تَقْدِير: اختبرت الرفيق الْأَعْلَى، أَو: أخْتَار، أَو: أُرِيد.
.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: الرفيق الْأَعْلَى الْجنَّة، وَقيل: الرفيق الْأَعْلَى جمَاعَة الْأَنْبِيَاء الَّذين يسكنون أَعلَى عليين.



[ قــ :6014 ... غــ :6348 ]
- حدَّثنا سَعِيدُ بنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حدّثني اللَّيْثُ قَالَ: حدّثني عُقَيْلٌ عنِ ابنِ شِهاب أَخْبرنِي سَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ وعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ فِي رِجالٍ مِنْ أهْلِ العِلْمِ، أنَّ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا قالَتْ: كَانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُولُ، وَهْوَ صَحِيحٌ: لَنْ يُقْبَضَ نَبِيٌّ قَطُّ حَتَّى يَراى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ ثُمَّ يُخَيَّرُ، فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ ورَأسُهُ عَلى فَخِذِي غُشِيَ عَلَيْهِ ساعَةً ثُمَّ أفاقَ فأشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى السَّقْفِ ثُمَّ قَالَ: أللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأعْلَى.
قُلْتُ: إِذا لَا يَخْتارَنا، وعَلِمْتُ أنَّهُ الحَدِيثُ الَّذِي كَانَ يُحَدَّثُنا وَهْوَ صَحِيحٌ، قالَتْ: فَكانَتْ تِلْكَ آخِرَ كَلِمَةَ تَكَلَّمَ بِها: أللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأعْلَى.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَسَعِيد بن عفير هُوَ سعيد بن مُحَمَّد بن عفير الْمصْرِيّ، وَعقيل بِضَم الْعين، وَابْن شهَاب هُوَ مُحَمَّد ابْن مُسلم الزُّهْرِيّ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الرقَاق عَن بشر بن مُحَمَّد وَعَن يحيى بن بكير.
وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث عَن أَبِيه عَن جده بِإِسْنَادِهِ مثله.

قَوْله: ( فِي رجال من أهل الْعلم) أَي: أخبرهُ سعيد بن الْمسيب وَعُرْوَة بن الزبير فِي جملَة طَائِفَة أُخْرَى أَخْبرُوهُ أَيْضا بِهِ.
أَو فِي حُضُور طَائِفَة مُسْتَمِعِينَ لَهُ.
قَوْله: ( ثمَّ يُخَيّر) على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: بَين الْمَوْت والانتقال إِلَى ذَلِك المقعد وَبَين الْبَقَاء والحياة فِي الدُّنْيَا.
قَوْله: ( فَلَمَّا نزل بِهِ) بِضَم النُّون وَكسر الزَّاي أَي: فَلَمَّا حَضَره الْمَوْت كَأَن الْمَوْت نَازل وَهُوَ منزول بِهِ.
قَوْله: ( وَرَأسه) الْوَاو فِيهِ للْحَال.
قَوْله: ( فأشخص) أَي: رفع بَصَره وأشخصه أزعجه، وشخص بَصَره إِذا فتح عَيْنَيْهِ وَجعل لَا يطرف، وشخص ارْتَفع.
قَوْله: ( لَا يختارنا) بِالنّصب أَي: حَيْثُ اخْتَار الْآخِرَة تعين ذَلِك فَلَا يختارنا بعد ذَلِك.
قَوْله: ( إِنَّه الحَدِيث الَّذِي كَانَ يحدثنا وَهُوَ صَحِيح) هُوَ قَوْله: ( لن يقبض نَبِي قطّ حَتَّى يرى مَقْعَده) .
قَوْله: ( أللهم الرفيق الْأَعْلَى) قَالَ الْكرْمَانِي: محلهَا النصب على الْعِنَايَة، أَو الرّفْع بَيَانا، أَو بَدَلا لقَوْله: تِلْكَ.