فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب تخليل الشعر، حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه

( بابُُ تَخْلِيلِ الشِّعَرِ حَتَّى إذَا أنَّهُ قَدْ أرْوَى بَشَرَتَهُ أفَاضَ عَلَيْهِ.
)


أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان تحلل الشّعْر، وَفِي بعض النّسخ تَحْلِيل الشّعْر، وَكِلَاهُمَا مصدر.
فَالْأول: من التفعل؛ وَالثَّانِي: من التفعيل.
قَوْله: ( أروى) فعل مَاض من الإرواء يُقَال: أرواء إِذا جعله رياناً قَوْله: ( بَشرته) أَي: ظَاهر جلده وَالْمرَاد بِهِ مَا تَحت الشّعْر.
قَوْله: ( أَفَاضَ) من الْإِفَاضَة وَهِي الإسالة قَوْله: ( عَلَيْهَا) أَي: على بَشرته، وَفِي بعض النّسخ عَلَيْهِ أَي: على الشّعْر.

وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ من حَيْثُ وجود التَّخْلِيل فيهمَا، أما فِي الأول فَلِأَن التَّطَيُّب يخلل شعر بالطيب، وَأما فِي هَذَا فَلِأَن المغتسل يخلله بِالْمَاءِ.



[ قــ :268 ... غــ :272 ]
- حدّثنا عَبْدَانُ قالَه أخْبرنا عَبْدُ اللَّهِ قالَ أخْبرنا هِشامُ بنُ عُرْوَةَ عَنْ أبِيهِ عَنْ عَائِشَةِ قالَتْ كانَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَيْهِ وَتَوَضأَ وُضُوءهُ لِلصَّلاَةِ ثُمَّ اغْتَسَلَ ثُمَّ يُخَللُ بِيَدِهِ شَعْرَهُ حَتَّى إِذا ظن أنَّهُ قَدْ أرْوَى بَشَرَتهُ أفَاضَ عَلَيْهِ الماءَ ثلاثَ مَرَّاتِ ثُمَّ غَسَلَ سائِرِ جَسَدِهِ.
( انْظُر الحَدِيث 248 وطرفه) .

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة كلهم تقدمُوا وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك.

وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين، والإخبار كَذَلِك فِي مَوضِع والعنعنة فِي موضِعين.

وَهَذَا الحَدِيث تقدم فِي أول كتاب الْغسْل عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن هِشَام.

ذكر مَعْنَاهُ.
قَوْله: ( أَي إِذا أَرَادَ الِاغْتِسَال) قَوْله: ( ثمَّ اغْتسل) أَي: ثمَّ أشتغل بالاغتسال قَوْله: ( إِذا ظن أَنه قد أروى) وَفِي بعض النّسخ ( حَتَّى إِذا ظن أَن قد أروى) فَأن بِالْفَتْح وَالتَّخْفِيف وَأَصلهَا بالتثقيل، وَيجب حذف ضمير الشَّأْن مَعَه، وَظن يجوز أَن يكون على أَصله فيكتفي يبالغلبة وَيجوز أَن يكون بِمَعْنى تَيَقّن.
قَوْله: ( عَلَيْهِ) أَي: على شعره، وَالْمرَاد على رَأسه، وَاخْتلفُوا فِيهِ فَقَالَ بَعضهم: هُوَ على عُمُومه، وخصص الْآخرُونَ بِشعر الرَّأْس قَوْله: ( سَائِر جسده) أَي: بَقِيَّة جسده، وَقد تقدم فِي رِوَايَة مَالك عَن هِشَام فِي أول كتاب الْغسْل: على جلده كُله فَإِذا حملنَا لَفْظَة سائ، على معنى الْجَمِيع يجمع بَين الرِّوَايَتَيْنِ،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: أما تَخْلِيل شعر الرَّأْس فِي غسل الْجَنَابَة فمجمع عَلَيْهِ وقاسوا عَلَيْهِ شعر اللِّحْيَة، فَحكمه فِي التَّخْلِيل كمكمه إلاَّ إِنَّهُم اخْتلفُوا فِي تَخْلِيل اللِّحْيَة فروى ابْن الْقَاسِم: أَنه لَا يجب تخليلها لَا فِي الْغسْل وَلَا فِي الْوضُوء وروى ابْن وهب عَنهُ تخليلها مُطلقًا وروى اشهب عَنهُ أَن تخليلها فِي الْغسْل وَاجِب، لهَذَا الحَدِيث، وَلَا يجب فِي الْوضُوء لحَدِيث عبد الله بن زيد فِي الْوضُوء لم يذكر فِيهِ تَخْلِيل اللِّحْيَة، وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد،.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي: التَّخْلِيل مسنون، وإيصال المَاء إِلَى الْبشرَة مَفْرُوض فِي الْجَنَابَة.
.

     وَقَالَ  الْمُزنِيّ: تخليلها وَاجِب فِي الْوضُوء وَالْغسْل.





[ قــ :69 ... غــ :73 ]
- حدّثنا وَقالَتْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ نَغْرِفُ مِنْهُ جَمِيعاً..
قَوْله: ( وَقَالَت) عطف على: قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالضَّمِير فيهمَا يرجع إِلَى عَائِشَة فَيكون مُتَّصِلا بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور قَوْله: ( نغرف) جمَاعَة الْمُتَكَلّم من الغرف بالغين الْمُعْجَمَة وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ فِي الِاعْتِصَام نشرع فِيهِ جَمِيعًا وَلَفظ جَمِيعًا يُؤَكد بِهِ، يُقَال جاؤا جَمِيعًا.
أَي: كلهم، وَقد سلف بَيَان الحكم الَّذِي يدل عَلَيْهِ هَذَا الحَدِيث.