فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: الاستئذان من أجل البصر

( بابُُ الإسْتِئْذَانُ منْ أجْلِ البَصَرِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَشْرُوعِيَّة الاسْتِئْذَان لأجل الْبَصَر، لِأَن المستأذن لَو دخل بِغَيْر إِذن لرَأى بعض مَا يكره من يدْخل إِلَيْهِ أَن يطلع عَلَيْهِ.



[ قــ :5912 ... غــ :6241 ]
- حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حَدثنَا سُفْيانُ قَالَ الزُّهْرِيُّ: حَفِظْتُهُ كَمَا أنَّكَ هاهُنا عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ، قَالَ: اطَّلَعَ رجلٌ مِنْ جْحْرٍ فِي حُجَرِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَمَعَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رأسَهُ، فَقَالَ: لَوْ أعْلَمُ أنَّكَ تَنْتَظِرُ لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ إِنَّمَا جُعِلَ الاسْتِئْذَان مِنْ أجْلِ البَصَرِ.
( انْظُر الحَدِيث 5924 وطرفه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث.
وَعلي بن عبد الله بن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة.

والْحَدِيث مضى فِي اللبَاس فِي: بابُُ الامتشاط وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: ( حفظته) أَي: الحَدِيث الْمَذْكُور ( كَمَا أَنَّك هَاهُنَا) أَي: حفظا ظَاهرا كالمحسوس بِلَا شكّ وَلَا شُبْهَة فِيهِ.
قَوْله: ( من جُحر) بِضَم الْجِيم وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة وبالراء وَهِي الثقب.
قَوْله: ( فِي حجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْجِيم جمع حجرَة، وَوَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني: فِي حجرَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِالْإِفْرَادِ.
قَوْله: ( مدرى) بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الدَّال الْمُهْملَة وبالراء مَقْصُور منون، لِأَن وَزنه مفعل لَا فعلى، قَالَ ابْن فَارس: مدرت الْمَرْأَة شعرهَا إِذا سرحته وَهِي حَدِيدَة يسرح بهَا الشّعْر.
قَالَ الْجَوْهَرِي: هُوَ شَيْء كالمسلة تكون مَعَ الماشطة تصلح بهَا قُرُون النِّسَاء.
قَوْله: ( يحك بِهِ) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: بهَا.
قَوْله: ( تنْتَظر) ، هَكَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين على وزن تفتعل، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: ( تنظر) .
قَوْله: ( إِنَّمَا جعل) ، أَي: إِنَّمَا شرع الاسْتِئْذَان فِي الدُّخُول لأجل أَن لَا يَقع الْبَصَر على عَورَة أهل الْبَيْت، وَلِئَلَّا يطلع على أَحْوَالهم.





[ قــ :5913 ... غــ :64 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ حَدثنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ الله بنِ أبي بَكْرٍ عَنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ أنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ مِنْ بَعْضِ حُجَرِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فقامَ إلَيْهِ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِمِشْقَصٍ أوْ بِمشَاقِصَ فكأنِّي أنْظُرُ إلَيْهِ يَخْتِلُ الرَّجُلَ لِيَطْعَنَهُ.
(
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَعبيد الله بن أبي بكر بن أنس بن مَالك الْأنْصَارِيّ أَبُو معَاذ الْبَصْرِيّ، يروي عَن جده أنس.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الدِّيات عَن أبي النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل.
وَأخرجه مُسلم فِي الاسْتِئْذَان عَن يحيى بن يحيى وَغَيره.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَدَب عَن مُحَمَّد بن عبيد.

قَوْله: (بمشقص) ، بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الْقَاف وبصاد مُهْملَة: وَهُوَ نصل السهْم إِذا كَانَ طَويلا غير عريض.
قَوْله: (أَو بمشاقص) شكّ من الرَّاوِي.
قَوْله: (يخْتل) ، بِفَتْح أَوله وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر الْمُثَنَّاة من فَوق أَي: فطعنه وَهُوَ غافل، وَالْحَاصِل أَنه يَأْتِيهِ من حَيْثُ لَا يشْعر حَتَّى يطعنه، وَهَذَا مَخْصُوص بِمن تعمد النّظر، وَإِذا وَقع ذَلِك مِنْهُ من غير قصد فَلَا حرج عَلَيْهِ، ويستدل بِهِ من لَا يرى الْقصاص على من فَقَأَ عين مثل هَذَا النَّاظر، ويجعلها هدرا.
وَقيل: الحَدِيث يدل على هدر الْمَفْعُول بِهِ، وَجَوَاز رميه بِشَيْء خَفِيف، وَقيل: هَذَا على وَجه التهديد والتغليظ، وَقيل: هَل يجوز الرَّمْي قبل الْإِنْذَار؟ فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا: نعم.